مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی

ت‍ال‍ی‍ف‌: م‍وف‍ق‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ع‍ب‍دال‍ل‍ه ‌ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍دب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌، وی‍ل‍ی‍ه‌ ال‍ش‍رح‌ ال‍ک‍ب‍ی‍ر ع‍ل‍ی‌ م‍ت‍ن‌ ال‍م‍ق‍ن‍ع‌ [اب‍ن‌ق‍دام‍ه‌] ت‍ال‍ی‍ف‌ ش‍م‍س‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍و ال‍ف‍رج‌ ع‍ب‍دال‍رح‍م‍ن ‌ب‍ن‌ اب‍ی‌ ع‍م‍ر م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌ ال‍م‍ق‍دس‍ی‌

جلد 3 -صفحه : 86/ 29
نمايش فراداده

(189)

بالمجهول فصح عن المجهول و الا صرفه إلى من شاء منهما اختاره أبو الخطاب ، فان لم يفعل حتى طاف شوطا وقع عن نفسه و لم يكن إلا صرفه إلى أحدهما لان الطواف لا يقع من معين

(190)

( مسألة ) قال ( و حكم المرأة إذا كان لها محرم كحكم الرجل ) ظاهر هذا ان الحج لا يجب على المرأة التي لا محرم لها لانه جعلها بالمحرم كالرجل في وجوب الحج فمن لا محرم لها لا تكون كالرجل فلا يجب عليها الحج و قد نص عليه أحمد فقال أبو داود : قلت لاحمد إمرأة موسرة لم يكن لها محرم هل يجب عليها الحج ؟ قال لا ، و قال أيضا المحرم من السبيل ، و هذا قول الحسن و النخعي و إسحاق و ابن المنذر و أصحاب الرأي ، و عن أحمد ان المحرم من شرائط لزوم السعي دون الوجوب فمتى فاتها الحج بعد كمال الشرائط الخمس بموت أو مرض لا يرجى برؤه أخرج عنها حجة لان شروط الحج المختة به قد كملت و انما المحرم لحفظها فهو كتخلية الطريق و إمكان المسير ، و عنه رواية ثالثة ان المحرم ليس بشرط في الحج الواجب ، قال الاثرم سمعت أحمد يسأل هل يكون الرجل محرما لام إمرأته يخرجها إلى الحج ؟ فقال أما في حجة الفريضة فأرجو لانها تخرج إليها مع النساء و مع كل من أمنته ، و أما في غيرها فلا ، و المذهب الاول و عليه العمل ، و قال ابن سيرين و مالك و الاوزاعي و الشافعي ليس المحرم شرطا في حجها بحال ، قال ابن سيرين تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به ، و قال مالك تخرج مع جماعة النساء .

قال الشافعي تخرج مع حرة مسلمة ثقة و قال الاوزاعي تخرج مع قوم عدول تتخذ سلما تصعد عليه و تنزل و لا يقربها رجل إلا انه يأخذ رأس البعير

(191)

و تضع رجله على ذراعه .

قال ابن المنذر تركوا القول بظاهر الحديث و اشترط كل واحد منهم شرطا لا حجة معه عليه و احتجوا بأن النبي صلى الله عليه و آله فسر الاستطاعة بالزاد و الراحلة .

و قال لعدي بن حاتم يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله .

و لانه سفر واجب فلم يشترط له المحرم كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار و لنا ما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله " لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا و معها ذو محرم " و عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول " لا يخلون رجل بإمرأة إلا و معها ذو محرم و لا تسافر إمرأة إلا و معها ذو محرم " فقام رجل فقال يا رسول الله اني كنت في غزوة كذا و انطلقت إمرأتي حاجة فقال البني صلى الله عليه و آله " انطلق فاحجج مع إمرأتك " متفق عليهما .

و روى ابن عمر و أبو سعيد نحوا من حديث أبي هريرة .

قال أبو عبد الله أما أبو هريرة فيقول يوما و ليلة .

و يروى عن أبي هريرة لا تسافر سفرا أيضا .

و أما حديث أبي سعيد يقول ثلاثة أيام ، قلت ما تقول أنت ؟ قال لا تسافر سفرا قليلا و لا كثيرا الا مع ذي محرم .

و روى الدارقطني باسناده عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و آله قال " لا تحجن إمرأة الا و معها ذو محرم " و هذا صريح في الحكم و لانها أنشأت سفرا في دار الاسلام فلم يجز بغير محرم كحج التطوع .

و حديثهم محمول على الرجل بدليل انهم اشترطوا خروج غيرها معها فجعل ذلك الغير المحرم الذي بينه النبي صلى الله عليه و آله في أحاديثنا أولى مما اشترطوه بالتحكم من دليل .

و يحتمل انه أراد ان الزاد و الراحلة يوجب الحج مع كمال

(192)

بقية الشروط و لذلك اشترطوا تخلية الطريق و إمكان المسير و قضاء الدين و نفقة العيال و اشترط مالك إمكان الثبوت على الراحلة و هي مذكورة في الحديث و اشترط كل واحد منهم في محل النزاع شرطا من عند نفسه لا من كتاب و لا من سنة فما ذكره النبي صلى الله عليه و آله أولى بالاشتراط و لو قدر التعارض فحديثنا أخص و أصح و أولى بالتقديم و حديث عدي يدل على وجود السفر لا على جوازه و لذلك لم يجز في الحج المفروض و لم يذكر فيه خروج غيرها معها و قد اشترطوا ههنا خروج غيرها معها .

و أما الاسيرة إذا تخلصت من أيدي الكفار فان سفرها سفر ضرورة لا يقاس عليه حالة الاختيار و لذلك تخرج فيه وحدها و لانها تدفع ضررا متيقنا بتحمل الضرر المتوهم فلا يلزم تحمل ذلك من ضرر أصلا ( فصل ) و المحرم زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح كأبيها و ابنها و أخيها من نسب أو رضاع لما روى أبو سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله " لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا الا و معها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها " رواه مسلم قال احمد و يكون زوج أم المرأة محرما لها يحج بها ، و يسافر مع أم ولد جده فإذا كان أخوها من الرضاعة خرجت معه و قال في أم إمرأته يكون محرما لها في حج الفرض دون غيره قال الاثرم كانه ذهب إلى أنها لم تذكر في قوله ( و لا يبدين زينتهن ) الآية فاما من تحل له في حال كعبدها

(193)

و زوج أختها فليسا بمحرم لها نص عليه احمد لانهما مأمونين عليها و لا تحرم عليهما على التأبيد فهما كالأَجنبي و قد روي عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و آله قال " سفر المرأة مع عبدها ضيعة " أخرجه سعيد و قال الشافعي عبدها محرم لها لانه يباح له النظر إليها فكان محرما لها كذي رحمها و الاول أولى و يفارق ذا الرحم لانه مأمون عليها و تحرم عليه على التأبيد و ينتقض ما ذكروه بالقواعدا من النساء و غير أولي الاربة من الرجال و أما أم الموطوءة بشبهة أو المزني بها أو ابنتهما فليس بمحرم لهما لان تحريمهما بسبب مباح فلم يثبت به حكم المحرمية كالتحريم الثابت باللعان و ليس له الخلوة بهما و لا النظر إليهما لذلك و الكافر ليس بمحرم للمسلمة و إن كانت ابنته قال احمد في يهودي أو نصراني أسلمت ابنته لا يزوجها و لا يسافر معها ليس هو لها بمحرم و قال أبو حنيفة و الشافعي هو محرم لها لانها محرمة عليه على التأبيد و لنا أن إثبات المحرمية يقتضي الخلوة بها فيجب أن لا تثبت لكافر على مسلمة كالحضانة للطفل و لانه لا يؤمن عليها أن يفتنها عن دينها كالطفل و ما ذكروه يبطل بام المزني بها و ابنتها و المحرمة باللعان و بالمجوسى مع ابنته و لا ينبغي أن يكون في المجوسي خلاف فانه لا يؤمن عليها و يعتقد حلها نص عليه

(194)

احمد في مواضع و يشترط في المحرم أن يكون بالغا عاقلا قيل لاحمد فيكون الصبي محرما قال لا حتى يحتلم لانه لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع إمرأة و ذلك لان المقصود بالمحرم حفظ المرأة و لا يحصل إلا من البالغ العاقل فاعتبر ذلك ( فصل ) و نفقة المحرم في الحج عليها نص عليه احمد لانه من سبيلها فكان عليها نفقته كالراحلة فعلى هذا يعتبر في استطاعتها أن تملك زادا و راحلة لها و لمحرمها فان امتنع محرمها من الحج معها مع بذلها له نفقته فهي كمن لا محرم لها لانها لا يمكنها الحج بغير محرم و هل يلزمه اجابتها إلى ذلك ؟ على روايتين نص عليهما و الصحيح أنه لا يلزمه الحج معها لان في الحج مشقة شديدة و كلفة عظيمة فلا تلزم أحدا لاجل غيره كما لم يلزمه أن يحج عنها إذا كانت مريضة ( فصل ) و إذا مات محرم المرأة في الطريق قال احمد إذا تباعدت مضت فقضت الحج قيل له قدمت من خراسان فمات وليها ببغداد فقال تمضي إلى الحج و إذا كان الفرض خاصة فهو آكد ثم قال لا بدلها من أن ترجع و هذا لانها لابد لها من السفر بغير محرم فمضيها إلى قضأ حجها أولى لكن إن كان حجها تطوعا و أمكنها الاقامة في بلد فهو أولى من سفرها بغير محرم ( فصل ) و ليس للرجل منع إمرأته من حجة الاسلام و بهذا قال النخعي و إسحاق و أبو ثور و أصحاب الرأي و هو الصحيح من قولي الشافعي و له قول آخر له منعها منه بناء على أن الحج على التراخي و لنا أنه فرض فلم يكن له منعها منه كصوم رمضان و الصلوات الخمس و يستحب أن تستأذنه في ذلك نص عليه احمد فان أذن و الا خرجت بغير اذنه فأما حج التطوع فله منعها منه قال ابن المنذر أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع و ذلك لان حق الزوج واجب فليس لها تفويته بما ليس بواجب كالسيد مع عبده و ليس له منعها من الحج المنذور لانه واجب عليها أشبه حجة الاسلام

(195)

( فصل ) و لا تخرج إلى الحج في عدة الوفاة نص عليه احمد قال و لها أن تخرج اليه في عدة الطلاق المبتوت و ذلك لان لزوم المنزل و المبيت فيه واجب في عدة الوفاة و قدم على الحج لانه يفوت و الطلاق المبتوت لا يجب فيه ذلك و أما عدة الرجعية فالمرأة فيه بمنزلتها في طلب النكاح لانها زوجة و إذا خرجت للحج فتوفي زوجها و هي قريبة رجعت لتعتد في منزلها و إن تباعدت مضت في سفرها ذكره الخرقي في موضع آخر ( مسألة ) قال ( فمن فرط فيه حتى توفي أخرج عنه من جميع ماله حجة و عمرة ) و جملة ذلك أن من وجب عليه الحج و أمكنه فعله وجب عليه على الفور و لم يجز له تأخيره و بهذا قال أبو حنيفة و مالك و الشافعي يجب الحج وجوبا موسعا و له تأخيره لان النبي صلى الله عليه و آله أمر أبا بكر على الحج و تخلف بالمدينة لا محاربا و لا مشغولا بشيء و تخلف أكثر الناس قادرين على الحج و لانه إذا أخره ثم فعله في السنة الاخرى لم يكن قاضيا له دل على أن وجوبه على التراخي و لنا قول الله تعالى ( و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ) و قوله ( و أتموا الحج و العمرة لله ) و الامر على الفور ( 1 ) و روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال " من أراد الحج فليعجل " رواه الامام أحمد و أبو داود و ابن ماجة و في رواية أحمد و ابن ماجة " فانه قد يمرض المريض و تضل الضالة و تعرض الحاجة " قال أحمد و رواه الثوري و وكيع عن أبي إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن أخيه الفضل عن النبي صلى الله عليه و آله ، و عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله " من ملك زادا و راحلة تبلغه إلى بيت الله و لم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا " قال الترمذي لا نعرفه إلا من هذا الوجه و في إسناده مقال ، و روى سعيد بن منصور باسناده عن عبد الرحمن بن سابط قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله " من مات و لم يحج حجة الاسلام لم يمنعه مرض حابس أو سلطان جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا " و عن عمر نحوه من قوله ، و كذلك عن ابن عمر و ابن عباس رضي الله عنهم ، و لانه أحد أركان الاسلام فكان واجبا على الفور كالصيام ، و لان وجوبه بصفة التوسع بخروجه عن رتبة الواجبات لانه يؤخر إلى غاية و لا يأتم بالموت قبل فعله لكونه فعل ما يجوز له فعله و ليس على الموت إمارة يقدر بعدها على فعله ، فأما النبي صلى الله عليه و آله فانما فتح مكة سنة ثمان و إنما أخره سنة تسع فيحتمل انه كان له عذر من عدم الاستطاعة أو كره رؤية المشركين عراة حول البيت فأخر الحج حتى بعث أبا بكر ينادي أن لا يحج بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان و يحتمل أنه اخره بامر الله تعالى لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات و الارض و يصادف وقفة الجمعة و يكمل الله دينه و يقال انه اجتمع يومئذ أعياد أهل كل دين و لم يجتمع قبله و لا بعده فاما تسمية فعل الحج