غيره وثني المعز ماله سنة وثني البقر له سنتان وثني الابل له خمس سنين ، و بهذا قال مالك و الليث و الشافعي و إسحاق و أبو ثور و أصحاب الرأي ، و قال ابن عمر و الزهري لا يجزئ الا الثني من كل شيء ، و قال عطاء و الاوزاعي يجزئ الجذع من الكل الا المعز ، و لنا على الزهري ما روي عن أم بلال بنت هلال عن أبيها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لا يجوز الا الجذع من الضأن أضحية " و عن عاصم بن كليب قال كنا مع رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يقال له مجاشع من بني سليم فعزت الغنم فأمر مناديا فنادي إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول " إن الجذع يوفي ما توفي منه الثنية " و عن جابر قال قال رسول الله صل الله عليه و سلم " لا تذبحوا الا مسنة الا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعا من الضأن " رواهن ابن ماجه ، و روى حديث جابر مسلم و أبو داود و هذا حجة على عطاء و الاوزاعي و حديث أبي بردة بن نيار حين قال يا رسول الله ان عندي عناقا جذعا هي خير من شاتي لحم ؟ فقال " تجزئك و لا تجزي عن أحد بعدك " أخرجه أبو داود و النسائي ، و في لفظ إن عندي داجنا جذعة من المعز .
قال
أبو عبيد الهروي قال إبراهيم الحربي انما يجزئ الجذع من الصأن في الاضاحي لانه ينزو فيلقح فإذا كان من المعز لم يلقح حتى يصير ثنيا .
( فصل ) و يمنع من العيوب في الهدي ما يمنع في الاضحية .
قال البراء بن عازب قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " أربع لا تجوز في الاضاحي العوراء البين عورها و المريضة البين مرضها ، و العرجاء البين ظلعها ، و الكسيرة التي لا تنقى " قال قلت : اني أكره ان يكون في السن نقص قال ما كرهت فدعه و لا تحرمه على احد رواه أبو داود و النسائي ، و بهذا قال عطاء قال أما الذي سمعناه فالأَربع و كل شيء سواهن جائز و معنى قوله " البين عورها " أي انخسفت عينها و ذهبت فان ذلك ينقصها لان شحمة العين عضو مستطاب فلو كان على عينها بياض و لم تذهب العين جازت التضحية بها لان ذلك
لا ينقصها في اللحم ، و العرجاء البين عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم و مشاركتهن في العلف و يهزلها ، و التي لا تقى التي لا مخ فيها لهزالها ، و المريضة قيل هي الجرباء لان الجرب يفسد اللحم و ظاهر الحديث ان كل مريضه مرضا يؤثر في هزالها أو في فساد لحمها يمنع التضحية بها ، و هذا أولى لتناول اللفظ له و المعنى .
فهذه الاربع لا نعلم بين أهل العلم خلافا في منعها و يثبت الحكم فيما فيه نقص أكثر من هذه العيوب بطريق التنبيه فلا تجوز العمياء لان العمي أكثر من العور و لا يعتبر مع العمي انخساف العين لانه يخل بالمشي مع الغنم و المشاركة في العلف أكثر من إخلال العرج و لا يجوز ما قطع منها عضو مستطاب كالالية لان ذلك أبلغ في الاخلال بالمقصود من ذهاب شحمة العين .
فأما العضباء و هي ما ذهب نصف اذنها أو قرنها فلا تجزي ، و به قال أبو يوسف و محمد في عضباء الاذن ، و عن
أحمد لا تجزي ما ذهب ثلث أذنها و به قال أبو حنيفة ، و روي عن علي و عمار و سعيد بن المسيب و الحسن تجزي المكسورة القرن لان ذهاب ذلك لا يؤثر في اللحم فأجزأت كالجماء ، و قال مالك ان كان يدمي لم يجز و الا جاز ، و لنا ما روى علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يضحى بأعضب الاذن و القرن رواه النسائي و ابن ماجه .
قال قتادة فسألت سعيد بن المسيب فقال : نعم العضب النصف فأكثر من ذلك و يحمل قول علي رضي الله عنه و من وافقه على ان كسر ما دون النصف لا يمنع ( فصل ) و يجزئ الخصي سواء كان مما قطعت خصيتاه أو مسلولا و هو الذي سلت بيضتاه أو موجوءا و هو الذي رضت بيضتاه لان النبي صلى الله عليه و سلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين و المرضوض كالمقطوع و لان ذلك العضو مستطاب و ذهابه يؤثر في سمنه و كثرة اللحم و طيبه و هو المقصود و لا
نعلم في هذا خلافا و تجزئ الجماء و هي التي لم يخلق لها قرن ، و حكي عن ابن حامد أنها لا تجزي لان عدم القرن أكثر من ذهاب نصفه و الاولى أنها تجزي لان القرن ليس بمقصود و لا ورد النهي عما عدم فيه و تجزئ الصمعاء و هي التي لم يخلق لها اذن أو خلقت لها أذن صغيرة كذلك و تجزئ البتراء و هي المقطوعة الذنب كذلك .
( فصل ) و يكره أن يضحي بمشقوقة الاذن أو ما قطع منهاشئ أو ما فيها عيب من هذه العيوب التي لا تمنع الاجزاء لقول علي رضي الله عنه أمرنا ان نستشرف العين و الاذن و لا يضحي بمقابلة و لا مدابرة و لا خرقاء و لا شرقاء .
قال زهير قلت : لابي إسحاق ما المقابلة ؟ قال يقطع طرف الاذن قلت فما المدابرة ؟ قال يقطع مؤخر الاذن قلت : فما الخرقاء ؟ قال يشق الاذن قلت : فما الشرقاء ؟
قال يشق اذنها السمة رواه أبو داود و النسائي .
قال القاضي الخرقا التي انثقبت اذنها و الشرقاء التي تشق اذنها و تبقى كالشاختين و هذا نهي تنزيه و يحصل الاجزاء بها لا نعلم في هذا خلافا ( فصل ) يستحب لمن اتى مكة أن يطوف بالبيت لان الطواف بالبيت صلاة و الطواف افضل من الصلاة و الصلاة بعد ذلك يروى عن ابن عباس قال الطواف لكم يا أهل العراق و الصلاة لاهل مكة ، و قال عطاء الطواف للغرباء و الصلة لاهل البلد قال و من الناس من يقول يزور البيت كل يوم من أيام منى و منهم من يختار الاقامة بمنى لانها أيام منى و احتج أبو عبد الله بحديث أبي حسان عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يفيض كل ليلة .
( فصل ) و يستحب لمن حج أن يدخل البيت و يصلي في ركعتين كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم و لا يدخل البيت بنعليه و لا خفيه و لا الحجر أيضا لان الحجر من البيت و لا يدخل الكعبة بسلاح ، قال و ثياب
الكعبة إذا نزعت يتصدق به ، و قال إذا أراد ان يستشفي بشيء من طيب الكعبة فليأت بطيب من عنده فليلزقه على البيت ثم يأخذه و لا يأخذ من طيب البيت شيئا و لا يخرج من تراب الحرم و لا يدخل فيه من الحل كذلك قال عمر و ابن عباس رضي الله عنهما و لا يخرج من حجارة مكة و ترابها إلى الحل و الخروج أشد إلا أن ماء زمزم أخرجه كعب ( فصل ) قال أحمد كيف لنا بالجوار بمكة قال النبي صلى الله عليه و سلم إنك لاحب البقاع إلى الله عز و جل و لو لا إني أخرجت منك ما خرجت " و إنما كره الجوار بمكة لمن هاجر منها و جابر بن عبد الله جاور بمكة و جميع أهل البلاد و من كان من أهل اليمن ليس بمنزلة من يخرج و يهاجر أي لا بأس به و ابن عمر كان يقيم بمكة قال و المقام بالمدينة أحب الي من المقام بمكة لمن قوي عليه لانها مهاجر المسلمين و قال