( فصل ) و يسن اشعار الابل و البقر و هو ان يشق صفحة سنامها الايمن حتى يدميها في قول عامة أهل العلم ، و قال أبو حنيفة هذا مثلة جائز لان النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن تعذيب الحيوان و لانه إيلام فه كقطع عضو منه ، و قال مالك ان كانت البقرة ذات سنام فلا بأس باشعارها و الا فلا ، و لنا ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه و سلم ثم اشعرها و قلدها متفق عليه رواه ابن عباس و غيره و فعله الصحابة فيجب تقديمه على عموم ما احتجوا به و لانه إيلام لغرض صحيح فجاز كالكلي و الوسم و الفصد و الحجامة و الغرض ان لا تختلط بغيرها ، و أن يتوقاها اللص و لا يحصل ذلك بالتقليد لانه يحتمل أن ينحل و يذهب و قياسهم منتقض بالكلي و الوسم و تشعر البقرة لانها من البدن فتشعر كذات السنام ، و اما الغنم فلال يسن اشعارها لانها ضعيفة و صوفها و شعرها يستر موضع اشعارها .إذا ثبت هذا فالسنة الاشعار في صفحتها اليمنى ، و بهذا قال الشافعي و أبو ثور .و قال مالك و أبو يوسف بل تشعر في صحفتها اليسرى .و عن احمد مثله لان ابن عمر فعله ، و لنا ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بذي الحليفة ثم دعا ببدنة و أشعرها من صفحة سنامها الايمن وسلت الدم عنها بيده رواه مسلم ، و أما ابن عمر فقد روي عنه كمذهبنا رواه البخاري ثم فعل النبي صلى الله عليه و سلم أولى من قول
(575)
ابن عمر و فعله بلا خلاف و لان النبي صلى الله عليه و سلم كان يعجبه التيمن في شأنه كله .و إذا ساق الهدي من قبل الميقات استحب اشعاره و تقليده من الميقات لحديث ابن عباس و ان ترك الاشعار و التقليد فلا بأس لان ذلك واجب .( فصل ) و لا يسن الهدي الا من بهيمة الانعام لقول الله تعالى ( ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير ) و أفضله الابل ثم البقر ثم الغنم لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكانما قرب بدنة ، و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، و من راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا
(576)
أقرن ، و من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، و من راح في الساعة الخامسة فكانما قرب بيضة " متفق عليه ، و قال ابن عباس لامرأة أصابه أزوجها في العمرة عليك فدية من صيام أو صدقة أو نسك قالت أي النسك أفضل ؟ قال ان شئت فناقة و ان شئت فبقرة قالت أي ذلك أفضل ؟ قال انحري ناقة " رواه الاثرم ، و لان ما كان أكثر لحما كان أنفع للفقراء و لذلك أجزأت البدنة مكان سبع من الغنم و الشاة أفضل من سبع بدنة لان لحمها أطيب و الضأن أفضل من المعز لذلك .( فصل ) و الذكر و الانثى في الهدي سواء و ممن أجاز ذكران الابل ابن المسيب و عمر بن عبد العزيز و مالك و عطاء و الشافعي ، و عن ابن عمر انه قال ما رأيت أحدا فاعلا ذلك ، و ان أنحر أنثى أحب إلى و الاول أولى لان الله تعالى قال ( و البدن جعلناها لكم من شعائر الله ) و لم يذكر ذكرا و لا أنثى ، و قد
(577)
ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أهدى جملا لابي جهل في أنفه برة من فضة رواه أبو داود و ابن ماجه و لانه يجوز من سائر أنواع بهيمة الانعام ، و لذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم " فكأنما قرب كبشا أقرن " فكذلك من الابل و لان القصد اللحم و لحم الذكر أوفر و لحم الانى أرطب فيتساويان .قال احمد الخصي أحب إلينا من النعجة و ذلك لان لحمه أوفر و أطيب " مسألة " قال ( و من وجبت عليه بدنة فذبح سبعا من الغنم أجزأه ) ظاهر هذا أن سبعا من الغنم يجزئ عن البدنة مع القدرة عليها سواء كانت البدنة واجبة بنذر أو جزاء صيد أو كفارة وطء ، و قال ابن عقيل انما يجزئ ذلك عنها عند عدمها في ظاهر كلام أحمد
(578)
لان ذلك بدل عنها فلا يصار اليه مع وجودها كسائر الابدال .فأما مع عدمها فيجوز لما روى ابن عباس قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل فقال : ان علي بدنة و أنا موسر لها و لا أجدها فاشتريها ؟ فامره النبي صلى الله عليه و سلم أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن رواه ابن ماجه ، و لنا أن الشاة معدولة بسبع بدنة و هي أطيب لحما فإذا عدل عن الادنى إلى الاعلى جاز كما لو ذبح بدنة مكان شاة ( فصل ) و من وجب عليه سبع من الغنم في جزاء الصيد لم يجزئه بدنة في الظاهر لان سبعا من الغنم أطيب لحما فلا يعدل عن الاعلى إلى الادنى ، و ان كان ذلك في كفارة محظور أجزأه بدنة لان الدم الواجب فيه ما استيسر من الهدي و هو شاة أو سبع بدنة ، و قد كان اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يتمتعون فيذبحون البقرة عن سبعة قال جابر كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها ،
(579)
و في لفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نشترك في الابل و البقر كل سبعة منا في بدنة سواه مسلم .( فصل ) و من وجبت عليه بقرة أجزأته بدنة لانها أكثر لحما و أوفر و يجزئه سبع من الغنم لانها تجزي عن البدنة فعن البقرة أولى و من لزمه بدنة في النذر و جزاء الصيد اجزأته بقرة لما روى أبو الزبير عن جابر قال : كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له و البقرة ؟ فقال و هل هي الا من البدن ، فاما في النذر فقال ابن عقيل يلزمه ما نواه فان أطلق فعنه روايتان ( احداهما ) تجزئه البقرة لما ذكرنا من الخبر ( و الاخرى ) لا تجزئه الا ان يعدم البدنة ، و هذا قول الشافعي لانها بدل فاشترط عدم المبدل و الاولى أولى للخبر و لان ما أجزأ عن سبعة في الهدايا و دم المتعة اجزأ في النذر بلفظ البدنة كالجزور ( فصل ) و يجوز أن يشترك السبعة في البدنة و البقرة سواء كان واجبا أو تطوعا و سواء أراد جميعهم
(580)
القربة أو بعضهم و أراد الباقون اللحم .و قال مالك لا يجوز الاشتراك في الهدي ، و قال أبو حنيفة يجوز إذا كانوا متفرقين كلهم ، و لا يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة ، و حديث جابر يرد قول مالك ، و لنا على ابي حنيفة أن الجزء المجزي لا ينقص بإرادة الشريك القربة فجاز كما لو اختلفت جهات القرب فاراد بعضهم المتعة و الآخر القرآن و يجوز أن يقتسموا اللحم لان القسمة افراز حق و ليست بيعا " مسألة " قال ( و ما لزم من الدماء فلا يجزئ الا الجذع و الضأن و الثني من غيره ) هذا في جزاء الصيد .فأما جزاء الصيد فمنه جفرة و عناق وجدي و صحيح و معيب ، و أما في غيره مثل هدي المتعة و غيره فلا يجزئ الا الجذع من الضأن و هو الذي له ستة أشهر و الثني من