مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی - جلد 3

ت‍ال‍ی‍ف‌: م‍وف‍ق‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ع‍ب‍دال‍ل‍ه ‌ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍دب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌، وی‍ل‍ی‍ه‌ ال‍ش‍رح‌ ال‍ک‍ب‍ی‍ر ع‍ل‍ی‌ م‍ت‍ن‌ ال‍م‍ق‍ن‍ع‌ [اب‍ن‌ق‍دام‍ه‌] ت‍ال‍ی‍ف‌ ش‍م‍س‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍و ال‍ف‍رج‌ ع‍ب‍دال‍رح‍م‍ن ‌ب‍ن‌ اب‍ی‌ ع‍م‍ر م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌ ال‍م‍ق‍دس‍ی‌

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(371)

أويس قال خارجة المسند مرود البكرة فاستثنى ذلك و جعله مباحا كاستثناء الاذخر بمكة و عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور لا يختلى خلاها و لا ينفر صيدها و لا يصلح أن يقطع منها شجرة الا أن يعلف رجل بعيره " و عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لا يخبط و لا يعضد حمى رسول الله صلى الله عليه و سلم و لكن يهش هشنا رفيقا " رواهما أبو داود و لان المدينة يقرب منها شجر و زرع فلو منعنا من احتشاشها مع الحاجة أفضي إلى الضرر بخلاف مكة ( الثاني ) أن من صاد صيدا خارج المدينة ثم أدخله إليها لم يلزمه إرساله نص عليه أحمد لان النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول " يا أبا عمير ما فعل النغير " و هو طائر صغير فظاهر هذا أنه أباح إمساكه بالمدينة إذا لم ينكر ذلك و حرمة مكة أعظم من حرمة المدينة بدليل أنه لا يدخلها الا محرم ( فصل ) صيدوج و شجره مباح و هو واد بالطائف و قال أصحاب الشافعي هو محرم لان النبي صلى الله عليه و سلم قال " صيد وج و عضاهها محرم " رواه أحمد في المسند و لنا أن الاصل الاباحة و الحديث ضعيف ضعفه احمد ذكره أبو بكر الخلاف في كتاب العلل ( مسألة ) فقال ( و ان حصر بعدو نحر ما معه من الهدي وحل ) أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين أو غيرهم فمنعوه الوصول إلى البيت و لم يجد طريقا آمنا فله التحلل و قد نص الله تعالى عليه بقوله ( فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ) و ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية أن ينحروا و يحلقوا و يحلوا و سواء كان الاحرام بحج أو بعمرة أو بهما في قول إمامنا و أبي حنيفة و الشافعي و حكي عن مالك أن المعتمر لا يتحلل لانه لا يخاف الفوات و ليس بصحيح لان الآية إنما نزلت في حصر الحديبية و كان النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه محرمين بعمرة فحلوا جميعا و على من تحلل بالاحصار الهدي في قول أكثر أهل العلم ، و حكي عن مالك ليس عليه هدي لانه تحلل أبيح له من تفريط أشبه من أتم حجه و ليس بصحيح لان الله تعالى قال ( فان احصر تم فما استيسر من الهدي ) قال الشافعي لا خلاف بين أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في حصر الحديبية و لانه أبيح له التحلل قبل إتمام نسكه فكان عليه الهدي كالذي فاته الحج و بهذا فارق من أتم حجه .

( فصل ) و لا فرق بين الحصر العام في حق الحاج كله و بين الخاص في حق شخص واحد مثل

(372)

أن يجلس بغير حق أو أخذته اللصوص وحده لعموم النص و وجود المعنى في الكل فأما من حبس بحق عليه يمكنه الخروج منه لم يكن له التحلل لانه لا عذر له في الحبس و ان كان معصرا به عاجزا عن أدائه فحبسه بغير حق فله التحلل كمن ذكرنا و ان كان عليه دين مؤجل يحل قبل قدوم الحاج فمنعه صاحبه من الحج فله التحلل أيضا لانه معذور و لو أحرم العبد بغير أذان سيده أو المرأة للتطوع بغير إذن زوجها فلهما منعهما و حكمهما حكم المحصر ( فصل ) فان أمكن المحصر الوصول من طريق أخرى لم يبح له التحلل و لزمه سلوكها بعدت أو قربت خشي الفوات أو لم يخشه فان كان محرما بعمرة لم يفت و ان كان بحج ففاته تحلل بعمرة و كذا لو لم يتحلل المحصر حتى خلي عنه لزمه السعي و إن كان بعد فوات الحج ليتحلل بعمرة ثم هل يلزمه القضاء ان فاته الحج ؟ فيه روايتان ( احداهما ) يلزمه كمن فاته بخطأ الطريق ( و الثانية ) لا تجب لان سبب الفوات الحصر أشبه من لم يجد طريقا أخرى بخلاف المخطئ ( فصل ) فاما من لم يجد طريقا أخرى فتحلل فلا قضأ عليه الا ان يكون واجبا يفعله بالوجوب السابق في الصحيح من المذهب ، و به قال مالك و الشافعي و عن أحمد ان عليه القضاء روي ذلك عن مجاهد و عكرمة و الشعبي ، و به قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه و سلم لما تحلل زمن الحديبية قضى من قابل و سميت عمرة القضيه و لانه حل من إحرامه قبل إتمامه فلزمه القضاء كما لو فاته الحج و وجه الاولى أنه تطوع جاز التحلل منه مع صلاح الوقت له فلم يجب قضاؤه كما لو دخل في الصوم يعتقد أنه واجب فلم يكن فأما الخبر فان الذين صدوا كانوا الفا و أربعمأة و الذين اعتمروا مع النبي صلى الله عليه و سلم كانوا نفرا يسيرا و لم ينقل إلينا ان النبي صلى الله عليه و سلم أمر احدا بالقضاء و أما تسميتها عمرة القضيه فانما يعنى بها القضيه التي اصطلحوا عليها و اتفقوا عليها و لو أرادوا ذلك لقالوا عمرة القضاء و يفارق الفوات فانه مفرط بخلاف مسألتنا .

( فصل ) و إذا قدر المحصر على الهدي فليس له الحل قبل ذبحه فان كان معه هدي قد ساقه اجزأه و ان لم يكن معه لزمه شراؤه ان أمكنه و يجزئه أدنى الهدي و هو شاة أو سبع بدنة لقوله تعالى ( فما استيسر من الهدي ) و له نحره في موضع حصره من حل أو حرم نص عليه احمد و هو قول مالك و الشافعي الا أن يكون قادرا على أطراف الحرم ففيه وجهان ( أحدهما ) يلزمه نحره فيه لان الحرم كله منحر و قد قدر عليه

(373)

( و الثاني ) ينحره في موضعه لان النبي صلى الله عليه و سلم نحر هديه في موضعه و عه احمد ليس للمحصر نحر هديه الا في الحرم فيبعثه و يواطئ رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه ، و هذا يروى عن ابن مسعود فيمن لدغ في الطريق و روي نحو ذلك عن الحسن و الشعبي و النخعي و عطاء ، و هذا و الله أعلم فيمن كان حصره خاصا و أما الحصر العام فلا ينبغي أن يقوله أحد لان ذلك يفضي إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدي إلى محله و لان النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه نحروا هداياهم في الحديبية و هي من الحل قال البخاري قال مالك و غيره ان النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه حلقوا و حلوا من كل شيء قبل الطواف و قبل أن يصل الهدي إلى البيت و لم يذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر أحدا أن يقضي شيئا و لا أن يعودوا له و روي أن النبي صلى الله عليه و سلم نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان و هي من الحل باتفاق أهل السيرة و النقل قال الله تعالى ( و الهدي معكوفا أن يبلغ محله ) و لانه موضع حله فكان موضع نحره كالحرم .

و سائر الهدايا يجوز للمحصر نحرها في موضع تحلله فان قيل فقد قال الله تعالى ( و لا تحلقوا روؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) و قال ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) و لانه ذبح يتعلق بالاحرام فلم يجز في الحرم كدم الطيب اللباس ( قلنا ) الآية في حق المحصر و لا يمكن قياس المحصر عليه لان تحلل المحصر في الحل و تحلل غيره في الحرم فكل منهما ينحر في موضع تحلله و قيل في قوله ( حتى يبلغ الهدي محله ) أي حتى يذبح و ذبحه في حق المحصر في موضع حله اقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم ( فصل ) و متى كان المحصر محرما بعمرة فله التحلل و نحر هديه وقت حصره لان النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه زمن الحديبية حلوا و نحروا هداياهم بها قبل يوم النحر ، و ان كان مفردا أو قارنا فكذلك في احدى الروايتين لان الحج أحد النسكين فجاز الحل منه و نحر هديه وقت حصره كالعمرة ، و لان العمرة لا تفوت و جميع الزمان وقت لها ، فإذا جاز الحل منها و نحر هديها من خشية فواتها فالحج الذي يخشى فواته أولى ( و الرواية الثانية ) لا يحل و لا ينحر هديه إلى يوم النحر .

نص عليه في رواية الاثرم و حنبل لان للهدي محل زمان و محل مكان ، فإذا عجز عن محل المكان فسقط بقي محل الزمان واجبا لامكانه ، و إذا لم يجز له نحر الهدي قبل يوم النحر لم يجز التحلل لقوله سبحانه ( و لا تلحقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) و إذا قلنا بجواز التحلل قبل يوم النحر فالمستحب له مع ذلك الاقامة مع إحرامه رجاء زوال الحصر ، فمتى زال قبل تحلله فعليه المضي لاتمام نسكه بغير خلاف نعلمه .

قال ابن المنذر

(374)

قال كل من أحفظ عنه من أهل العلم إن من يئس أن يصل إلى البيت فجاز له أن يحل فلم يفعل حتى خلي سبيله أن عليه أن يقضي مناسكه ، و ان زال الحصر بعد فوات الحج تحلل بعمل عمرة ، فان فات الحج قبل زوال الحصر تحلل بهدي ، و قيل عليه ههنا هديان : هدي للفوات و هدي للاحصار ، و لم يذكر أحمد في رواية الاثرم هديا ثانيا في حق من لا يتحلل الا يوم النحر ( فصل ) فان أحصر عن البيت بعد الوقوف بعرفة فله التحليل لان الحصر يفيده التحلل من جميعه فأفاد التحلل من بعضه ، و ان كان ما حصر عنه ليس من أركان الحج كالرمي و طواف الوداع و المبيت بمزدلفة أو بمنى في لياليها فليس له التحلل لان صحة الحج لا تقف على ذلك و يكون عليه دم تركه ذلك و حجه صحيح كما لو تركه من حصر ، و ان أحصر عن طواف الافاضة بعد رمي الجمرة فليس له أن يتحلل أيضا لان إحرامه انما هو عن النساء و الشرع انما ورد بالتحلل من الاحرام التام الذي يحرم جميع محظوراته فلا يثبت بما ليس مثله ، و متى زال الحصر أتى بالطواف و قد تم حجه ( فصل ) فأما من يتمكن من البيت و يصد عن عرفة فله أن يفسخ نية الحج و يجعله عمرة و لا هدي عليه لاننا أبحنا له ذلك من حصر فمع الحصر أولى ، فان كان قد طاف وسعى للقدوم ثم أحصر ، أو رمرض حتى فاته الحج تحلل بطواف وسعي آخر لان الاول لم يقصد به طواف العمرة و لا سعيها و ليس عليه أن يجدد إحراما ، و بهذا قال الشافعي و أبو ثور ، و قال الزهري لابد أن يقف بعرفة و قال محمد بن الحسن لا يكون محصرا بمكة و روي ذلك عن أحمد ، فان فاته الحج فحكمه حكم من فانه بغير حصر ، و قال مالك يخرج إلى الحل و يفعل ما يفعل المعتمر ، فان أحب أن يستنيب من يتمم عنه أفعال الحج جاز في التطوع لانه جاز أن يستنيب في جملته فجاز في بعضه ، و لا يجوز في حج الفرض الا ان يئس من القدرة عليه في جميع العمر كما في الحج كله ( فصل ) و إذا تحلل المحصر من الحج فزال الحصر و أمكنه الحج لزمه ذلك إن كانت حجة الاسلام أو قلنا بوجوب القضاء ، أو كانت الحجة واجبة في الجملة لان الحج يجب على الفور و إن لم تكن الحجة واجبة و لا قلنا بوجوب القضاء فلا شيء عليه كمن لم يحرم ( فصل ) و إن أحصر في حج فاسد فله التحلل لانه إذا أبيح له التحلل في الحج الصحيح فالفاسد أولى ، فان حل ثم زال الحصر و في الوقت سعة فله أن يقتضي في ذلك العام و ليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد الحج فيه في هذه المسألة

(375)

( مسألة ) قال ( فان لم يكن معه هدي و لا يقدر عليه صام عشرة أيام ثم حل ) و جملة ذلك أن المحصر إذا عجز عن الهدي انتقل إلى صوم عشرة أيام ثم حل ، و بهذا قال الشافعي في أحد قوليه ، و قال مالك و أبو حنيفة ليس له بدل لانه لم يذكر في القرآن و لنا أنه دم واجب للاحرام فكان له بدل كدم التمتع و الطيب و اللباس و ترك النص عليه لا يمنع قياسه على غيره في ذلك و يتعين الانتقال إلى صيام عشرة أيام كبدل هدي التمتع ، و ليس له أن يتحلل إلا بعد الصيام كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحره ، و هل يلزمه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي أو الصيام ؟ ظاهر كلام الخرقي أنه لا يلزمه لانه لم يذكره و هو احدى الروايتين عن أحمد لان الله تعالى ذكره الهدي وحده و لم يشرط سواه ( و الثانية ) عليه الحلق أو التقصير لان النبي صلى الله عليه و سلم حلق يوم الحديبية و فعله في النسك دال على الوجوب و لعل هذا ينبني على أن الحلاق نسك أو إطلاق من محظور على ما يذكر في موضعه ان شاء الله ( فصل ) و لا يتحلل الا بالنية مع ما ذكرنا فيحصل الحل بشيئين النحر أو الصوم و النية ان قلنا الحلاق ليس بنسك ، و ان قلنا هو نسك حصل بثلاثة أشياء الحلاق مع ما ذكرنا ، فان قيل فلم اعترتم الينة ههنا و هي في المحصر معتبرة ؟ قلنا لان من أتى بأفعال النسك فقد أتى بما عليه فيحل منها بإكمالها فلم يحتج إلى نية بخلاف المحصور فانه يريد الخروج من العبادة قبل إكمالها فافتقر إلى قصده ، و لان الذبح قد يكون لغير الحل فلم يتخصص الا بقصده بخلاف الرمي فانه لا يكون الا للنسك فلم يحتج إلى قصده ( فصل ) فان نوى التحلل قبل الهدي أو الصيام لم يتحلل و كان على إحرامه حتى ينحر الهدي أو يصوم لانهما أقيما مقام أفعال الحج فلم يحل قبلهما كما لا يتحلل القادر على أفعال الحج قبلها ، و ليس عليه في نية الحل فدية لانها لم تؤثر في العبادة ، فان فعل شيئا من محظورات الاحرام قبل ذلك فعليه فديته كما لو فعل القادر ذلك قبل أفعال الحج ( فصل ) و إذا كان العدو الذي حصر الحاج مسلمين فأمكن الانصراف كان أولى من قتالهم لان في قتالهم مخاطرة بالنفس و المال و قتل مسلم فكان تركه أولى ، و يجوز قتالهم لانهم تعدوا على المسلمين بمنعهم طريقهم فأشبهوا سائر قطاع الطريق ، و إن كانوا مشركين لم يجب قتالهم لانه انما يجب بأحد أمرين ( 1 ) إذا بدأوا بالقتال أو وقع النفير فاحتيج إلى مدد و ليس ههنا واحد منهما ، لكن ان غلب على

(376)

ظن المسلمين الظفر بهم استحب قتالهم لما فيه من الجهاد و حصول النصر و إتمام النسك ، و ان غلب على ظنهم ظفر الكفارة فالأَولى الانصراف لئلا يغرروا بالمسلمين ، و متى احتاجوا في القتال إلى لبس ما تجب فيه الفدية كالدرع و المغفر فعلوا و عليهم الفدية لان لبسهم لاجل أنفسهم فأشبه ما لو لبسوا لاستدفاء من دفع برد ( فصل ) فان أذن لهم العدو في العبور فلم يثقوا بهم فلهم الانصراف لانهم خائفون على أنفسهم فكأنهم لم يأمنوهم ، و ان وثقوا بأمانهم و كانوا معروفين بالوفاء لزمهم المضي على إحرامهم لانه قد زال حصرهم ، و ان طلب العدو خفارة على تخلية الطريق و كان ممن لا يوثق بأمانة لم يلزمهم بذله لان الخوف باق مع البذل ، و ان كان موثوقا بأمانة و الخفارة كثيرة لم يجب بذله ، بل يكره ان كان العدو كافرا لان فيه صغارا و تقوية للكفار ، و ان كانت يسيرة فقياس المذهب وجوب بذله كالزيادة في ثمن الماء للوضوء .

و قال بعض أصحابنا : لا يجب بذل خفارة بحال و له التحلل كما أنه في ابتداء الحج لا يلزمه إذا لم يجد طريقا آمنا من خفارة ( مسألة ) قال ( و إن منع من الوصول إلى البيت بمرض أو ذهاب نفقة بعث بهدي إن كان معه ليذبحه بمكة و كان على إحرامه حتى يقدر على البيت ) المشهور في المذهب أن من يتعذر عليه الوصول إلى البيت بغير حصر العدو من مرض أو عرج أو ذهاب نفقة و نحوه أنه لا يجوز له التحلل بذلك .

روي ذلك عن ابن عمر و ابن عباس و مروان و به قال مالك و الشافعي و إسحاق ، و عن أحمد رواية أخرى له التحلل بذلك .

روي نحوه عن ابن مسعود و هو قول عطاء و النخعي و الثوري و أصحاب الرأي و أبي ثور لان النبي صلى الله عليه و سلم قال " من كسر أو عرج فقد حل و عليه حجة أخرى " رواه النسائي ، و لانه محصر يدخل في عموم قوله تعالى ( فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ) يحققه أن لفظ الاحصار انما هو للمرض و نحوه يقال أحصره المرض احصارا فهو محصر و حصره العدو حصرا فهو محصور فيكون اللفظ صريحا في محل النزاع و حصر العدو مقيس عليه ، و لانه مصدود عن البيت أشبه من صده عدو ، و وجه الاولى أنه لا يستفيد بالاحلال الانتقال من حاله و لا التخلص من الاذى الذي به بخلاف حصر العدو ، و لان النبي صلى الله عليه و سلم دخل على ضباعة بنت الزبير فقالت اني أريد الحج و أنا شاكية فقال " حجي و اشترطي ان محلي حيث

(377)

حبستني " فلو كان المرض يبيح الحل ما احتاجت إلى شرط و حديثهم متروك الظاهر ، فان مجرد الكسر و العرج لا يصير به حلالا ، فان حملوه على أنه يبيح التحلل حملناه على ما اذا تشترط الحل بذلك على أن في حديثهم كلاما فانه يرويه ابن عباس و مذهبه خلافه ، فان قلنا يتحلل فحكمه حكم من أحصر بعدو على ما مضى ، و ان قلنا لا يتحلل فانه يقيم على إحرامه و يبعث ما معه من الهدي ليذبح بمكة و ليس له نحره في مكانه لانه لم يتحلل ، فان فاته الحج تحلل بعمرة كغير المريض ( فصل ) و إن شرط في ابتداء إحرامه ان يحل مرض أو ضاعت نفقته أو نفدت أو نحوه أو قال ان حبسني حابس فمحلي حيث حبسني فله الحل متى وجد ذلك و لا شيء عليه لا هدي و لا قضأ و لا غيره فان للشرط تأثيرا في العبادات بدليل انه لو قال ان شفى الله مربضي صمت شهرا متتابعا أو متفرقا كان على ما شرطه و انما لم يلزمه الهدي و القضاء لانه إذا شرط شرطا كان إحرامه الذي فعله إلى حين وجود الشرط فصار بمنزلة من أكمل أفعال الحج ، ثم ينظر في صيغة الشرط فان قال ان مرضت فلي أن أحل و ان حبسني حبس فمحلي حيث حبسني فإذا حبس كان بالخيار بين الحل و بين البقاء على الاحرام و ان قال ان مرضت فأنا حلال فمتى وجد الشرط حل بوجوده لانه شرط صحيح فكان على ما شرط ( مسألة ) قال ( فان قال أنا أرفض إحرامي و أحل فلبس الثياب و ذبح الصيد و عمل ما يعمله الحلال كان عليه في كل فعل فعله دم ، و ان كان وطي فعليه للوطء بدنة مع ما يجب عليه من الدماء و جملة ذلك ان التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء : كمال أفعاله أو التحلل عند الحصر أو بالعذر إذا شرط و ما عدا هذا فليس له أن يتحلل به فان نوى التحلل لم يحل و لا يفسد الاحرام برفضه لانه عبادة لا يخرج منها بالفساد فلا يخرج منها برفضها بخلاف سائر العبادات و يكون الاحرام باقيا في حقه تلزمه أحكامه و يلزمه جزاء كل جناية جناها عليه ، و ان وطي أفسد حجه و عليه لذلك بدنة مع ما وجب عليه من الدماء سواء كان الوطء قبل الجنايات أو بعدها فان الجناية على الاحرام الفاسد توجب الجزاء كالجناية على الحصيح و ليس عليه لرفضه الاحرام شيء لانه مجرد نية لم تؤثر شيئا ( مسألة ) قال ( و يمضي في الحج الفاسد و يحج من قابل ) جملة ذلك ان الحج لا يفسد إلا بالجماع فإذا فسد فعليه إتمامه و ليس له الخروج منه روي ذلك عن عمر و علي و أبي هريرة و ابن عباس رضي الله عنهم و به قال أبو حنيفة و الشافعي و قال الحسن و مالك




/ 86