الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة ( مسألة ) قال أبو القاسم ( و من ملك زادا و راحلة و هو بالغ عاقل لزمه الحج و العمرة ) و جملة ذلك ان الحج انما يجب بخمس شرائط الاسلام و العقل و البلوغ و الحرية و الاستطاعة لا نعلم في هذا كله اختلافا فأما الصبي و المجنون فليسا بمكلفين و قد روى علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال " رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ ، و عن الصبي حتى يشب ، و عن المعتوه حتى يعقل " رواه أبو داود و ابن ماجة و الترمذي و قال حديث حسن ، و أما العبد فلا يجب عليه لانه عبادة تطول مدتها و تتعلق بقطع مسافة و تشترط لها الاستطاعة بالزاد و الراحلة و يضيع حقوق سيده المتعلقة به فلم يجب عليه كالجهاد ، و أما الكافر فغير مخاطب بفروع الدين خطابا يلزمه أداء و لا يوجب قضأ و غير المستطيع لا يجب عليه لان الله تعالى خص المستطيع بالايجاب عليه فيختص بالوجوب و قال الله تعالى ( لا يكلف الله نفسه إلا وسعها ) ( فصل ) و هذه الشروط الخمسة تنقسم أقساما ثلاثة منها ما هو شرط للوجوب و الصحة و هو الاسلام و العقل فلا يجب على كافر و لا مجنون و لا تصح منهما لانهما ليسا من أهل العبادات ، و منها ما هو شرط للوجوب و الاجزاء و هو البلوغ و الحرية و ليس بشرط للصحة فلو حج الصبي و العبد صح
(162)
حجهما و لم يجزئهما عن حجة الاسلام ، و منها ما هو شرط للوجوب فقط و هو الاستطاعة فلو تجشم المستطيع المشقة و سار بغير زاد و راحلة فحج كان حجه صحيحا مجزئا كما لو تكلف القيام في الصلاة و الصيام من يسقط عنه اجزأه
(163)
( فصل ) و اختلفت الرواية في شرطين و هما تخلية الطريق و هو أن لا يكون في الطريق مانع من عدو و نحوه و إمكان المسير و هو أن تكمل فيه هذه الشرائط و الوقت متسع يمكنه الخروج اليه فروي انهما من شرائط الوجوب فلا يجب الحج بدونهما لان الله تعالي انما فرض الحج على المستطيع و هذا
(164)
مستطيع و لان هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطا كالزاد و الراحلة و هذا مذهب أبي حنيفة و الشافعي و روي انهما ليسا من شرائط الوجوب و انما يشترطان للزوم السعي فلو كملت هذه الشروط الخمسة ثم مات قبل وجود هذين الشرطين حج عنه بعد موته و ان أعسر قبل وجودهما بقي في ذمته و هذا ظاهر
(165)
كلام الخرقي فانه لم يذكرهما و ذلك لان النبي صلى الله عليه و آله لما سئل ما يوجب الحج قال " الزاد و الراحلة " قال الترمذي هذا حديث حسن و هذا له زاد و راحلة و لان هذا عذر يمنع نفس الاداء فلم يمنع الوجوب كالعضب ، و لان إمكان الاداء ليس بشرط في وجوب العبادات بدليل ما لو طهرت الحائض أو بلغ
(166)
الصبي أو أفاق المجنون و لم يبق من وقت الصلاة ما يمكن اداؤها فيه و الاستطاعة مفسرة بالزاد و الراحلة فيجب المصير إلى تفسيره ، و الفرق بينهما و بين الزاد و الراحلة انه يتعذر مع فقدهما الاداء دون القضاء و فقد الزاد و الراحلة يتعذر معه الجميع فافترقا
(167)
( فصل ) و إمكان السير معتبر بما جرت به العادة فلو أمكنه المسير بأن يحمل على نفسه و يسير سيرا يجاوز العادة أو يعجز عن تحصيل آلة السفر لم يلزمه السعي ، و تخلية الطريق هو أن تكون مسلوكة لا مانع فيها بعيدة كانت أو قريبة برأ كان أو بحرا إذا كان الغالب السلامة ، فان لم يكن