( و الثاني ) أنه لم يأمر من أكل بالقضاء و يشهد لهذا ما روى معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول " ان هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه فمن شاء فليصم و من شاء فليفطر " و هو حديث صحيح و روي عن أحمد أنه كان مفروضا لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و آله صامه و أمر بصيامه فلما افترض رمضان كان هو الفريضة و ترك عاشوراء فمن شاء صامه و من شاء تركه و هو حديث صحيح و حديث معاوية محمول على أنه أراد ليس هو مكتوبا عليكم الآن و أما تصحيحه بنية من النهار و ترك الامر بقضائه فيحتمل أن نقول من لم يدرك اليوم بكماله لم يلزمه قضاؤه كما قلنا فيمن أسلم و بلغ في أثناء يوم من رمضان على أنه قد روى أبو داود ان أسلم أتت النبي صلى الله عليه و آله فقال " صمتم يومكم هذا ؟ " قالوا لا قال " فأتموا يومكم و اقضوه " ( فصل ) فاما يوم عرفة فهو اليوم التاسع من ذي الحجة سمي بذلك لان الوقوف بعرفة فيه و قيل سمي يوم عرفة لان إبراهيم عليه السلام أري في المنام ليلة التروية أنه يؤمر بذبح ابنه فأصبح يومه يتروى هل هذا من الله أو حلم فسمي يوم التروية فلما كانت الليلة الثانية رآه أيضا فأصبح يوم عرفة فعرف أنه من الله فسمي يوم عرفة و هو يوم شريف عظيم وعيد كريم و فضله كبير و قد صح عن النبي صلى الله عليه و آله أن صيامه يكفر سنتين ( فصل ) و أيام عشر ذي الحجة كلها شريفة مفضلة يضاعف العمل فيها و يستحب الاجتهاد في العبادة فيها لما روى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله " مأمن أيام العمل الصالح فيهن احب إلى الله من هذه الايام العشر " و قال يا رسول الله و لا الجهاد في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه و آله " و لا
(106)
الجهاد في سبيل الله الا رجلا خرج بنفسه و ماله فلم يرجع من ذلك بشيء " و هو حديث حسن صحيح و عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه و آله قال " مأمن أيام أحب إلى الله عز و جل أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة و قيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر و هذا حديث غريب أخرجه الترمذي و روى أبو داود باسناده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و آله قالت كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصوم تسع ذي الحجة و يوم عاشوراء ( مسألة ) قال ( و لا يستحب لمن كان بعرفة أن يصوم ليتقوى على الدعاء ) أكثر أهل العلم يستحبون الفطر يوم عرفة بعرفة و كانت عائشة و ابن الزبير يصومانه و قال قتادة لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء و قال عطاء أصوم في الشتاء و لا أصوم في الصيف لان كراهة صومه انما هي معللة بالضعف عن الدعاء فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء لم يضعف فتزول الكراهة و لنا ما روى عن أم الفضل بنت الحارث ان ناسا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه و آله فقال بعضهم صائم و قال بعضهم ليس بصائم فأرسلت اليه بقدح من لبن و هو واقف على بعيره بعرفات فشربه النبي صلى الله عليه و آله متفق عليه و قال ابن عمر حججت مع النبي صلى الله عليه و آله فلم يصمه يعني يوم عرفه و مع أبي بكر فلم يصمه و مع عمر فلم يصمه و مع عثمان فلم يصمه و أنا لا أصومه و لا آمر به و لا أنهى عنه أخرجه الترمذي و قال حديث حسن و روى أبو داود باسناده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و آله نهى عن صيام يوم عرفة و لان الصوم يضعفه و يمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه و إجابة دعائه به فكان تركه أفضل
(107)
( فصل ) روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم رواه أبو داود و الترمذي و قال حديث حسن ( فصل ) و أفضل الصيام أن تصوم يوما و تفطر يوما لما روى عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه و آله قال له صم يوما و أفطر يوما فذلك صيام داود و هو أفضل الصيام فقلت اني أطيق أفضل من ذلك فقال النبي صلى الله عليه و آله لا أفضل من ذلك " متفق عليه
(108)
( فصل ) و روى أبو داود باسناده عن اسامه بن زيد أن نبي الله صلى الله عليه و آله كان يصوم يوم الاثنين و الخميس فسئل عن ذلك فقال إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين و الخميس ( مسألة ) قال ( و ايام البيض التي حض رسول الله صلى الله عليه و آله على صيامها هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر
(109)
و جملة ذلك أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب و لا نعلم فيه خلافا و قد روى أبو هريرة قال أوصاني خليلي بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر و ركعتي الضحى و ان أوتر قبل أن أنام و عن عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه و آله قال له " صم من الشهر ثلاثة أيام فان الحسنة بعشر أمثالها و ذلك مثل صيام الدهر " متفق عليهما و يستحب ان يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما روى أبو ذر قال قال
(110)
رسول الله صلى الله عليه و آله " يا أبا ذر إذا صمت من الشهر فصم ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة " أخرجه الترمذي و قال حديث حسن ، و روى النسائي أن النبي صلى الله عليه و آله قال لاعرابي " كل " قال اني صائم قال " صوم ماذا ؟ " قال صوم ثلاثة أيام من الشهر قال " ان كنت صائما فعليك بالغر البيض ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة " و عن ملحان القيسي قال كان رسول الله
(111)
صلى الله عليه و آله يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة و قال هو كهيئة الدهر أخرجه أبو داود و سميت أيام البيض لابيضاض ليلها كله بالقمر و التقدير أيام الليالي البيض و قيل إن الله تاب على آدم فيها و بيض صحيفته ذكره أبو الحسن التميمي ( فصل ) و يجب على الصائم أن ينزه صومه عن الكذب و الغيبة و الشتم قال احمد ينبغي للصائم أن