( مسألة ) قال ( و ان نظر فصرف بصره فأمنى فعليه دم و ان كرر النظر حتى أمنى فعليه بدنة ) و جملة ذلك أن الحج لا يفسد بتكرار النظر أنزل أو لم ينزل روي ذلك عن ابن عباس و هو قول أبي حنيفة و الشافعي و روي عن الحسن و عطاء و مالك فيمن ردد النظر حتى أمنى عليه حج قابل لانه أنزل بفعل محظور أشبه الانزال بالمباشرة
(330)
و لنا أنه إنزال عن مباشرة فاشبه الانزال بالفكر و الاحتلام واللاصل الذي قاسوا عليه ممنوع ثم إن المباشرة أبلغ في اللذة و آكد في استدعاء الشهوة فلا يصح القياس عليه فاما ان نظر و لم يكرر فامنى فعليه شاة و إن كرره فانزل ففيه روايتان ( احداهما ) عليه بدنة روي ذلك عن ابن عباس ( و الثانية ) عليه شاة و هو قول سعيد بن جبير و إسحاق و رواية ثانية عن ابن عباس و قال أبو ثور لا شئ عليه و حكي
(331)
ذلك عن أبي حنيفة و الشافعي لانه ليس بمباشرة أشبه الفكر و لنا أنه إنزال بفعل محظور فاوجب الفدية كاللمس و قد روى الاثرم عن ابن عباس أنه قال له رجل فعل الله بهذه و فعل إنها تطيبت لي فكلمتني و حدثتني حتى سبقتني الشهوة فقال ابن عباس
(332)
أتمم حجك و أهرق دما و روى حنبل في المناسك عن مجاهد أن محرما نظر إلى إمرأته حتى أمذى فجعل يشتمها فقال ابن عباس أهرق دما و لا تشتمها ( فصل ) فان كرر النظر حتى أمذى فقال أبو الخطاب عليه دم و قال القاضي ذكره الخرقي .قال القاضي لانه جزء من المني و لانه حصل به التذاذ فهو كاللمس و ان لم يقترن بالنظر مني أو مذي فلا
(333)
شيء عليه سواء كرر النظر أو لم يكرره و قد روي عن احمد فيمن جرد إمرأته و لم يكن منه التجريد أن عليه شاة و هذا محمول على أنه لمس فان التجريد لا يعرى عن اللمس ظاهرا أو على أنه أمنى أو أمذى أما مجرد النظر فلا شيء فيه فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم ينظر إلى نسائه و هو محرم و كذلك أصحابه ( فصل ) فان فكر فأنزل فلا شيء عليه فان الفكر يعرض للانسان من إرادة و لا اختيار فلم
(334)
يتعلق به حكم كما في الصيام و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به " متفق عليه ( فصل ) و العمد و النسيان في الوطء سواء نص عليه احمد فقال إذا جامع أهله بطل حجه لانه شيء لا يقدر على رده و الشعر إذا حلقه فقد ذهب لا يقدر على رده و الصيد إذا قتله فقد ذهب لا يقدر على رده
(335)
فهذه الثلاثة العمد و النسيان فيها سواء و لم يذكر الخرقي النسيان ههنا لكن ذكره في الصيام ، و بين أن الوطء في الفرج أو دون الفرج مع الانزال يستوي عمده و سهوه ، و ما عداه من القبلة و اللمس و الذي بتكرار النظر يختلف حكم عمده و سهوه فههنا ينبغي أن يكون مثله لان الوطء لا يكاد يتطرق النسيان اليه دون غيره ، و لان الجماع مفسد للصوم دون غيره فاستوى عمده و سهوه كالفوات بخلاف ما دونه ، و الجاهل