عقوبات المعاصي لا تختلف بالتكرار و عدمه كالحدود ، و وجه قول الخرقي المقصود زجرها عن المعصية في المستقبل و ما هذا سبيله يبدأ فيه بالاسهل فالأَسهل كمن هجم منزله فأراد إخراجه .
و أما قوله ( و اللاتي تخافون نشوزهن ) الآية ففيها إضمار تقديره : و اللاتي تخافون نشوزهن فطعوهن فان نشزن فاهجروهن في المضاجع فان أصررن فاضربوهن كما قال سبحانه ( إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو يعفوا من من الارض ) و الذي يدل على هذا أنه رتب هذه العقوبات على خوف النشوز و لا خلاف في أنه لا يضربها لخوف النشوز قبل إظهاره ، و للشافعي قولان كهذين فان لم ترتدع لوعظ و الهجر فله ضربها لقوله تعالى ( و اضربوهن ) و قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فان فعلن فاضربوهن ضربا مبرح ) رواه مسلم معنى مبرح أي ليس بالشديد .
قال الخلال سألت أحمد ابن يحيى عن قوله ضربا مبرح قال شديد ، و عليه أن يجتنب الوجه و المواضع المخوفة لان المقصود التأديب لا الاتلاف ، و قد روى أبو داود عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال ( أن يطعمها إذا طعمت ، و يكسوها إذا اكتست و لا يقبح و لا يهجر إلا في البيت ) و روى عبد الله بن زمعة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لا يجلد أحدكم إمرأته جلد العبد ثم يضاجعها في آخر اليوم و لا يزيد في ضربها على عشرة أسواط لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ) متفق عليه