شرح المحلی

ابن حزم الاندلسی

جلد 1 -صفحه : 266/ 132
نمايش فراداده

الجمع بين القول بنكاح الكتابيات ووطاهن وبين نجاستهن

الدين قيل : هبكم أن ذلك كذلك ، أ يجب من ذلك ان المشركين طاهرون ؟ حاش لله من هذا ، و ما فهم قط من قول الله تعالى ( انما المشركون نجس ) مع قول نبيه صلى الله عليه و سلم ( ان المؤمن لا ينجس ) ان المشركين طاهرون ، و لا عجب في الدنيا أعجب ممن يقول فيمن نص الله تعالى : أنهم نجس : إنهم طاهرون ، ثم يقول في المنى الذي لم يأت قط بنجاسته نص : انه نجس ، و يكفى من هذا القول سماعه .

و نحمد الله على السلامة فان قيل : قد أبيح لنا نكاح الكتابيات و وطؤهن ، قلنا : نعم فأي دليل في هذا على أن لعلبها و عرقها و دمعها طاهر ؟ فان قيل : انه لا يقدر على التحفظ من ذلك ، قلنا : هذا خطأ ، بل يفعل فيما مسه من لعلبها و عرقها مثل الذي يفعل إذا مسه بولها أو دمها أو مائية فرجها و لا فرق ، و لا حرج في ذلك ، ثم هبك أنه لو صح لهم ذلك في نساء أهل الكتاب ، من أين لهم طهارة رجالهم أو طهارة النساء و الرجال من أهل الكتاب ؟ فان قالوا : قلنا ذلك قياسا على أهل الكتاب ، قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ، لان أول بطلانه أن علتهم في طهارة الكتابيات جواز نكاحهن ، و هذه العلة معدومة بإقرارهم في الكتابيات ، و القياس عندهم لا يجوز إلا بعلة جامعة بين الحكمين ، و هذه علة مفرقة لا جامعة و بالله تعالى التوفيق ( 1 )

1 - القول بنجاسة بدن الكافر و عرقه و ريقه الخ قول شاذ لم أعرفه روى عن أحد من العلماء إلا ما نقله ابن كثير في تفسيره ( ج 4 ص 372 ) عن بعض أهل الظاهر و لعله يريد المؤلف ، و إلا ما نقله الطبري في تفسيره ( ج 10 ص 74 ) عن الحسن ( لا تصافحوهم فمن صافحهم فليتوضأ ) و من العجب العجاب أن ينسب أبو حيان في النهر بهامش البحر ( ج 5 ص 27 ) للطبري القول بنجاسة أعيانهم ! و الطبري انما ذكره قولا عن أناس ، و حكى أنه منسوب لا بن عباس من وجه حميد فكره ذكره ، و المؤلف انما اتى بمغالطات زعمها أدلة ، و قد أباح الله للمؤمنين طعام أهل الكتاب و مؤاكلتهم ، و لن يخلو هذا من آثارهم ، و زواج الكتابيات يدعو إلى مخالطتهن أتم مخالطة ، مما لا يمكن معه الاحتراز عن ريقهن و عرقهن في بدن