قال أبو محمد : و هذا لا حجة لهم فيه ، لان الوضوء انما هو على القاصد إلى اللمس ، لا على الملموس دون أن يقصد هو إلى فعل الملامسة لانه لم يلامس ، و دليل آخر ، و هو أنه ليس في هذا الخبر أنه عليه السلام كان في صلاة ، و قد يسجد المسلم في صلاة ، لان السجود فعل خير ، و حتى لو صح لهم أنه عليه السلام كان في صلاة و هذا ما لا يصح فليس في الخبر أنه عليه السلام لم ينتقض وضوؤه ، و لا أنه صلى صلاة مستأنفة دون تجديد وضوء ، فاذ ليس في الخبر شيء من هذا فلا متعلق لهم به أصلا ، ثم لو صح أنه عليه السلام كان في صلاة ، و صح أنه عليه السلام تمادى عليها أو صلى غيرها دون تجديد وضوء و هذا كله لا يصح أبدا : فانه كان يكون هذا الخبر موافقا للحال التي كان الناس عليها قبل نزول الآية بلا شك ، و هي حال لا مرية في نسخها و ارتفاع حكمها بنزول الآية ، و من الباطل الاخذ بما قد تيقن نسخه و ترك الناسخ ، فبطل أن يكون لهم متعلق بهذا الخبر .
و الحمد لله رب العالمين و الخبر الثاني من طريق أبى قتادة : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حمل امامة بنت أبى العاصي و أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم على عاتقه يضعها ، اذ سجد ، و يرفعها إذا قام ) قال أبو محمد : و هذا لا حجة لهم فيه أصلا ، لانه ليس فيه نص أن يديها و رجليها لمست ( 1 ) شيئا من بشرته عليه السلام ، إذ قد تكون ( 2 ) موشحة برداء أو بقفازين و جوربين ، أو يكون ثوبها سابغا ( 3 ) يواري يديها و رجليها ، و هذا الاولى أن يظن بمثلها بحضرة الرجال ( 4 ) ، و إذا لم يكن ما ذكرنا في الحديث فلا يحل لاحد أن يزيد فيه ما ليس فيه ( 5 ) فيكون كاذبا ، و إذا كان ما ظنوا ليس في الخبر و ما قلنا ممكنا ،
شديد و لا دليل عليه في الشريعة ، و اللمس واللماس في الآية على القراءتين انما هو الجماع كما فسره ابن عباس و كما هو ظاهر لمن تأمل معنى الآية و سياقها و لم يملكه الهوى و العصبية 1 - في اليمنية ( مست ) ( 2 ) في المصرية ( و قد تكون ) ( 3 ) في المصرية ( مانعا ) و ما هنا أوضح ( 4 ) أ ليس هذا غاية في التكلف و المحاولة ؟ ( 5 ) في اليمنية ( ما ليس منه )