و بهذا يقول سفيان و أبو حنيفة و من طريق عبد الرزاق عن أبى جعفر الرازي عن حميد الطويل قال : سمعت أنس بن مالك و قد سئل عن المشي أمام الجنازة فقال : انما أنت مشيع ، فامش ان شئت امامها ، و ان شئت خلفها ، و ان شئت عن يمينها و ان شئت عن يسارها و من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قلت لعطاء : المشي وراء الجنازة خير أم أمامها ؟ قال لا أدري ، قال أبو محمد .
قال مالك : المشي أمام افضل ، و احتج أصحابه بفعل ابى بكر ، و عمر ، و على قد أخبر عنهما بغير ذلك فجعلوا ظن مالك أصدق من خبر على 606 - مسألة - و من بلع درهما أو دينارا أو لؤلؤة شق بطنه عنها ، لصحة نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن إضاعة المال .
و لا يجوز أن يجبر صاحب المال عن أخذ عين ماله ، ما دام عين ماله ممكنا ، لان كل ذي حق أولى بحقه ، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن دماءكم و أموالكم عليكم حرام ) .
فلو بلعه و هو حى حبس حتى يرميه ، فان رماه ناقصا ضمن ما نقص ، فان لم يرمه ضمن ما بلع ، و لا يجوز شق بطن الحى لان فيه قتله ، و لا ضرر في ذلك على الميت .
و لا يحل شق بطن الميت بلا معنى ، لانه تعدى ، و قد قال تعالى : ( و لا تعتدوا ) فان قيل : قد صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كسر عظم الميت ككسره حيا ) قلنا : نعم ، و لم نكسر له عظما ، و القياس باطل ، و من المحال أن يريد رسول الله صلى الله عليه و سلم النهى عن كسر العظم ( 1 ) ، فلا يذكر ذلك و يذكر كسر العظم ، و لو أن امرءا شهد على من شق بطن آخر بأنه كسر عظمه لكان شاهد زور ، و هم أول مخالف لهذا الاحتجاج و لهذا القياس ، فلا يرون القود و لا الارش على كاسر عظم الميت ، بخلاف قولهم في عظم الحى ( 2 ) و بالله تعالى التوفيق 607 - مسألة - و لو ماتت إمرأة حامل و الولد حى يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فانه يشق بطنها طولا و يخرج الولد ، لقول الله تعالى : ( و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) .
و من تركه عمدا حتى يموت فهو قاتل نفس ، و لا معنى لقول أحمد رحمه الله : تدخل
1 - في النسخة رقم ( 14 ) ( عن كسر العظم ) ( 2 ) النهى عن كسر عظم الميت انما هو نص بإشارته على النهى عن إيذائه ، و ان ذلك كايذاء الحى وشق البطن للضرورة جائز كما لو كانت ضرورة لكسر العظم