فبضرورة الحس و المشاهدة ندرى يقينا أنه عليه الصلاة و السلام انما عني بذلك من استهل منهم و بقى حكم من لم يستهل فنقول لهم : أخبرونا أ يوجد مولود يخرج حيا و لا يستهل أم لا يوجد أصلا ؟ فان قالوا : لا يوجد أصلا كابروا العيان و أنكروا المشاهدة فهذا موجود كثير لا يستهل الا بعد أزيد من ساعة زمانية و ربما لم يستهل حتى يموت ثم نقول لهم : فاذ لا يوجد هذا أبدا فكلامكم و كلامنا فيها عناء و بمنزلة من تكلم فيمن يولد من الفم و نحو ذلك من المحال ، فان قالوا : بل قد يوجد هذا قلنا لهم : فأخبرونا الآن أ تقولون انه ليس مولودا فهذه حماقة و مكابرة للعيان أم تقولون : ان الشيطان لم ينخسه فتكذبوا رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ و هذا كما ترون أم تقولون : انه نخسه فلم يستهل ؟ فهذا قولنا و رجعتم إلى الحق من أنه عليه الصلاة و السلام ذكر في هذا الخبر من يستهل دون من لا يستهل و لا بد من أحد هذه الثلاث الا أنه بكل حال ليس في هذا الخبر شيء من حكم المواريث فبطل احتجاجهم به ، و هكذا القول في الخبر الآخر سواء سواء و أما حديث ابن قسيط عن أبى هريرة فليس فيه الا أنه إذا استهل ورث و هكذا نقول و ليس فيه انه إذا لم يستهل لم يرث فاقحامه فيه كذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبطل تعلقهم به و أيضا فان لفظة الاستهلال في اللغة هو الظهور تقول ( 1 ) : استهل الهلال بمعنى ظهر فيكون معناه إذا ظهر المولود ورث و هو قولنا و أما خبر ابى الزبير عن جابر فلم يقل أبو الزبير إنه سمعه فهو مدلس ، و فى حديث الاوزاعى بقية ( 2 ) و هو ضعيف . و حديثا عبد الملك بن حبيب مرسلان .
و عبد الملك هالك فسقط تعلقهم بهذه الآثار ، و أما قولهم : انه قول ستة من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف فكم قصة مثل هذه قد خالفوا فيها طوائف من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف كالقصاص من اللطمة و امامة الجالس و غير ذلك كثير جدا ، و لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أيضا فالآثار المذكورة عن الصحابة انما فيها أنه إذا استهل ورث و لم نخالفهم في ذلك ، و ليس فيها إذا لم يستهل لم يورث فلا حجة لهم فيها ثم نسألهم عن مولود ولد فلم يستهل الا أنه تحرك و رضع و طرف بعينه ثم قتله قاتل عمدا أ يجب فيه قصاص أو دية أم ليس فيه الا غرة ؟ فان قالوا : فيه القود أو الدية نقضوا قولهم و أوجبوا أنه ولد حى فلم منعوه الميراث ؟ و ان قالوا : ليس فيه الا غرة تركوا قولهم و بالله تعالى التوفيق 1747 مسألة و إذا قسم الميراث فحضر قرابة للميت أو للورثة أو يتامى أو مساكين ففرض على الورثة البالغين و على وصى الصغار و على وكيل الغائب ان يعطوا
1 - في النسخة رقم 14 ( يقال ) ( 2 ) في النسخة رقم 14 تعبة و هو غلط