لعبد وارثه و لا يعتق عبد الموصى بذلك و لوارث الموصى أن ينتزع من عبده نفسه ما أوصى له به فلو أوصى لعبده برقبته فالوصية باطل و لا يعتق العبد بذلك و لا شيء له ، فلو أوصى لعبده بثلث ماله أعطى ثلث سائر ما يبقى من مال الموصى بعد إخراج العبد عن ماله و لا يعتق بذلك ، و قد اختلف الناس في هذا فقال الحسن . و ابن سيرين . و أبو حنيفة . و مالك .
و الشافعي : من أوصى لعبده بثلث ماله أعتق العبد من الثلث فان فضل من الثلث شيء أعطيه أيضا و كذلك ان أوصى له بجزء مشاع في ماله اقل من الثلث فيعتق و يعطى ما فضل من ذلك الجزء ، ثم اختلفوا ان لم يحمله الثلث فقال الحسن . و ابن سيرين .
و أبو حنيفة : يعتق منه ما حمل الثلث ثم يعتق باقيه و يستسعى في قيمة ما فضل منه عن الثلث ، و قال مالك . و الشافعي : يعتق منه ما يحمل الثلث و يبقى سائره رقيقا و كذلك أيضا عند من ذكرنا ان أوصى له برقبته أو بنفسه فلو أوصى له بشيء معين من ماله أو بمكيل أو موزون أو معدود فان أبا حنيفة و سفيان الثورى . و إسحاق بن راهويه قالوا : الوصية باطل و يشبه أن يكون هذا قول الشافعي ، و قال مالك : الوصية نافذة و ليس للوارث ان ينتزع ذلك ، و قال الاوزاعى : الوصية للعبد باطلة بكل حال ، و قال أبو ثور .
و أبو سليمان كما قلنا .
قال أبو محمد : اما من جوز الوصية للمملوك برقبته فباطل و كذلك من اجاز أن يوهب للمملوك نفسه أو رقبته أو يتصدق عليه بها أو أن يملكها و أوجب له العتق بذلك .
برهان ذلك انه لم يأت نص قرآن و لا سنة قط بأن المرء يملك رق نفسه فاذ لم يأت بذلك قرآن و لا سنة و هو ( 1 ) في العقل ممنوع لان الملك يقتضى مالكا و مملوكا و قد جاءت النصوص بإباحة فرج المملوكة و بحسن الوصاة بما ملكنا فصح ان المملوك الملك بيقين ، و أيضا فلو أن المملوك جاز أن يملك نفسه لكان حينئذ لا بد ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما اما أن يعتق بملكه له نفسه ( 2 ) و اما أن لا يعتق بذلك ، فان قالوا : يعتق و لا بد قلنا : و من أين قلتم هذا و نص في ذلك ، فان قالوا : قياسا على من يعتق عليه من ذوى رحمه فو أولى بذلك قلنا : القياس كله باطل ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل لانه لا خلاف في افتراق حكم المرء في نفسه و حكمه في ذوى رحمه و انه يجوز له في نفسه ما لا يجوز له في ذوى رحمه فللمرء أن يؤاجر نفسه للخدمة و ليس له أن يؤاجر ذا رحمه للخدمة فبطل هذا القياس الفاسد على كل حال ، ثم لوجب عتقه بذلك لكان بلا شك اذ ملك رق نفسه فقد سقط ملك سيده عنه جملة و صار العبد هو
1 - في النسخة رقم 16 هو باصقاط الواو ( 2 ) في النسخة رقم 14 بملكه لنفسه .