بينتي اتيت بها فانه يجاب إلى ذلك و يحلف له المطلوب ثم يقضى له بينته إذا أحضرها و قد روى نحو هذا عن شريح ، و قال بقولنا ابن أبى ليلي . و أبو عبيد . و أبو سليمان .
و جميع أصحابنا قال أبو محمد : لا متعلق لابى حنيفة . و مالك ، و الشافعي ، و أحمد .
بشريح لانهم قد خالفوه في تحليفه مقيم البينة مع بينته ، و من الباطل أن يكون قول شريح حجة في موضع و غير حجة في آخر ، و اما قول مالك : فما نعلم أحدا قاله قبله في التفريق بين علم الطالب بأن له بينة و بين جهله بذلك و هو قول لم يأت به قرآن . و لا سنة . و لا قول متقدم و لا قياس ، فان قالوا : إذا علم ان له بينة ثم أحلفه فقد أسقط بينته فقلنا : ما فعل و لا أخبر انه أسقطها ، و كذلك أيضا إذا لم يعلم بان له بينة فأحلف خصمه فقد أسقط بينته ايضا و لا فرق ، و أما قول ابى حنيفة . و الشافعي . و مالك : و أحمد .
في قضائهم بالبينة بعد يمين المنكر فان قولهم : البينة العادلة خير من ( 1 ) اليمين الفاجرة فقول صحيح لو أيقنا ان البينة عادلة عند الله عز و جل و ان يمين الحالف فاجرة بلا شك و أما إذا لم يوقن أن البينة صادقة و لا ان اليمين فاجرة فليست الشهادة أولى من اليمين اذ الصدق في كليهما ممكن و الكذب في كليهما ممكن الا بنص قرآن أو سنة تأمرنا بإنفاذ البينة و ان حلف المنكر [ لا يعتد به ] ( 2 ) و لا يوجد في ذلك نص أصلا فسقط هذا القول بيقين ، بل وجدنا النص بمثل قولنا و الحمد لله رب العالمين كما روينا من طريق مسلم بن الحجاج نا زهير بن حرب . و اسحق بن إبراهيم هو ابن راهويه جميعا عن أبى الوليد الطيالسي نا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن علقمة بن وائل بن حجر قال : ( كنت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاه رجلان يختصمان في أرض فذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للطالب : بينتك قال : ليس لي بينة قال : يمينه قال : إذا يذهب بها يعنى بمالي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليس لك الا ذلك ) فنص عليه الصلاة و السلام على انه ليس للطالب الا بينته أو يمين المطلوب فصح يقينا أنه ليس الا أحدهما لا كلاهما و بطل أن يكون له كلا الامرين بيقين ، فان قيل : فانكم تحكمون للطالب بعد يمين المطلوب بالتواتر و بعلم الحاكم و باقراره قلنا : نعم و كل هذا ليس ببينة لكنه بيقين الحق و يقين الحق فرض إنفاذه و ليست شهادة العدول كذلك بل يمكن أن يكونوا كاذبين أو مغفلين و لو لا النص بقبولهم و باليمين ما حكمنا بشيء من ذلك بخلاف يقين العلم و بالله تعالى التوفيق 1783 مسألة فان لم يكن للطالب بينة و أبى المطلوب من اليمين أجبر عليها
1 - في النسخة رقم 14 ( أولى ) ( 2 ) الزيادة من النسخة رقم 16