شرح المحلی

ابن حزم الاندلسی

جلد 11 -صفحه : 432/ 123
نمايش فراداده

إلى الكفر صراحا أحدهما جهم بن صفوان السمرقندي و من قلده و أتم به فانهم قالوا الايمان هو التصديق بالفلب فقط و ان اعلن الكفر و جحد النبوة و صرح بالتثليث و عبد الصليب في دار الاسلام دون تقية ، و الآخر محمد بن كرام السجستاني و من اتبعه و اقتدى به فانهم قالوا الايمان التصديق باللسان فقط و ان اعتقد الكفر بقلبه ، فلزم الطائفة الاولى ان إبليس مؤمن ، و أن اليهود و النصارى الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه و سلم مؤمنون أوليآء الله تعالى من أهل الجنة لان كل هؤلاء عرفوا الله تعالى بقلوبهم و عرفوا صحة نبوة رسوله صلى الله عليه و آله بقلوبهم وجدوه مكتوبا عندهم في التوراة و الانجيل أو أن يكذب الله تعالى في أخباره بصحة علم إبليس بالله تعالى و بنبوة الانبياء عليهم السلام ، و لزم الطائفة الثانية ان المنافقين الذين شهد الله تعالى بأنهم من أهل النار مؤمنون أوليآء الله تعالى من أهل الجنة و هذا كفر مجرد ، وكلا القولين خرق للاجماع و مخالفة لاهل الاسلام قال أبو محمد رحمه الله : فيلزم من قال : ان الايمان المزايل للزاني في حين زناه ، و للقاتل في حين قتله ، و للسارق في حين سرقته ، و للغال في حين غلوله ، و للشارب في حين شربه ، و للمنتهب في حال نهبته ، انه التصديق ان يقول : القاتل و الزاني و الغال و المنتهب و الشارب قد بطل تصديقهم ، و من بطل تصديقه فهو كافر فيلزمه أن لا يؤخذ من أحد من هؤلاء زكاة و لا يترك يصلي في مسجد مع المسلمين و لا أن يدخل الحرم و لا أن يبتدئ نكاح مسلمة و ان مات له قريب في تلك الحال أن لا يرثه ، و هذا خلاف لاجماع الصحابة و من يعتد به بعدهم و هم لا يقولون هذا يعني من لم يكن منهم قال أبو محمد رحمه الله : فاذ لم يرد رسول الله صلى الله عليه و آله بقوله المذكور في هذا الحديث ان الزاني كافر و لا ان القاتل كافر و لا ان المنتهب كافر و لا ان الغال كافر ، و لا ان الشارب كافر ، و لا ان السارق كافر ، و صح أنهم لو كانوا كفارا للزمهم ما يلزم المرتد عن دينه من القتل و فراق الزوجة و استيفاء المال فبيقين ندري أنه عليه السلام لم يعن بذهاب الايمان المذكور ذهاب تصديقه ، و أيضا فبضرورة الحس يدرى من واقع شيئا من الذنوب المذكورة من المسلمين من نفسه أن تصديقه لم يزل و انه كما كان و كل قول تكذبه الضرورة فهو قول متيقن السقوط فقد صح ما قلنا ان الايمان المزايل له في حال هذه الافاعيل إنما هو الايمان الذي هو الطاعة لله تعالى فقط ، و هذا أمر مشاهد باليقين لان الزنا و القتل و الغلول و النهبة و شرب الخمر ليس شيء منها طاعة لله تعالى فليست إيمانا فاذ ليس شيء منها إيمانا ففاعلها ليس مؤمنا بمعنى ليس مطيعا إذ لم