نقول قال ( و يكره أن يؤذن في مسجدين و يصلى في أحدهما لانه بعد ما صلى يكون متنفلا بالاذان في المسجد الثاني و التنفل بالاذان مشروع و لان الاذان مختص بالمكتوبات فانما يؤذن و يقيم من يصلى المكتوبة على أثرهما و هو في المسجد الثاني يصلى النافلة على أثرهما قال ( و يكره للامام و المؤذن طلب الاجر على ذلك من القوم ) لانهما يعملان لانفسهما فكيف يشترطان الاجر على غيرهما ثم هما خليفتان للرسول في الدعاء و الامامة و قال الله تعالى قل لا أسالكم عليه أجرا الا المودة في القربى فمن يكون خليفته ينبغي أن يكون مثله و قال عثمان بن أبى العاص الثقفى رضى الله تعالى عنه آخر ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن صل بالناس صلاة أضعفهم و إذا اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الاذان أجرا و قال رجل لعمر رضى الله تعالى عنه اني أحبك في الله فقال انى أبغضك في الله قال و لم قال لانه بلغني أنك تأخذ على الاذان أجرا فان عرف القوم حاجته فواسوه بشيء فما أحسن ذلك بعد أن لا يكون عن شرط لانه فرغ نفسه لحفظ المواقيت و اعلامه لهم فربما لا يتفرغ للكسب فينبغي لهم أن يهدوا اليه بهدية فقد كان الانبياء و الرسل صلوات الله و سلامه عليهم يقبلون الهدية و على هذا قالوا الفقية الذي يفتى في بلدة أو قرية لا يحل له أن يأخذ على الفتيا شيئا عن شرط فان عرفوا حاجته فأهدوا اليه فهو حسن لانه محسن إليهم في تفريغ نفسه عن الكسب و حراسة أمر دينهم فينبغي أن يقابلوا إحسانه بالاحسان اليه قال ( و الذى يواظب على الصلوات كلها أولى بالاذن من غيره ) لان صوته يصير معهودا للقوم فلا يقع الاشتباه و ان أذن السوقي في صلاة الليل و أذن في صلاة النهار غيره فذلك جائز ايضا لان السوقي محتاج إلى الكسب فيلحقه الحرج بالرجوع إلى المحلة في وقت كل صلاة قال ( و إذا أذن السكران أو المجنون فأحب إلى أن يعيدوا ) لان معنى التعظيم لا يحصل بأذانهما و عامة كلام السكران و المجنون هذيان فلا يحصل به الاعلام فربما يشتبه على الناس فالأَولى اعادة أذانهم قال ( و لا يجوز لاهل المسجد أن يقتسموا المسجد و ينصبوا وسطه حائطا ) لان بقعة المسجد تحررت عن حقوق العبد فصار خالصا لله تعالى و القسمة من التصرفات في الملك فلا يشتغل بها في المسجد كالزراعة و غيرها فان فعلوا ذلك فليصل كل فريق منهم بإمام و مؤذن على حدة ما لم ينتقضوا القسمة لانهما في حكم مسجدين متجاورين فينبغي أن يكون لكل واحد منهما امام و مؤذن على حدة و الله أعلم