مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 2 -صفحه : 217/ 109
نمايش فراداده

الخراساني بالقصر قد انتقض بمثله و هو وطنه ببغداد و ان لم يكونا نويا الاقامة بالقصر و لا ببغداد فإذا خرجا من بغداد إلى الكوفة صليا ركعتين لان وطنهما بالقصر كان وطن السكنى و قد انتقض بالخروج منه .

و لو أن كوفيا باع داره و خرج مع عياله يريد أن يوطن مكة فلما انتهى إلى الثعلبية بدا له أن يوطن خراسان فمر بالكوفة صلى أربعا لان الوطن الاصلى لا ينقضه الا وطن أصلي مثله و لم يظهر له وطن أصلي في موضع آخر فكانت الكوفة وطنا له فيصلى بها أربعا فان كان أتى مكة و دخلها على عزيمته ثم بدا له أن يرجع إلى خراسان فمر بالكوفة صلى ركعتين لانه لما دخل مكة بأهله و ثقله على قصد التوطن بها صار ذلك وطنا أصليا له و انتقض وطنه بالكوفة ألا ترى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان متوطنا بمكة فلما توطن بالمدينة انتقض وطنه بمكة حتى لما دخلها قال أتموا يا أهل مكة صلاتكم فانا قوم سفر فان بدا له أن يرجع إلى اليمن و يمر بمكة صلى أربعا لانها صارت وطنا أصليا له و لم يتخذ بعدها وطنا آخر .

و لو أن كوفيا قدم مكة في عيد الاضحى يريد الحج و يريد أن يقيم بمكة سنة فانه يصلى ركعتين حتى يخرج من منى لانه على عزم الخروج منها إلى منى و عرفات فلا يصير مقيما بهذا الدخول حتى يرجع من منى الا أن يكون حين أتاها كان بينه و بين يوم التروية خمسة عشر يوما أو أكثر فحينئذ يصير مقيما ثم بالخروج إلى منى و عرفات لا يصير مسافرا و ان بدا له قبل أن يرجع إلى منى أن ينصرف إلى الكوفة بعد ما قضى حجه صلى ركعتين بمكة في المسألة الاولى لانه بعد الرجوع من منى ما دخلها على عزم الاقامة فلا يصير مقيما و ان كان انما بدا له هذا بعد ما رجع من منى صلى أربعا حتى يخرج من مكة يريد سفرا لانه صار مقيما بها حين دخلها على عزم الاقامة .

و لو أن خراسانيا أوطن الكوفة و الحيرة عشرين يوما صلى ركعتين لانه نوى الاقامة في الموضعين و انما تعتبر نية الاقامة في موضع واحد الا أن يكون نوى أن يكون بالليل بالحيرة و بالنهار بالكوفة فحينئذ يصير مقيما إذا انتهى إلى الحيرة لان موضع اقامة المرء حيث يبيت فيه ألا ترى انك تسأل السوقي أين يقيم فيقول في محلة كذا و يشير إلى مبيته و ان كان هو بالنهار يكون في السوق .

و لو أن كوفيا خرج حاجا ثم رجع إلى الحيرة فنوى بها الاقامة صلى أربعا فان بدا له أن يخرج إلى مكة فلما انتهى إلى النجف و هو على رأس فرسخين بدا له أن يرجع إلى الكوفة فانه يصلى ركعتين ما لم يدخل الكوفة لان الحيرة كانت وطن السكنى