فيه لان أصل المدعى لم يكن ما لا فهو كما لو صالح عن القصاص على البيت و إذا ادعى على رجل ما لا فصالحه على أن يضع جذوعه على حائطه أو يكون له موضعها أبدا و سنين معلومة ففي القياس هذا جائز لان ما وقع عليه الصلح معلوم عينا كان أو منفعة و لكن ترك هذا القياس فقال الصلح باطل و لا شفعة للشفيع فيها لان المصالح عليه ليس برقبة الحائط و لا منفعة معلومة فالضرر على الحائط يختلف باختلاف الجذوع في الغلظ و الدقة في مدة المنفعة لا تستحق بالاجارة فان استئجار الحائط مدة معلومة أو أبدا لوضع الجذوع عليه لا يجوز فكذلك إذا وقع الصلح عليه أ رأيت لو صالحه على أن يضع عليها هوادى أو على أن يضع جذعا له في حائط أ كان يكون فيه الشفعة لا شفعة في شيء ء من ذلك و كذلك لو صالحه على أن يصرف مسيل مائه إلى دار لم يكن الجار أن يأخذ مسيل مائه بالشفعة لانه ما ملكه بالصلح شيئا من العين و انما أثبت له حق مسيل الماء في ملكه و ذلك لا يستحق بعقد مقصود و لهذا لا يجوز استئجاره فلا يكون للشفيع فيها الشفعة و في الكتاب أشار إلى حرف آخر قال ألا تري أن المسيل لا يحول عن حاله و لو أخذها الشفيع بالشفعة لم يستفد به شيئا لانه لا يستطيع أن يسيل فيه ما أراده فانه لا يسيل فيه الا من حيث وجب أول مرة و قد كان ينبغى في القياس أن يأخذه بالشفعة و لكنا نقول تركنا القياس و أبطلنا الصلح و الشفعة لما قلنا و لو صالحه على طريق محدود معروف في دار كان للجار الملاصق أن يأخذ ذلك بالشفعة و ليس الطريق فيها كمسيل الماء لان عين الطريق تملك فيكون شريكا بالطريق و لا يكون شريكا بوضع الجذع في الحائط و الهوادى و مسيل الماء و القياس في الكل سواء و على معنى الاستحسان قد أوضحنا الفرق بينهما و إذا ادعى الرجل على الرجل ألف درهم فصالحه منها على دار بعد الاقرار أو الانكار فسلم الشفيع الشفعة ثم تصادقا على انه لم يكن عليه شيء فرد الدار عليه بحكم أو بغير حكم فلا شفعة فيها لان ما وجب له من الشفعة بالصلح قد أبطله بالتسليم و الرد بهذا التصادق ليس بعقد فلا تتجدد به الشفعة كما لو تصادقا على أن البيع كان تلجئة بينهما أو رهنا بمال و قد سلم الشفيع الشفعة و ان لم يكن الشفيع سلم الشفعة فله أن يأخذها و لا يصدقان على إبطال حقه إلا على قول زفر و هو رواية عن أبى يوسف و أصله فيما لو تصادقا فان البيع كان تلجئة أو بخيار البائع ففسخ البيع وجه قول زفر أنهما ينكران وجب الشفعة للشفيع و انما يستحق الشفيع الشفعة عليهما فإذا أنكراه كان القول في ذلك قولهما كما لو أنكر البيع
و وجه ظاهر الرواية ان السبب الموجب للشفعة قد ظهر و ثبت حق الشفيع باعتبار الظاهر على وجه لا يملكان ابطاله فتصادقا عما يكون معتبرا في حقهما و لا يكون معتبرا في إبطال حق الشفيع و لو كان باعه بالمال المدعي دارا ثم تصادقا على أنه لم يكن له عليه شيء لم يرد الدار على البائع و لكن المشتري يضمن له الثمن لان البيع لا يتعلق بالدين المضاف اليه بل بمثله دينا في الذمة بخلاف الصلح الا انه كان بيع المقاصة به فإذا تصادقا على أن لادين لم تقع المقاصة فبقى الثمن للبائع على المشترى و الشفيع على شفعته ان لم يكن سلمها و هذا ظاهر لان البيع لم يبطل بهذا التصادق هنا و في الاول بطل الصلح في حقهما ثم كان الشفيع هناك على شفعته فهنا أولى و الله أعلم ( باب الشفعة اللقيط ) ( قال رحمه الله و ليس للملتقط أن يطالب بشفعة واجبة للقيط ) لان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء و ليس له عليه ولاية الشراء إلا أن يكون القاضي جعله قيما له في البيع و الشراء فيكون بمنزلة الوصي حينئذ في طلب الشفعة لوكيل اليتيم و تسليمه و ان اشترى الملتقط للقيط دارا بماله فللشفيع فيها الشفعة لان شراء الملتقط صحيح لنفسه و هو ضامن لما أدى فيه من مال الملتقط فان أدرك اللقيط فلا سبيل له على الدار الا أن يكون شفيعها بدار أخرى له فيأخذها بالشفعة حينئذ فان كان الملتقط اشترى الدار بعين من أعيان مال اللقيط فلا شفعة للشفيع فيها لفساد شرائه و الاشهاد على الملتقط في الحائط المائل للقيط باطل لانه متمكن من الهدم و ان أشهد على اللقيط بعد ما أدرك فلم يهدمه حتى سقط و أصاب إنسانا فان ذلك على بيت المال لان عاقلته بيت المال كما في جنايته بيده و ان لم يسقط حتى أخذ الشفيع منه الدار بالشفعة ثم سقط فلا ضمان على أحد لان تمكنه من الهدم قد زال و لم يوجد الاشهاد على الشفيع و ان أخذ الشفيع نصف الدار بان كان اللقيط معه شفيعا في هذه الدار فحكم الاشهاد يبطل في النصف دون النصف اعتبارا للجزء بالكل و الله أعلم ( باب الشفعة في البناء و غيره ) قال ( رحمه الله و إذا اشترى الرجل دارا بألف درهم ثم اختلف الشفيع و المشترى فقال المشترى أحدثت فيها هذا البناء و كذبه الشفيع فالقول قول المشترى ) لانكاره الشراء في البناء
و لو أنكر الشراء في أصل الدار كان القول قوله فكذلك في البناء و ان أقاما البينة فالبينة بينة الشفيع لانه ثبت حقه في البناء بسبب ثبوت حقه فيها و هو الشراء و لان الشفيع يثبت اقرار المشترى بانه اشترى البناء و ذلك إكذاب منه لشهوده و على هذا اختلافهما في شجر الارض و لكن انما يقبل قول المشترى إذا كان محتملا حتى إذا قال أحدثت فيها هذه الاشجار أمس لم يصدق على ذلك لان كل أحد يعلم أنه كاذب فيما يقول و كذلك فيما أشبهه من البناء و غيره و ان قال اشتريتها منذ عشر سنين و أحدثت فيها هذا فالقول قوله لان خبره محتمل و هو منكر لثبوت حق الشفيع فيما زعم أنه أحدثه و لا قول للبائع في شيء من ذلك لانه بالتسليم خرج من الوسط و التحق بأجنبي آخر و ان قال المشترى اشتريت البناء بخمسمائة ثم اشتريت الارض بعد ذلك بخمسمائة أو قال الشفيع اشتريتها معا ففي القياس القول للمشتري اشتريت البناء بخمسمائة ثم اشتريت الارض بعد ذلك بخمسمائة أو قال اشتريت الارض بغير بناء بخمسمائة ثم اشتريت البناء بعد ذلك فلا شفعة لك في البناء و قال الشفيع اشتريتهما معا ففى القياس القول قول المشترى لانه ينكر ثبوت حق الشفيع في البناء ألا ترى أنه لو قال وهب لي البناء و اشتريت الارض كان القول في ذلك قوله فكذلك هنا و لكنه استحسن فقال القول قول الشفيع هنا لان المشترى أقربا لسبب المثبت لحق الشفيع في الارض و البناء و هو الشراء ثم ادعى تفريق الصفقة ليسقط به حقه في البناء و ذلك حادث يدعيه فلا يقبل قوله في ذلك و لكن القول قول الشفيع لانكاره و لا قول للبائع في شيء من ذلك فاما في الهبة هو لم يقر بالسبب المثبت لحق الشفيع في السائل الشفيع يدعى ذلك و هو منكر فالقول قوله و يأخذ الشفيع الارض بغير بناء و ان قال البائع لم أهب لك البناء فالقول قوله مع يمينه و يأخذ بناءه و ان قال قد وهبته لك كانت الهبة جائزة و كذلك لو قال اشتريت النصف ثم النصف و قال الجار اشتريت الكل بعقد واحد فالقول قول الشفيع استحسانا لما قلنا فان أقاما جميعا البينة فعلى قول أبى يوسف البينة بينة المشتري لانه هو المحتاج إليها لاثبات تفريق الصفقة و إثبات شيء بخلاف الظاهر و عند محمد البينة بينة الشفيع لانه يثبت استحقاق جميع الدار و لأَنا نجعل كأن الامرين كانا اذ لا تنافي بينهما و لو اشترى النصف ثم النصف ثم اشترى الكل أو على عكس ذلك كان للشفيع أن يأخذ الكل بالشفعة فكذلك هنا و ان ادعى المشترى أنه اشترى جميع ذلك معا و ادعى الشفيع أنه اشتراه متفرقا فالقول قول المشتري لانكاره تفريق الصفقة و إنكاره
ما دعى الشفيع من ثبوت حق الاخذ له في النصف دون النصف فان قال المشترى وهب لي هذا البيت بطريقه إلى باب لدار و باعنى ما بقي من الدار بألف درهم و قال الشفيع بل اشتريت الدار كلها بألف درهم فالقول قول المشتري في البيت لانكاره سبب ثبوت حق الشفيع فيه و يأخذ الشفيع الدار كلها البيت و طريقها ان شاء لان المشترى أقر بوجود السبب الموجب لحق الشفيع فيما سوى البيت و ادعى لنفسه حق التقدم عليه بالشركة في الطريق فلا يثبت ما ادعاه بغير حجة فلهذا كان للشفيع أن يأخذ ما سوي البيت و ان جحد البائع هبة البيت فالقول قوله مع يمينه و ان أقربها فالبيت للموهوب له و لكن لا يصدقان على إبطال شفعة الشفيع في سائر الدار لان شركته في الطريق سابقا على الشراء لا يظهر بقولهما حق الشفيع الا أن تقوم البينة على الهبة قبل الشراء فحينئذ الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم فيصير هو أولى بالدار من الجار و لو ادعى الشفيع أن المشترى هدم طائفة من بناء الدار و كذبه المشترى فالقول قول المشترى لان الشفيع يدعي سببا مسقطا لبعض الثمن عنه بعد أخذه الدار و المشترى منكر لذلك و البينة بينة الشفيع لانه يثبت ببينته سقوط بعض الثمن عنه رجل أقام البينة أنه اشترى هذه الدار من فلان بألف درهم و أقام آخر البينة أنه اشترى منه هذا البيت بطريقه بمائة درهم منذ شهر قضيت بالبيت لصاحب الشهر لان الشراء حادث و انما يحال بشرائه بحدوثه على أقرب الاوقات ما لم يصرح الشهود بسبق التاريخ و قد صرح به شهود صاحب البيت فيقضى له بالبيت لتقدم عقده فيه ثم له الشفعة فيما بقي من الدار لان شركته في الطريق تثبت قبل ثبوت شراء الآخر فيما بقي من الدار فهو مقدم على الجار و لو لم يوقت شهود صاحب البيت قضيت بالبيت بينهما نصفين لاستواء الدعوي و الحجة منهما في البيت و قضيت ببقية الدار للذي أقام البينة على أنه اشترى كلها لانه أثبت شراءه بالبينة و لا مزاحم له في بقية الدار و لا شفعة لواحد منهما قبل صاحبه لانه لم يثبت سبق شراء أحدهما وكلا الامرين ظهرا و لا يعرف تاريخ بينهما فيجعل كأنهما وقعا معا و لو كانت الداران متلازقتين فأقام رجل البينة أنه اشترى أحدهما منذ شهر بألف درهم و أقام آخر البينة انه اشترى الآخر منذ شهرين قضيت له بشراء هذه الدار منذ شهرين فمن وقت شهوده جعلت له الشفعة في الدار الاخرى لانه يثبت جواره سابقا على بيع الدار الاخرى و لو لم يوقتا قضيت لكل واحد منهما بداره و لم أقض بالشفعة له لانه لما لم يثبت تاريخ في الشرائين يجعل كانهما وقعا معا و كذلك لو كان أحدهما قبض الدار و لم يقبض
الا آخر لان القبض يصلح حجة لدفع الاستحقاق إذا زاحمه غيره فيما هو في يده و لا يكون حجة لاثبات الاستحقاق في الدار الاخرى و لو وقت أحدهما و لم يوقت الآخر قضيت لصاحب الوقت بالشفعة لان شراء الآخر حادث فانما يحال بحدوثه إلى أقرب الاوقات و كذلك لو ادعى هبة مقبوضة موقتة فالهبة مع القبض في افادة الملك كالشراء و إذا كان درب نافذ و فيه دور لقوم فباع رجل من أرباب تلك الدور بيتا شارعا في السكة العظمى و لا طريق له في الدار فلا صحاب الدرب أن يأخذوا البيت بالشفعة لشركتهم في الطريق فان سلموها ثم باع المشتري البيت بعد ذلك فلا شفعة لاهل الدرب فيه لانه لا طريق للبيت في الدرب فبالبيع الاول قد انقطعت شركة الطريق لصاحب البيت مع أصحاب الدرب و انما الشفعة في البيت للجار الملاصق و كذلك لو باع قعطة من الدار بغير طريق لها فلهم الشفعة لقيام شركتهم في الطريق وقت البيع فان سلموها ثم باع المشترى فلا شفعة فيها الا لمن يجاورها لانقطاع الشركة في الطريق عند البيع الثاني و إذا كان الدرب نافذ و في أقصاه مسجد خطبة و باب المسجد في الدرب و ظهر المسجد و جانبه الآخر إلى الطريق الاعظم فباع رجل من أهل الدرب داره فلا شفعة لاهل الدرب فيها الا لمن يجاورها بالجوار لان المسجد بمنزلة الطريق النافذ ألا تري ان موضع المسجد ليس بمملوك لاهل الدرب و ان أهل الطريق الاعظم لو أرادوا أن يكون لهذا المسجد باب إلى الطريق الاعظم ليدخلوه للصلاة كان لهم ذلك إذا لم يضر ذلك بأهل الدرب و لهم أن يدخلوا في ذلك الدرب ليصلوا في المسجد ثم يخرجوا من جانب الطريق الاعظم فعرفنا أنه بمنزلة الطريق الاعظم النافذ فلا تستحق الشفعة إلا بالجوار و على هذا حكم السكك التي في أقصاها الوادي المجتاز و لو كان حول المسجد دور يحول بينه و بين الطريق الاعظم كان لاهل الدرب الشفعة بالشركة لان المسجد الآن ليس بطريق نافذ ألا ترى أنه لو رفع بناء المسجد لم يصر الطريق نافذا بخلاف الاول فانه لو رفع بناء المسجد صار الدرب طريقا نافذا إلى الطريق الاعظم و في الموضعين جميعا يجعل المسجد بمنزلة فناء و لو كان في أقصى الدرب باب نافذ إلى السكة العظمى كان ذلك طريقا نافذا و ان كان الفناء إلى دور قوم لم تكن سكة نافذة و لو كان موضع المسجد دارا فيها طريق إلى الدرب يخرج من باب آخر منها إلى الطريق الاعظم فان كان طريقا للناس ليس لاهل الدرب أن يمنعوه فلا شفعة لاهل الدرب الا بالجواز و ان كان طريقا لاهل الدار خاصة فأهل الدار شفعاء بالشركة
في الطريق لان الطريق الذي لهم خاصة ملك لهم و ان أرادوا سده لم يكن لاحد أن يمنعهم من ذلك و في الاول الطريق للعامة و لو أراد أهل الدرب سده منعوا من ذلك فلهذا لا يستحقون الشفعة بالشركة في الطريق و ان كان درب نافذ ليس فيه مسجد فاشترى أهل الدرب من رجل من أهله دارا و ظهرها إلى الطريق الاعظم فاتخذوها مسجدا و جعلوا بابه في الدرب و لم يجعلوا له إلى الطريق الاعظم بابا أو جعلوا ثم باع رجل من أهل الدرب داره فلا هل الدرب الشفعة بالشركة في الطريق لان قبل بناء المسجد كان الطريق مملوكا لهم و كانت شركتهم فيها شركة خاصة فباتخاذ المسجد لا ينتقض حقهم و شركتهم في الطريق بخلاف مسجد الخطبة فذلك الموضع لم يكن مملوكا لهم قط بل كان ذلك مصلى لجماعة المسلمين فيمنع ذلك ثبوت الشركة الخاصة لهم في الدرب و هذا لان صاحب هذا الموضع قبل بناء المسجد كان شريكا في الطريق شركة خاصة فبناء المسجد لا يغير ما كان من الحق في الطريق لهذا الموضع بخلاف مسجد الخطبة و إذا اشترى دارا هو شفيعها و لها شفيع آخر غائب ثم ان المشترى تصدق ببيت منها و طريقه على رجل و سلمه اليه ثم باعه ما بقي ثم قدم الشفيع الغائب فطلب الشفعة فانه تنتقض الصدقة و البيع الاخر و يأخذ نصف جميع الدار بالبيع الاول لان حق الشفيع مقدم على حق المشترى فباعتبار حقه يتمكن من نقض تصرف المشترى و حقه في النصف لان المشترى شفيع معه فإذا أخذ نصف جميع الدار بالشفعة كان النصف الباقي للمشتري الاول بمنزلة دار بين رجلين باع أحدهما منها موضعا مقسوما أو وهب لم يجز ذلك لما في تصرفه من الضرر على الشريك فانه يحتاج إلى قسمتين و ربما يتفرق نصيبه في موضعين و ان لم يخاصم حين باع ما بقي من الدار من المشترى الاول جاز بيعه في نصيبه كما لو باعها صفقة واحدة يجوز البيع في نصيبه و ان باع من غيره فالبيع الاول و الثاني باطل لدفع الضرر عن الشريك على ما بينا و شبه هذا بما لو باع جذعا في حائط على أن يقلعه و يسلمه فالبيع باطل لما على البائع من الضرر في التسليم فان سلمه للمشتري جاز البيع لزوال المانع فكذلك البيع الاول في المشترك لم يجز لدفع الضرر عن الشريك فإذا باع ما بقي من المشترى الاول فقد زال ذلك المعنى و إذا كانت دارا لرجل إلى جنبها دار فتصدق بالحائط الذي يلي دار جاره على رجل و سلمه اليه ثم باعه ما بقي من الدار فلا شفعة فيها للجار لان ملكه متصل بالمبيع فالحائط الموهوب حائل بين المبيع و بين ملك الجار و لو اشترى رجل حائطا بأصله كان للشفيع فيه الشفعة لان ملكه متصل
بالمبيع اتصال تأييد فموضع الحائط من الارض داخل في البيع و إذا كان منزل لرجل في دار إلى جنبه في تلك الدار منزل آخر لرجل آخر و حائط المنزلين بين الرجلين نصفان و في الدار منازل سوى هذين المنزلين و للمنازل كلها طريق في الدار إلى باب الدار الاعظم و الدار في درب نافذ و في الدرب دور آخر هذه الدار فباع رب أحد المنزلين منزلة فالشريك في الحائط أحق بالشفعة في جميع المنزل لان شركته أعم فهو شريك في نفس المبيع لان حصة البائع من الحائط دخل في البيع و عن زفر انه قال هو أحق بالشفعة في الحائط سوى ذلك من المنزل هو و أهل الدار سواء و كذلك روى عن أبى يوسف لان شركته في موضع معين و ليس بشريك في جميع المبيع فانما يترجح هو بالشركة في ذلك الموضع خاصة ألا ترى أنه لو جمع في البيع بين نصيبه من دار و دار أخرى كان شريكه في تلك الدار أحق بالشفعة في تلك الدار خاصة دون الاخرى وجه ظاهر الرؤية أن الشركة في الحائط أظهر من الشركة في الطريق و إذا كان بالشركة في الطريق يتقدم الشريك على الجار فبالشركة في الحائط أولى و هذا لان الحائط من مرافق جميع المنزل بخلاف الدارين المتفرقتين فان سلم هو الشفعة فالشركاء في الطريق الذي في الدار أحق لشركة بينهم في الدار لان نصيب البائع من الصحن صار مبيعا و لا شركة لاهل الدرب في صحن الدار فان سلموا فالشركاء الملاصقون في الطريق الذي قلنا أحق لوجود الشركة بينهم في طريق خاص في درب نافذ فان أسلموا فالجيران الملازمون للدار إلى هذا المنزل فيه شركاء في شفعة هذا المنزل و الملاصق منهم لهذا المنزل و الملاصق لاقصى الدار سواء لان ملك كل واحد منهم متصل بالمبيع فحصة البائع من صحن الدار داخل في البيع فقيام الاتصال في طريق واحد يكفى للجوار فلهذا أستووا في استحقاق الشفعة و قال أبو حنيفة في السكة التي ليس لها منفذ باع رجل منهم دارا فهم جميعا شفعاء فيها للشركة بينهم في طريق خاص في الطريق فان كان زقاقا فيه عطف بدور فكذلك أيضا و ان كان العطف مربعا فباع رجل فيه دارا فالشفعة لاصحاب العطف دون أصحاب السكة لان موضع العطف المربع لاصحاب العطف خاصة دون أصحاب السكة و في العطف المدور حقهم جميعا في ذلك الصحن ثابت و لان المربع من العطف بمنزلة سكة في سكة و لو كانت سكة في سكة فبيعت دار في السكة الاقصى فأصحاب تلك السكة أحق بالشفعة من أصحاب السكة الاولى و ان بيعت دار في السكة الاولى كانت