مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 18 -صفحه : 29/ 8
نمايش فراداده

(42)

و الوصية انما تنفذ من التركة فيثبت ؟ باعتبار حق العافي فلهذا يقسم ما بقي بعد تنفيذ الوصية بينهما على اثنى عشر سهما و ان اختار الدفع رد ثلاثة أخماس العبد يحكم بعض الهبة فيها و يدفع خمس العبد بالجناية إلى الذي لم يعف ؟ و يبقى في يده خمس هو سالم له ثم ما اجتمع في يد الابنين و هو أربعة خماس بينهما علي اثنى عشر سهما للعافي منها خمسة أسهم و الذى لم يعف سبعة فكان ينبغى أن تنفذ الهبة في ثلث العبد لان الوصية لا تنفذ في أكثر من الثلث و لكن نفذها في خمسي العبد هنا لضرورة الدور و بيان ذلك ان العبد في الاصل يجعل على ستة لحاجتنا إلى ثلث ينقسم نصفين حتى يدفع النصف بالجناية إلى الذي لم يعف فتنفذ الهبة في سهمين و هو الثلث ثم يدفع بالجناية أحدهما إلى الذي يعف فيصير في يد الورثة خمسة و انما حقهم في أربعة فيظهر زيادة سهم في حق الورثة و هذا دائر لانك كلما زدت في تنفيذ الهبة يزداد المدفوع بالجناية فلا يزال يدور كذلك و السبيل في الدور أن يقطع و طريق القطع طرح السهم الزائد من جانب من خرج من قبله لان هذا السهم يباع بالفساد فالسبيل نفيه فيطرح من أصل حق الورثة سهما فترجع سهام العبد فتنفذ الهبة في سهمين ثم يدفع أحدهما بالجناية فحصل عند لورثة أربعة و قد تنفذنا الهبة في سهمين فيستقيم الثلث و الثلثان و انما قسمنا أربعة أخماس العبد بين الابنين علي اثنى عشر سهما لان سهام العبد لما صارت على خمسة فحق كل واحد منهما في سهمين و نصف ان لو لم يكن هناك وصية ثم الذي لم يعف أخذ سهما آخر أيضا فيصير حقه في ثلاثة و نصف و حق الاخر في سهمين و نصف فما بقي بعد تنفيذ الهبة يقسم علي أصل حقهما و قد انكسر بالانصاف فأضعفه ليزول الكسر فالذي كان له ثلاثة و نصف صار حقه سبعة و الذى كان له سهمين و نصف صار حقه خمسة فلهذا كانت القسمة بينهما علي اثنى عشر سهما و طريق الدينار و الدرهم في تخريج هذه المسألة أن يجعل العبد دينارا أو درهمين ثم تنفذ الهبة في درهمين و يدفع أحدهما إلى الذي له يعف فيصير في يد الورثة دينارا و درهما و حاجتهم إلى أربعة دراهم فاجعل الدرهم قصاصا بمثله يبقى في يدهم دينار يعدل ثلاثة دراهم فاقلب الفضة و اجعل آخر الدراهم آخر الدنانير فتصير الدينار بمعنى ثلاثة و الدرهم بمعنى واحد ثم عد إلى الاصل فتقول كما جعلنا العبد ينارا و ذلك بمعنى ثلاثة و درهمين كل واحد فذلك خمسة ثم نفذنا بالهبة في درهمين و ذلك خمسا العبد و الذي حصل للورثة دينار و بمعنى ثلاثة و درهم بمعنى واحد و ذلك أربعة فيستقيم الثلث و الثلثان و طريق الجبر و المقابلة فيه أن تنفذ

(43)

الهبة في شيء من العبد ثم يدفع نصفه بالجناية إلى لذى لم يعف فيحصل في يد الورثة عبد الا نصف شيء و هو حاجتهم إلى ستين لانا نفذنا الهبة في شيء فاجبر العبد بنصف شيء ورد فيما يعدله نصف شيء تبين أن العبد الكامل بمعنى ستين و نصف و قد نفذنا الهبة في شيء وشئ من ستين و نصف خمساه فتبين أن الهبة جازت في خمسي العبد و طريق الخطأين فيه أن يجعل العبد علي ستة تنفذ الهبة في سهمين و يدفع بالجناية فيحصل في يد الورثة خمسة و حاجتهم الي أربعة ظهر الخطأ بزيادة سهم فعد إلى الاصل و نفذ الهبة في ثلاثة ثم تدفع بالجناية سهم و نصف فيصير في يد الورثة أو بعفو نصف و حاجتهم إلى ستة ضعف ما نفذنا فيه الهبة فظهر الخطأ الثاني نقصان سهم و نصف و كان الخطاء الاول بزيادة سهم فلما زدنا في الهبة سهما ذهب ذلك الخطأ و جلب خطأ سهم و نصف فعرفنا أن كل سهم يؤثر في سهمين و نصف فالسبيل أن يزيد في الهبة ما يذهب الخطأ و لا يجلب إلينا خطأ آخر و ذلك خمسا سهم فتنفذ الهبة في سهمين و خمسين فتبقى في يد الورثة ثلاثة و ثلاثة أخماس ثم يدفع بالجناية نصف ما نفذنا فيه الهبة و هو سهم و خمس فيصير في يد الورثة أربعة و أربعة أخماس و هو ضعف ما نفذنا فيه الهبة فيستقيم الثلث و الثلثان و سهمان و خمسان من ستة يكون خمساها فيتبين أن الهبة انما جازت في خمسي العبد و طريق الجامع الاصغر ان يأخذ المال الاول و هو ستة و يضربه في الخطأ الثاني و هو سهم و نصف فيصير تسعة و يأخذ المال الثاني و هو ستة و يضربه في الخطأ الاول و هو سهم فيكون ستة ثم يجمع بينهما لا أن أحد الخطأين إلى الزيادة و الاخر إلى النقصان و الطريق في مثله الجمع لا الطرح فصار خمسة عشر فهو جملة المال و بيان معرفة ما جاز فيه الهبة أن يأخذ ما نفذها فيه الهبة أو لا و ذلك سهمان فيضرب ذلك في الخطأ الثاني و هو سهم و نصف فيكون ثلاثة ثم يضرب ما جاز فيه الهبة ثانيا و هو ثلاثة في الخطأ الاول و هو واحد فيكون ثلاثة ثم بجمع بينهما فتكون ستة فظهر أن ما نفذنا فيه الهبة ستة من خمسة عشر و ذلك خمساها لان كل خمس ثلاثة و طريق الجامع الاكبر انه لما ظهر الخطأ الاول كان يسهم فاضعف المال سوى النصيب و المال سوى النصيب أربعة فإذا ضعفته كان ثمانية و جملة سهام العبد عشر تنفذ الهبة في سهمين يدفع بالجناية أحدهما فيحصل في يد الوارث تسعة و حاجته إلى أربعة ظهر الخطأ بزيادة خمسه فاضرب المال الاول و هو ستة في الخطأ الثاني و هو خمسة فيكون ثلثين و اضرب المال الثاني و هو عشرة في الخطأ الاول و هو واحد فيكون عشرة

(44)

و اطرح الاقل من الاكثر يبقى عشرون فهو المال و معرفة ما نفذنا فيه الهبة أن تأخذ سهمين و تضربهما في الخطأ الثاني و هو خمسة فيكون عشرة ثم تأخذ سهمين و هو ما نفذنا فيه الهبة ثانيا و تضربه في الخطأ الاول و هو واحد فيكون اثنين اطرح الاقل من الاكثر يبقى ثمانية فهو القدر الذي جاز فيه الهبة و ثمانية من عشرين يكون خمسها كل خمس أربعة فتبين أن الهبة انما جازت في خمسي العبد علي الطرق كلها و الله أعلم بالصواب ( باب اقرار الوارث بالدين ) ( قال رحمه الله رجل مات و ترك ألف درهم و أبا فقال الابن في كلام واحد موصول لهذا على أبى ألف درهم و لهذا ألف درهم فالالف بينهما نصفان لانه عطف الثاني علي الاول و موجب العطف الاشتراك بين المعطوف و المعطوف عليه في الخبر ثم في آخر كلامه ما تغير موجب أوله ) لان أول كلامه تصير الالف كلها للاول لو سكت عليه و بآخر كلامه به تبين أن الالف بينهما نصفان و متى كان في آخر الكلام ما يغير موجب أو له يوقف أو له على آخره كما لو ألحق به شرطا أو استثناء ثم اقرار الوارث علي مورثه انما يصح باعتبار ما في يده من التركة فيصير كقوله هذه العين لفلان و لفلان و لو أقر للاول و سكت ثم أقر للثاني فالأَول أحق بالالف لانه صار مستحقا بجميع آلاف حين أقر له و سكت فإقراره للثاني صادف محلا مستحقا لغيره لان صحة إقراره بالدين علي المورث باعتبار العين التي في يده و هو بمنزلة ما لو أقر بعين في يده لزيد و سكت ثم أقر بها لعمرو و هذا بخلاف المريض يقر على نفسه بدين ثم بدين لانه يلاقى ذمته فبوجوب الدين الاول عليه لا تتغير صفة الذمة وهنا صحة إقراره باعتبار ما في يده من التركة فإقراره للاول صادف محلا فارغا فصح ثم إقراره للثاني صادف محلا مشغولا فلم يصح في حق الاول فان دفع الالف إلى الاول بقضاء لم يضمن للثاني شيئا و ان دفعها بغير قضأ ضمن للثاني خمسمأة لانه بالكلام الثاني صار مقر بأن نصف الالف حق الثاني و قد دفعه إلى الاول باختياره و إقراره حجة عليه فلهذا ضمن للثاني نصفه و لو قال في كلام موصول هذه الالف وديعة لهذا و لهذا الاخر علي أبى ألف درهم دين كان صاحب الوديعة أحق بالالف لما قدم الاقرار بالوديعة صارت هى بعينها مستحقة للمقر له فإقراره بالدين بعد ذلك انما يصح في تركة الميت و الوديعة من التركة في

(45)

شيء فقد جعل في هذا الفصل الكلام الموصول و المقطوع سواء لانه ليس في آخر كلامه ما يغير موجبه أوله بأن موجب أول الكلام ان الوديعة ليست من تركة الميت و لم تكن مملوكة له فظاهر و هذا لا يتغير بإقراره بالدين فلا يتوقف أول الكلام علي آخره كمن يقول لامرأته قبل الدخول بها أنت طالق و طالق بخلاف الاول فان موجب أول الكلام هناك استحقاق الاول جميع التركة و يتغير ذلك بآخر كلامه فيتوقف أوله على آخره توضيح الفرق ان الاقرار بالوديعة نفسها ليس من جنس إقراره بالدين لان موجب أحدهما استحقاق ملك الغير و موجب الاخر استحقاق الدين في الذمة على ان يكون مستوفيا من العين فلعدم المحاسبة لم يتحقق العطف فكان الموصول و المقطوع سواء بخلاف الاول فالمجانسة بين الكلامين هناك ثابتة .

و لو قال لفلان على أبى ألف درهم و هذه الالف وديعة لفلان تحاصا فيه لانه لما قدم الاقرار صارت الالف كلها مستحقة للغريم بالدين فإقراره بالوديعة صادف محلا مشغولا فمنع ذلك الاختصاص المودع بالعين لما فيه من إبطال حق الاول و انقلب هذا اقر بالدين لانه أقر بوديعة مستهلكة أو بوديعة جهلها المودع عند موته فهو و الاقرار بالدين سواء و قد بينا انه لو أقر بدينين في كلام موصول تخاصا فيه و لو قال لهذا علي أبى ألف درهم لابل لهذا فالاف للاول لانه استدرك غلطه بالرجوع عن الاقرار للاول و الاقرار به للثاني و الرجوع عن الاقرار للاول باطل فيبقى الالف كلها له و لا شركة للثاني معه لان الاشتراك من حكم العطف و الوصل فكلمة لا بل للرجوع لا للعطف فلا يثبت به الاشتراك بينهما فان دفعها إلى الاول بعضها لم يضمن للثاني شيئا لان صحة إقراره بالدين على ابنه باعتبار ما في يده من التركة و لم يبقى في يده شيء حقيقة و لا حكما فان المدفوع بقضاء القاضي لا يكون مضمونا عليه و ان دفع إلى الاول بغير قضأ القاضي ضمن للثاني مثلها لان إقراره على نفسه صحيح و قد أقر بأن الالف كلها للثاني و انه غلط في الاقرار للاول إذا لم يكن له دين على الاب و دفعها اليه باختياره فيكون ضامنا المدفوع بناء على زعمه .

و لو قال له رجل هذه الالف التي تركها أبوك وديعة لي و قال آخر لي على أبيك ألف درهم فقال صدقتما فعلي قول أبى حنيفة رحمه الله الالف بينهما نصفان و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله صاحب الوديعة أولى بها وجه قولهما ان الاقرار بالوديعة أقوى حتى يصح في كلام موصول تقدم أو تأخر و الاقرار بالدين لا تصح إذا تقدم ذكر

(46)

الوديعة فعند الاقتران يجعل الاقوى مقدما كدعوى الاستيلاد مع دعوة التحرير ( و تقديره من وجهين ) أحدهما ان شرط صحة الاقرار بالدين السبق و لم يوجد ذلك عند الاقتران و السبق ليس بشرط في صحة الاقرار بالوديعة فكان هو الصحيح في حال الاقتران و الثاني أن استحقاق العين بالاقرار بالوديعة يسبق لانه يثبت استحقاق العين بنفسه فأما الاقرار بالدين يثبت الدين في الذمة و لم يستحق به العين فكان سبق الوديعة في الموجب كسبق الاقرار بها نصا و أبو حنيفة رحمه الله يقول ما ظهر الاقرار بالوديعة الا و الدين ظاهر معه فيمنع ظهور الدين اختصاص المودع بالوديعة لان ما يرفع الشيء إذا سبقه فإذا اقترن به لمنعه أيضا كنكاح الحرة مع الامة وهنا ان سبق الاقرار بالدين رفع حق اختصاص المدفوع بالوديعة فإذا اقترن به مع ثبوت حق الاختصاص له و صار الوارث كالمستهلك الوديعة فصح الاقرار بالدين و بالاقرار بالدين يصير مستهلكا للوديعة فيصير اقرارا بدينين فيتحاصان فيه .

رجل مات و ترك ثلاثة بنين و ثلاثة آلاف درهم فأخذ كل واحد نصيبه و ادعى رجل علي أيهم ثلاثة آلاف درهم فصدقه الاكبر فيها و صدقه الاوسط في الفين منها و صدقه الاصغر في ألف منها فعلى قول أبى يوسف رحمه الله يأخذ المقر له من الاكثر جميع ما في يده و من الاوسط خمسة أسداس ما في يده و من الاصغر ثلث ما في يده و عند محمد رحمه الله يأخذ من الاوسط جميع ما في يده و باقى الجواب كقول أبى يوسف رحمه الله وجه قول محمد رحمه الله ان المقر له يبدأ بالاكثر لاقراره انه لا حق له في التركة و ان جميع ما في يده للمقر له فهو موافق له من كل وجه فيأخذ ما في يده و هو الالف ثم يثنى بالاوسط لانه أقرب إلى موافقته من الاصغر فيقول للاوسط قد أقررت لي بدين العين و ما وصل إلى الالف فقد بقي من ديني ألف بزعمك و الدين مقدم على الميراث فيقضى من أيسر المالين قضأ فهات جميع ما في يدك فلا يجد بدا من قوله نعم فيأخذ منه جميع ما في يده ثم يأتى الاصغر بقول انا أقررت ان دينك ألف درهم ثلثه في يدى و ثلثاه في يد شريكي و قد وصل إليك ذلك من جهته و زيادة فلا أعطيك الا ما أقررت لك به و هو ثلث ما في يدى فلهذا يأخذ منه ثلث الالف و وجه قول أبى يوسف رحمه الله أن المعتبر المال المقر به لان المأخوذ هو المال فيقول ألف من الجملة و هو ما أقر به الاصغر اتفقت الثلاثة على كونها دينا فيبدأ المقر له باستيفاء تلك الالف من ثلاثتهم من كل أحد منهم ثلثها ثم لم يبق له سبيل على الاصغر و يأتي الاوسط فيقول الاوسط انا قد

(47)

أقررت لك بألف أخرى و قد ساعدني فيه الاكبر و هو بيننا نصفان نصفه في يدى و نصفه في يد الاكبر و هو يسلم لك من جهته فيعطيه نصف الالف فإذا استوفى منه ثلث الالف مرة و نصف الالف مرة أخرى و ذلك خمسة أسداس الالف ثم يأتى إلى الاكبر و يقول انك قد أقررت أن الدين يحيط بالتركة و لا ميراث لك و أخذ منه جميع ما في يده بحكم إقراره ( قال ) تفرقوا عليه فلقى الاصغر أولا و قدمه إلى القاضي أخذ منه جميع ما في يده لان الدين مقدم على الميراث فيقضي من أيسر الاموال و أيسر الاموال في حقه هو ما في يد الاصغر و هو مقر له بدين ألف فيأخذ منه جميع ما في يده فان لقى الاوسط بعد ذلك أخذ منه جميع ما في يده أيضا لانه مقر له بدين الفين و قد وصل اليه ألف واحد جميع ما في يده بحساب ما بقي من دينه بزعمه فان لقى الاكبر بعد ذلك أخذ منه جميع ما في يده أيضا لاقراره انه قد لقى من دينه ألف درهم و ان دينه محيط بالتركة فيتوصل إلى جميع حقه بهذا الطريق فان لقى الاكبر أول مرة أخذ منه جميع ما في يده لما قلنا فان لقى الاوسط بعده أخذ منه جميع ما في يده أيضا لانه مقر بانه قد بقي من دينه ألف و ان لقى الاصغر بعدهما فهو علي وجهين ان أقر الاصغر بان أخويه قد أقرا له بما ذكرنا قضى عليه بثلث الالف الذي في يده لانه يقول حقك في ألف ثلثها في يدى كل واحد منا فما أخذت من الاول و الثاني زيادة على حقك انما أخذته بإقرارهما لك بالباطل فلا تأخذ منى الا قدر ما أقررت لك به و هو ثلث الالف و ان جحد فقال لم يقر لك أخواي الا بالالف لم يقض له عليه بشيء لانه يقول له ما أقررنا لك الا بألف درهم دين و قد وصل إليك ذلك القدر من التركة و زيادة فليس لك أن ترجع على بشيء و لا يتمكن المقر له من دفع حجته هذا الا أن يثبت بالبينة إقرارهما له بما ذكرنا فحينئذ يكون الثابت بالبينة في حق الاصغر كالثابت بإقرار الاصغر به و ان لقى الاوسط أول مرة قضى عليه بالالف كلها لما بينا فان لقى الاصغر بعده فالجواب ما ذكرنا من اقرار الاصغر و إنكاره في الاول و مراده من هذا العطف حال إنكاره خاصة فانه إذا أقر لك الاوسط بألف كما أقررت به لم يقض له عليه بشيء لانه يحتج عليه فيقول أقررنا لك بألف و قد وصل إليك م نالتركة ألف فاما عند إقراره بأن الاوسط اقر له بالفين فهذا نظير الاول و لكن في هذا الوجه يأخذ منه الخمسمائة لانه يقول قد استوفيت منه الالف باعتبار اقرار كان هو صادق في نصفه كاذبا في نصفه ففى النصف و هو الخمسمائة أنت مستوفى حقك منه و في النصف

(48)

الاخر أنت ظالم عليه فانما يبقى من دينه بزعمه خمسمأة فيدفع اليه مما في يده خمسمأة ثم إذا لقى الاكبر بعد ذلك قضي له عليه بالالف كلها لاقراره أن الدين محيط بالتركة و انه لا ميراث له منها .

رجل مات و ترك إبنين و ألفين فأخذ كل واحد منهما الفا ثم ادعي رجل على أبيهما ألف درهم و ادعى آخر ألف درهم فأقرا جميعا لاحدهما و أقر أحدهما للاخر وحده فكان الاقرار معا فالذي اتفقا عليه يأخذ من كل واحد منهما خمسمأة لانهما متصادقان على دينه فيبدأ به لقوة حقه فيأخذ من كل واحد منهما نصف دينه حتى يصل اليه كمال حقه كانه ليس معه غيره ثم يأخذ الاخر من الذي أقر له ما بقي في يده و هو خمسمأة لانه مقر بدينه و إقرار أحد الورثة بالدين يلزمه قضأ الدين من نصيبه و لم يبق في يده من نصيبه الا خمسمأة فيدفعها اليه و لانه مقر أنه لا ميراث له لانه مثل التركة فيؤمر بتسليم جميع ما في يده اليه بإقراره فان غاب الذي أقرا له و حصل الذي أقر له أحدهما فقدم المقر بحقه إلى الحاكم فقال لي علي أب هذا ألف درهم و قد أقر لي بها و صدقه الابن و أوهم أن يجبره بما أقر به لغيره أى سمى بذلك فان القاضي يقضى له عليه بالالف التي في يده لانه مقر له بدين ألف و الدين يقضى من أيسر الاموال قضأ و هو ما في يده فيلزمه أن يدفع كله إلى المقر له بدينه و ان جاء الذي أقر له جميعا و قدم أخاه ققضي له عليه بجميع الالف التي في يديه لانه مقر له بدين ألف درهم و لم يصل اليه شيء من دينه فيستوفى منه جميع ما في يده و لا يرجع واحد من الاخوين على أخيه بشيء لان كل واحد منهما لم يتلف على أخيه شيئا و ما اخذ من يده انما اخذه بحكم إقراره و كذلك لو كان الذي اقر له حضر أولا فقدم الذي اقر له وحده الي القاضي قضي له عليه بما في يده مقر له بدين ألف درهم فان جاء الاخر و قدم اخاه قضي عليه بالالف و لا يرجع واحد من الاخوين على اخيه بشيء لان ما اخذ من كل واحد منهما انما اخذه بحكم إقراره و كذلك لو كان الميراث مائتي دينار أو كان الميراث شيئا مما يكال أو يوزن و الدين مثله فهذا و الدراهم سواء علي ما بينا .

رجل مات و ترك عبدين قيمة كل واحد منهما ألف درهم و ترك إبنين و اقتسما ذلك فأخذه كل واحد منهما عبد ثم أقرا جميعا ان أباهما أعتق أحد العبدين بعينه و هو الذي في يد الاصغر منهما في صحته و أقر الاكبر ان أباه أعتق العبد