مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 7 -صفحه : 514/ 226
نمايش فراداده

من الصلاة ( أما ) الاحكام فقال أصحابنا ينبغي لمريد الاحرام أن ينويه بقلبه و يتلفظ بذلك بلسانه و يلبى فيقول بقلبه و لسانه نويت الحج و أحرمت به لله تعالى لبيك أللهم لبيك إلى آخر التلبية فهذا أكمل ما ينبغى له فالإِحرام هو النية بالقلب و هي قصد الدخول في الحج أو العمرة أو كليهما هكذا صرح به البندنيجى و الاصحاب ( و أما ) اللفظ بذلك فمستحب لتوكيد ما في القلب كما سبق في نية الصلاة و نية الوضوء فان اقتصر على اللفظ دون القلب لم يصح إحرامه و ان اقتصر علي القلب دون لفظ اللسان صح إحرامه كما سبق هناك ( أما ) إذا لبي و لم ينو فنص الشافعي في رواية الربيع أنه يلزمه ما لبي به و قال الشافعي في مختصر المزني و ان لم يرد حجا و لا عمرة فليس بشيء و للاصحاب طريقان ( المذهب ) القطع بانه لا ينعقد إحرامه و تأولوا رواية الربيع على من أحرم مطلقا ثم تلفظ بنسك معين و لم ينوه فيجعل لفظه تعيينا للاحرام المطلق و بهذا الطريق قطع الجمهور ( و الطريق الثاني ) حكاه امام الحرمين و متابعوه أن المسألة على قولين ( أصحهما ) لا ينعقد إحرامه ( و الثاني ) ينعقد و يلزمه ما سمى لانه التزمه بالتسمية قالوا و علي هذا لو أطلق التلبية انعقد الاحرام مطلقا يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة أو قران و هذا القول ضعيف جدا بل غلط قال امام الحرمين لا أعرف له وجها قال فان تكلف له متكلف و قال من ضرورة تجريد القصد إلى التلبية مع انتفاء سائر المقاصد سوى الاحرام ان يجزى في الضمير قصد الاحرام ( قلنا ) هذا ليس بشيء لانه إذا فرض هذا فهو إحرام بنية و لا خلاف في انعقاد الاحرام بالنية ( قلت ) و التأويل المذكور أولا ضعيف جدا لانا سنذكر قريبا ان شاء الله تعالى ان الاحرام المطلق لا يصح صرفه الا بنية ( و اعلم ) أن نصه في مختصر المزني محتاج إلي قيد آخر و معناه لم يرد حجا و لا عمرة و لا أصل الاحرام و الله أعلم هذا كله إذا لبى و لم ينو فلو نوى و لم يلب ففيه أربعة أوجه أو أقوال ( الصحيح ) المشهور من نصوص الشافعي و به قطع جمهور أصحابنا المتقدمين و المتأخرين ينعقد إحرامه ( و الثاني ) لا ينعقد و هو قول أبى عبد الله الزبير و أبي علي بن خيران و أبى علي بن أبي هريرة و أبى العباس بن القاص و حكاه امام الحرمين و غيره قولا قديما ( و الثالث ) حكاه الشيخ أبو محمد الجوينى و غيره قولا للشافعي انه لا ينعقد الا بالتلبية