مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 9 -صفحه : 404/ 351
نمايش فراداده

فرع قال الغزالى مال المصالح لا يجوز صرفه الا لمن فيه مصلحة عامة

[ المجموع شرح المهذب ] قال الغزالي إذا امر السلطان بدفع شيء من خزانته لانسان يستحق في بيت المال شيئا و علم أن الخزانة فيها الحلال و الحرام كما هو الغالب في هذه الازمان و الحلال في أيدي سلاطين هذه الازمان عزيز أو معدوم ( 1 ) و إذا كان محتملا كونه من الحلال أو كونه من الحرام فقد قال قوم يجوز أخذه ما لم يتيقن أنه حرام و قال آخرون لا يجوز حتى يتحقق أنه حلال قال و كلاهما إسراف و الا عدل أنه إن كان الاكثر حراما حرم و ان كان حلالا ففيه توقف هذا كلام الغزالي و هو جار على اختياره أنه إذا كان المختلط أكثره حراما حرم الاخذ منه و قد قدمنا ان المشهور أنه مكروه و ليس بحرام و هكذا مثال خزانة السلطان يكون مكروها قال الغزالي و احتج من جوزه بأن جماعة من الصحابة و التابعين و من بعدهم أخذوا من السلاطين الظلمة و نوابهم الظلمة منهم أبو هريرة و أبو سعيد الخدرى و أبو أيوب و زيد بن ثابت و جرير بن عبد الله و ابن عمر و ابن عباس و انس و المسور ابن مخرمة و الحسن البصري و الشعبى و إبراهيم النخعي و ابن أبى ليلي و الشافعي و أخذ ابن عمر من الحجاج و الشافعي من هرون الرشيد و أخذ مالك من الخلفاء أموالا كثيرة و انما ترك من ترك منهم الاخذ تورعا و عن ابن عمر أنه قبل هدية المختار ابن عبيد و زعمت هذه الفرقتان ما نقل من امتناع جماعة لا يدل على التحريم كما أن الخلفاء الراشدين و ابا زر و آخرين من الزهاد تركوا الحلال المطلق الذي لا شبهة فيه زهدا قال الغزالي و الجواب عن هذا أنه قليل محصور بالاضافة إلى ما نقل من ردهم و إنكارهم أو يحمل على أنهم تحققوا أن ذلك القدر المصروف إليهم من جهة حلال فحينئذ يكون المدفوع إليهم حلال و لا يضرهم كون يد السلطان مشتملة على حرام منفصل عن هذا أو يحمل على أنهم أخذوه و صرفوه في مصارف بيت المال و قد قال جماعة منهم أخذناه كله و صرفنا إياه في المحتاجين خير من تركه في يد السلطان و لهذا قال ابن المبارك ان الذين يأخذون اليوم الجوائز و يحتجون بان عمر و عائشة لا يقتدون بهما لان ابن عمر فرق ما أخذ حتى استقرض في مجلسه بعد أن فرق ستين الفا و كذا فعلت عائشة رضى الله عنهما و كذا فعل الشافعي أخذ من هرون الرشيدى و فرقه في الحال فلم يدخر منه حبة و مع هذا فان الاموال في زمن الخلفاء الاوائل بعد الراشدين كان ما عند السلطان منها غالبه حلال بخلاف الاموال التي في أيدي السلاطين في هذه الازمان فان معظمها حرام و الحلال فيها قليل جدا ( فرع ) قال الغزالي مال المصالح لا يجوز صرفه الا لمن فيه مصلحة عامة أو هو محتاج عاجز

1 - كذا بالاصل