مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 10 -صفحه : 456/ 84
نمايش فراداده

القمح فيه و هذه الذرة يقتاتها خلق من الناس و الارز يقتات غالبا في بعض البلاد و هما عند مالك صنفان جائز التفاضل بينهما و بين كل منهما و بين البر و جعل الليث بن سعد الذرة و الدخن و الارز صنفا و سلم في القطاني كالعدس و الحمص و الفول و الجلبان فنلزمه بالقول لانه يقتات في بعض الاوقات و يختبز و قد جعل ذلك هو العلة فيما نقل عنه و قد حصل اختلاف المالكية في القطاني و سأذكر خلافهم في ذلك في فصل جامع أتكلم فيه على تحقيق الاجناس ان شاء الله تعالى و هذا الذي ألزمناهم به ههنا هو قول مالك الذي لا اختلاف عنه فيه ( و أما ) الغاء القاضي عبد الوهاب ما ألزمهم الشافعي به من التقارب بين التمر و الزبيب في انهما حلوان و يخرصان و تجب الزكاة فيهما فألغاء على وجه التحكم و الا فما الدليل على إبطال هذه الشبه و اعتبار ما ادعاه هو ( و أما ) احتجاجهم ببيع البر بالبر و فيه شيء من الشعير فان كان الشعير المخالط قدرا لو ميز لظهر على المكيال فانه يمنع الحكم و عندنا أن البيع لا يجوز و الحالة هذه و ان كان الشعير المخالط لا يظهر على المكيال لو ميز فجواز البيع حينئذ لعدم ظهوره في المكيال لا لموافقته في الجنس ألا ترى أن التراب الذي لا يظهر في المكيال لا تضر مخالطته و ليس بجنس للطعام و قولهم ان ذلك بمنزلة الحنطة الحمراء مع السمراء ممنوع فان الحنطتين ليس لكل منهما اسم خاص بخلاف الشعير مع القمح ( و أما ) العلس فانه يصدق عليه اسم الحنطة بخلاف الشعير لا يصدق عليه حنطة لا في لغة و لا غيرها ثم ان ما يحاولونه من المعنى ينكسر بالذهب و الفضة فان قيام كل منهما مقام الآخر أعظم من قيام الشعير مقام البر و مع ذلك هما جنسان و بالجملة فالنص مغن عن الالتفات إلى المعنى و قد ثبت ذلك في جانبنا كما تقدم صريحا من رواية أبى داود و الترمذي و غيرهما و ظاهرا من رواية مسلم في حديث أبى هريرة و عبادة و قد قاس أصحابنا على ما إذا أتلف له حنطة أو أقر له أو صالحه عليها أو ضربها الامام جزية أو وجب عشر حنطة لم يقم الشعير مقامها في شيء من ذلك