جلدا فإن للامام أن يحبسه ما دامت الحرب قائمة إن لم يرجع إلى الطاعة ، فإن بدل الرجوع إلى الطاعة أخذت منه البيعة و خلى ، و ان انقضت الحرب أو انهزموا إلى فئة فإنه يخلى ، و ان انهزموا إلى فئة خلى على المذهب و لم يخل على قول أبى إسحاق ، و لا يجوز قتله و قال أبو حنيفة : يجوز قتله .
دليلنا قوله صلى الله عليه ( و لا يقتل سبيهم ) فإن قتله رجل من أهل العدل عامدا فهل يجب عليه القصاص فيه وجهان ( أحدهما ) يجب عليه القصاص لانه صاربالاسر محقون الدم فصار كما لو رجع إلى الطاعة ، و للولي أن يعفو عن القود إلى الدية ( و الثاني ) لا يجب عليه القصاص ، لان قول أبى حنيفة شبهة تسقط عنه القصاص ، فعلى هذا تجب فيه الدية ، و ان كان الاسير شيخا لا قتال فيه أو مجنونا أو إمرأة أو صبيا أو عبدا لم يحبسوا لانهم ليسوا من أهل البيعة على القتال .
و من أصحابنا من قالوا يحبسون لان في ذلك كسرا لقلوبهم و اقلا لا لجمعهم و اضعافا من روحهم و معنوياتهم ، و لكن المنصوص هو الاول قوله ( ( و لا يجوز قتالهم بالنار الخ ) فجملة ذلك أنه يحرم رمى أهل البغى بالنار أو المنجنيق من ضرورة ، لان القصد بقتالهم كفهم وردهم إلى الطاعة فيجب تجنب ما يهلكهم أ و يبيدهم ، و لان رميهم بالمدافع و الرشاشات يصيب منهم من يقاتل و من لا يقاتل ، و انما يجوز قتل من يقاتل فقط ، فإذا أحاط أهل البغى من كل جهة و لم يمكنهم التخلص منهم الا بالرمي بالنار أو رشقهم بالمدافع جاز ذلك للضرورة .
و قال ابن الصباغ : و كذلك ان رماهم أهل البغى بالنار و كان هذا سلاحا لهم جاز لاهل العدل رميهم بمثل سلاحهم ( فرع ) و لا يجوز للامام أن يستعين على قتال أهل البغى بمن يرى جواز قتلهم مدبرين من المسلمين ، لانه يعرف أنهم يظلمون فإن كان لا يقدر على قتال أهل البغى الا بالاستعانة بهم جاز إذا كان مع الامام من يمنعهم من قتلهم مدبرين ، و لا يجوز للامام أن يستعين على قتالهم بالكفار ، لانهم يرون قتل المسلمين مدبرين ، تشفيا لما في قلوبهم قوله : و ان اقتتل فريقان الخ .
فجملة ذلك أنهم إذا افترقوا فريقين و اقتتلا ،