مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 20 -صفحه : 341/ 64
نمايش فراداده

و قال ابن قتيبة رض الرجل نفسه ، و احتج بقوله صلى الله عليه و سلم : أهل الجنة لا يبولون و لا يتغوطون ، إنما هو عرق يخرج من أعراضهم مثل المسك أى أبدانهم . و احتج بهذا الحديث المذكور ( تصدقت بعرضي ) أى بنفسي و أحللت من يغتابنى . قال و لو كان العرض الاسلاف لما جاز له أن يحل من يغتابهم و له كلام يطول . قوله ( العار يلحق بالعشيرة ) هم القبيلة . قوله ( لم يؤمن أن يحيف ) الحيف الجور و الظلم و قد ذكر مرارا ، وأصل التشفي من شفاه الله من المرض إذا زال عنه ، فكأنه يزول ما يجد من الغيظ و الحزن . قوله ( جعل للرد ع ) الردع الكف ، ردعته فارتدع أى كففته فانكف قوله ( و ما يجب بالقذف من الحد ) قال ابن رشد و أما سقوطه فإنهم اختلفوا في سقوطه بعفو القاذف ، فقال أبو حنيفة و الثورى و الاوزاعى لا يصح العفو أى لا يسقط الحد ، و قال الشافعي يصح العفو أى يسقط الحد بلغ الامام أو لم يبلغ و قال قوم إن بلغ الامام لم يجز العفو ، و إن لم يبلغه جاز العفو ، و اختلف قول مالك في ذلك ، فمرة قال بقول الشافعي و مرة قال يجوز إذا لم يبلغ الامام ، و ان بلغ لم يجز الا أن يريد بذلك المقذوف الستر على نفسه . و هو المشهور عنهم . و السبب في اختلافهم هل هو حق لله أو حق للآدميين أو حق لكليهما ، فمن قال حق لله لم يجز العفو كالزنا ، و من قال حق للآدميين أجاز العفو ، و من قال لكليهما و غلب حق الامام إذا وصل اليه قال بالفرق بين أن يصل الامام أو لا يصل و قياسا على الاثر الوارد في السرقة ، و عمدة من رأى أنه حق للآدميين و هو الاظهر أن المقذوف إذا صدقه فيما قذفه به سقط عنه الحد . قال ابن حزم فنظرنا في قول مالك فوجدناه ظاهر التناقض ، و كذا قول أبى حنيفة ثم قال فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم أقام حد القذف و لم يشاور عائشة أن تعفو أم لا ، فلو كان لها في ذلك حق لما عطله صلى الله عليه و سلم ، فصح أن الحد من حقوق الله تعالى لا مدخل للمقذوف فيه أصلا و لا عفو له عنه . قالت الحنابلة و الصدقة بالعرض لا تكون الا بالعفو عما وجب له ، و لانه