للسؤال كاشف عن عدم خطور النجاسة في اذهانهم لا انهم فهموا من الاطلاقات المسوقة لبيان حكم اخر اى حلية العصير بعد ذهاب ثلثيه التي يلزمها الطهارة على تقدير كونه نجسا مثل هذا الحكم التعبدي الذي لا يدخل في الاذهان الا بنص صريح على وجه استغنوا بها عن المسألة عنه و عما يترتب عليه من الفروع الخفية كما لا يخفى و جعل بعضهم المدار في طهارة الثياب و نحوها على بقاء ما عليها من العصير حتى يذهب ثلثاه بالهواء و نحوه فتطهر تبعا لما عليها من العصير لا للعصير المغلى في القدر فلو مسح ما عليها و أزال عينه قبل ان يذهب ثلثاه بقي محله متنجسا فلو لاقى العصير بعد ذهاب ثلثيه نجسه فعلى هذا لا خصوصية للثوب و الالات بل حالهما حال ساتر الاشياء الملاقية للعصير و القول بطهارتها تبعا لما عليها انما يتجه على القول بعدم اعتبار كون ذهاب الثلثين بالنار و هو لا يخلو عن ( من ) تأمل و كيف كان فهيهنا فروع كثيرة متفرعة على القول بالنجاسة لا يهمنا التعرض لها بعد البناء على ضعف المبني ( تذنيب ) قال في الجواهر في تحديد ذهاب الثلثين و المعتبر صدق ذهاب الثلثين من فرق بين الوزن و الكيل و المساحة و ان كان الاحوط الاولين بل قيل الاول انتهى ( أقول ) و هو كما قيل فان الوزن بمقتضى الاعتبار اخص مطلقا من غيره فلا شبهة في كفايته و فرض التخلف مجرد فرض لا تحقق له بحسب العادة هذا مضافا إلى استفادته من رواية عقبة بن خالد عن ابى عبد الله ( ع ) في رجل اخذ عشرة أرطال من عصير العنب فصب عليه عشرين رطلا ماء ثم طبخهما حتى ذهب منه عشرون رطلا و بقى عشرة أرطال أ يصلح شرب تلك العشرة ام لا فقال ما طبخ على الثلث أوقية فهو حلال و خبر ابن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه السلام قال إذا زاد الطلا على الثلاث أوقية فهو حرام فان في تحديد الزائد بالاوقية شهادة على ان العبرة في المزيد عليه بالوزن و اما الكيل فليس لخصوصيته دخل في الحكم بلا شبهة بل هو طريق لاحراز ذهاب الثلثين من حيث المساحة فلا وجه لجعله قسيما لها عدا انه اضبط من سائر الطرق التي يعتمد عليها العرف في إحراز ذهاب الثلثين بحسب المساحة المبنية على المسامحة و التقريب فهذه الملاحظة جعل الكيل احوط و كيف كان فالظاهر كفاية التقدير بالمساحة ايضا كالوزن من فرق بين إحرازها بالكيل أو بغيره من الطرق كالاختبار بعود و نحوه لما أشير اليه من الصدق العرفي خصوصا مع غلبة اعتبار العصير عند الطبخ بالمساحة و تعسر اختباره بالوزن و لا ينافيه الخبران المتقدمان كما هو واضح هذا مع وقوع التصريح بالكيل في روايتي عمار الواردتين في كيفية طبخ نقيع الزبيب المتقدمتين في مبحث العصير لكنك عرفت في ذلك المبحث قصورهما عن افادة كون التثليث لزوال التحريم فلا يخلو الاستدلال بهما للمدعى عن ( من ) مناقشة فليتأمل و اعلم انهم قد عدوا من المطهرات الانتقال و الاسلام و قد أهملهما المصنف كما أنه اهمل الاستحالة ايضا عدا قسم منها و هو ما احالته النار و لعل وجهه عدم كون هذه الامور مطهرات حقيقة بل هى مؤثرات في رفع موضوع النجاسة فيتبعه حكمه فما صنعه غيره من عد مثل هذه الامور من المطهرات مبنى على المسامحة و اما وجه التعرض لخصوص ما احالته النار فهو ما نبهنا عليه انفا من استشعار مطهرية النار بنفسها كالشمس أو استظهارها من بعض الاخبار القاصر عن إثباتها و كيف كان فالمراد بالانتقال هو حلول النجس في محل اخر حكم الشارع بطهارته عند اضافته إلى ذلك المحل كانتقال دم ذي النفس إلى ذي النفس من القمل و البق و نحوهما و قد مثل له ايضا بانتقال الماء المتنجس إلى باطن النبات و الشجر و تنقيح المقام ان الانتقال قد يكون موجبا لانقلاب الموضوع و استحالته عرفا كما في المثال الاخير اذ المراد به صيرورة الماء النجس جزء من النبات و الشجر لا مجرد رسوبه فيهما بحيث أمكن إخراجه بعصر و نحوه باقيا على حقيقته الاولى و من هذا القبيل ما اذ صار دم ذي النفس أو غيره من النجاسات جزء من ذي النفس من لحمه أو عظمه أو دمه الطبيعي و هذا النحو من الانتقال من أقسام الاستحالة فلا وجه لجعله قسيما لها و قد عرفت حكمها من انها توجب الحكم بطهارة المستحيل مطلقا من فرق بين مواردها و لا بين كون ما احيل نجسا أو متنجسا و قد لا يكون الانتقال موجبا للاستحالة بل الموضوع بنظر العرف باق على حقيقته الاصلية و لكنه موجب لانقلاب النسبة و اضافة الشيء المنتقل إلى المحل المنتقل اليه مسلوبا اضافته عما كان مضافا اليه قبل الانتقال كدم الانسان المنتقل إلى جوف البق و البرغوث و نحوهما قبل ان يستحيل فانه بمجرد الانتقال يسمى عرفا دم البق و لا يسمى دم الانسان الا جلافة ما كان و يحتمل ان تكون اضافته إلى الانسان ايضا كإضافة ما في المحجمة اليه على سبيل الحقيقة اذ لا تنافي بين الاضافتين فما في جوف البق بمنزلة ما لو جعل عظم إنسان جزء من حائط فانه يصدق عليه انه عظم إنسان و يصدق عليه انه جزء من الحائط فهذا الدم ايضا يصدق عليه انه دم إنسان بلحاظ اصله و يصدق عليه دم البق بلحاظ صيرورته جزء منه بنظر العرف لكن الاظهر كون اضافته إلى الاول مجازا و إلى الثاني حقيقة لصحة السلب في الاول و عدمها في الثاني بشهادة العرف و كيف كان فنقول في توضيح المقام انه إذا تغذى حيوان مما لانفس له بدم إنسان أو غيره من النجاسات و استقر في جوفه قبل ان تتصرف فيه معدته و تحليه إلى اجزائه و فضلاته على وجه عد عرفا شيء ( شيئا ) اخر ذلك الدم الذي دخل في جوفه فان لم يوجب الانتقال اضافته إلى ذلك الحيوان اضافة حقيقية بان يعد عرفا من دمه كما لو شرب سمكة أو نحوها من دم إنسان و بقى ذلك الدم بعينه في جوفه فانه لا يطلق عليه دم السمك بل يصح
السلب عنه و إضافته إلى الانسان ففى مثل الفرض لا أثر للانتقال بل الدم باق على ما كان عليه من النجاسة لا لاجل الاستصحاب بل لعموم ما دل على نجاسة دم الانسان الشامل بإطلاقه لمثل الفرض و كذلك الكلام فيما لو شك في تحقق الاضافة إلى المنتقل اليه مع القطع بصحة اضافته إلى الانسان و مع الشك فيها ايضا حكم بنجاسته لاجل الاطلاق لكن بعد إحراز موضوعه بالاستصحاب فالمرجع على تقدير الشك في بقاء اضافته إلى الانسان هو استصحاب اضافته فيتفرع عليه حكمه و ان أوجب الانتقال صحة اضافته إلى المنتقل اليه فاما ان يصح اضافته إلى الانسان ايضا أو يشك في ذلك أو يعلم بعدمه فان علم عدمه و كان لنا دليل مطلق دال على طهارة دم ذلك الحيوان أو مطلق اجزائه بحيث عم مثل هذا الدم الغير الطبيعي الموجود في جوفه يرجع إلى ذلك الدليل و ان علم بصحة الاضافة و بقاء صفة السابقة ايضا وقعت المعارضة بين هذا الدليل و بين ما دل على نجاسة دم الانسان فحينئذ يعمل على ما يقتضيه قاعدة المعارضة من تقديم ما هو الاظهر دلالة بالنسبة إلى مورد الاجتماع و على تقدير المكافئة من حيث الدلالة فالمرجع على ما هو التحقيق في مثل المقام الذي تكون المعارضة بالعموم من وجه هو الاصول العملية التي ستعرفها و كذلك الكلام مع الشك في بقاء الصفة لما عرفت من جريان الاصل الموضوعي فيكون مشكوك البقاء بمنزلة معلومة و لا يستلزم ذلك جعل الاستصحاب معارضا للدليل كما قد يتوهم فان المعارضة لم تتحقق الا بين الدليلين و لكن موضوع أحدهما احرز بالاصل و لا ضير فيه و ان لم يكن لنا دليل اجتهادي مطلق و قلنا بان ما دل على طهارة دم ذي النفس و اجزائه ينصرف عن ذلك فمع العلم ببقاء اضافته السابقة حكم بنجاسته لاطلاق ما دل على نجاسة دم الانسان لو نوقش في الاطلاق جرى استصحابها و مع الشك في بقاء الاضافة استصحبت و حكم ايضا بنجاسته للاطلاق بعد إحراز موضوعه بالاستصحاب و على تقدير الخدشة في الاطلاق أو فرض الكلام في مورد لم يكن لنا دليل لفظي مطلق اشكل الحكم بنجاسته لو احتملنا اختصاصها بما إذا لم ينتقل الدم إلى جوف حيوان فان استصحاب بقاء الاضافة لا يكفى في الحكم بالنجاسة في الفرض إذا المفروض ان النجاسة لم تثبت لدم الانسان على الاطلاق بل ثبتت له في الجملة و استصحاب نجاسته السابقة فرع إحراز كونه دم الانسان و استصحاب الموضوع اعنى كونه دم الانسان لا ينفع في جريان استصحاب الحكم كما تقرر في محله لكن الاشكال مبنى على القول بعدم الرجوع إلى العرف في تشخيص موضوع الاستصحاب و الا فلا شبهة في مساعدة العرف على بقاء الموضوع في الفرض فلا مانع من جريان استصحاب الحكم كما فى الفرض الاتى و هو ما لو اضيف إلى ما انتقل اليه حقيقة و صح سلب اضافته عن الانسان لكن لم يكن دليل اجتهادي دال على طهارة دم الحيوان الذي اضيف اليه اما لانصراف ما دل على طهارة دم ما لانفس له أو مطلق اجزائه عن مثل هذا الدم الغير الطبيعي المستقر في جوفه أو لكونه من الشبهات المصداقية التي لا يتمسك فيها بالعمومات كالحية التي وقع الكلام في ان لها نفسا سائلة ام لا فان قلنا بالرجوع إلى العرف في تشخيص موضوع الاستصحاب كما هو التحقيق جرى الاستصحاب و حكم بنجاسته اذ المفروض كونه بعد الانتقال لدى العرف بعينه ذلك الدم الذي حكم بنجاسته عند اضافته إلى الانسان فيقال عرفا ان هذا الدم حين اضافته إلى الانسان كان نجسا و بعد سلب الاضافة عنه شك في بقاء حكمه فليستصحب و ان قلنا بان المرجع في تشخيص الموضوع هو العقل أو عناوين الادلة المتلقاة من الشرع لم يجر لتبدل الموضوع فيحكم حينئذ بطهارته لقاعدتها فظهر لك بما ذكرنا حكم جميع صور الانتقال و اتضح ان مقتضى القاعدة بقاء المنتقل على ما كان من الطهارة و النجاسة و الحلية و الحرمة ما لم تتحقق الاستحالة الا ان يدل دليل اجتهادي سالم من المعارض على خلاف و قد نفى البأس عن دم البراغيث و البق و أشباههما في جملة من الاخبار ( منها ) مكاتبة محمد بن الريان قال كتبت إلى الرجل هل يجرى دم البق مجرى دم البراغيث و هل يجوز لاحد ان يقيس دم البق على البراغيث فيصلى فيه و ان يقيس على نحو هذا فيعمل به فوقع ( ع ) يجوز الصلوة و الطهر افضل و خبر غياث عن جعفر ( ع ) عن ابيه ( ع ) قال لا بأس بدم البراغيث و البق و بول الخشاشيف و صحيحة ابن ابى يعفور قلت لابى عبد الله ( ما تقول في دم البراغيث قال ليس به بأس قلت انه يكثر و يتفاحش قال و ان كثر و رواية الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن دم البراغيث في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلوة قال لا و لا ريب في شمول دم البق و البراغيث و أشباههما للدم المجتمع في جوفها الذي كثيرا ما يصيب الثوب أو البدن عند قتلها أو قذفها له بل هذا هو القدر المتيقن الذي ينسبق إلى الذهن ارادته من الروايات دون دمها الاصلى و يدل على طهارة ما انتقل إلى جوف البق و البرغوث و نحوهما من دم الانسان و نحوه استقرار اليسرة على عدم التجنب عنه فلا ريب فيه و الله العالم و اما الاسلام فلا شبهة في كونه موجبا لارتفاع نجاسة الكفر و هل يقبل الاسلام من المرتد الفطري ام لا يقبل فيه خلاف نسب إلى ظاهر المشهور و صريح جملة منهم العدم و عن جماعة من المتأخرين القبول مطلقا و قيل يقبل باطنا لا ظاهرا و عن ظاهر بعض التفصيل بين إنكار الشهادتين أو احديهما و بين إنكار شيء من الضروريات فلا يقبل في الاول و يقبل في الثاني و عن اخر التفصيل بين ما يتعلق بعمل نفسه و بالنسبة إلى ما يتعلق بالغير فبالنسبة إلى نفسه يعامل معاملة المسلم فيبنى على طهارة بدنه و صحة وضوئه و غسله فيصلى و يصوم و بالنسبة إلى الغير فهو نجس العين بل لا يظن بأحد
من القائلين بعدم القبول الالتزام بجواز تركه للصلوة و الصوم و غيرهما من الاشياء المشروطة بالطهور التي تعذرت في حقه بناء على كفره و نجاسته و لذا جعل القائلين ( القائلون ) بالقبول كونه مكلفا بالعبادات المشروطة بالطهور من أقوى أدلتهم عليه و الحق قبول اسلامه ظاهرا و باطنا بلا شائبة ارتياب فيه و الدليل عليه امران الاول صدق المؤمن عليه بعد ان امن بالله و برسوله و صدق رسوله صلى الله عليه و اله في جميع ما أنزله الله تعالى عليه و اعترف بذلك و تدين به لغة و عرفا و شرعا اما الاولان فواضح و اما شرعا فلما عرفت عند التكلم في كفر منكر الضروري من تحديد الايمان في الاخبار المعتبرة بذلك و لا ينافيه ما في جملة من الاخبار من المرتد الفطري يقتل و لا يستتاب كصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر ( ع ) عن المرتد فقال من رغب عن الاسلام و كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و آله بعد اسلامه فلا توبة له و قد وجب قتله و بانت منه إمرأته و يقسم ما ترك على ولده و رواية عمار قال سمعت أبا عبد الله ( ع ) يقول كل مسلم بين المسلمين ارتد عن الاسلام و جحد محمدا بنبوته و كذبه فان دمه مباح لمن سمع ذلك منه و إمرأته بائنة منه يوم ارتد و يقسم ماله على ورثته و تعتد إمرأته عدة المتوفى عنها زوجها و على الامام ( ع ) ان يقتله و لا يستتبه و خبر الحسين بن سعيد قال قرأت بخط رجل إلى ابى الحسن الرضا ( ع ) رجل ولد على الاسلام ثم كفر و اشرك و خرج من الاسلام هل يستتاب او يقتل ( فكتب ( ع ) يقتل و لا يستتاب فان المراد بهذه الروايات على الظاهر ) عدم قبول توبته بالنسبة إلى الاثار الشرعية الدينوية المسببة عن كفر لا عدم قبولها في الواقع بينه و بين الله تعالى بالنسبة إلى ما يتعلق بامر الاخرة هذا مع ان عدم قبول توبته معناه ان ندامته على كفره الصادر منه موجبة لمحوه و صيرورته كالعدم و هذا لا يقتضى عدم قبول اسلامه الذي سيصدر منه فيما بعد غاية الامر ان اسلامه اللاحق لا يوجب الجب عما سبقه كما يوجبه في المرتد نعم مقتضاه ان لا يكون مجرد إظهاره للندامة و الاستغفار الذي يتحقق به التوبة كافيا في صيرورته مسلما بل عليه ان يجدد اسلامه بإظهار الشهادتين بعد التوبة على تأمل و الحاصل ان عدم قبول التوبة لا ينافي الاسلام و دعوى استلزام عدم القبول للخلود في النار و هو ينافى الاسلام ( مدفوعة ) بان المسلم انما هو خلود من مات كافرا لا مطلق من كفر بحيث عم مثل الفرض و بما ذكرنا ظهر ان نسبة القول بعدم قبول اسلام المرتد الفطري إلى المشهور لا تخلو عن ( من ) نظر فانهم على ما حكى عنهم لم يصرحوا الا بعدم قبول توبته و هو لا يدل على المدعى بل لا يبعد ان يكون مقصودهم عدم قبولها بالنسبة إلى بعض اثار التي ( الذي ) تقدم التنبيه عليها ( عليه ) في النصوص المتقدمة في مقابل العامة و ابن الجنيد من الخاصة حيث حكى عنهم القول بقبول توبته مطلقا و عدم الفرق بينه و بين المرتد الملي و الله العالم ( الثاني ) ما تقدمت الاشارة اليه من انه لا ينبغي الارتياب في كونه مكلفا بالاسلام و بشرايعه و هذا يدل على كونه ممكنا في حقه و مجزيا عنه و دعوى ان التكليف لا ينافيه الامتناع بالاختيار ( مدفوعة ) بما تقرر في محله من منافاة الامتناع التكليف مطلقا و ان كان عن اختيار ( نعم ) الامتناع الاختياري لا ينافي اتصاف الفعل الذي صيره ممتنعا بكونه مقدورا و متعلقا للتكليف قبل ان يجعله ممتنعا و كون تركه تركا اختياريا موجبا لاستحقاق العقاب عليه و دعوى سقوط التكليف عنه بصيرورته ممتنعا في حقه فحاله بعد الارتداد كحاله بعد الموت ( مدفوعة ) بعد الغض عن إمكان دعوى القطع بان الله تعالى لم يرفع القلم عنه بان مقتضى عموم ادلة التكاليف المشروطة بالاسلام أو بالطهور و وجوب الاسلام على كل مكلف شمولها للمرتد فيجب ان يكون الاسلام في حقه ممكنا و الرواية الدالة على انه لا توبة للمرتد بعد تسليم ظهورها في المدعى لا تصلح قرينة لصرف هذه الادلة و تخصيصها بغير المرتد فان التصرف فيها بحملها على المعنى الذي تقدمت الاشارة اليه أهون من تخصيص هذه الادلة و قد يقال بشمول هذه الادلة للمرتد مع الالتزام بتعذر اسلامه بدعوى ان توجيه الخطاب اليه من قبيل التكليف الصوري الذي أريد به التسجيل و إثبات العقاب عليه و فيه مع انه من أبعد التصرفات يرد عليه انه لا يعقل التسجيل و إثبات العقاب بإيجاب الممتنع لكونه معذورا في الامتثال و انما يعقل ذلك فيما إذا كان المامور به في حد ذاته مقدورا للمكلف و لم يكن المكلف ممتثلا فحينئذ قد يقصد الامر بطلبه مع علمه بان المأمور لا يمثل إتمام الحجة للتسجيل و إثبات العقاب فلا يقصد بطلبه في الفرض الا التكليف الحقيقي المقصود به الالزام بالفعل و وجوب إيجاده و لا ينافيه علمه بان العبد لا يمثل فلو ندم العبد و عزم على الامتثال أو فرض كون المولى مخطأ في اعتقاده يأتى العبد بالفعل المأمور به بقصد إمتثال امره فليس التكليف في الفرض صوريا كما لا يخفى على المتامل و قد يقال ان مقتضى تكليفه بالعبادات تحقق الاسلام منه بالنسبة إلى صحة الصلوة و كذا طهارته بالنسبة إلى نفسه دون الاسلام المطلق الموجب للطهارة المطلقة و فيه ان ما دل على اشتراط الصلوة و الصوم بالاسلام و الطهارة انما دل على اعتبار مطلقهما لا بالاضافة فان كان و لا بد من الالتزام بصحة عباداته مع بقائه كافرا فيلتزم بسقوط الاشتراط لا حصول الشرط بالاضافة و كيف كان فلا ينبغي الارتياب في ضعف هذه الاقوال و عدم صلاحية الاخبار الدالة على عدم قبول توبته لاثباتها و يدل عليه ايضا بل و على قبول توبته و صحة عباداته رواية محمد بن مسلم عن ابى جعفر ( ع ) فيمن كان مؤمنا فحج و عمل في ايمانه ثم اصابته في ايمانه فتنة فكفر ثم تاب و امن قال يحسب له كل عمل صالح في ايمانه و لا يبطل منه شيء فان المفروض في السوأل بحسب الظاهر اعم من المرتد الفطري و ظاهر الجواب تقريره في قبول توبته هذا كله مضافا إلى الادلة الدالة على
محبوبية الاسلام و التوبة من كل احد الابية عن التخصيص المعتضدة ببعض المؤيدات العقلية و النقلية كيف مع ان من الامور الواضحة ان من اكبر مقاصد الامير و الحسنين عليهم السلام في حروبهم و غيرها استتابة المرتدين من الخوارج و النواصب و الغلاة الذين اعترفوا بالهية أمير المؤمنين و انهم عليهم السلام كانوا يقبلون توبة من رجع منهم و يعاملون معه معاملة المسلم و توهم كون ذلك من باب المماشاة لبعض المصالح في غاية الضعف و استدل للتفصيل بين من أنكر الشهادتين و بين من أنكر ضروريات بعدم القبول في الاول دون الثاني بالشك في شمول الادلة النافية للتوبة لمنكرى الضروري فيبقى عمومات التوبة بحالها و فيه نظر مع انك عرفت قصور الادلة النافية عن إثبات الجزء الاول من مدعاه ( تنبيه ) عد بعض الاصحاب من جملة المطهرات غيبة الانسان و زوال العين من باطنه و من بدن الحيوان أقول اما طهارة بدن الحيوان بعد زوال العين فقد عرفت في مبحث الاسئار انه مما لا ينبغي الاستشكال فيه لكن لو منعنا سراية النجاسة من المتنجسات الجامدة الخالية من العين كما نفينا عنه البعد عند التكلم في مسألة السراية اشكل استفادة طهارة الحيوان من الادلة المتقدمة في ذلك المبحث فانها لا تدل الا على طهارة السؤر التي لا ينافيها بقاء الحيوان على نجاسته على هذا التقدير فليس حكم الحيوان حينئذ مخالفا لحكم سائر المتنجسات و مقتضى الاصل انفعاله بالملاقاة و بقاء نجاسته إلى ان يغسل فلا يجوز اتخاذ جلده أو صوفه ثوبا للمصلى ما لم يغسل و اما بواطن الانسان فلا ينبغي الارتياب في طهارتها بعد زوال العين و ان صحبتها رطوبات ملاقية للعين كما هو الغالب فيها لقضاء الضرورة به ( بها ) في الجملة فضلا عن انعقاد الاجماع عليه ( عليها ) كما صرح به واحد و يدل عليه مضافا إلى ذلك ما رواه عبد الحميد بن ابى الديلهم قال قلت لابى عبد الله عليه السلام رجل يشرب الخمر فيبصق فأصاب ثوبي من بصاقه قال ليس بشيء و يؤيده الاخبار المستفيضة الواردة في الاستنجاء و فى دم الرعاف المتقدمة في محلها التي وقع فيها التصريح بانه انما يغسل الظاهر لا الباطن فلا شبهة في أصل الحكم اجمالا و انما الاشكال في انه هل ينجس البواطن و كذا بدن الحيوانات بوصول النجاسة إليها فيكون زوالها مطهرا لها ام لا تنجس من اصلها فيكون على هذا التقدير عده من جملة المطهرات مبنيا على المسامحة لكن لا يترتب على حل الاشكال فائدة مهمه عدا استصحاب نجاسة المحل عند الشك في بقاء الحال للحكم بنجاسة ما يلاقيه كما تقدم التنبيه عليه في مبحث الاسئار و عرفت في ذلك المبحث ان استصحاب نفس العين مجد في الحكم بنجاسة الملاقى فراجع ( نعم ) لو قلنا بان طهارة الباطن ايضا كطهارة الظاهر شرط في صحة الصلوة و نحوها و لم نقل بمانعية حمل النجس من حيث هو لترتبت عليه ثمرة مهمة لكن المبني فاسد لعدم الدليل عليه ( و كيف كان ) فالاشكال انما هو فيما لو أصابت البواطن نجاسة خارجية و اما النجاسة الواصلة إليها من الجوف فضلا عن النجاسة المتكونة فيها فلا ينبغي الاستشكال في عدم كونها مؤثرة في تنجيسها لعدم الدليل على ثبوت الاثار للنجاسات قبل بروزها في الخارج لانصراف ما دل عليها من النص و الاجماع عما لم تخرج بل ربما يدعى الاجماع على انه لا اثر لها ما دامت في الباطن و لذا حكم بطهارة ماء الحقنة أو الابرة النافذة في الجوف و نحوها إذا خرجت نقية بل قد يقال بقصور ما دل على نجاسة ملاقيات النجس عن شمول البواطن الملاقية له و ان كانت النجاسة خارجية لان مستند الحكم بالنجاسة اما النص أو الاجماع و لا يخفى ان النصوص الدالة عليه موردها الثوب و ظاهر البدن و الاوانى و أشباهها فلا يتخطى عن موردها الا بالاجماع و لا إجماع في الفرض و لو لم ندع الاجماع على خلافه و فيه ما عرفته عند التكلم في قبول بعض الاشياء الغير القابلة ( بل ) للعصر للتطهير من ان مقتضى الاصل الاولى المستفاد من تتبع النصوص و الفتاوى المعتضدة بمغروسية في اذهان المتشرعة انما هو نجاسة الاجسام الملاقية للنجس مطلقا و لذا لا يتوهم احد فرقا في ساير الاشياء بين ظواهرها و بواطنها و انما نشاء الشك في خصوص المقام من العلم بانه لا اثر للنجاسات الملاقية للبواطن بعد زوال عينها فحيث لم يعهد كون زوال العين من المطهرات ( في الشريعة يشك في كون الكلية المستفادة عن النصوص و الفتاوي مخصصه بالنسبة إليها فالأَوفق بالقواعد ابقاء القاعدة على عمومها و الالتزام بكون زوال العين من الطهرات ) هذا و لكن الانصاف ان القاعدة و ان كانت في حد ذاتها مسلمة لكن عمومها مجد في نظائر المقام لان مسند العموم اما القطع بمناط الحكم المنافى للترديد في خصوص المورد أو الاستقراء و نحوه من الادلة اللبية الغير الراجعة إلى عموم لفظي حتى يتمسك في موارد الشك بأصالة عدم التخصيص أو وقوع التعبير به في فتوى الاصحاب و معاقد إجماعاتهم المحكية حيث عبروا فيها بان كل جسم لاقى نجسا ينجس فيستكشف من ذلك كون القاعدة بعمومها متلقاة من الشرع على سبيل الكلية و هذا بعد التسليم انما يجدى بالنسبة إلى الموارد التي عمتها كلماتهم و اما البواطن فلم يعلم ارادتها منها بل الظاهر انصرافها عنها إذا المتبادر من حكمهم بنجاسة كل جسم لاقى نجسا إرادة النجاسة التي لا تدور مدار بقاء العين و الحاصل ان العلم بان الاصحاب مجمعون على انه لا اثر للملاقاة بالنسبة إلى البواطن بعد زوال العين مانع من ظهور كلماتهم في ارادتها من العموم و لذا لا يستكشف رأيهم فيها على وجه يجوز استناده إليهم من عموم حكمهم بنجاسة ما يلاقى النجس هذا مع ان استكشاف صدور عموم لفظي من المعصوم من فتاوى الاصحاب بحيث يعامل معه بما يقتضيه قواعد الالفاظ ممنوع فالأَشبه هو الحكم بعدم انفعال البواطن و بقائها على ما كان من الطهارة و كذلك الكلام في بدن الحيوان على المشهور من القول بطهارته بعد زوال
العين و الله العالم و لو لاقى النجاسة الخارجية الواصلة إلى الجوف في الجوف جسما طاهرا خارجيا كما لو شرب خمرا أو دما ثم ابتلع درهما فتلاقيا في الجوف نجس الدرهم و لا يطهر الا بغسله كما لو تلاقيا في الخارج لاطلاقات الادلة الدالة على نجاسة ما يلاقى الخمر أو الدم أو غيرهما من النجاسات و عدم انصرافها إلى وقوع الملاقاة في مكان دون مكان بل لو لاقى الجسم الخارجي نجاسة باطنية في بعض البواطن التي تظهر للحس كالفم و مقدم الانف و باطن الاذن و نحوها لا يبعد الالتزام بنجاسته فان ما ادعيناه انفا من انصراف ما دل على اثار النجاسات عن النجاسات الباطنية الكامنة في الجوف قبل بروزها بالنسبة إلى الدم الواصل إلى مقدم الانف أو المجتمع في الفم و نحوه قابل للمنع فالقول بكون ملاقاة الدم و نحوه في الفم و أشباهه كالملاقاة في خارجه قوى مع انه احوط و الله العالم و اما غيبة الانسان فهي بنفسها ليست من المطهرات جزما و لكنها يوجب الحكم بطهارته و طهارة ما يتعلق به من الثياب و نحوها مع احتمال طرو الطهارة لامع القطع بعدمها بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر بل عن بعض دعوى الاجماع عليه و يشهد له استقرار اليسرة عليه و كون اشتراط تحصيل العلم بطهارة من علم نجاسته او نجاسة شيء مما يتعلق به من الثياب و نحوها في جواز مساورته أو الصلوة خلفه أو نحوهما من الاشياء المشروطة بالطهارة موجبا للحرج و يؤيده بل يشهد له الاخبار الدالة على كراهة سؤر الحائض و الجنب المتهمتين و نفى البأس عن سؤرهما إذا كانتا مأمونتين إلى ذلك من الشواهد و المؤيدات و هل يكفى مجرد احتمال الطهارة الناشي من الغيبة ام يعتبر الظن بها ام لا يكفى مطلق ايضا بل الظن الخاص الحاصل من شهادة حاله أو مقاله فيعتبر على هذا التقدير علمه بالنجاسة و اخباره بزوالها أو معاملة معاملة الطاهر بحيث يظهر منه ذلك وجوه بل أقول ذهب شيخنا المرتضى ره إلى الاخير نظرا إلى انه هو القدر المتيقن الذي يمكن إثباته بالاجماع و اليسرة و دليل نفى الحرج و غيرها و لا يكاد يستفاد منها ازيد من ذلك و انه بحسب الظاهر من باب تقديم الظاهر على الاصل و لذا استشهد واحد بظهور حال المسلم في تنزهه عن النجاسة و بالاخبار الدالة على وجوب تصديق المسلم و عدم اتهامه و لا يتم الظهور الا في الصورة المفروضة فالظاهر ان كل من تمسك له بظاهر الحال لا يقول الا بهذا القول بل هذا هو ظاهر كل من اشترط عمله بالنجاسة كما حكى عن صريح الشهيدين و ظاهر غيرهما فان من المستبعد اشتراطهم لعلمه بالنجاسة و عدم اعتبار تلبسه بما يشترط بالطهارة و المراد بالظن الخاص بحسب الظاهر هو الظن الثاني الحاصل من الامارة الخاصة لا الظن الفعلى فان من المستبعد التزام احد بذلك و كيف كان فهذا الوجه و ان كان قويا لكن الاقوى هو الوجه الاول اعنى كفاية مجرد الاحتمال الناشي من الغيبة و عدم اشتراط علمه بالنجاسة و لا تلبسه بما يشترط بالطهارة فان عمدة مستند الحكم هو ( هي ) استقرار السيرة من صدر الشريعة على المعاملة مع المسلمين و ما يتعلق بهم معاملة الطاهر بمجرد الاحتمال من فرق بين سبق علمهم بالنجاسة و عدمه و لا بين كون من يعامل معه معاملة الطاهر ممن يظهر من حاله التجنب عن النجاسة أو يظهر عدمه أو يشتبه حاله فان الظاهر من حال العامة و كثير من الخاصة انهم لا يجتنبون عن كثير من النجاسات و ربما يعتقدون طهارتها و يزعمون طهارة الميتة بالدباغة مع انه لم يعهد التجنب عنهم و لا عما عليهم من اللبأس كما انه لم يعهد التجنب عما في أيديهم nو اسوائهم من الجلود و نحوها من الاشياء التي مقتضى الاصل فيها النجاسة و بنائهم على عدم التجنب عنها مع حصول العلم غالبا اما تفصيلا أو اجمالا بمباشرتهم للنجاسات و مخالطتهم مع الكفار و عدم التطهر منها الا من باب الاتفاق ( فالقول ) باشتراط الظن بالطهارة فضلا عن ان يكون من سبب خاص كانه نشأ عن الغفلة عما عليه بناء عامة الناس في معاملاتهم و مشاوراتهم مع العامة و الخاصة مع ان من المعلوم انه لو لم يكن الامر في صدر الشريعة باسوء من ذلك لم يكن بأحسن منه بل لو لا البناء على الاكتفاء بالاحتمال لاختل نظم عيشهم ( فدعوى ) اندفاع الحرج لدى العمل بظاهر الحال مسموعة لكن لا يخفى عليك انه انما يتم الاستشهاد بالسيرة و نفى الحرج لاثبات المدعى بناء على ما هو المشهور من كون المتنجس على الاطلاق و الا فلا يخلو الاستدلال بهما عن ( من ) نظر فالمتجه بناء على ما نفينا عنه البعد من عدم السراية هو القول الاخير و الله العالم و هل يعتبر في الاعتماد على ظاهر الحال أو مطلق الاحتمال كون من يحكم بطهارته مكلفا اى عاقلا بالغا كما يظهر من بعض ام لا وجهان أظهرهما العدم لعدم كون البلوغ ملحوظا فيما جرت عليه اليسرة بل يكفى على الظاهر كونه ممن من شأنه مراقبة أحواله في التطهر و نحوه و اما المميز فليس موردا لهذا الاصل فلو لم يجر عليه يد الغير لا يحكم بطهارته الا بعد العلم بارتفاع النجاسة السابقة و عند جريان يد الغير عليه هو بمنزلة سائر ما يتعلق بذلك الغير مما ستعرف حكمه و هل يختص مورد الحكم بشخصه و ثيابه و ما هو بمنزلتها أو يعم مطلق ما يتعلق به من اثاث بيته و نحوها فيه ترد و لكن لو أخبر بطهارتها يقبل قوله على الاظهر لما عرفت عند التكلم في اخبار ذي اليد بالنجاسة من ان الاقوى قبول قول صاحب اليد في مثل هذه الامور و الله العالم و يطهر التراب اي الارض كما وقع التعبير بها في النافع فان المطهر هى ( هو ) الارض التي وقع التعبير بها في أكثر الفتاوى و معقد الاجماع المحكي عن واحد كما فى الجواهر و يشهد به النصوص المعتبرة
الاتية فما فى المتن و محكى القنعة و التحرير من التعبير بالتراب بل و كذا في النبويين الايتين اما لشيوع التعبير عنها به أو لكون المقصود بيان مطهريته على سبيل الاجمال لباطن الخف و أسفل القدم و النعل بلا خلاف على الظاهر في أصل الحكم اجمالا عدا ما حكى عن الخلاف مما يظهر منه المخالفة حيث قال إذا أصاب أسفل الخف نجاسة فدلكه في الارض حتى زالت تجوز الصلوة فيه عندنا ثم قال دليلنا انا بينا فيما تقدم ان ما لا تتم الصلوة فيه بانفراده جازت الصلوة فيه و ان كانت فيه نجاسة و الخف لا تتم الصلوة فيه بانفراده و عليه إجماع الفرقة انتهى فانه يظهر منه القول ببقاء النجاسة و العفو عنها و لاجل مخالفة هذا الظاهر لظاهر اغلب النصوص و صريح الفتاوى لم يرض جملة من المتأخرين الذين تعرضوا النقل قوله بنسبته اليه فاولوا كلامه إلى ما لا ينافى المشهور حتى ان المحقق البهبهانى في حاشية المدارك تأمل في ظهور كلامه فيما ذكر و قال بل الظاهر ان استدلاله فيه غفلة منه و كيف كان فالظاهر عدم خلاف يعتد به في المسألة كما ان الظاهر عدم خلاف يعتد به بالنسبة إلى المذكورات في المتن فما عن بعض من تخصيص الاول بالذكر أو الاخير أو الاول و الثاني أو الثاني و الثالث أو الاول و الثالث بحسب الظاهر جار مجرى التمثيل كما يشهد بذلك ما عن جامع المقاصد من دعوى الاجماع على المذكورات مع اضافة كل ما ينتقل به عادة كالقبقاب و نحوه و على تقدير تحقق الخلاف في أصل المسألة أو في شيء منها فضعيف محجوج بما ستسمعه و مستند الحكم اخبار كثيرة منها النبويان العاميان أحدهما إذا وطي أحدكم الاذى بخفيه فطهورهما التراب و الاخر إذا وطي أحدكم بنعليه الاذى فان التراب له طهور و ( منها ) صحيحة الاحول عن ابى عبد الله ( ع ) قال في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده ما كانا نظيفا قال لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك و رواية المعلى بن خنيس قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق فيسيل منه الماء امر عليه حافيا فقال أ ليس ورائه شيء جاف قلت بلى قال فلا بأس ان الارض يطهر بعضها بعضا و صحيحة محمد الحلبي أو موثقته قال نزلنا في مكان بيننا و بين المسجد زقاق قذر فدخلت على ابى عبد الله ( ع ) فقال اين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال ان بينكم و بين المسجد زقاقا قذرا أو قلنا له ان بيننا و بين المسجد زقاقا قذرا فقال لا بأس ان الارض يطهر بعضها بعضا قلت فالسرقين الرطب اطأ عليه فقال لا يضرك مثله و عن مستطرفات السرائر عن محمد الحلبي عن ابى عبد الله ( ع ) قال قلت له ان طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه و ليس على حذاء فيلصق برجلي من نداوته فقال أ ليس تمشى بعد ذلك في ارض يابسة قلت بلى قال فلا بأس ان الارض يطهر بعضها بعضا قلت فاطأ على الروث الرطب فقال لا بأس انا و الله ربما وطئت عليه ثم أصلي و لا اغسله و رواية حفص بن ابى عيسى قال قلت لابى عبد الله ( ع ) انى وطئت على عذرة بخفي و مسحته حتى لم ار فيه شيئا ما تقول في الصلوة فيه قال لا بأس و صحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر ( ع ) رجل وطي على عذرة فساحت رجله فيها أ ينقض ذلك وضوئه و هل يجب عليه غسلها فقال لا يغسلها الا ان يقذرها و لكنه يمسحها حتى يذهب اثرها و يصلى و لا يخفى عليك ان وضوح دلالة اغلب الاخبار على الطهارة المعتضدة بفهم الاصحاب و فتويهم يغنينا عن التكلم في دلالة كل واحدة منها على المدعى و ان كان الانصاف عدم قصور شيء منها عن إثباته و لو في الجملة حتى رواية حفص الدالة على نفى البأس عن الصلوة في الخف الذي لا يشترط فيه الطهارة حيث ان محط نظر السائل بحسب الظاهر هو السوأل عنه من حيث حصول الطهارة بالمسح فالمقصود بنفي البأس عنه بحسب الظاهر بيان صيرورته ظاهرا و عدم الحاجة إلى غسله و لو بلحاظ كراهة الصلوة في الخف النجس و ربما يستدل له ايضا بصحيحة زرارة عن ابى جعفر ( ع ) قال جرت السنة في اثر الغائط بثلثة أحجار ان يمسح العجان و لا يغسله و يجوز ان يمسح رجليه و لا يغسلهما و فيه نظر لقوة احتمال ان يكون المراد بمسح رجليه في الوضوء و كون هذا النحو من التعبير جاريا مجرى التقية و كيف كان ففى ما عداها غنى و كفاية ثم ان مقتضى إطلاق صحيحة الاحول و ترك الاستفصال في صحيحة الحلبي الاولى اطراد الحكم في كل ما يتعارف المشي به من أسفل القدم و النعل و ما جرى مجريهما و يؤيده فتوى الاصحاب و ما سمعته من جامع المقاصد من دعوى الاجماع عليه و يؤيده ايضا إطلاق العلة المنصوصة في واحد من الروايات من ان الارض يطهر بعضها بعضا و الظاهر ان المراد بالبعض الثاني هو النجاسة الواصلة إلى الرجل أو النعل و نحوه و تسميتها بعض الارض لتبعيتها لها في الاسم فيما هو المفروض في الروايات و المراد بتطهيرها اما ازالة نفسها بحيث لا يبقى لها اثر أو ازالة اثرها اى النجاسة الحاصلة من ملاقاتها كما فى قولنا الماء يطهر البول فانه يستعمل في كلا المعنيين و احتمل بعض ايضا ان يكون المراد بالبعض الاجزاء الارضية المتنجسة التي تستصحبها الرجل أو الخف بمصاحبة النجاسة فيستفاد من ذلك طهارة الرجل و الخف بالتبع و فيه ان يكون المراد به بعض الارض حقيقة و المقصود به بيان ان بعض الارض يطهر بعضها الاخر بإذهاب النجاسة عنه أو باشره في استحالتها أو استهلاكها الموجب لارتفاع الموضوع فيكون الاستدلال بهذه القضيه لطهارة الرجل و الخف مبنيا على تنزيلهما منزلة الارض بعلاقة المجاورة و المناسبة المقتضية للمشاركة في الحكم و قيل ايضا باحتمال ان يكون المراد بالبعض الاول هو البعض
الطاهر من الارض و بالبعض الثاني شيئا مبهما فمعناها ان الارض الطاهرة تطهر بعض الاشياء الذي من جملته مورد السوأل فعلى هذا تخرج الرواية من صلاحيتها للتاييد فضلا عن ان يمكن الاستدلال بها للمدعى لكن لا ينبغي الاعتناء بمثل هذا الاحتمال فالإِنصاف ان التعليل الوارد في الروايات و ان لا يخلو عن ( من ) اجمال و إهمال لكن لا يبعد ان يدعى ان مورد الفتاوى الذي ادعى عليه الاجماع هو القدر المتيقن الذي يفهم حكمه منه فلا اقل من كونه مؤيدا للمدعى فلا ينبغي الاستشكال في الحكم و ربما يستشعر من قوله ( ع ) ان الارض يطهر بعضها بعضا بناء على إرادة النجس من البعض الثاني اختصاص الحكم بالنجاسة الكائنة في الارض كما هو مورد جل اخبار الباب بل كلها و هو خلاف ظاهر الفتاوى او صريحها فلا يبعد ان يكون التعبير جاريا مجرى الغالب من كون النجاسة ناشئة من المشي على الارض مع ما عرفت من قوة احتمال ان يكون المراد به بعض الارض حقيقة فلا يتاتى حينئذ الاستشعار المذكور و كيف كان فاستبعاد مدخلية مثل هذه الخصوصية في موضوع الحكم مانع عن ان يقف الذهن دونها و ان كان اللفظ مشعرا باعتبارها و لذا لم يفهم الاصحاب من هذه الروايات الاختصاص بل لا يتبادر من صحيحة زرارة بل و كذا من غيرها حتى هذه الاخبار المعللة و الاخبار التي وقع فيها التعبير بلفظ الاشتراط كقوله صلى الله عليه و آله إذا وطي أحدكم الاذى ] الخ [ الا ان كون المسح أو المشي على الارض طهورا للرجل أو الخف من العذرة من ان يكون لكيفية وصولها إلى الرجل لكونها بوطائها أو كون محلها الارض دخل في الحكم و لذا لا يتوهم احد فرقا بين كيفيات الوصول و لا بين ان تكون العذرة التي يطاها برجله مطروحة على الارض أو على الفراش و نحوه فان مثل هذه الخصوصيات ليست من الخصوصيات الموجبة لتخصيص الحكم بنظر العرف كما فى سائر الموارد التي وقع فيها السوأل عن أحكام النجاسات مع كون المفروض في موضوعها وصول النجاسة إلى الثوب أو البدن مثلا بكيفيات خاصة فيكون هذه الروايات بعد عدم التفات العرف إلى خصوصيات مواردها بمنزلة اخبار مطلقة لا يرفع اليد عنها الا بدلالة معتبرة اذ لو كان لمثل هذه الخصوصيات دخل في الموضوع وجب التنبيه عليه في مقام الجواب في مثل هذا الحكم العام الابتلاء و ليس في المقام دليل على اعتبار الخصوصية عدا الاستشعار المتقدم المبني على فرض ثابت فالأَظهر عدم الفرق بين كون النجاسة من الارض أو من غيرها و الله العالم و هل يلحق بالقدم أو النعل الخرقة الملفوفة بالرجل أو الجورب و نحوهما مما لم يتعارف استعماله لوقاية الرجل عن الارض ( فيه ) تردد خصوصا إذا لم يجر العادة في خصوص الشخص ايضا على استعماله فان عدم الالحاق في هذه الصورة هو الاظهر و فى اطراد الحكم بالنسبة إلى خشبة الاقطع و ركبتيه و فخذى المقعد و يدي من يمشى على يديه و ما جرى مجريها و كذا بالنسبة إلى مايوقى به هذه المواضع وجهان من خروج مثل هذه الفروض من منصرف الاخبار و من إمكان دعوى استفادته من الادلة بنحو من الاعتبار و تنقيح المناط الذي يساعد عليه العرف و فيه تأمل فالأَول ان لم يكن أقوى فلا ريب في انه احوط و حكى عن بعض إلحاق كل ما يستعان به على المشي كاسفل العكاز و عصى الاعمى و أسفل العربات و التخوت و نعل الدابة و هو في غاية الاشكال و الله العالم و يلحق بباطن النعل و القدم و ما جرى مجريهما حواشيها التي يتعارف اصابة النجس إليها حال المشي لاطلاق الادلة بل المتبادر من السوأل في صحيحة زرارة إرادة مايعمها فهذه الصحيحة كادت تكون صريحة في المدعى ( تنبيهات الاول ) الظاهر انه لافرق في حصول التطهير بين كونه بالمشي أو المسح كما صرح به في الحدائق و غيره و يدل عليه صحيحة زرارة و رواية حفص بن عيسى المتقدمتين ( متان ) و لا يعتبر في المشي أو المسح مقدار معين بل الحد النقاء كما يدل عليه الخبران المتقدمان و ما في صحيحة الاحول من تحديد المشي بخمسة عشر ذراعا بحسب الظاهر جار مجرى الغالب من كون هذا المقدار من المشي يوجب ازالة النجاسة لا لاعتباره بالخصوص كما يؤمى اليه قوله ( ع ) أو نحو ذلك و على تقدير ظهورها في اعتبار هذا المقدار من حيث هو من باب التعبد يتعين صرفها عن ذلك بقرينة ما عرفت فما عن ابن الجنيد من اشتراط المشي خمسة عشر ذراعا و نحوها ضعيف مع ان عبارته المحكية عنه قابلة للحمل على ما وجهنا به صحيحة الاحول كما يشعر بذلك ما فيها من عطف و نحوها على خمسة عشر ذراعا و يؤيده ايضا ما في ذيل عبارته على ما ذكره في الحدائق من التصريح بالاكفتاء بالمسح و قد اشتهر نسبة القول بكفاية مطلق المسح و لو بغير الارض اليه مستظهرا من هذه العبارة و لعله أراد المسح بالارض لا مطلقا بقرينة سابقه كما ذكره في الحدائق و لا يحضرنى عبارته كى اتحقق حال النسبة و كيف كان فهذا يبعد التزامه باشتراط الخصوصية في المشي من باب التعبد و الله العالم و لو لم يكن للنجاسة جرم كالبول و الماء بعد الجفاف كفى مجرد المسح و حكى عن واحد التصريح بكفاية مطلق المماسة فان أريد به بما يتحقق به اسم المسح أو المشي فهو حسن و الا فلا يخلو عن ( من ) تأمل بل منع ثم ان النقاء الذي اعتبرناه حدا للتطهير انما هو ازالة العين و اما الاثر الذي هو عبارة عن الرائحة و اللون و نحوهما فقد عرفت في محله عدم اعتباره في التطهير بالماء فكيف في التراب المبني امره على التسهيل مع انه يظهر من صحيحة الاحول التي ورد فيها التحديد بخمسة عشر ذراعا عدم اعتبار الاكثار في المشي مع ان من الواضح عدم كون هذا المقدار من المشي غالبا موجبا لازالة الاثر بل ربما يستظهر من هذه الصحيحة و غيرها عدم البأس بالاجزاء الصغار المتخلفة بدعوى ان الغالب بقائها في خلال شقاق