السائمة معه مبنيا على المسامحة العرفية بل لاجل أن حصوله في خلال السوم كحصول الرعي اليسير في مدة كونها معلوفة ليس منافيا لما يفهم عرفا من إطلاق أسم السائمة فالسائمة عرفا تطلق على الدابة التي تكون أكلها بالرعي على النهج المتعارف لدى أهلها و ليس العلف اليسير في خلال الرعي خلاف المتعارف كي يحتاج إلى ألاستدارك إن قلت سلمنا أن العلف اليسير مناف لاطلاق أسم السائمة و لكن هذا إنما يجدي أن جعلنا شرط تعلق الزكاة بألانعام اتصافها بكونها سائمة حتى يحول عليها الحول كما هو مفاد أغلب أدلتها كصحيحة الفضلاء و موثقة زرارة و غيرهما مما دل على اشتراط الابل و البقر و الغنم التي تجب فيها الصدقة بكونها سائمة و إنه لا يجب في شيء من هذه الاصناف الثلاثة حتى يحول عليه الحول عند صاحبه و لكن قد يظهر من قوله عليه السلام في صحيحة زرارة إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل اعتبار كون أكلها بالرعي في تمام حولها فأن قوله المرسلة في مرجها عامها كتابة عن الرعي في تمام السنة و هو أخص من مطلق ألاتصاف بكونها سائمة إذ فرق بين أن يقال أنها سامت تمام هذا الشهر أو تمام هذه السنة و بين أن يقال عليها في تمام هذه السنة أنها سائمة فأن العلف يوما مانع عن الصدق في ألاول دون الثاني قلت الظاهر أنه لم يقصد بقوله المرسلة في مرجها التخصيص بل التوضيح و التأكيد في مقابل المعلوفة و المربوطة عند صاحبها للركوب فالمراد به بحسب الظاهر ليس ألا بيان اعتبار كونها سائمة في تمام عامها بأن يكون أكلها في تمام الحول بالرعي على النهج المتعارف المعهود في رعي الانعام و قد أشرنا إلى أن العلف اليسير خصوصا مثل لحظة أو لحظتين في خلال السوم ليس أمر خلاف المتعارف بل هو أمر شايع قلما يتفق غنم أو أبل أو بقر لا يتفق ذلك بالنسبة إليها في تمام الحول و لا يخرج بذلك عرفا عن مصداق كونها سائمة عامها و من هنا يظهر أن القول بأن العلف اليسير الغير الخارج عما يتعارف حصول مثله كثيرا في خلال الرعي هو الاشبه بأصول المذهب لا ألاول و لو أعتلفت من نفسها بما يعتد به في الخروج عن أن يطلق عليها بالفعل عرفا أنها سائمة بطل حولها لخروجها عن أسم السوم به في الفرض و كذا الحكم لو منع السائمة مانع كالثلج و نحوه فعلفها المالك أو غيره من ماله أو من مال المالك أو من مال ثالث سواء كان بأذنه أو بغير أذنه للخروج في الجميع عن أسم السائمة خلافا للمحكي التذكرة و الموجز و كشفه فيما لو علفها الغير بغير أذن المالك فتلحق بالسائمة أذ لا مؤنة على المالك فيه و فيه ما لا يخفى من عدم الاعتداد بمثل هذه العلة المستنبطة في الاحكام الشرعية التعبدية فألحق دوران الحكم مدار صحة إطلاق أسم السائمة عليها في تمام عامها و عدمه فمتى صدق عليها أسم السائمة وجب فيها الزكاة و إن توقف سومها على صرف مال كثير لمصانعة ظالم أو أستيجار راع و نحوه و متى خرجت عن أسم كونها سائمة أنقطع حولها و إن كان بفعل الغير من ماله نعم قد يشكل في بعض الفروض تشخيص كونها سائمة أو معلوفة كما لو أشترى أو أستاجر أرضا ذات كلاء فرعى غنمه فيها فأنه قد يقال بأن صيرورة علفه ملكا له تجعلها معلوفة و فيه نظر إذ الظاهر عدم منافاة شراء المرعى nو استيجاره لصدق أسم الرعي و الله العالم .
الشرط الثالث الحول : و هو معتبر في الحيوان و النقدين مما تجب فيه الزكاة و في مال التجارة و الخيل مما تستحب فيه بلا خلاف في شيء منها نصا و فتوى على الظاهر بل عليه دعوى الاجماع في الجميع كما في المدارك و غيره و النصوص الدالة عليها متضافرة ففي صحيح الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام إنهما قالا في زكاة الغنم و البقر و كل ما لا يحول عليه الحول عند ربه فلا شيء عليه حتى يحول عليه الحول فإذا حال عليه الحول وجب فيه و فيها أيضا قالا ليس على العوامل من الابل و البقر شيء و إنما الصدقات على السائمة الراعية و كل ما لا يحل عليه الحول عند ربه فلا شيء عليه فإذا حال عليه الحول وجب عليه و في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول و لم يحركه إلى ذلك من الروايات الكثيرة التي سيمر جلها في طي المباحث الاتية فلا حاجة إلى استقصائها وحده أي حد الحول المعتبر في وجوب الزكاة أن يمضي أحد عشر شهرا ثم يهل الثاني عشر فعندها تجب و لو لم تكمل أيام الحول بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر بل عن المعتبر هذا مذهب علمائنا أجمع و في التذكرة قال حولان الحول هو مضى أحد عشر شهرا كاملة على المال فإذا دخل الثاني عشر وجبت الزكاة و إن لم تكمل أيامه بل تجب بدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع و ألاصل فيه ما رواه الكليني ( ره ) عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل كان له مائتا درهم فوهبها لبعض أخوانه أو ولده أو أهله فرارا من الزكاة فعل ذلك قبل حلها بشهر فقال إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول و وجبت عليه فيه الزكاة فهذا على أجماله مما لا خلاف فيه أي لا خلاف في تحقق الوجوب و تنجز التكليف بأداء الزكاة بمضي أحد عشر شهرا و لكنهم اختلفوا في أنه هل يستقر الوجوب بذلك أو يبقى متزلزلا إلى أن يكمل الثاني عشر فأن بقي المال على الشرائط كشف عن استقرار الوجوب بألاول و إن أختلست كلا أو بعضا كشف عن عدم كونها واجبة كما لو حاضت المرئة في أثناء اليوم من شهر رمضان ظاهر فتاوى الاصحاب بل صريح كثير منها ألاول و مال الشهيدان و المحقق الكركي و الميسي و غيرهم على ما حكي عن بعضهم إلى الثاني حجة القول ألاول ظاهر الصحيحة المزبورة المعتضدة بالاجماعات المنقولة المصرحة بأنه إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول و وجبت عليه فيه الزكاة ظاهرها الوجوب المستقر و هي بمدلولها اللفظي حاكمة على مثل قوله صلى الله عليه و آله لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول فلا تصلح شيء من مثل هذه الرواية لمعارضة حجة القول الثاني إن لفظ الحول و كذا العام و السنة المتكرر ذكرها عند بيان شرائط الزكاة عرفا و لغة و شرعا عبارة عن تمام السنة فقوله عليه السلام في الصحيحة المزبورة إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال الحول مبني على التوسعة و التجويز بتنزيل التلبس بالجزء الاخر من الشيء منزلة أتمامه و المتبادر من هذا التنزيل أرادته من حيث شرطيته لتنجيز التكليف بالزكاة و صيرورتها حقا للفقير لا في جميع الاثار فلا ينافيه اعتبار بقاء المال جامعا لشرايط النصاب إلى تمام الحول في أصل تحقق التكليف بحيث لو أختل شيء منها قبل انقضاء عدد أيامها إلا باختيار المكلف كشف عن عدم تحققه في الواقع نظير شرطية بقاء المرئة طاهرة عن الحيض إلى الغروب لوجوب الصوم من أول النهار و قد أسلفنا في أول كتاب الطهارة توجيه هذا النحو من الشرائط بحيث يندفع به ما قد يتوهم من استلزامه تقديم المعلول على علته فراجع و قد يلوح من كلام المحدث الكاشاني المحكي عن و فيه إنكار دلالة الخبر المزبور على أصل الوجوب أيضا بل على حرمة الفرار من التكليف بالزكاة بعد أستقرارها في المال ببلوغ هذا الحد فقال ما لفظه لعل المراد بوجوب الزكاة و حول الحول رؤية الهلال الثاني عشر الوجوب و الحول المريد الفرار بمعنى أنه لا يجوز الفرار حين استقرار الزكاة في المال بذلك كيف و الحول معناه معروف و ألاخبار بإطلاقه مستفيضة و لو حملناه على