استقرار الزكاة فلا يجوز تقييد ما ثبت بالضرورة من الذين يمثل هذا الخبر الواحد الذي فيه ما فيه و إنما يستقيم بوجه من التكلف انتهى و في الحدائق بعد أن نقل هذه العبارة قال و هو جيد لو لا اتفاق الاصحاب قديما و حديثا على العمل بمضمونه في الزكاة مطلقا لا بخصوص هذا الفرد الذي زكاه ثم قال و مما يؤيد ما ذكره طاب ثراه صحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام لما نزلت أية خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و أنزلت في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه و آله مناديه فنادي في الناس إن الله تعالى فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ففرض عليهم من الذهب و الفضة و فرض عليهم الصدقة من الابل و البقر و الغنم و من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و نادى فيهم بذلك في شهر رمضان و عفى عما سوى ذلك قال ثم لم يتعرض لشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا و أفطروا فأمر مناديه فنادي في المسلمين أيها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلاتكم ثم وجه عمال الصدقة و عمال الطسوق .
أقول : هذه الحصيحة كالنص في أن المراد بحول الحول حقيقته و لكن لا صراحة بل و لا ظهور يعتد به في أنه أريد بهذا حول الحول الذي هو شرط لوجوب الزكاة فمن الجائز تحقق الوجوب من أبتداء الشهر الثاني عشر و كون تأخير ألامر بدفعها و توجيه العمال إليهم عن ذلك كتأخيرها عن شهر رمضان لحكمة راها النبي صلى الله عليه و آله فلا تصلح هذه الصحيحة معارضة للصحيحة السابقة و قد ظهر بما أشرنا اليه في تقريب ألاستدلال للمشهور بالصحيحة المزبورة من حكومتها على سائر الادلة الدالة على اعتبار حول الحول في الوجوب إن ما ذكره المحدث الكاشاني من أنا لو حملناه على استقرار الزكاة فلا يجوز تقييد ما ثبت بالضرورة من الدين بمثل هذا الخبر الواحد لا يخلو من نظر لانه إذا أراد بما ثبت بالضرورة من الدين اعتبار الحول بمعناه الحقيقي الذي هو عبارة عن أثنى عشر شهرا تاما فهذا مما لم يثبت بالضرورة كيف و المشهور إن لم يكن مجمعا عليه خلافه و إن أراد اعتباره بالمعني الذي أريد منه في ألاخبار و في معقد الاجماع و الضرورة التي هي مستند هذا الحكم فغاية ألامر صيرورة ما دل عليه كاية أو سنة متواترة و قد تقرر في محله جواز التصرف في ظاهر الكتاب و السنة المتواترة بالخبر المعتبر خصوصا إذا كان بمنزلة التفسير له كما في المقام فألشان إنما هو في تحقيق مفاد هذه الصحيحة و تشخيص مقدار حكومتها على سائر الادلة .
فأقول : قوله عليه السلام فإذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال الحول لم يقصد به حقيقته جزما لان حول الحول إنما يتحقق بتمامه الذي هو عبارة عن أثنى عشر شهرا كاملا فهذا الكلام مبني أما على التصرف في لفظ الحول باستعماله في أحد عشر شهرا فتكون اللام الداخلة عليه حينئذ للعهد و معناه حينئذ إن الحول الذي اعتبره الشارع في باب الزكاة قد حال بمعنى أحد عشر شهرا فتدل بالالتزام على إن للحول في باب الزكاة معنى شرعيا و هو أحد عشر شهرا أو في أضافة الحولان أليه بتنزيل التلبس بالجزء الاخر منزلة تمامه و هذا مجاز شايع و أما ألاول فمع بعده في حد ذاته مخالف لسوق الرواية حيث إن المنساق منها سؤالا و جوابا في سائر فقراتها ليس إلا استعمال الحول في معناه الحقيقي و أن المقصود بهذه الفقرة تنزيل التلبس بالشهر الثاني عشر الذي به يتم الحول منزلة تمامه كما في قول القائل إذا دخل الساعة الاخيرة من النهار أو إذا زالت الشمس فقد أنقضى النهار و إذا دخل العشر الاخر من شهر رمضان فقد انقضى كما ورد في ألادعية المأثورة هذه أيام شهر رمضان و لياليه قد تصرمت فكون النهار و الشهر و الحول أسما للمجموع بنفسه قرينة أرادة التجوز من نسبة ألانقضاء اليه مع أنه قد ينافيه ما في صدر هذه الصحيحة من تنظير من وهب ماله بعد دخول الشهر الثاني عشر فرارا من التكليف بالزكاة بمن أفطر في شهر رمضان أول النهار ثم سافر أخره في أنه لا يجديه ذلك في الفرار عن الكفارة بعكس ما لو وهب ماله قبل أن يدخل الشهر الثاني عشر فأنه بمنزلة من سافر ثم أفطر فأنك أن تأملت فيه تجده شاهد صدق على أن المقصود بقوله ( ع ) فقد حال الحول ليس انقضاء نفس الحول حقيقة بحيث يحتسب الشهر الثاني عشر من السنة الثانية كما توهمه واحد حيث زعموا دلالة الرواية على أن للحول حقيقة شرعية في هذا الباب فألتزموا بأن الشهر الثاني عشر يحتسب شرعا من السنة اللاحقة فكان المحدث الكاشاني نظر في عبارته المتقدمة إلى ذلك فراه مصادمة الضرورة فمنع جواز إثباته بالخبر الواحد في مقابل السيرة الجارية على بعث عامل الصدقات في كل سنة مرة و الروايات الدالة على أنها لا تجب في كل سنة إلا مرة و أنه لا يزكي مال في غابر من وجهين و أما واحد منها كصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة عن أرادة أحد عشر شهرا من الحول و كيف كان فهذا المعنى مع الغض عن سائر المبعدات في حد ذاته بعيد و المنساق من الصحيحة أنما هو أرادة المعنى الثاني أي التجوز في النسبة بتنزيل دخول الشهر الثاني عشر منزلة انقضاء الحول حكما فالمراد به أما تنزيله منزلته على الاطلاق أي بالنسبة إلى جميع ما يعتبر وجوده في تمام الحول و قضية ذلك استقرار الوجوب بدخول الثاني عشر كما هو ظاهر المشهور أو في خصوص تعلق التكليف بالزكاة دون سائر الشرايط المعتبرة في تمام الحول فيثبت حينئذ به الوجوب مراعا بعدم اختلال سائر الشرائط كلا أو بعضا إلى تمام السنة أو في خصوص الحكم الذي سيقت هذه الفقرة لبيانه أي من حيث حرمة التفويت و أتلاف متعلق الزكاة كما يظهر من المحدث الكاشاني و ألاول أقرب إلى معناه الحقيقي و ألاخير أقرب إلى مفهومه العرفي بالنظر إلى خصوصية المورد و ما يقتضيه الجمع بينه و بين غيره مما دل على اعتبار سائر الشرائط في تمام الحول إذ لا يلزم على تقدير حمله على هذا المعنى التصرف في ظاهرشئ من تلك الادلة بخلاف سائر المحامل مع إن وقوع السوأل عن جواز الاتلاف قبل حله بشهر أو بيوم يصلح أن يكون قرينة على أن يكون المنع عنه بخصوصه هي الجهة الملحوظة لديهم التي ينصرف أليه إطلاق التشبيه فعلى هذا يكون قوله عليه السلام و وجبت الزكاة كقوله فقد حال الحول مبنيا على مجاز المشارفة لكن قد ينافيه ظهور جملة من الفقرات المذكورة في الصحيحة قبل هذه و بعدها بل صراحتها في أرادة الوجوب الحقيقي و صيرورة الزكاة بدخول الشهر الثاني عشر ملكا للفقير كما لا يخفى على من لاحظها و كفاك شاهدا عليه ما تقدمت الاشارة أليه من تنظيره بمن أفطر ثم سافر فقوله عليه السلام و وجبت الزكاة لم يستعمل إلا في معناه الحقيقي فذكره بعد قوله عليه السلام فقد حال الحول تصريح بالحكم المقصود بهذا التنزيل الذي يتفرع عليه حرمة الاتلاف فيبقى الكلام حينئذ في أن المنساق من هذا الكلام هل هو أرادة عموم المنزلة أي بالنسبة إلى جميع الامور التي اعتبر تحققه في تمام الحول في تعلق الزكاة أو خصوص الحكم التكليفي في مقام العمل المنافي لكونه مراعا