مصباح الفقیه

آقا رضا الهمدانی ؛ ناظر: نور الدین جعفریان؛ تحقیق: محمد الباقری، نور علی النوری

جلد 3 -صفحه : 235/ 80
نمايش فراداده

يقوم مال التجارة بالنقدين اوبالاذنى في تشخيص بلوغه النصاب

التجارة تتعلق بقيمة المتاع لا بعينه على المشهور كما في الجواهر بل عن المفاتيح نسبته إلى أصحابنا فأن أرادوا بذلك الاحتراز عن تعلقها بالعين على سبيل الشركة كما هو مقتضى ما ذكروه تفريعا له من جواز تصرف المالك في العين بغير إذن الفقير و غير ذلك من الامور المنافية لتعلقها بالعين على جهة الشركة فقد عرفت في محله أن الاظهر في الاعيان الزكوية أيضا عدم تعلقها بالعين على هذا الوجه و إن أرادوا تعلقها بمفهوم كلي متصادق على النقد المتساوي لمقدار مالية المتاع متعلق بذمة المكلف كما هو مقتضى كلمات بعضهم ففيه إن هذا خلاف المنساق من أدلتها فأن ظاهر قوله كل ما عملت به إذا حال عليه الحول ففيه الزكاة و كذا غيره من الروايات الدالة عليه إنما هو تعلق الزكاة بنفس الاعيان الخارجية المستعملة في التجارة و لكن لا من حيث ذواتها بل من حيث أندارجها في موضوع المال المستعمل في التجارة الذي أنيط به هذا الحكم فأن أريد من الحكم بتعلق الزكاة بقيمة المتاع لا عينه بيان أن الملحوظ في هذه الزكاة هي جهة مالية المتاع لا خصوص شخصه فيلاحظ ربع العشر الذي يجب إخراجه في الزكاة بالمقايسة إليها لا ألى شخصه فهو حق صريح لا مجال لاحد إنكاره و لكنه لا يجدي في تفريع بعض الفروع التي جعلوها ثمرة لتعلقها بالقيمة و لا يهمنا التعرض للفروع بعد أن حققنا عدم الفرق بين زكاة التجارة و غيرها من حيث ظهور أدلتها تعلقها بالعين الذي مقتضاه سقوط التكليف عن المالك بتلف العين بعد الحول بلا تعد منه أو تفريط كما في سائر الاجناس الزكوية عدى إن تعلق هذه الزكاة بالعين باعتبار أندراجها في موضوع المال فالملحوظ فيها جهة ماليتها بخلاف ساير الاجناس فالمكلف به في هذه الزكاة هو إخراج الفريضة المقررة فيها التي هي ربع عشر هذا المال تقريبا بملاحظة ماليته و في ما عداها بملاحظة نفس الاجناس الزكوية من حيث كونها مندرجة في مسميات أساميها فللفقير في مال التجارة ربع العشر قيمته بخلاف ساير الاجناس التي لا مدخلية لقيمها في تعلق الزكاة بها و الله العالم و يقوم المتاع لمعرفة مقدار ماليته التي بملاحظتها اعتبر فيه النصاب و مقدار ما يتعلق به من الزكاة بالدراهم و الدنانير لانهما هما ألاصل المحض في المالية الذي بالمقايسة اليه يعرف مقدار مالية الاشياء في باب الغرامات و غيرها من موارد الحاجة إلى التقويم و هذا أي التقويم بكل منهما مع تساوي نصابيهما في مقدار المالية بأن يكون كل دينار مساويا لعشر دراهم كما لعله كان كذلك في صدر الاسلام مما لا إشكال و لا كلام فيه إذ لا يختلف الحال حينئذ بين تقويمه بالدراهم أو الدنانير و أما مع ألاختلاف فيشكل ألامر حيث أنه قد يبلغ بأحدهما النصاب حينئذ دون الاخر فهل المدار حينئذ على التقويم بأدناهما أو أعلاهما أو خصوص الدراهم سواء كانت أدنى أو أعلى أو التفصيل بين ما كان رأس ماله نقدا فبالنقد الذي أشترى به و بين غيره فبألادنى أو الاعلى وجوه ذهب واحد إلى ألاول كالمصنف ( ره ) في المقام حيث قال تفريع إذا كانت السلعة تبلغ النصاب بأحد النقدين دون الاخر تعلقت بها الزكاة لحصول ما يسمى نصابا و فهى إنه ليس لنا في هذا الباب دليل لفظي واف بإثبات هذا العموم فمقتضى ألاصل برائة الذمة عن التكليف بالزكاة فيما عدى المتيقن و هو ما إذا لم ينقص المال قيمته عن مأتي درهم و لا عن عشرين دينارا إلا أن يقال إن المرجع في مثل المقام هو عموم ما دل على زكاة مال التجارة ألمقتصر في الخارج منه على المتيقن و هو الناقص عنهما و فيه أن العمومات الواردة في هذا الباب بظاهرها مسوقة لبيان أصل المشروعية فليس لها إطلاق أحوالي بالنسبة إلى مصاديقها و لذا لم يقع التعرض فيها لشرطية النصاب و غيره فليتأمل و أما التقويم بخصوص الدراهم فيدل عليه قوله ( ع ) في موثقة إسحاق بن عمار المتقدمة في صدر المبحث و كل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة و الديات و لكن قد يشكل الاعتماد على هذا الحديث بعد أن لم يكن معمولا بظاهره في خصوص مورده و لو بعد ارتكاب التأويل فيه بجمله على أرادة زكاة التجارة إذ لم ينقل عن أحد القول باعتبار التقويم بخصوص الدراهم و لكن الذي يهون الخطب أن نصاب الدراهم بمقتضى العادة هو ألادنى فيكون القول بأعتباره بالخصوص موافقا في مقام العمل عادة مع ما قواه في المتن من العبرة بألادنى كما لعله هو المشهور خصوصا إذا لم يكن رأس ماله من النقدين و أما إذا كان رأس ماله من النقدين فالمشهور بين المتأخرين الاعتبار بما أشترى به فيقوم به لا بغيره و إذا أشترى بكليهما اعتبر التقويم بهما بالنسبة كما صرح به واحد نظرا إلى أن هذا هو المنساق مما دل على وجوب الزكاة في المال الذي يدار في التجارة إذ لا يتبادر منه إلا أرادة زكاة ذلك المال المحفوظ ماليته في تقلباته و هو لا يخلو من قوة و إن كان ألاول أي الاكتفاء ببلوغ النصاب من أحدهما مطلقا و إن كان رأس ماله نقدا مخالفا له فضلا عما لو كان عروضا أحوط خصوصا إذا كان النقد البالغ نصابه هو النقد الغالب الذي قد يقال بتعين الرجوع اليه مطلقا فميا إذا كان رأس المال عروضا و هو لا يخلو من وجه و الله العالم ثم إن ما ذكرناه من التقويم بالنقد ألادنى أو النقد الغالب أو النقد الذي أشترى به إذا كان رأس ماله نقدا إنما هو بالنظر إلى معرفة مقدار ماليته لتشخيص بلوغه حد النصاب و تمييز مقدار ما يجب الاخراج منه و أما معرفة بقاء رأس ماله فالمتعين تقويمه بالنقد الذي أشترى به إن كان نقدا سواء كان من النقد الغالب أم لا و إلا إمتنع معرفة بقاء رأس ماله و إن كان عروضا فقد يقال بأن المدار على تقويمه بعين ذلك العرض بإن يكون مقدار مالية هذا المتاع بالفعل مساويا لمقدار مالية ذلك العرض أو يزيد عليه بنظر العرف و إن لم يعرف مقدار ماليتها بالمقايسة إلى الدراهم و الدنانير تفصيل فلو كان قيمة ذلك العرض وقت المعاوضة مأة دينار مثلا فزادت قيمته فصارت ألفا فرأس ماله هو ذلك العرض الذي قيمته السوقية بالفعل ألف دينار كما لو كان ثمنه عين الدينار فزادت قيمة الدينار فصارت قيمة كل دينار ضعف ما كانت قيمته حال الشراء و يحتمل قويا أن يكون المدار على قيمته حال الشراء لا بالفعل نظرا إلى أنه إذا أشترى متاعا للتجارة يكون قيمته مأة درهم بعرض يسوي في ذلك الوقت مأة درهم ثم ترقت قيمة ذلك المتاع خمسمأة شهد العرف بكون تجارته رابحة و حصول النماء في ماله بالتكسب من ألتفات إلى قيمة ذلك العرض و إن تضاعفت و صارت بحيث لو لا هذه المعاملة و كان العرض بنفسه باقيا في ملكه لكان ربحه أكثر إذ لا عبرة بذلك في مسألة الربح و الخسران في باب التجارات بل المدار في ذلك بقيمة ذلك العرض في وقت المعاملة فيلاحظ ذلك الشيء بحكم ما لو باعه بالنقد ثم أشترى بقيمته هذا