سائر الشرايط في زكاة مال التجارة واحكامها
كيف كان فهذه الرواية لا تخلو من تشابه و فيما عداها غنى و كفاية و لكن ليس في شيء من هذه ألاخبار تصريح بالاستحباب كما يوهمه ظاهر عبارة المصنف رحمه الله الشرط الثالث مضي الحول من حين التجارة أو قصدها على الخلاف المتقدم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن المعتبر المنتهى إن عليه علماء الاسلام بل عن التذكرة دعوى الاجماع عليه و يدل عليه مضافا إلى ذلك ما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه السلام قال و سئلته عن الرجل توضع عنده الاموال يعمل بها فقال إذا حال الحول فليزكها و روى أيضا في الصحيح عن محمد بن مسلم قال كل ما عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال الحول و يحتمل قويا أن يكون متن هذا الخبر هو قول محمد بن مسلم الذي فهمه من كلام الصادق عليه السلام في صحيحته ألاولى فأنه على ما رواه في الكافي لم ينسبه في هذه الرواية إلى الامام و كيف كان فهذه الرواية إن لم تكن بنفسها من الامام فهي مؤكدة لصحة روايته الاولى سندا و دلالة كما لا يخفى و لا بد من وجود ما يعتبر في الزكاة من الشرائط المزبورة هاهنا و غيرها مما عرفته في صدر الكتاب من الشرائط المعتبرة في مطلق الزكاة كالمكلية و التمكن من التصرف من أول الحول إلى آخره فلو نقص رأس ماله في أثناء الحول و لو يوما أو نوى به القنية كذلك أو خرج عن ملكه أو منع من التصرف فيه بغصب و نحوه مثلا أنقطع الحول بلا خلاف يعتد به في شيء من ذلك على الظاهر و لا إشكال عدى مسألة بقاء رأس المال في تمام الحول فإنه و إن لم ينقل الخلاف فيه أيضا إلا عن بعض متأخري المتأخرين بل نسبه العلامة في التذكرة إلى علمائنا أجمع فقال ما لفظه يشترط وجود رأس المال من أول الحول إلى آخره فلو نقص رأس المال و لو حبة في أثناء الحول أو بعضه لم تتعلق الزكاة به و إن عادت القيمة أستقبل الحول من حين العود عند علمائنا أجمع خلافا للجمهور كافة لان الزكاة شرعت إرفاقا بالمساكين فلا يكون سببا لاضرار المالك فلا يشرع مع الخسران و لانها تابعة للنماء عندهم و هو منفي مع الخسران و لقول الصادق عليه السلام أن أمسك متاعة و يبتغي رأس ماله فليس عليه زكاة و إن حبسه بعد ما وجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس ماله انتهى و لكن عمدة الدليل على اعتبار هذا الشرط هو الخبر المزبور و غيره من ألاخبار المتقدمة و أما ما دعى ذلك من الوجهين الذين ذكرهما العلامة فمجرد اعتبار ذكرهما في مقابل العامة مع إنك ستعرف قصورهما عن إفادة المدعي و أما ألاخبار فقد أعترفنا بدلالتها على اعتبار أن يطلب برأس المال أو بزيادة لا بنقيصة في أن يجب فيه الزكاة و أما دلالتها على اعتبار ذلك في تمام الحول فمحل نظر و لذا منعه واحد من متأخري المتأخرين فعن الذخيرة بعد أن ذكر إنه لو نقص رأس ماله في أثناء الحول أو طلب بنقيصة سقط الاستحباب و إن كان ثمنه أضعاف النصاب قال قال المحقق في المعتبر و على ذلك فقهائنا أجمع و أستدل عليه بحسنة محمد بن مسلم و رواية أبي ربيع السباقتين و هما إنما تدلان على اشتراط الطلب برأس المال أو الربح لا على اشتراط اعتبار ذلك طول الحول و كذا ما رواه الشيخ في الموثق عن العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت المتاع لا أصيب به رأس المال الحديث أقول و كذا ذلك أيضا من الروايات المتقدمة فأن شيئا منها لا يدل على اعتبار هذا الشرط إذ ليس في شيء من تلك ألاخبار تعرض لاشتراط حول الحول في تعلق الزكاة بالمال الذي طولب برأس ماله أو بزيادة كما أنه ليس للروايتين الدالتين على اعتبار حول الحول تعرض لاعتبار هذا الشرط فهما شرطان مستقلان لتعلق الزكاة بالمال الذي أتجر به مستفاد ان من دليلين مستقلين موضوعهما مطلق المال المستعمل في التجارة و قضية الجمع بين دليليهما تقييد سببية كل من الشرطين لوجوب الجزاء بحصول الشرط الاخر بأن يقال المال الذي أتجر به إذا حال عليه الحول و طلب رأس ماله لا بنقيصة ففيه الزكاة و إذا أنتفى أحد الشرطين أو كلامهما فلا زكاة لا تقييد موضوع أحدهما بألاخر بحيث يكون الطلب برأس المال قيدا في الموضوع الذي اعتبر فيه حول الحول كي يثبت به المدعي فليتأمل و لو كان بيده نصابا فأشترى به متاعا للتجارة فهاهنا مسئلتان احداهما فيما إذا كان ما بيده أيضا هي بنفسه مال التجارة و هذه المسألة مرجعها إلى أنه هل يعتبر بقاء عين السلعة طول الحول أم قيمتها و سيأتي التكلم فيها إن شاء الله تعالى الثانية أنه إذا كان نصاب من النقد فمضى بعض حوله ثم أشترى به متاعا للتجارة فهل ينقطع حول ألاصل الذي كان زكاته زكاة النقدين قيل و القائل الشيخ فيما حكي عن مبسوطة و خلافه كان حول العرض حول ألاصل محتجا عليه بقول الصادق عليه السلام كل عرض فهو مردود إلى الدراهم و الدنانير و هو بظاهره أحتجاج ضعيف فأنك قد عرفت في مسألة اعتبار الحول في النقدين و الانعام إن المعتبر بقاء النصاب بشخصه في تمام الحول و كون العرض مردودا إلى الدراهم ليس معناه بقاء عين تلك الدراهم في ملكه حقيقة كي لا ينقطع حولها فكان استدلال الشيخ بهذه الرواية مبني على مختاره في تلك المسألة من عدم العبرة بخصوصية الاعيان و إنه لو بادل نصابا بجنسه في أثناء الحول لم ينقطع حوله و يمكن أن يجعل بنائه على أن زكاة التجارة إذا كان رأس ماله الدينار أو الدرهم هي لدى التحقيق زكاة عين الدراهم و الدنانير المستعملة فيها و أنه لا يشترط في زكاة النقدين بقاء عينهما بل وضع الزكاة عليهما عند بلوغهما النصاب إذا حال عليهما الحول سواء بقي عينهما أو أستعملهما في التجارة سنة أو بقيا في بعض السنة و أتجر بهما في الباقي و لا ينافي ذلك الالتزام باستحباب زكاة التجارة فأن بقاء العين على هذا التقدير يكون شرطا للوجوب لا لاصل الزكاة و ربما يومي إلى بنائه على هذا المبني عبارته المحكية عن خلافه حيث قال ما لفظه إذا أشترى عرضا للتجارة ففيه ثلاث مسائل أولاها أن يكون ثمنها نصابا من الدراهم و الدنانير فعلى مذهب من قال من أصحابنا إن مال التجارة ليس فيه زكاة ينقطع حول ألاصل و على مذهب من أوجب فأن حول العرض حول ألاصل و به قال الشافعي قولا واحدا انتهى فأنه مشعر بكون الحكم مبنيا على القاعدة لا لاجل التعبد و كيف كان فهو ضعيف و ألاشبه بالقواعد هو إستيناف الحول حين الشراء إذ قد عرفت في محله أنه يعتبر في الاجناس الزكوية بقاء عينها طول الحول و إن متعلق الزكاة فيها هي عين تلك الماهيات من حيث هي من أن يكون لمقدار ماليتها مدخلية في ذلك بعكس زكاة التجارة فمناط الحكمين مختلف لا دخل لاحدهما بألاخر فإذا أشترى بالدينار متاعا فقد انتفى موضوع زكاة ألاصل فكيف يصح البناء على حوله و لو كان رأس المال دون النصاب أستأنف الحول عند بلوغه نصابا فصاعدا و لو بارتفاع قيمة المتاع بلا خلاف فيه كما في الجواهر و لا إشكال و أما أحكامه أي أحكام مال التجارة فمسائل ألاولى زكاة