استحباب الزكاة في مال التجارة للطفل
الحر المالك المتمكن من التصرف أما وجوبها على من ذكر فمما لا كلام فيه لانه هو القدر المتيقن من مورد ثبوت هذا الحكم و إنما الكلام في اعتبار هذه القيود في ثبوته مطلقا أو في الجملة فنقول البلوغ يعتبر في الذهب و الفضة إجماعا مستفيضا نقله بل متواترا و يدل عليه مضافا إلى ذلك أخبار معتبرة مستفيضة مثل صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس في مال اليتيم زكاة و صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئلته عن مال اليتيم فقال ليس فيه زكاة و صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله قال قلت له في مال اليتيم عليه زكاة فقال عليه زكاة فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة فإذا عملت به فأنت ضامن و الربح لليتيم و موثقة يونس بن يعقوب قال أرسلت ألى أبي عبد الله عليه السلام إن لي أخوة صغار فمتى تجب على أموالهم الزكاة قال إذا وجبت عليهم الصلاة وجبت عليهم الزكاة قال قلت فما لم تجب عليهم الصلاة قال إذا أتجر به فزكه أو خبر محمد بن فضيل عن الرضا عليه السلام في صبية صغار لهم قال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب على مالهم الزكاة فقال لا يجب على مالهم حتى يعمل به فإذا عمل به وجبت الزكاة و أما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه إلى ذلك من الروايات الدالة عليه التي سيأتي التعرض لنقل جملة منها في الفرع ألاتي و المنساق من مثل قوله عليه السلام ليس على مال اليتيم أو في مال اليتيم زكاة عدم تعلق هذا ألحق بهذا العنوان فلا يجري في الحول ما دام كونه مال اليتيم نظير قوله ( ع ) لا صدقة على الدين و لا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك فيكون إبتداء الحول بعد البلوغ كما هو المشهور بل لم ينقل التصريح بالخلاف عن أحد و ربما يستشهد له أيضا بخبر أبي بصير المروي في التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول ليس في مال اليتيم زكاة و ليس عليه صلاة و ليس عليه جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة و إن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة و لا عليه لما يستقبل حتى يدرك فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة و كان عليه مثل ما على غيره من الناس و فيه أن هذه الرواية أما صدرها فهو كغيره من الروايات التي أعترفنا بظهورها في المدعى و إما ذيلها الذي هو محل الاستشهاد أعني قوله ( ع ) و إن بلغ اليتيم الذي أخره فهو لا يخلو من إجمال فأن من المحتمل بل المظنون كونه تفريعا على خصوص الفقرة السابقة عليه النافية للزكاة على جميع غلاته من نخيل و زرع و غيرهما فيكون كلمة الموصول فيما مضى و ما يستقبل كناية عن نفس الغلات و يكون المراد بألادراك بلوغها حد الكمال الذي يتعلق بها الزكاة فالرواية على هذا أجنبية عن المدعى و على تقدير أن يكون الموصول كناية عن الزمان الماضي و المستقبل و يكون المراد بهذا الكلام أنه ليس عليه في شيء من ماله و غلاته لما مضى و ما يستقبل زكاة حتى يدرك فيحتمل أن يكون المراد بألادراك بلوغه و إن تعلق الحق بماله و هو في النقدين حلول الحول و في الغلات ما ستعرفه فيكون حينئذ شاهدا المدعى و يحتمل إن يكون المراد بلوغه حد الرشد الذي يرتفع به الحجر عن ماله فيكون على هذا التقدير أيضا أجنبيا عن المدعي و لكن ينفي هذا الاحتمال عدم الخلاف ظاهرا في كفاية البلوغ و عدم اعتبار الرشد في ثبوته كما ستعرفه في مال السفيه و يحتمل أيضا بل قد يدعي أنه الظاهر كون المراد بالموصول الزمان المستقبل في إيجاب الزكاة لو لا الصغر لا مطلق الزمان الماضي و لذا يقبح أن يقال ليس عليه لليوم الماضي و للشهر الماضي زكاة فالمراد الحول الذي هو السبب في إيجاب الزكاة لو لا المانع فلا ينافي حينئذ إدراك الحول في المستقبل و كون مبدء الحول فيما مضى فيكون الرواية حينئذ على عكس المطلوب أدل و لكن في دعوى ظهورها في ذلك نظر بل منع و قياس جملة الزمان على خصوص اليوم و الشهر قياس مع الفارق فليتأمل هذا كله مع ما في الرواية من أضطراب المتن فأنها مروية في الكافي عن أبي بصير هكذا قال سمعت أبا عبد الله يقول ليس على مال اليتيم زكاة و إن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة و لا عليه فيما بقي حتى يدرك فإذا أدرك فأنما عليه زكاة واحدة ثم كان عليه مثل ما على غيره من الناس و هي بهذا المتن أيضا متضح المفاد فالأَولى رد علمها إلى أهله و فيما عداها مما عرفت غنى و كفاية مع موافقة الحكم من أصله للاصل و عدم ثبوت خلاف محقق فيه فما عن الكفاية من ألاستشكال في حكم المتأخرين بأستيناف الحول عند البلوغ في محله و ربما يستدل أيضا لعدم وجوب الزكاة على البالغ و المجنون بحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يفيق و فيه أن المقصود بالوجوب هاهنا ليس الوجوب التكليفي المعلوم و أشتراطه بالبلوغ بل الوجوب الناشي من سببية بلوغ المال للنصاب لتعلق الزكاة به التي لا ربط لها بفعل الصبي و لا ينافيها عدم كون الصبي ما دام صبيا مكلف بأخراجها فحديث الرفع أجنبي عن ذلك أللهم إلا أن يوجه ألاستدلال بأن استفادة تعلق هذا الحق بالمال إن كان منشأها ألاوامر المتعلقة بإعطاء الزكاة و إن الله فرض على عبادة الزكاة كما فرض عليهم الصلاة فهي بحكم حديث الرفع مخصوصة بالبالغين و إن كان ألاخبار المسوقة لبيان الحكم الوضعي مثل قوله عليه السلام ففيما سقته السماء العشر فأطلاقها وارد مورد حكم آخر لا يصح التمسك به فيما نحن فيه فليتأمل ثم إن ألاخبار المزبورة النافية للزكاة على مال اليتيم و إن لم يقع فيها التصريح بخصوص النقدين و لكن حيث أن النقدين من أوضح مصاديق المال يكون تلك ألاخبار بمنزلة النص في إرادة زكوتهما من العموم فلا مجال للارتياب في عدم ثبوت زكاة النقدين في ماله نعم إذا إتجر له من أليه النظر أستحب له إخراج الزكاة من مال الطفل أي زكاة مال التجارة التي ستعرف استحبابها في مال الطفل أيضا و هذا أي استحباب إخراج هذه الزكاة من ماله هو المشهور بين الاصحاب كما صرح به في المدارك و غيره بل عن المعتبر و المنتهى و نهاية الاحكام و ظاهر الغنية دعوى الاجماع عليه و حكى عن المقنعة التعبير بلفظ الوجوب كما ورد كذلك في بعض الروايات الاتية التي هي مستند هذا الحكم فقال ما لفظه لا زكاة عند آل الرسول صلى الله عليه و آله في صامت أموال ألاطفال و المجانين من الدراهم و الدنانير إلا أن يتجر الولي لهم أو القيم عليهم بها فأن أتجر بها و حركها وجب عليه إخراج الزكاة منها و لكن حمله في التهذيب على إرادة الندب و ربما يؤيد ذلك ما حكي عنه في التصريح في باب زكاة أمتعته التجارة بأنها سنة مؤكدة فيها على الماثور عن الصادقين ( ع ) و عن الحلي في السرائر نفي الوجوب و الاستحباب و يظهر من المدارك الميل أليه و كيف كان فمستند هذا الحكم أخبار مستفيضة منها قوله عليه السلام في موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة إذا أتجر به فزكه و في خبر محمد بن الفضيل المتقدم فإذا عمل به وجبت الزكاة و حسن محمد بن مسلم أو صحيحه قال قلت لابي عبد الله عليه السلام هل على مال اليتيم زكاة قال لا إلا أن يتجر به أو يعمل به و خبر سعيد السمان