الجميع فيما تقدم من إلادلة كما اعترف به في الجواهر لكن عن ظاهر بعض متأخر المتأخرين إطباق الاصحاب هنا على عدم الضمان فإن تم الاجماع فهو و إلا فالقول بالضمان مطلقا عند انكشاف عدم وصول الحق إلى مستحقيه سواء كان لاجل تخلف وصف الفقراء أو ذلك من ألاوصاف المعتبرة فيه من الايمان و غيره هو الاشبه أللهم إلا أن يقال إن المنساق من ألامر بصرف الزكاة إلى أهل الولاية أو العدالة بل و كذا إلى الفقراء و المساكين أو ذلك من المتصفين بأوصاف لا طريق للمكلف إلى العلم بواقعها إرادة الموصوفين بها في الظاهر لا على أن يكون للموصوفين بها موضوعية لهذا بحيث يجوز الصرف إليهم و لو مع العلم بمخالفته الظاهر للواقع بل من باب الطريقية لواقعة كما تقدمت الاشارة أليه في أوائل المبحث و لكن انحصار الطريق فيه لدى العرف و العقلاء و تعذر التكليف بالمتصفين بها في الواقع لا من هذا الطريق أوجب صرف أدلة التكاليف إلى إرادة الموصوفين بها في الظاهر و لذا ينسبق من ألامر بإحضار الفقراء أو المؤمنين أو العدول أو بني هاشم مثلا أو ألامر بإكرامهم أو صرف ثلث ماله فيهم من باب الوصايا و النذور و إرادة من كان في الظاهر مندرجا تحت هذه العناوين بالطرق الظاهرية المقررة لدى العرف و العقلاء في تشخيص مثل هذه العناوين و مقتضاه حصول ألاجزاء في الواقع بموافقة ما أدى أليه الطرق الظاهرية التي يعول عليها عرفا و شرعا في تشخيصهم و لا ينافي ما تقرر في محله من إن ألامر الظاهري لا يقتضي ألاجتزاء بموافقته عن الواقع لدى التخلف عنه بل المعذورية في إمتثال الواقع ما لم ينكشف الخلاف لان هذا فيما إذا كان هناك أمر واقعي وراء هذا الذي تحققت إطاعته و المفروض هانا إن المنساق من ألامر الواقعي المتعلق بمثل هذه العناوين التي لا طريق إلى إحرازها إلا بالطرق الظاهرية إنما هو إرادة الخروج عن عهدته بهذا الوجه أي المتبادر من ألامر بدفع الزكاة إلى أهل الايمان و الخمس إلى بني هاشم التكليف بإيصالهما إلى الموصوفين بهذين العنوانين في الظاهر أصاب أم أخطأ و قد أتى بما كلف به فيكون مجزيا إلا أن يدل دليل تعبدي على خلافه و لا ينافي ذلك الالتزام بوجوب إرتجاع العين مع ألامكان لان ذلك بحكم العقل بعد الالتفات إلى تخلف الطريق عن الواقع و كونه قادرا على تداركه بأرتجاع الحق و إيصاله إلى مستحقه و ألانصاف أن الدعوة المزبورة لا تخلو من وجاهة و لكن مقتضاها التفصيل في أوصاف المستحق بين ما كان من قبيل الايمان و العدالة و غير ذلك من الامور الخفية التي يتعذر ألاطلاع على واقعها غالبا إلا بمقتضى الظاهر و بين ما كان من قبيل الاشتراط بالحرية و عدم كونه ممن تجب نفقته عليه و غير ذلك مما لا مانع عن تعلق التكليف بواقعه كجل الموضوعات الخارجية التي أنيط بها أحكام واقعية أللهم إلا أن يتحقق الاجماع على عدم الفرق كما يظهر من كلماتهم التسالم على ألاجزاء في الجميع عدا إنهم إستثنوا من ذلك ما لو دفعها أليه بزعم كونه حرا فبأن إنه عبده معللا ذلك بعدم تحقق الاخراج عن الملك المعتبر في إعطاء الزكاة و هو لا يخلو من مناقشة و لكن الحكم موافق للاصل ثم إن مقتضى ما قررناه إلالتزام في المسألة الاولى أيضا أي فيما لو بان إن المدفوع أليه غني بعدم الضمان لو لا النص الخاص الدال عليه و هي مرسلة الحسين المتقدمة و لكن بعد البناء على مخالفة الضمان القاعدة ألاجزاء يشكل إثباته بمثل هذه المرسلة القابلة للصرف إلى صورة الاعتماد على الظن الناشي من الحدس و التخمين الغير المستند إلى دعوى مدعية أو بينة و شبهها كما ربما يستشعر ذلك من سوق السوأل فالقول بنفي الضمان في مثل الفرض في تلك المسألة أيضا لعله أشبه و الله العالم و من الاصناف المستحقين للزكاة العاملون عليها بنص الكتاب و هم عمال الصدقات أي الساعون في تحصيلها و تحصينها بأخذ و كتابة و حساب و حفظ و نحو ذلك المنصوبون من قبل الامام و قد صرح المصنف ( ره ) و غيره بأنه يجب أن يستكمل فيهم أربع صفات التكليف و ألايمان و العدالة و الفقه و لكن لو اقتصر في الاخير على ما يحتاج أليه منه جاز في المدارك قال لا ريب في اعتبار و أستجماع العامل لهذه الصفات لان العمالة تتضمن بألاستيمان على مال الغير و لا أمانة لغير العدل و لقول أمير المؤمنين عليه السللام في الخبر المتقدم يعني صحيحة معاوية الطويلة الورادة في آداب المصدق المنقولة عن الكافي فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا و إنما يعتبر الفقة فيمن يتولاه ما يفتقر اليه و المراد منه معرفته بما يفتقر اليه من قدر الواجب وصفته و مصرفه و يختلف ذلك باختلاف حال العامل بالنسبة إلى ما يتولاه من ألاعمال و يظهر من المصنف في المعتبر الميل إلى عدم اعتبار الفقة في العامل و ألاكتفاء فيه بسؤال العلماء و أستحسنه في البيان و لا بأس به انتهى أقول قد يظهر من كلماتهم التسالم على اعتبار هذه الشرائط فإن تم ألاجتماع عليه كما أدعى فيما عدى الاخير منها فهو و إلا فإلاظهر إناطته منظر الوالي فإن كان الامام ألاصل فهو أعرف بتكليفه و لا مجال لنا في البحث عن ذلك و إن كان غيره كالفقيه في زمان الغيبة إذا رأى صبيا أو فاسقا بصيرا بألامور حاذقا بأمر السياسة و الرياسة و جزم بكونه ناصحا إنيقا أمينا حفيظا و إن كان فاسقا متحرز عن جملة من المعاصي الغير المتعلقة بعمله فلا مانع عن نصبه لجباية الصدقات و ضبطها و كتابتها و غير ذلك مما يتعلق بذلك إذا رأى المصلحة في ذلك و يعتبر في العامل الذي يستحق من الزكاة إذا لم يكن الزكاة من الهاشميين أن لا يكون هاشميا لان زكاة الهاشميين محرمة على بني هاشم كما يدل عليه مضافا إلى العمومات التي ستعرفها في محلها خصوص صحيحة العيص بن القسم عن أبي عبد الله ( عليه السلام قال إن إناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله عز و جل للعاملين عليها فنحن أولى به فقال رسول الله صلى الله عليه و آله يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم و لكن قد وعدت الشفاعة و عن الشيخ في المبسوط إنه حكى عن قوم جواز كون العامل هاشميا لانه يأخذها على وجه الاجرة كسائر ألاجارات و هو ضعيف محجوج بما عرفت مع أن ما ذكره من إن ما يأخذه العامل يأخذه من باب الاجرة ممنوع بل من باب أن الله تعالى جعل للعاملين عليها سهما من الصدقة باعتبار عمله فعمله شرط في صيرورته مستحقا لهذا السهم نظير استحقاق المقاتلين سهامهم من الغنيمة و هي ليست بأجرة بل حقا ناشئا من عملهم متعلقا بالمال الذي حصل بأيديهم من فعلهم هذا مضافا إلى شذوذ هذا القول بل لا يعرف لون قائله منا بل عن العلامة في المختلف إنه قال و الظاهر إن القوم الذي نقل الشيخ عنهم من الجمهور إذ لا أعرف قولا لعلمائنا في ذلك و في اعتبار الحرية تردد في المدارك قال اختلف الاصحاب في اعتبار هذا الشرط فذهب الشيخ إلى اعتباره و أستدل له في المعتبر