الدارو الخادم ورأس مال التكسب والآت الصنعة بنفسها غير ما نعة عن اخذ الزكاة
على ما نقل العلامة في عبارته المتقدمة قيده بألاول فلا تصلح الرواية حينئذ مستندة له كما أنه لا يصح أن يستند إلى قول الصادق عليه السلام في صحيحة زرارة لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول أن يأخذها و أن أخذها حراما فأن أربعين درهما بنفسه ليس نصابا يجب فيه الزكاة فالظاهر كونه كناية عن الغنى أى عنده أربعون درهما محتاج إليها و قد حال عليها الحول كقوله ( ع ) في ذيل خبر أبي بصير لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة و كيف كان فلا مجال للارتياب في عدم كون مالكية مقدار النصاب موجبا لخروج مالكه عن مصداق الفقير على الاطلاق و لا لاندارجه في مسمى الغنى كذلك كما يدل عليه مضافا إلى شهادة العرف به و النصوص المعتبرة التي تقدم بعضها المصرحة باستحقاق صاحب السبعمائة أو الثلثمأة للزكاة عند قصور ما ملكه عن مؤنة سنة فالقول المزبور مع شذوذه في غاية الضعف و الله العالم .تنبيه : قد ناقش جملة من متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك و الحدائق فيما ذكره المشهور في تحديد الفقر المسوغ لتناول الزكاة من أن الفقير من قصر ماله عن مؤنة سنته ففي المدارك بعد أن نقل عن أبن إدريس أنه عرف الغنى بمن ملك من الاموال ما يكون قدر الكفاية لمؤنة سنته قال و إلى هذا القول ذهب المصنف ( ره ) و عامة المتأخرين و حكاه في المعتبر عن الشيخ في باب قسم الصدقات لكن لا يخفى أن هذا الاطلاق مناف لما صرح به الاصحاب كالشيخ و المصنف في النافع و العلامة و غيرهم من جواز تناول الزكاة لمن كان له مال يتعيش به أو ضيعة يستغلها إذا كان بحيث يعجز عن أستنماء الكفاية إذ مقتضاه أن من كان كذلك كان فقيرا و إن كان بحيث لو أنفق رأس المال المملوك له لكفاه طول سنته ثم قال و المعتمد أن من كان له مال يتجر به أو ضيعة يستغلها فأن كفاه الربح أو ألغلة له و لعياله لم يجز له أخذ الزكاة و إن لم يكفه جاز له ذلك و لا يكلف ألانفاق من رأس المال و لا من ثمن الضيعة و من لم يكن له ذلك اعتبر فيه قصور أمواله عن مؤنة السنة له و لعياله انتهى أقول قد أشرنا أنفا ألى أن المراد بالمال الوافي بمؤنته هو المال الذي لا يتوقف تعيشه في العرف و العادة على حفظ هذا المال و التعيش بنمائه و إلا فهو بمنزلة ألالة لحرفته و صنعته التي هي ممر معيشته و يشهد لارادتهم هذا المعنى تصريحهم بجواز تناول الزكاة لمن كان له مال يتعيش بنمائه أو ضيعة يستغلها إذا لم يكن نمائها بقدر الكفاية و كيف كان فهذا هو المشهور على ما نسب إليهم و يدل عليه مضافا إلى عدم كفاية وجود مثل هذا المال المتوقف عليه نظم معاشه ما لم يكن ربحه وافيا بمؤنته في خروجه عن مسمى الفقير عرفا جملة من ألاخبار منها صحيحة معاوية بن وهب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له ثلاثمأئة درهم أو أربعمائة درهم و له عيال و هو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أ يكب فيأكلها و لا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة قال لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه و من وسعة ذلك من عياله و يأخذ البقية من الزكاة و يتصرف بهذه لا ينفقها و رواية هارون بن حمزة قال قلت لابي عبد الله عليه السلام يروون عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال لا تحل الصدقة للغني و لا لذي مرة سوى فقال لا يصلح الغنى قال فقلت له الرجل يكون له ثلاثمأئة درهم في بضاعة و له عيال فأن أقبل عليها أكلها عياله و لم يكتفوا بربحها قال فلينظر ما يستفضل منها فيأكله هو و من وسعه ذلك و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله و يمكن الخدشة في دلالة هذين الخبرين خصوصا الاخير منهما بإمكان أن يكون المراد بهما أخذ الزكاة لنفس الاشخاص الذين لم يسعهم ذلك إن كان بأنفسهم فقراء لا لنفسه و صرفه في نفقتهم كي ينافيه كونه غنيا فليتأمل و موثقة سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الزكاة هل يصلح لصاحب الدار و الخادم فقال نعم إلا أن يكون دراه دار غلة فيخرج له من غلتها ما يكفيه و عياله فأن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه و عياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم من إسراف فقد حلت له الزكاة و إن كانت غلتها تكفيهم فلا و خبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عايه السلام عن رجل له ثمانمأئة درهم و هو رجل خفاف و له عيال كثير ماله أن يأخذ من الزكاة فقال يا أبا محمد أبربح في دراهمه ما يقوت به عياله و يفضل قال قلت نعم قال كم يفضل قال لا أدري قال إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة و إن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة قال قلت فعليه في ماله زكاة تلزمه قال بلى قال قلت كيف يصنع قال يوسع بها على عياله في طعامهم و كسوتهم و يبقى منها شيئا يناوله غيرهم و ما أخذ من الزكاة فضه على عياله حتى يلحقهم بالناس و لعل اعتبار زيادة نصف القوت بملاحظة بعض المخارج الغير المعلومة ألاتفاقية الطارية في أثناء الحول أو التوسعة على عياله حتى يلحقهم بالناس كما يومي اليه ذيل الحديث أو بملاحظة مثل اللباس و نحوه مما لا يدخل في مسمى القوت إلا على سبيل التوسع و الزكاة التي أثبتها في ماله هي زكاة التجارة المستحبة التي لا محذور في ألامر بصرفها في التوسعة على عياله و أيصال شيء منه إلى غيرهم و خبر أسماعيل بن عبد العزيز عن أبيه قال دخلت أنا و أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير أن لنا صديقا و هو رجل صدوق يدين الله بما ندين به فقال من هذا يا أبا محمد الذي تزكية فقال العباس بن ألوليد بن صبيح فقال رحم الله الوليد بن صبيح ما له يا أبا محمد قال جعلت فداك له دار تساوي أربعة آلاف درهم و له جارية و له غلام يستقي على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين ألى ألاربعة سوى علف الجمل و له عيال له أن يأخذ من الزكاة قال نعم قال و له هذه العروض فقال يا أبا محمد فتأمرني أن أمره ببيع دراه و هي عزه و مسقط رأسه أو يبيع خادمه الذي يقيه الحر و البرد و يصون وجهه و وجه عياله أو أمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته بل يأخذ الزكاة فهي له حلال و لا يبيع دراه و لا غلامه و لا جملة و سوق هذه ألاخبار مع ما فيها من ترك إلا أستفصال يجعلها كالنص في عدم الفرق بين ما لو كانت قيمة الضيعة أو بضاعته التي يتجر بها لو أكب عليها و صرفها في نفقته كانت وافية بمؤنته و عدمه فتنا في صحيحة أبي بصير المتقدمة ممن تقييد جواز ألاخذ لصاحب السبعمأة بما إذا كان لو اعتمد عليها أنفدها في أقل من سنة إنما هو لغير المحترف الذي يستعملها في حرفته التي هي ممر معيشته بشهادة الروايات المزبورة لو لم نقل بأنصرافه في حد ذاته أليه ثم أن المدار في أستثناء رأس المال مما يحصل به الكفاية كما صرح به بعض ألاستنماء الفعلي أي استعماله بالفعل في تجارته كما هومساق الروايات لا مجرد شانيته لذلك و إن لم يعمل به بالفعل فأن هذا بمجرده لا يجعله كدار سكناه مستثنى عما يحصل به الكفاية كما أن المدار على كونه محتاجا في مؤنته إلى الاكتساب بهذا المال بحيث لولاه لاختل نظم معاشه و هكذا في الضيعة و نحوها مما التزمنا بأستثنائه و لا يتقارب الحال