هذا كتاب الخمس منه قدس سره الشريف بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام على خير خلقه محمد و اله الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين كتاب الخمس و هو حق مالى فرضه الله تعالى على عباده فقال تبارك و تعالى في محكم كتابه و اعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه و للرسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل ان كنتم امنتم بالله و ما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان و الله على كل شيء قدير و قال الصادق عليه السلم في ما رواه في الوسائل عن الصدوق في الفقية مرسلا و فى الخصال مسنده ان الله لا اله الا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال فهو على اجماله مما لا ريب فيه بل هو من الضروريات التي يخرج منكرها عن زمرة المسلمين و تفصيله يتوقف على شرح مابه يتعلق هذا الحق و مستحقيه ففيه فصلان و ينبغي قبل الخوض في المقصد التنبيه على امر و هو انه يظهر من جملة من الاخبار ان الدنيا بأسرها ملك لرسول الله و اوصيائه عليه و عليهم السلام و لهم التصرف فيها بما يريدون من الاخذ و العطاء منها رواية ابى بصير عن الصادق عليه السلم قال قلت له اما على الامام زكوة فقال أحلت يا ابا محمد اما علمت ان الدنيا و الاخرة للامام يضعها حيث يشاء و يدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله ان الامام لا يبيت ليلة ابدا و لله في عنقه حق يسئله عنه و خبر ابن ريان قال كتبت إلى العسكري عليه السلم روى لنا ان ليس لرسول الله صلى الله عليه و آله من الدنيا الا الخمس فجاء الجواب ان الدنيا و ما عليها لرسول الله صلى الله عليه و آله و فى مرسل محمد بن عبد الله المضمر الدنيا و ما فيها لله و لرسوله و لنا فمن غلب على شيء منها فليتق الله و ليؤد حق الله و ليبر اخوانه فان لم يعفل ذلك فالله و رسوله و نحن برآء منه و فى خبر اخر عن الباقر عليه السلم قال رسول الله صلى الله عليه و آله خلق الله تعالى ادم و اقطعه الدنيا قطيعة فما كان لادم فلرسول الله و ما كان لرسول الله فهو للائمة من ال محمد صلى الله عليه و آله و فى خبر ابى سيار قال أبو عبد الله عليه السلم او ما لنا من الارض و ما اخرج الله منها الا الخمس يا ابا سيار الارض كلها لنا فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا الحديث و فى خبر ابى خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلم قال وجدنا في كتاب على عليه السلم ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا واهل بيتي أورثنا الارض و نحن المتقون و الارض كلها لنا فمن احيى ارضا من المسلمين فليعمرها و ليؤت خراجها إلى الامام من أهل بيتي و له ما أكل منها الحديث إلى ذلك من الاخبار و ربما يؤيده قوله صلى الله عليه و آله في خطبة الغدير ألست أولى بكم من أنفسكم و اعترف المخاطبين به ثم إثباته لعلى عليه السلم فان كونه أولى بهم من أنفسهم يستلزم كونه احق منهم بالتصرف في أموالهم و لا نعني بالملكية الا هذا و لكن قد يقال بعدم إمكان الالتزام بهذا الظاهر فانه كاد ان يكون مخالفا للضرورة و لم ينقل عن احد من الاصحاب التعبد بهذا الظاهر عدى ابن ابى عمير فيما حكاه عنه السندي ابن الربيع حيث قال على ما نقل عنه انه اى ابن ابى عمير لم يكن يعدل بهشام بن الحكم شيئا و كان لا يغتب إتيانه ثم انقطع عنه و خالفه و كان سبب ذلك ان ابا مالك الحضرمي كان احد رجال هشام وقع بينه و بين ابن ابى عمير ملاحاة في شيء من الامامة قال ابن ابى عمير ان الدنيا كلها للامام على جهة الملك و انه أولى بها من الذين في أيديهم و قال أبو مالك أملاك الناس لهم الا ما حكم الله به للامام من الفئ و الخمس و المغنم فذلك له و ذلك ايضا قد بين الله للامام عليه السلم اين يضعه و كيف يصنع به فتراضيا بهشام بن الحكم و صار اليه فحكم هشام لابى مالك على ابن ابى عمير فغضب ابن ابى عمير و هجر هشاما بعد ذلك و لكنك خبير بان الملكية التي قصدت بهذه الروايات ليست ملكية منافية لمالكية ساير الناس لما جعلهم الله لهم كسهمهم من الخمس بالملكية من سنخ ملكية الله تبارك و تعالى لما فى أيديهم فقضية التعبد بظاهر هذه الروايات هو الالتزام بان حال سائر الناس بالنسبة إلى ما بأيديهم من أموالهم بالمقايسة إلى النبي صلى الله عليه و آله و اوصيائه عليهم السلم حال العبد الذي وهبه مولاه شيئا من أمواله و رخصه في ان يتصرف فيه كيف يشاء فذلك الشيء يصير ملكا للعبد حقيقة بناء على ان العبد يملك و لكن لاعلى وجه ينقطع علاقته عن السيد فان مال العبد لا يزيد عن رقبته فهو مع ماله من المال ملك لسيده و متى شاء سيده ان ينتزع منه ماله جاز له ذلك فيصح اضافة المال إلى سيده ايضا بل سيده احق به من نفسه و اولى بأضافة المال اليه فمن الجائز ان يكون ما في أيدي الناس بالاضافة إلى ساداتهم كذلك فان الدنيا و ما فيها أهون على الله من ان يجعلها ملكا لاوليائه و لا يمكن استكشاف عدمه من إجماع او ضرورة فان غاية ما يمكن معرفته بمثل هذه الادلة هى ان الائمة عليهم السلم كانوا ملتزمين في مقام العمل بالتجنب عما في أيدي الناس و عدم استباحة شيء منها الا بشيء من الاسباب الظاهرية المقررة في الشريعة و هذا لا يدل على انه لم يكن لهم في الواقع الا هذا فلا مانع عن التعبد بظواهر النصوص المزبورة المعتضدة بغيرها من المؤيدات العقلية و النقلية نعم لو كان مقادها الملكية الغير المجامعة لملكية سائر الناس كحصتهم من الخمس لكانت مصادمة للضرورة و لكنك عرفت انه ليس كذلك و يظهر من مخاصمة ابى مالك مع ابن ابى عمير في القضيه المزبورة انه زعم ان ابن ابى عمير أراد هذا المعنى من الملكية فانكره عليه و صدقه هشام في ذلك و هو في محله على تقدير كونه كما زعم و لكن لا يظن بإبن ابى عمير ارادته و الله العالم الفصل الاول فيما يجب فيه و هو سبعة على الاصح الاول غنائم دار الحرب و هذا القسم على اجماله هو القدر المتيقن مما يفهم حكمه بنص الكتاب و يدل عليه كثير من الاخبار و قضية عموم الكتاب و بعض الاخبار الدالة عليه كخبر ابى بصير عن الباقر عليه السلم انه قال كل شيء قوتل عليه على شهادة ان الله لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله فان لنا خمسه و لا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا بل و كذا إطلاق كثير من معاقد إجماعاتهم المحكية كصريح المتن و غيره ان الغنائم التي يجب فيها الخمس اعم مما حواه العسكر و ما لم يحوه من ارض و غيرها ما لم يكن مغصوبا من مسلم او معاهد نحوهما من محترمى المال فلا ينبغى الاستشكال فيه كما انه لا ينبغي التأمل في وجوب رد المغصوب