في السوأل بلفظ المزارعة و في الخبر الثاني و العشر و نصف العشر في حصصهم كون المفروض فيهما وقوع القبالة بحصة من حاصل الزرع و النخل و هذا مما يسمى في عرف الفقهاء بالمقاسمة و لا شبهة في أن حصة السلطان المأخوذة بعنوان المقاسمة لا يجب زكاتها على المتقبل لانها كالحصة من المزارعة التي يستحقها مالك الارض فلا تدخل ذلك في ملك المتقبل كي يتوهم وجوب زكاتها عليه و هذا بخلاف ما يأخذه السلطان بعنوان الخراج الذي هو لدى التحقيق عبارة عن إجرة ألارض المتعلقة بذمة المستأجر فيكون حاصل نمائها جميعه للمتقبل و ما يدفع منه إلى السلطان يقع بدلا عن حقه لا عينه فلو قلنا بانصراف الخبرين بواسطة ألالفاظ المزبورة إلى أرادة الحكم في صورة وقوع القبالة على سبيل المقاسمة أشكل ألاستدلال بها لعموم المدعى من عدم وجوب الزكاة إلا بعد إخراج حصة السلطان بمعناها الشامل لكلا القسمين لما عرفت من الفرق بينهما فيما هو مناط الحكم فلا يصح مقايسة الخراج بالمقاسمة و لكن دعوى الانصراف قابلة للمنع فليتأمل و استدل له أيضا بما عن الفقة الرضوي و ليس في الحنطة و الشعير شيء إلا أن يبلغ خمسة أوسق و الوسق ستون صاعا و الصاع أربعة أمداد و المد مأتان و اثنان و تسعون درهما و نصف فإذا بلغ ذلك و حصل بعد خراج السلطان و مؤنة العمارة و القرية أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بعلا و إن كان سقي بالدلاء ففيه نصف العشر و في التمر و الزبيب مثل ما في الحنطة و الشعير و في الحدائق بعد أن نقل هذه العبارة دليلا للقول باستثناء المؤنة مطلقا قال و بهذه العبارة عبر الصدوق في الفقية و منه يظهر إن مستنده في الحكم المذكور إنما هو هذا الكتاب أقول و حكي عن الهداية و المقنع و المقنعة أيضا التعبير بنحو ما في الفقية من إستثناء خراج السلطان و مؤنة القرية فكانه أريد بمؤنة القرية ما له دخل في تحصيل الغلة أي مؤنة الزرع الحاصل في القرية من حيث حصوله فيها فأن أرباب القرى يعاملون غالبا مع من يزرع في قريتهم بمعاملة السلطان مع رعاياه في وضع الخراج عليهم و افراد بمؤنة العمارة بحسب الظاهر ما كان من قبيل كري الانهار و نحوه مما يجعل الارض عامرة و كيف كان فالعبارة المزبورة كالنص في عدم وجوب الزكاة إلا بعد خراج السلطان مطلقا و إن كان من جنس الدراهم و لو باعتبار اندراج هذا القسم منه في المؤنة التي تدل هذه العبارة على استثنائها بالفحوى و لكن لم يثبت لدينا حجية الرضوي فيشكل الاعتماد عليه أللهم إلا أن يجعل الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحققة جابرة لضعف سنده و هو لا يخلو من الاشكال و لكن قد أشرنا في موضع إلى أنه و إن لم يثبت عندنا كون الفقة الرضوي من الامام ( ع ) و لكنه لا مجال للارتياب في كونه كفتاوى علي بن بابويه التي كانت مرجعا للشيعة عند أعواز النصوص تعبيرا عن مضامين أخبار معتبرة لدى مصنفه فوقوع هذه العبارة في عبارة الرضوي المعتضدة بورودها في الفقية و الهداية و المقنع و المقنعة التي من شأنها التعبير بمتون ألاخبار خصوصا مع ما فيها من أستثناء مؤنة القرية التي يمتنع صدور مثله من مثل الصدوق و لو لا متابعة النص يورث الجزم بوصول رواية بهذا المضمون إليهم معتبرة لديهم و كفى بأستشكاف وجود مثل هذه الرواية من مثل هذه العبارة لاثبات مثل هذا الفرع الذي أستفيض نقل الاجماع عليه معتضدا بالشهرة المحققة التي قد يدعى كونها بنفسها كافية في الكشف عن وصول دليل معتبر إليهم مع اعتضاد ذلك كله بالمؤيدات التي سنذكرها في استثناء المؤنة فلا ينبغي ألاستشكال في استثناء خراج السلطان مطلقا و لو لم نقل به في ساير المؤن أيضا و الله العالم ثم لا يخفى عليك أن ليس المراد بالسلطان خصوص سلطان العادل بل أعم منه و من المخالفين الذين كانوا يدعون الخلافة و الولاية على المسلمين لا عن استحقاق كما هو الشأن بالنسبة إلى الموجودين حال صدور ألاخبار و هل يعم سلاطين الشيعة الذين لا يدعون الامامة الظاهر ذلك فأن المنساقين من إطلاق السلطان أريد مطلقة بل كل متقلبة مسؤل على جباية الخراج و الصدقات من ألتفات إلى مذهبه كما يؤيد ذلك ما جرى عليه سيرة المسلمين في عصر الرضا عليه السلام من المعاملة مع المأثور معاملة غيره ممن مد مضى قبله من سلاطين الجور المدعين للخلافة عن استحقاق و لو أخذ الجائر زائدا عن الخراج ظلما ففي المسالك قال لا يستثنى الزائد إلا أن يأخذ قهرا بحيث لا يتمكن من منعه سرا و جهرا فلا يضمن حصة الفقراء .أقول : ما ذكره من عدم إستثناء الزائد لدى تمكنه من عدم الدفع أليه و عدم ضمانه حصة الفقراء لدى ألاخذ منه قهرا مما لا ينبغي ألاستشكال فيه و لكن الاشكال في أنه لدى عدم قدرته على ألامتناع هل يعتبر النصاب بعده كما في مقدار الخراج المعتاد قبله كما لو غصب منه في الزيادة غاصب بعد بدو صلاحه الذي يقوى في النظر ألاول خصوصا إذا أخذت الزيادة من نفس الغلة إذ المنساق من قوله عليه السلام إنما العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته العموم خصوصا بعد الالتفات إلى إن التعدي في حصة الجائر عزيز و هل يلحق بحصة السلطان يأخذه الجائر من ألاراضي ألغير الخراجية كالموات و أرض الصلح و ألانفال الظاهر ذلك لجريان السيرة من صدور الاسلام على المعاملة مع الجائر معاملة السلطان العادل في ترتيب أثر الخراج على ما يأخذه بهذا العنوان و لو من ألارض الخراجية و لو منعنا هذا السيرة أو صحتها أي كشفها عن إمضاء المعصوم فهو من المؤنة التي سيأتي الكلام فيها و إن كان الغالب على الظن أن مراد الاصحاب بحصة السلطان في فتاويهم و معاقد إجماعاتهم المحكية ما يعمه و الله العالم و أما وجوب الزكاة فيما بقي في يده بعد إخراج الخراج إذا كان بالغا للنصاب فلا خلاف فيه بيننا بل عن جملة من الاصحاب منهم المصنف في المعتبر و العلامة في التذكرة دعوى الاجماع عليه بل في الحدائق بعد أن إدعى إجماع الاصحاب عليه قال و هو المشهور بين الجمهور أيضا ثم قال و لم ينقل الخلاف هنا إلا عن أبي حنيفة فأنه ذهب إلى أنه لا زكاة فيها بعد أخذ الخراج و يدل عليه صريحا مضافا إلى الاجماع صحيحة أبي بصير و محمد بن مسلم و رواية صفوان و البزنطي و الرضوي المتقدمات و لكن قد ورد في عدة روايات ما ينافي ذلك منها صحيحة رفاعة قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل له الضيعة فيؤدي خراجها هل عليه فيها عشر قال لا و روايته ألاخرى عنه أيضا قال سئلته عن الرجل يرث الارض و يعمرها فيؤدي خراجها إلى السلطان هل عليه عشر قال لا و رواية أبي كميش عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أخذ منه السلطان الخراج فلا زكاة عليه و رواية سهيل أليسع أنه حيث إنشاء سهل أباد سئل أبا الحسن عليه السلام عما يخرج منها ما عليه فقال إن كان السلطان يأخذ خراجه فليس عليك شيء و إن لم يأخذ السلطان منك شيئا فعليك إخراج عشر ما يكون فيها و هذه الروايات بعد شذوذها و موافقتها للمحكي عن أبي حنيفة لا تصلح معارضة لما عرفت و في الحدائق بعد أن ذكر رواية أبي كهمش