يحصل به تعظيم هذا الشهر من العناوين المتوقفة على إيقاعه بعنوان كونه من رمضان لا يكفى في لزوم إيقاعه بهذا لوجه كما يتضح ذلك بمراجعة ما حققناه في نية الوضوء حيث بينا هناك ان المرجع لدى الشك في اعتبار شيء من مثل هذه التفاصيل في صحة العبادة هو البرائة نعم لو قلنا بقاعدة الاشتغال اما في مطلق الشك في الشرطية أوفى خصوص ما كان من هذا القبيل مما يكون راجعا إلى كيفية الاطاعة اتجه القول باعتبار التعيين و عدم كفاية قصد القربة كما حكاه في الذخيرة عن بعض و لكن المبني ضعيف فالمتجه ما عرفت خصوصا مع ما عرفت من انه قد يقال بانه نوع من التعيين و ان لا يخلو ذلك عن تأمل فليتأمل و هل يكفى ذلك في النذر المعين قيل كما عن المرتضى و ابن إدريس نعم و عن الفاضل في المنتهى تقويته و اعتمد عليه في المدارك لانه زمان تعين بالنذر للصوم فكان كشهر رمضان و اختلافهما بأصالة التعين و عرضيته لا يقتضى باختلافهما في هذا الحكم و لكنك عرفت ضعف هذا الدليل و ان تعينه بالاصالة فضلا عن كونه بالعرض لا يغنى عن تعيينه بالقصد و لذا لا يكفي قصد القربة في صلوة الفريضة في وقتها المختص و ان قلنا بانه لا يصح فيه غيرها مطلقا أللهم الا ان يقال برجوعه إلى قصد التعيين كما قيل بذلك في رمضان و هو لا يخلو عن تأمل و قيل لاوهوالاشبه لانا لو سلمنا ان العزم على ان يصوم غدا قربة إلى الله مرجعه لدى التحليل إلى العزم على إيجاد القسم الخاص الذي يصح التقرب به فانما يجدى ذلك في مثل شهر رمضان الذي يتعين فيه صومه و لا يقع فيه صوم اخر و اما فى النذر المعين فالزمان في حد ذاته صالح لسائر أنحاء الصوم فلوغفل عن نذره و نوى قسمااخرمن الصوم فلا مانع عن صحته بل قد يقال بذلك مع العمد ايضا و ان اثم بمخالفتة النذر و هو و ان لا يخلو عن تأمل و لكنه لا تامل في صحته مع الغفلة عن النذر لان تعلق النذربصوم ذلك اليوم لا يصلح مانعا عن صحة صوم تطوعا او نيابة عن ميت أو نحو ذلك لدى الغفلة عن نذره كما تقرر في محله فلا ينحصر الصوم المقرب بالنسبة اليه في خصوص صوم النذر نعم لو قيل بانه لا يصح منه صوم اخراصلا و لو مع الغفلة عن نذره اتجه دعوى رجوعه إلى قصد التعيين و لكن المبني ضعيف مع ما في أصل الدعوي من التأمل كما تقدمت الاشارة اليه و لابد فيما عداهما اى ما عدى شهر رمضان و النذر المعين من نية التعيين و هو القصد الى الصوم المخصوص كالقضاء و الكفارة و النافلة و النذر و نحوه بلا خلاف فيه كما ادعاه بعض و عن المعتبر ان على ذلك فتوى الاصحاب و عن السرائر دعوى الاجماع عليه صريحافلو اقتصر على نية القربة و ذهل عن تعينية لم يصح لانه فعل مشترك صالح لان يقع على وجوه فلا ينصرف إلى شيء منها ما لم يعينه بالقصد و لا امر بالصوم المطلق حتى يقع امتثالا له و عن الشهيد في البيان الخلاف في الندب المعين كأيام البيض فألحقه بالواجب المعين في عدم افتقاره إلى التعيين بل حكى عنه ثاني الشهيدين في الروضة انه الحق به في بعض تحقيقاته مطلق المندوب لتعينه شرعا فى جميع الايام الا ما استثنى فيكفى فيه نية القربة و استحسنه هو و تبعه في الذخيرة و فى المدارك بعد نقل ذلك عن الشهيدين قال و لا بأس به خصوصا مع برائة ذمة المكلف من الصوم الواجب أقول قد عرفت انفا ان ما نسب إلى المشهور هو الذى يقتضيه التحقيق ان بنينا على ان صوم التطوع كصوم الكفارة و النذر و غيره قسم خاص من الصوم و ليس جنس الصوم من حيث هو متعلقا الامرشرعى بل هو قدر مشترك بين الانواع المطلوبة شرعا و اما على ما اخترناه من ان طبيعة الصوم من حيث هى لا بوصف زائد عليها هى التي أوجبها الشارع في شهر رمضان و ندبها في سائر الايام عدى الاوقات التي حرم صومها و ان للصوم من حيث هو أحكاما مختلفة باختلاف ازمنة وقوعه و له أحكام اخر متعلقة به لامن حيث هو بل باعتبارات اخر خارجة عن حقيقته كوقوعه نيابة عن ميت أو كفارة او وفاء بالنذر و شبهه فالمتجه ما ذكره الشهيد في بعض تحقيقاته كما تقدمت الاشارة اليه و سيأتي لذلك مزيدتوضيح في مسألة الصوم تطوعا لمن عليه القضاء و لابد من حضورهااى النية عند اول جزء من الصوم او تبييتها مستمرا على حكمها كغيره من العبادات المشروطة بالنية حيث يعتبر في صحتها حصولها بجملتها من اولها الى اخرها بقصد الاطاعة فلابدفيه و فى غيره مما يعتبر فيه حصوله بعنوان الاطاعة من إرادة تفصيلية ناشئة من تصور الفعل و غايته باعثة له على اختياره بهذا العنوان مقارنة الاول زمان الاخذ فيه او متقدمة عليه بشرط بقاء حكمها اى باعثيتها على اختيار الفعل لغايته المتصورة و قد اشرنا في صدر المبحث إلى ان بقاء اثرها فيما لو كان المنوي فعلا وجوديا يتوقف على بقاء مرتبة من مراتبها فى النفس بنحو من الاجمال صالحة لبعث الفاعل على اختياره و هذا هو الذي نسميه بالداعي و اما فى الصوم و نحوه مما كان المنوي ترك فعل فلا حاجة إلى ذلك بل يكفى بقائها فى النفس شانا بحيث مهما عرضها الالتفات التفصيلى وجدتها باقية غير مرتدعة عنها فلا ينافيه عروض الغفلة والنوم بل ربما كان من مقتضياته كما أوضحناه فيما سبق و نبهنا فيما تقدم على انه ليس للنية زمان شرعي كى نتكلم في وقتها بل على تحققها قبل الفعل و استمرار حكمها الى ان يتحقق الفراغ من الفعل كما حققناه في نية الوضوء خلافا لظاهر كلمات أكثر القدماء بل المشهور ان لم يكن مجمعا عليه ففيما بينهم حيث انهم اعتبروا في سائر العبادات كونها صادرة عن نية تفصيلية مقارنة لاول اجزائها عدى الصوم فلم يعتبروا فيه هذا الشرط لكونه بالنسبة إلى الصوم مخالفا للضرورة فضلا عن منافاته لقاعدة نفى الحرج فان تحصيل المقارنة غالبا اما متعذرا و متعسر فاجاز nو اتبييتها في اى جزء من الليل مستمرا على حكمها من باب التوسعة و التسهيل على ما يقتضيه القاعدة في باب العبادات من اشتراط المقارنة و حكى عن بعض العامة تخصيصها بالنصف الاخيرفكان محط نظره كون جواز التقديم لمكان الحرج و الضرورة و هي تقدر بقدرها و هو بناء على كون الحكم مخالفا للاصل لا يخلو عن وجه لو لا قضاء ضرورة الشرع بجواز النوم من أول الليل إلى طلوع فجر اليوم الذي وجب صومه من رمضان و كيف كان فألحق ما عرفت من انه ليس للنية في شيء من العبادات فضلا عن الصوم محل شرعي تعبدي بل محلهاعقلا قبل الفعل بشرط تأثيرها في وقوعه منويا فعلى هذا