المقتضى لبقاء السلطنة بعد الموت أيضا فيبطل التدبير الذي هو من العقود الجائزة لاطلاق الرهن المنافى له نعم لو قال أرهنتك العبد المدبر أو ما يؤدى مؤداه بحيث يدل على بقاء تدبيره فالأَقوى صحتهما معا إذ ليس على هذا التقدير إطلاق استحقاق ينافي التدبير بل التدبير يقضى قصر الاستحقاق على فرض بقاء المولى حيا إلى زمان الاستيفاء و ليس هذا تعليقا مخلا في العقود ضرورة ثبوت مثل هذا التعليق أعنى بقاء المحل على قابلية الاستيفاء منه في جميع الموارد فليس طرو موت المولى في ألا ثناء إلا كصيرورة الخل خمرا بل موت نفس العبد قبل انقضاء ألاجل فكما إن احتمال طرو هذه الطواري لا ينافى صحة الرهن كذا احتمال موت المولى في المدبر لا ينافي صحة رهنه كما في العبد الجاني و بما ذكرنا ظهر فساد ما قيل وجها لبطلان التدبير بالرهن من أن التدبير ينافى الاستيثاق المعتبر في الرهن لاحتمال طرو موت المولى قبل انقضاء ألاجل فلا يحصل الوثوق توضيح الفساد إن الوثوق في كل شيء بحسبه فألاستيثاق بالعبد المدبر و إن لم يكن مثل ما لو لم يكن مدبرا إلا إنه لو قيس إلى عدمه يعلم إنه يحصل به الاستيثاق في الجملة أيضا و كيف لا و ليس هذا إلا كما يحتمل التلف في ألا ثناء أو الخروج عن المالية كالمثال المتقدم مع إن الظاهر إنه مما لا أشكال في صحة رهنه و توهم إن مقتضى ما ذكرنا صحة التدبير في الفرض ألاول أيضا أعنى في صورة إطلاق الرهن لان كونه مدبرا صيره كالخل المحتمل لان يصير خمرا و ألاطلاق لا يتسرى إلى أزيد من موضعه و هو العبد المدبر فبموت المولى يصير حرا و يخرج عن المالية فكما إن الاطلاق لا يشمل بعد موت نفسه كذلك لا يشمل بعد موت المولى أيضا لخروجه عن المالية بذلك مدفوع بأن مال الاطلاق إلى قوله سلطتك على بيع هذا العبد لو لم يؤد دينك في شهر كذا سواء بقيت حيا أم لا و مآل التقييد إلى قوله سلطتك على بيعه في شهر كذا في حال حيوتى و بينهما بون بعيد و بما ذكرنا تبين الحكم فيما لو رهن المدبر نفسه و أما لو صرح برهن خدمته مع بقاء التدبير قيل على ما في المتن إنه يصح ألتفاتا إلى الرواية المتضمنة لجواز بيع خدمته فيشمله القاعدة المسلمة عندهم كلما جاز بيعه جاز رهنه و قيل لا يصح لتعذر بيع المنفعة منفردة بل و لا منضمة مع الغير بل الصحيح إنما هو بيع ماله المنفعة من حيث إنها منعفة لملكه لا إنها جزء المبيع و هو أى عدم الصحة أشبه بقواعد المذهب و لكنك قد عرفت إن الوجه ليس منحصرا في تعذر البيع حتى يناقض فيه بظهور ألاخبار في جوازه بل العمدة فيه تعذر القبض المعتبر في صحته على المختار و أما القبض المعتبر في البيع إما نلتزم بتحققه في المقام تبعا لقبض العين لما عرفت من إمكان الفرق بين القبض المعتبر في البيع و بين القبض في الرهن و أما نلتزم بتخصيصه بغير هذا المورد لهذه ألاخبار الخاصة كما إن الجهالة أيضا مضرة لتلك ألاخبار و أما القاعدة فيمنع عمومها بحيث يشمل المورد بل لعل القائلين بجواز بيعه أيضا لا يلتزمون جميعهم بجواز رهنه فلا يحصل الوثوق بالاجماع التعليقى في المقام فيوهن بذلك عموم القاعدة و الحاصل إن ألاخبار على فرض تسليم دلالتها على جواز البيع فلا يدل على جواز الرهن و أما القاعدة فلم يثبت حجيتها عموما بحيث يشمل مورد الكلام و الله العالم و أما الشرط الثاني أعنى اعتبار كون الرهن مملوكا بمعنى كونه متمولا فمما لا شبهة فيه إذ بدون ذلك لا يعقل بيعه حتى يستوفى منه الدين فلا يحصل الاستيثاق الذي شرع الرهن لاجله و يشترط مع ذلك كونه مملوكا للراهن أو مأذونا من قبله حتى يصح البيع و يحصل ألاسيتثاق و على هذا لو رهن ما لا يملكه الراهن بأن كان عينا مملوكة لغير المالك لم يمض الرهن و وقف على أجازة المالك فإن أجاز جاز لان الظاهر عدم الفرق بينه و بين البيع فيدل على صحته بألاجازة ما يدل على صحة الفضولي في البيع و لكن هذا إنما يتم بعد إثبات جواز الاعارة للرهن بمعنى تأثير الاذن السابق على الرهن في صحته إذ لو لا ذلك كيف يصححه الاذن اللاحق فينبغي أن نتكلم في جواز الاعارة للرهن حتى يتضح المسألة فنقول الاقوى جواز رهن مال الغير بأذن مالكه مطلقا سواء كان وثيقة لدين المالك أو الراهن أما ألاول فوجهه واضح لكونه وكيلا عن المالك فلا إشكال فيه و أما الثاني أيضا فمما لا إشكال فيه من حيث الحكم أعنى الجواز و إنما الكلام في أنه هل هى عارية أو ضمان أو شيء آخر و أما أصل الجواز فالظاهر إنه لا خلا ف فيه على ما أدعاه واحد بين الخاصة و العامة إلا عن إبن شريح منهم و إن لم يعرف نقل الخلاف عنه أيضا صريحا و كيف كان فالظاهر انعقاد إجماع الخاصة على صحته و هو الحجة مضافا إلى سلطنة الناس على أموالهم إذ ليس هذا إلا كألاذن في بيعه و أداء دينه من ثمنه و أما الكلام في كونه عارية فالظاهر أنه عارية وفاقا لما نسب إلى علمائنا و قد يناقش في تسميته عارية بوجوه منها إن العارية عبارة عن إباحة المنافع مع بقاء العين و الرهن ينافيها و منها أن الاستيثاق بها ليس من المنافع و إنما هى فائدة ترتب عليها و لا يعد مثلها منفعة فليس هذا عارية و منها أن العارية تقتضي عدم الضمان مع أن الراهن ضامن في المقام و منها جواز العارية مع إن هذا ليس بجائز مطلقا بل للمرتهن منعه عن التصرف فيه قبل الفك و يمكن دفعها أما ألاولى فبان الرهنية لا تقتضي الخروج عن الملكية حتى تنافي العارية بل ليس الاذن في الرهن إلا ترخيص المستعير على تسليط الغير على بيعه على تقدير فليس هذا إلا كأعارة شخص شيئا و قد إذن للمستعير أن يبيعه لو احتاج إلى ثمنه و يرد أليه عوضه و هذا المقدار لا يقتضى الخروج عن كونه عارية قبل البيع و مجرد صيرورته متعلقا لحق المرتهن لا يقتضى انقلاب النسبة بينه و بين الراهن و أما الثانية فيمنع عدم صدق المنفعة على مثل ذلك كيف و قد صرح واحد بجواز أستعارة الذهب و الفضة للتزيين بل لا يبعد الجواز فيما لو أستعار لان يكون مليا في أعين الناس و إن أبيت إلا عن إنكار الصدق فنمنع قصر مورد العارية على ذلك بل نقول بجواز العارية في كل مورد يستفيد منها المستعير بنحو من ألانحاء و لا محذور فيه و أما الثالثة أعنى عدم الضمان فنقول إن أريد من عدم الضمان ما يعم قيمته بعد استيفاء الدين منه فنمنع اقتضاء العارية لذلك لان هذا ليس تلفا سماويا بل هو إ تلا ف من الراهن و لو فرض أعساره بحيث لا يقدر على فكه فلا يستند أليه الاتلاف إذ لم يصدر منه إلا مجرد الرهن و قد كان بأذن المالك فلا يورث الضمان عليه فنقول إن الاذن في الرهن ليس إلا ترخيصه في جعل ملكه وثيقة عند الغير التي يترتب عليها بحكم الشرع أو العرف جواز بيعه عند التعذر و أستيفاء الدين منه و هذا بمجرده لا يقتضى صيرورة قيمة العين أداء عما في ذمة المديون مجانا ضرورة إن الاذن في الرهنية لا يقتضى المجانية فهذا ليس إلا كقوله إذا ضاق عليك ألامر فأوف ديونك من هذا المال و لا يستفاد من هذا عرفا و لا شرعا