قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول : ان الجنة تشتاق إلى ثلاثة قال فجاء أبو بكر ، فقيل له : يا أبا بكر أنت الصديق و أنت ثاني اثنين إذ هما في الغار ، فلو سألت رسول من ذي قبل انشاء الله العزيز . و ذكر الشيخ في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بريدة الخصيب الاسلمي الخزاعي و قال : مدني عربي (1) .
و قيل : بريدة أبو الخصيب .
الصواب فيه ضم الحاء و فتح الصاد المهملتين على التصغير كزبير كما في جامع الاصول و القاموس ( 2 ) و المغرب ، و ضبطه المصحفون باعجام الخاء المفتوحة و إهمال الصاد المكسورة بعدها و يقال باعجام الضاد .
قوله : أنت الصديق بكسر الصاد و الدال المشددة المهملتين على فعيل بناء للمبالغة في التصديق . و نحن نقول : يستبين من فزعه و حزنه في الغار ، و هو مع النبي الكريم الموعود من السماء بالنصر و التأييد و الامن و الغلبة ، و قوله " ان تصب اليوم ذهب دين الله " أنه كان ضعيف اليقين جدا في الوثوق بالله و التصديق لرسول الله صلى الله عليه و آله ، فهو بذلك خارج عن استحقاق اسم التصديق .
قوله : و أنت ثاني اثنين إذ هما في الغار بسكون الياء ارتفاعا على الخير ، أي أنت أحد اثنين اذ هما في الغار ، و أما في التنزيل الكريم فثاني اثنين عبارة عن رسول الله صلى الله عليه و آله قال الله تعالى " الا تنصروه فقد نصره الله اذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينة عليه و أيده بجنود لم تروها ( 3 ) " الضمائر كلها لرسول ه ص 130
1) رجال الشيخ : 35 2) القاموس : 3 / 55 3) سورة التوبة : 40 1) الله صلى الله عليه و آله باتفاق المفسرين . قال في الكشاف : و أسند الاخراج إلى الكفار كما أسند إليهم في قوله " من قريتك التي أخرجتك " لانهم حين هموا بإخراجه أذن الله له في الخروج فكأنهم أخرجوه " ثاني اثنين " أحد اثنين ، كقوله ثالث ثلاثة ، و هما رسول الله صلى الله عليه و آله و أبو بكر و انتصابه على الحال و قرئ ثاني اثنين بالسكون و " إذ هما " بدل من اذ أخرجه ، و الغار نقب في أعلى ثور ، و هو جبل في يمين مكة على مسيرة ساعة مكثا فيه ثلاثا . " اذ يقول " بدل ثان قيل : طلع المشركون فوق الغار فاشفق أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه و آله فقال : ان تصب اليوم ذهب دين الله ، فقال صلى الله عليه و آله : ما ظنك باثنين الله ثالثهما و قيل : لما دخل الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله و العنكوب فنسجت عليه فقا ل رسو ل الله صلى الله عليه و آله : أللهم أعم أبصار هم : فجعلوا يترددون حول الغار و لا يفطنون قد أخذ الله أبصارهم عنه " سكينه " ما ألقي في قلبه من الامنة التي سكن عندها و علم أنهم لا يصلون اليه ، و الجنود الملائكة يوم بدر و الاحزاب و حنين (1) . قلت : سياق ( 2 ) الاية الكريمة بلسان بلاغتها تنطق بوجوه من الطعن في جلالة أبي بكر : الاول : أن همه و حزنه و فزعه و انزعاجه و قلقه حين اذ هو مع النبي الكريم المأمور من تلقاء ربه الحفيظ الرقيب بالخروج و الهجرة ، و الموعود من السماء على لسان روح القدس الامين بالتأييد و النصرة ، مما يكشف عن ضعف يقينه و ركاكة ايمانه جدا . الثاني أن إنزال الله سكينته عليه صلى الله عليه و آله فقط لاعلي أبي بكر و لا عليهما جمعيا ، مع كون أبي بكر أحوج إلى السكينة حينئذ لقلقه و حزنه على أنه لم يكن ه ص 131 1) الكشاف : 2 / 190 2) و فى " س " ساقة آية الكريمة .