دار الـحـديـث في الاية الثالثة عن ((السميع )) و((العليم )) حيث ذكرت المظلومين وسمحت لهم بـالـوشـاية والاذاعة ضد الظالمين , قال تعالى ( لا يحب اللّه الجهر بالسؤ من القول الا من ظلم و كـان اللّه سميعا عليما ).
امـا الـمـقـصـود من ((الجهر بالسؤ)) , فقد قال بعض المفسرين انه بمعنى لعن المظلوم للظالم , وفسره البعض الاخر بالسب والشتم , والبعض الاخربمعنى الترافع الى القاضي , او بمعنى تعرية ظلم الظالمين امام الناس في الغيبة والحضور.
((لكن مناسبة الحكم للموضوع )) توجب اباحة هذه الامور في مجال دفع الظلم , وكسب الراي العام ضـد الظالم فقط , لذا فمن الافضل ان تنحصر مسالة سب وشتم الظالمين بالمجال الذي تكون عاملا مساعدا للنهي عن المنكرومحاربة الظلم والفساد.
وجـمـلة ( و كـان اللّه سميعا عليما ) تصلح في ان تكون مستثنى , كما تصلح ان تكون مستثنى منه ايـضـا , اي انـها تحذير للمغتابين الذين لم يتعرضوا للظلم ,كما انها تحذير للمظلومين لئلا يتعدوا حدود اللّه , ويراعوا العدل والانصاف .
والجدير بالذكر هو ان السبب في ذكر صفتي السميع والعليم يكمن في تحدث الاية عن الجهر بالسؤ ودوافعه الذاتية الخفية , فقالت بان اللّه يسمع هذا الكلام , وهو عليم بنيات المظلومين قائليه .
وامـا مـاقاله البعض من ان مفهوم الاية هو جواز رد الشتم بالمثل , كما لوقال احد لشخص (ايها الـزاني ) , يجوز لهذا الشخص ان يرد عليه بذلك , خطاكبير لانه يجب مواجهة ظلم الظالم باحقاق الـحـق , لا بارتكاب ظلم آخر ,ويجب النهي عن المنكر ودفع شر الظالم , لا ارتكاب منكر آخر وتربية ظالم آخر. على اي حال , فان هذه الاية تدل على رفض الاسلام الركون الى الظالمين , بعكس مانسبه البعض الى السيد المسيح (ع ) من انه قال ((لو ضربك احد على خدك الايمن , فقدم له خدك الايسر)) جهادكم مراقب من قبله نـواجه في الاية الرابعة تعبيرا جديدا ايضا , حيث امرت الناس بالتوجه الى هاتين الصفتين الالهيتين (السميع والعليم ) , قال تعالى ( وقـاتلوا في سبيل اللّه واعلموا ان اللّه سميع عليم ).
والتعبير بعبارة ( في سبيل اللّه ) تعبير لطيف وغني جدا , حيث وضح للجميع بان الهدف من الجهاد الاسلامي ليس كسب السلطة الدنيوية واحتلال الدول ـ كما اتهمنا به الكثير من مفكري الغرب , بل فتح الطرق الى اللّه ـ طرق الطهارة والتقوى والحق والعدالة ـ.وجـمـلـة ( واعـلموا ان اللّه سميع عليم ) تحذر جميع المجاهدين المسلمين لكي يراقبوا اقوالهم ونياتهم , ويتجنبوا كل مايشوه المعنى السامي والجميل لكلمة ( في سبيل اللّه ) , وكذلك فانها تزيد من معنوياتهم عندما يثقون بان اللّه معهم اينما كانوا , ويعلم حالهم .