لاشـك فـي عدم امكانية مقايسة مفهوم ارادة الانسان بالارادة الالهية , لان الانسان يتصور الفعل في الـبـدايـة (مثل شرب الما) , ثم فوائده , ثم يعتقدبفوائده , ثم يشتاق ويرغب الى القيام بذلك الفعل , فـعندما يصل شوقه هذامراحله النهائية يصدر اوامره الى العضلات , فيتحرك الانسان لانجاز هذا العمل .
لكننا نعلم ان كل هذه المفاهيم (التصور والاعتقاد , والشوق والاموروحركة العضلات ) لامعنى لها بخصوص الباري , لانها جميعا حادثة , فاين ارادته منها اذا؟.
مـن اجـل هـذا ذهـب عـلما الكلام والفلاسفة المسلمون ـ صوب مفهوم يتناسب مع الوجود البسيط الـمـجـرد , وبنفس الوقت يتناسب مع اي نوع من انواع التعبير الحاصل لدى اللّه تعالى , فقالوا ان ارادة اللّه تعالى على نوعين
1 ـ الارادة الذاتية .
2 ـ الارادة الفعلية .
1 ـ الارادة الالـهية الذاتية هي علمه بالنظام الاصلح لعالم التكوين , وعلمه بخير وصلاح العباد في الاحكام والقوانين الشرعية .
انـه يعلم اي نظام افضل واصلح لعالم الوجود , ويعلم افضل الاوقات المناسبة لايجاد الموجودات , وهذا العلم منبع تحقق الموجودات وحدوث الظواهر في الازمنة المختلفة .
وكـذلك هو يعلم مصلحة عباده الكامنة في هذه القوانين والاحكام , وان روح هذه القوانين والاحكام هي علمه بالمصالح والمفاسد.
2 ـ ارادته الفعلية عين الايجاد وتعد من صفاته الفعلية لذا فان ارادته في خلق السموات والارض هي عين حدوثها , وارادته في فرض الصلاة هي عن وجوبها وفي تحريم الكذب هي عين حرمته .
وخـلاصة الكلام هي ان ارادة اللّه الذاتية عين علمه , وعين ذاته , لذلك اعتبرناها من فروع العلم وارادته الفعلية عين الايجاد والتحقق .
وسيتضح الموضوع بصورة افضل عند نقل بعض الاحاديث الشريفة الواردة في هذا المجال , ان شا اللّه تعالى .