نفحات القرآن

ناصر مکارم شیرازی

جلد 4 -صفحه : 159/ 91
نمايش فراداده

4 ـ.اللّه قادر مختار

كما اشرنا سابقا من ان المقصود بالقدرة الالهية هي القدرة المقرونة مع الاختيار.

وقد استدل الفلاسفة وعلما الكلام على كون اللّه تعالى فاعلا مختارا بان الفاعل على نوعين اما ( مخير ) , واما ( مسير ) كتاثير الشمس في المنظومة الشمسية وموجوداتها.

فـلو قلنا ان خالق العالم فاعل مسير , لوجب التسليم باحد الامرين امابان الوجود قديم , واما بان الذات الالهية حادثة , لان الفاعل المسير لاينفصل عن فعله ابدا.

اما كون هذا العالم ازلي فغير ممكن , لاننا عرفنا دلائل حدوث العالم في بحث وجود اللّه سبحانه .

والـقـول بحدوث الذات الالهية المقدسة يستلزم انكار وجوده تعالى , لانهالو كانت حادثة لاحتاجت الى علة , اذا فهو ليس بواجب الوجود والحالة هذه .

وبتعبير آخر لو كانت خالقية الباري كاشعة الشمس لاستلزم ان يكون هذاالكون قديما وازليا , لان ارسال الشمس لاشعتها لا ارادي وهو ملازم لوجودهادائما وابدا.

لـذا نـسـتـنتج بان اللّه تعالى فاعل مختار , وان ذاته المقدسة ازلية وفعله حادث ,وكلما اراد شيئا يتحقق بدون فاصلة زمنية .

سؤال

مـن الـمـعـلـوم ان كلمة الفاعل المختار تعني المريد , ونعلم ان الارادة كيفية نفسانية تعرض على صاحبها , وهذا المفهوم يتعارض مع حقيقة ذات الباري تعالى , لان ذاته لاتقع محلا للحوادث , فكيف نفسر ارادة اللّه تعالى ؟.

الجواب

بـالـرجوع الى ماذكرناه في بحث الارادة الالهية ( في ذيل صفة علم اللّه تعالى ) يتضح جواب هذا الـسـؤال , وهو عدم امكانية تطبيق ومقايسة مفهوم الارادة الذي نجده في انفسنا مع مفهومها بالنسبة لـلذات الالهية , كما هو الحال في صفة العلم , فالعلم الحصولي الموجود فينا والحادث بالنسبة لنا لا معنى له ابدا بخصوص الذات الالهية المقدسة .

والارادة الالهية الذاتية ـ كما شرحنا ذلك سابقاـ تتشعب من علمه سبحانه , وهي عبارة عن ( علمه بالنظام التكويني الاحسن ) الذي هو علة خلق الاشيا والاحداث الواقعة في الازمنة المختلفة .

اذا ارادته ازلية وآثارها تدريجية ( تمعن بدقة ).

ولـزيـادة الاطلاع حول هذا الموضوع , وحول التفاوت الموجود بين الارادة الالهية ((الذاتية )) و((الفعلية )) راجع بحث الارادة في نفس هذا الجز.