نفحات القرآن

ناصر مکارم شیرازی

جلد 8 -صفحه : 120/ 118
نمايش فراداده

هل ان القوانين الثابتة تتماشى مع احتياجات الانسان المتغيرة ؟

2. فـيما عدا مسالة السير التكاملي للبشر التي طرحت في السؤال الاول هناك سؤال اخر وهو اننا نعلم ان مـقتضيات الازمنة والامكنة متفاوتة او بتعبير اخر ان الانسان دائما في حالة تغيير , في حين ان شريعة خاتم الانبيا لها قوانين ثابتة ,فهل باستطاعة هذه (القوانين الثابتة ) تلبية احتياجات (الانسان المتغيرة ) على طول الزمن ؟.

يمكن الاجابة على هذا السؤال ايضا بالالتفات الى النقطة التالية :.

اذا كـان لكل القوانين الاسلامية صفة (الجزئية ) وتعين لكل موضوع حكمامحددا وجزئيا فان هذا الـسؤال يكون في محله , اما اذا عرفنا بان في التعاليم الاسلامية توجد سلسلة من (الاصول الكلية ) الواسعة جدا والتي بامكانهامسايرة الاحتياجات المتغيرة وتلبيتها فلا يبقى اي مجال لمثل هذاالايراد .

مثلا : بمرور الزمان تظهر سلسلة من المعاهدات والعقود والاتفاقيات الجديدة والعلاقات الحقوقية بين الناس لم تكن موجودة في عصر نزول القرآن ابدا , كما هو الحال في مايسمى اليوم بـ(التامين ) ففي ذلك الزمان لايوجد بتاتاشي باسم (التامين ) وفروعه المتعددة ((397)) , او انواع الشركات فـي عـصـرناوزماننا هذا والتي تظهر للوجود حسب مقتضيات الحاضر , ولكن مع هذا فان لدينا في الاسـلام اصـلا كليا جا في بداية سورة المائدة عنوانه (وجوب الوفابالعهد والعقد) يقول : (ياايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود) وكل تلك المعاهدات والعقود يمكن وضعها تحت غطا ذلك الاصل .

وطبعا جات قيود وشروط بصورة كلية ايضا على هذا الاصل الكلي في الاسلام يجب مراعاتها.

وبنا على هذا فان (القانون الكلي ) ثابت وان كانت مصاديقه في حالة تغيير , وكل يوم يمكن ان يظهر مصداق جديد.

والمثال الاخر : ان لدينا في الاسلام قانونا بديهيا باسم (قانون لا ضرر)الذي يمكن بواسطته الحد مـن كـل حـكـم يـشـكل ضررا على المجتمع الاسلامي ,وعن طريق هذا القانون تسد الكثير من احتياجاته .

وبـغـض الـنظر عن هذا فان مسالة (لزوم حفظ نظام المجتمع ) و(وجوب تقديم الواجب ) ومسالة (تقديم الاهم على المهم ) يمكنها في مجالات واسعة جدا ان تكون حلالة للمشاكل .

عـلاوة عـلـى كـل هذه فان الصلاحيات الممنوحة للحكومة الاسلامية عن طريق (ولاية الفقيه ) تعطيها امكانيات واسعة لحل المشكلات في اطار الاصول الكلية للاسلام .

وطـبـعا ان بيان كل واحد من هذه الامور بالخصوص عند الالتفات الى فتح باب الاجتهاد (الاجتهاد مـعـنـاه استنباط الاحكام الالهية من المراجع الاسلامية )يحتاج الى تحقيق كثير يبعدنا القيام به عن هدفنا , ولكن مع هذا فان مااوردناه هنا اشارة يمكنه ان يشكل اجابة على الاشكال آنف الذكر.