سـبـق القول الى ان مقطعا مهما من المباحث التربوية والمواعظ والنصائح والبشائر والنذر والعهود والامال القرآنية بينت بصفتها مسائل تاريخية شيقة معبرة ومؤثرة تجذب السامع تلقائيا نحو الاهداف الـعـلـيـا , ولايستطاع الوقوف على عظمة البحوث التاريخية المعجزة في القرآن مالم يطالع بدقة سورة يوسف , والانبيا ,وطه , والقصص , ومريم , وآل عمران , وامثالها.
تنطوي البحوث التاريخية على الخصوصيات الاساسية التالية :.
1 ـ الاستناد الى المقاطع الحساسة والقا نظرة فاحصة ونافذة على المسائل التربوية المهمة .
2 ـ خلوها من اي شكل من اشكال الزوائد والاضافات .
3 ـ خلوها من حالات التضاد والتناقض وعدم الترابط والانسجام .
4 ـ خـلافـا لاسـلوب كتابة التاريخ المتعارف عليه في ذلك الزمان (وحتى في القرون التي تلته ) , حيث طرح التاريخ فيها كمادة مسلية , ووسيلة للاطلاع على اوضاع الماضين , فلم يشتمل على اية نظرة فاحصة محللة تشكل فلسفة التاريخ والدروس والعبر المستلهمة من حياة القدما.
بـينما اهتم القرآن المجيد في تواريخه باصول المسائل وبظواهرها ايضا بشكل يبعث حب الاطلاع في نفس القارئ والمتلقي ويحفز ذهنهما على التفكير الدقيق في الحوادث .
ومن الجدير بالذكر : انه يحذف الحوادث التافهة التي لا هدف لها سوى اطالة الكلام واتلاف الوقت من كل اياته .
5 ـ اولـى الـقرآن اهتماما بالغا وبشكل دقيق الى فصل الحقائق التاريخية عن الاساطير , وهي من الـمـسـائل الـمـعقدة احيانا , لان هناك عوامل مزجت التاريخ بالاساطير الكاذبة دائما من جملتها : الـترفيه وارضا العواطف الطفولية , ادارة الخيال وايجاد الروابط المفتعلة , بحيث يمكن القول : ان الاساطير والخرافات تستاثربمقطع مهم من تواريخ القدما وتشكل احدا اركانها الاساسية .
فـبنا على ذلك لو فرضنا انفسنا في زمن نزول القرآن واجوا حياة نبي الاسلام (ص ) لشاهدنا مدى امتزاج تواريخ ذلك الزمان بخرافات تتناقل على الالسنة وتعد في قائمة المسلمات بحيث لايستطيع المتعلمون الفصل بينهما , فضلاعن احد الاميين .
وقـد كان علما ذلك العصر من الربانيين و (احبار) اليهود والنصارى ومشركي العرب يدافعون عن هـذه الاسـاطـير والخرافات ومن الطبيعي ان من يعيش في مثل تلك البيئة ويصل سنه الى الاربعين تنسج افكاره بهذه الاساطير والخرافات ويستحيل الفصل بينها عادة ترى هل يستطيع احد ان يطهر الـتـاريـخ فـي تلك البيئة المظلمة ويفصل الحقائق عن الاوهام والخرافات ؟ ان احدا من المحققين ,والـمـطـلعين على التاريخ في يومنا هذا لا يتمكن من القيام بمثل هذا العمل الا بشق الانفس , فكيف يمكن توقع ذلك من شخص امي لم يؤت حظا من القراة في ذلك العصر ؟.
والان نتوقف عند بعض الامثلة في القرآن وبشي من المقارنة يتضح ماقلناه سابقا :.