تربة الشهيد - شهید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شهید - نسخه متنی

مرتضی مطهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


" فزت ورب الكعبة " !!والحسين بن علي -ع - يروي عن جده رسول الله -ص- انه قال له:


" إن لك منزله عند الله لا تنالها إلا بالشهادة " .إلى هنا، حللنا مسألة الموت والشهادة في (الإطار الفردي ).


وتبين لنا:


أن الموت على مسرح الشهادة فوز للشهيد ما بعده فوز، ويستحق الفرح والإبتهاج في ذكريات استشهاد أئمتنا .ومن هنا يقول السيد ابن طاووس:


لو لم تصل إلينا الأوامر بالتعزية، لأقمنا حفلات الإبتهاج في ذكريات استشهاد أئمتنا .ومن هنا أيضا، يحق للمسيحيين أن يقيموا حفلات سارة بمناسبة استشهاد المسيح - كما يعتقدون . والإسلام يصرح بأن الشهادة فوز للشهيد لا غير .التحليل السابق - كما ذكرنا - يقتصر على (الإطار الفردي ) لمسألة



الشهادة .. ولهذه المسألة - في نظر الإسلام - إطار آخر هو ( الإطار الإجتماعي ) .الإطار الإجتماعي للشهادة ينظر إلى المسألة باعتبارها ظاهرة لها جذورها الممتدة في أعماق المجتمع، ولها آثارها الجسيمة التي ستتركها على الحياة الإجتماعية .موقف المجتمع من الشهيد ومن حادثة الشهادة لا يرتبط بالشهيد ذاته فقط بما حققه الشهيد من نجاح فردي، أو بما مني به من فشل فردي فحسب .. بل إن هذا الموقف يرتبط برد الفعل الذي سيبديه المجتمع تجاه الشهيد، وتجاه جبهة الشهيد من جهة، وتجاه الجبهة المعارضة للشهيد من جهة أخرى .الشهيد يرتبط بمجتمعه عن طريق .الأول - ارتباطه بأفراد حرموا من وجوده ومن معطياته .ووقع الشهادة على هؤلاء الأفراد مؤلما محزنا . وان بكي هؤلاء على الشهيد فإنما يبكون في الحقيقة على أنفسهم .الثاني - ارتباطه بالأفراد الذين ثار الشهيد بوجههم، لما بثوه في المجتمع من إثم وفساد .أي ارتباطه بالجو الفاسد الذي ناضله الشهيد وسقط صريعا على طريق نضاله .هذا الإرتباط يلقي على المجتمع أول درس من دروس الشهيد .هذا الدرس يتلخص في الطلب من أفراد المجتمع بعدم السماح للأجواء الفاسدة أن تظهر في المجتمع.




شهادة الشهيد تطرح في إطار هذا الدرس على إنها أمر مؤلم مفجع، لكن هذا الألم يتحول في نفوس الأفراد إلى سخط على الذين ثار الشهيد بوجههم، وعلى الذين قتل الشهيد بأيديهم .. وهذا السخط يحول دون ظهور قتلة جناة في المجتمع .وهذا الدرس نتلمس آثاره في الذين تربوا في مجالس العزاء الواقعية على الحسين، انهم يأبون أن يتشبهوا قيد أنمله بقتلة الحسين .وللشهادة دروس اجتماعية أخرى .


المجتمعات الإنسانية لا تخلو من أجواء فاسدة تتطلب الشهادة .وهنا ينبغي دفع مشاعر أفراد المجتمع على طريق الإستشهاد، عن طريق سرد ما قام بهالشهيد من أعمال بطولية عن " وعي " و " انتخاب " .فعن هذا الطريق ترتفع مشاعر أفراد المجتمع إلى مستوى مشاعر الشهيد، وتنطبع بطابعها ومن هنا قلنا إن البكاء على الشهيد:


اشتراك معه فيما سجله من ملاحم، وتعاطف مع روحه، وانسياق مع نشاطه وتحركه وتياره .


وهنا يحق لنا أن نطرح هذا السؤال:


هل أن مجالس الفرح والرقص والسكر والعربدة - كما هو مشهود في مجالس المسيحيين الدينية - بقادرة على خلق هذه المشاعر الإجتماعية تجاه الشهيد ؟! أم مجالس البكاء؟يخطئ من يظن أن البكاء ظاهرة سلبية تنم دائما عن مشاعر الحزن والألم .




الضحك والبكاء من خصائص الإنسان .. الحيوانات تشعر باللذة والألم، لكنها لا تعبر عما تحسه بضحك أو بكاء .الضحك والبكاء مظهران لا شد حالات إثارة العواطف البشرية.للضحك أنواع وأقسام لسنا الآن بصدد الحديث عنها، وهكذا البكاء.


والبكاء يرافق عادة نوعا من الرقة والهياج، فدموع الشوق والحب معروفة للجميع .وفي حالة البكاء وما يصحبه من رقة وهياج يشعر الإنسان بقربه من حبيبه الذي يبكي عليه، أكثر من أي وقت آخر . بل يشعر في تلك الحالة باتحاد مع الحبيب .الضحك والسرور لهما غالبا طابع (التوغل في الذاتية )، والبكاء له - على الأكثر - طابع (الخروج من أغلال الذاتية )، وطابع نكران الذات، والذوبان في ذات المحبوب .الضحك بهذا المنظار يشبه (الشهوة ) التي ليست سوى الإنغماس في الذات .. والبكاء يشبه (الحب) الذي هو خروج من إطار الذات الإمام الحسين بما سجله من مواقف على ساحة الشهادة يملك قلوب مئات الملايين من أبناء البشر .ولو قدر لعلماء الدين - وهم الأمناء على صيانة هذا الإنشاد بالحسين - أن يستثمروا هذه المشاعر الإنسانية بدفعها على طريق



الحسين وبرفعها إلى مستوى آمال الحسين وروح الحسين، لأمكنهم أن يصلحوا العالم بأسره. سر بقاء الحسين يكمن من جهة في البعد العقلي لثورته، وفيما تتميز به من منطق إنساني سليم . ومن جهة أخرى في جذورها الضاربة في أعماق المشاعر والعواطف .البكاء على الحسين يصون بقاء هذه الجذور العاطفية في النفوس، ويصونها من الضعف والزوال . ومن هنا نفهم حكمة توصيات أئمتنا في البكاء على الحسين .


لكن ظاهرة البكاء تبقى دونما عطاء - كما قلنا - إن لم تستثمر على الطريق الصحيح .





تربة الشهيد


رسول الله -صلى الله عليه وآله - علم ابنته ذكرا عرف فيما بعد بتسبيحة الزهراء، يكبّر فيهالذاكر 34مره، ويحمد الله 33 مرة ويسبحه 33مرة .ومن أجل أن تضبط الصديقة الطاهرة أعداد التكبير والحمد والتسبيح في ذكرها، بادرت إلى أن تعمل لنفسها مسبحة ... وما كان منها إلاّ أن توجهت إلى قبر حمزة بن عبد المطلب لتأخذ منه تربة تعمل منها مسبحتها !ولهذا الإنتخاب .. انتخاب تربة الشهيد حمزة، مدلوله العميق .يمكن عمل المسبحة من خشب أو حجارة أو أية تربة أخرى . لكن انتخاب تربة الشهيد يدل على احترام الشهيد والشهادة، بل يعني تقديس الشهادة .بعد استشهاد الحسين، أضحت تربة الحسين محطا لأنظار المتبركين بصعيد الشهادة .




اتباع مدرسة آل البيت لا يسجدون على المأكول و الملبوس استنادا إلى ما ورد من نهي عن ذلك .. ويضعون جباههم أمام الله على الصخر أو التراب، لكنهم يفضلون - استنادا إلى تعاليم أئمتهم - أن يمرغوا جباههم أمام ربهم على تربة الشهيد، على تربة الحسين .السجود يصح على أية تربة، لكن تربة كربلاء معطرة بشذى الشهادة ، وتفوح منها رائحة القرب من الشهيد . والحث على السجود عليها هو حث على تذكر مكانة الشهيد وقيمة الشهادة باستمرار .





ليلة الشهيد


لقد اجتمعنا هذه الليلة لنحيي ذكرى ليلة العاشر من محرم .. وهي ليلة الشهيد .شاع في عالمنا المعاصر اتخاذ يوم من أيام السنة لتكريم فئة من الفئات ويقترن ذلك اليوم باسم تلك الفئة كيوم العمال، ويوم المعلم، ويوم الأم ..


لكننا لم نسمع بتخصيص يوم لتكريم الشهيد .. وفي الإطار الاسلامي، تميز يوم العاشر من محرم وحده بأنه يوم الشهيد (حبذا لو اتخذت الشعوب الإسلامية بأجمعها هذا اليوم يوما للشهيد، لتستلهم جميعها من هذه الذكرى ما يعينها على الوقوف بوجه انواع التحديات التي تواجهها "م" )ها نحن نجتمع في ليلة هذا اليوم الكبير لنعيش منطق الشهادة .


منطق العشق الإلهي الممزوج بمنطق الإصلاح الإجتماعي .. منطق الإنسان العارف المصلح .. منطق مسلم بن عوسجة، وحبيب بن مظاهر وزهير بن القين وأمثالهم من الشهداء الذين يمثلون منطق الشهادة وشخصية الشهيد خير تمثيل .





وسام الحسين


في مثل هذه الليلة اجتمع الحسين بأصحابه ليقلدهم وساما يبين مكانتهم ومنزلتهم، وليميطاللثام عن صمودهم وإصرارهم على انتخاب طريق الشهادة .جمع الحسين أصحابه عند قرب الماء- وفي رواية عند قرب المساء - فخطبهم قائلا:


"أثني على الله أحسن الثناء، وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة - وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين ".ثم قال:


" أما بعد فإني لا أعلم أصحابا أوفى و لا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، جزاكم الله عني جميعا .ألا وأني أظن أن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، وأني قد .




أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل، ليس عليكم مني ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعا خيرا، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم، فان القوم إنما يطلبوني، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري ...


تقول الرواية:


إن الحسين جمع أصحابه عند قرب الماء، أو عند قرب المساء، فان كانت (قرب المساء) فتعني قرب أمسية يوم التاسع من محرم . أما إن كانت (قرب الماء) فتعني في الخيمة المخصصة لقرب الماء في معسكر الحسين .وربما جمع الحسين هؤلاء في هذه الخيمة لأنها أضحت خالية من الماء ... إذ أن أرباب المقاتل يذكرون أن آخر وجبة من الماء حصل عليها الحسين كانت ليلة العاشر من محرم، وفي هذه الليلة شرب من كان مع الحسين، ثم قال لأصحابه:


إغتسلوا بما بقي من هذا الماء، فإنه آخر حظكم من ماء الدنيا .


ويبتدئ الحسين - في خطبته - بالثناء على الله تعالى وحمده على كل حال .عبارات الحمد والشكر تتردد على لسان الحسين دوما، معبرة عن الإرتباط الوثيق بينه وبين الله تعالى .فقد أجاب الفرزدق حين قال له:


قلوب الناس معك وسيوفهم عليك:




"إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته " (الكامل 3/276 و الطبري 4/ 290).






منطق أصحاب الحسين



قال له اخوته، وأبناؤه، وبنو أخيه، وأبناء عبدالله بن جعفر:


ولم نفعل؟لنبقي بعدك .. ؟! لا أرانا الله ذلك أبدا "وقال مسلم بن عوسجة:


"أنحن نخلي عنك ولما نعذر إلى الله في أداء حقك؟أما والله لا أفارقك حتى أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك ".وقال سعد بن عبدالله الحنفي:


"والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله -ص- فيك، والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ثم أذر، يفعل بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى ألقي حمامي دونك . فكيف لا أفعل ذلك، وإنما هي قتلة واحدة " .




وقال زهير بن القين:


"والله لوددت أني قتلت، ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل كذا ألف قتله، ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل كذا قتلة، وإن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك، وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك " (الطبري 4/317، 318) . عند ذلك أخبرهم الحسين باستشهادهم يوم غد.


فهللوا وكبروا وحمدوا الله على ما أنعم عليهم .. هذا هو منطق الشهيد .


لو لم يكن منطق أصحاب الحسين منطق شهادة لآثروا ترك الحسين .


لأن الحسين سيقتل غدا لا محالة .. فما فائدة بقائهم مع الحسين ؟!والحسين نفسه .. سمح لهم بالمغادرة .. ولم يصر عليهم بذلك لو كان منطق الحسين غير منطق الشهادة، لأفتى بحرمة بقائهم، لان بقائهم يعرضهم لخطر الموت والتهلكة .لكن الشهداء أبوا المغادرة، والحسين أبى أن يصر عليهم .. بل سر واستبشر بموافقتهم ، لأن منطق الحسين وأهل بيته وأصحابه منطق الشهيد، وهذا المنطق يرى أن المجتمع الميت بحاجة إلى دم يحرك كيانه المشلول .الشهادة لا تستهدف التغلب على العدو وحسب .. بل تستهدف تسجيل المواقف البطولية وتدوين الملاحم الإنسانية .




وهكذا كان .


لقد بقيت ملحمة كربلاء وستبقى مشعلا يضيئ الطريق أمام الأجيال .. وصرخة بوجه الظالمين في كل زمان ومكان .. وهزة تنبعث في جسد الأمة متى ما اعترى هذا الجسد خمود وركود .


/ 4