حسین (علیه السلام)، سمائه و سیرته نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حسین (علیه السلام)، سمائه و سیرته - نسخه متنی

السید محمد رضا حسینی الجلالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أتأخذُ بركابهما وأنتَ أسَن منهما ؟ فقال إنّ هذين ابنا رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ، أوَ ليس من سعادتي أن آخذ بركابيهما ?( 69).بلى ، إنّها من نعم الله الكبرى ، ومن السعادة العظمى ، أن يتشرّف الإنسان بخدمة أشرف الخلق وأفضلهم ، وخاصة في تلك الظروف السياسية الحرجة وأنْ يُقدّم بذلك خدمة للأُمّة فيعرّفها بفضل أهل البيت عليهم السلام .

وحتّى أبو هريرة الذي التقى بالنبيّ في أواخر سنّيّ حياته صلّى الله عليه واَله وسلّم , فأسلم في السنة السابعة للهجرة , ملازماً الصُفّة الشريفة بباب المسجد على شبع بطنه , فلابدّ أنّه كان يرى الحسين يروح ويغدو ، بين بيت أُمّه الزهراء وجدّه الرسول ، ويصحب جدّه في رواحه إلى المحراب ، وعلى ظهر المنبر ، وغدوّه منهما . هذا الذي ادّعى ملازمة الرسول أكثر من أصحابه الّذين شغلهم الصفقُ بالأسواق ، وانفضّوا إلى التجارات ، فكان لذلك أكثرهم حديثاً - بزعمه - على الإطلاق ، حتّى اتّخذَ لنفسه موقعاً رفيعاً في نفوس من صدّقه من الناس ، على الرغم ممّن كذّبه من كبار الصحابة وزوجات النبيّ ، كعليّ عليه السلام ، وعمر ، وعائشة (70) فهو إذنْ - حسب زعمه - يعلمُ من الحسين عليه السلام وفضائله أكثر ممّا يعرفه غيره ، لكنّه يبيتُ من أمر إعلانها وروايتها على خَطَرين (69) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (7 / 128).

(70) انظر تدوين السُنّة الشريفة (ص7-488) والمحدّث الفاصل (ص4-555).

$88فكيفَ يظهرُها ، في دولة بني أُميّة - وهو يرتعُ في مراعيهم ، ويطمعُ في برّهم ويقصعُ من مضيرتهم ؟ وكيفَ يتغافلُ عنها ، وله دعاوٍٍ طويلةٌ عريضةٌ في سماع الحديث الكثير عن رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ، والاتّصال به باستمرار ؟ وإذا اضطرّ إلى إبراز شيءٍ فهو يعتمد على الإجمال .

اقرأ معي هذه الصورة من مواقف أبي هريرة [191] . . . أعْيَى الحسينُ فقعدَ في الطريق ، فجعل أبو هريرة ينفُضُ الترابَ عَن قدميه بطرف ثوبه فقال الحسين يا أبا هريرة ، وأنتَ تفْعَل هذا ؟ قال أبو هريرة دعني ، فو الله ، لو يعلمُ الناسُ منك ما أعلمُ ، لحملوك على رقابهم (71).

لكن , لماذا قصّر أبو هريرة في تعليم الناس بعض ما يعلمُ عن الحسين ؟ فلو كان يعلّمهم لم يكن الجهلُ يؤدّي بالناس إلى أنْ يحملوا رأسَ الحسين على رؤوس الرماح , ولا أنْ يطؤوا جسده بخيولهم ، بدل أنْ يحملوه على رقابهم ? أليسَ هذا غَدْراً بأُمّة الإسلام، وإماتة للسُنّة التي كان أبو هريرة ينوء بدعوى حملها ؟ وأمّا القيادة فقد اتّفقتْ كلمةُ مؤرّخي الإسلام فكريّاً وسياسيّاً ، على أنّ الإمام الحسين عليه السلام قد أدّى دوراً عظيماً في فترة إمامته ، وأنّه بمواقفه كان المانع الوحيد عن (71) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( 7 /128) .

انهيار الإسلام وقواعده ، على أيدي بني أُميّة وعمّالهم ، وأنّه بقيادته الحكيمة للإسلام في تلك الفترة ، وبتضحيته العظيمة في كربلاء، كان الصدّ الأساسي من العودة إلى الجاهلية الأُولى .

فالحسين عليه السلام قد أحيى الإسلام بمواقفه قبل كربلاء ، وفي كربلاء، واستمرّت آثار حركته إلى الأبد ، وبذلك تحقّق مصداق قول الرسول صلّى الله عليه واَله و سلّم حسينٌ منّي وأنا من حسين , كما شرحناه في الفقرة [11] السابقة.

أمّا عن صلابة الحسين عليه السلام ، وإقدامه في نصرة الحقّ خارج إطار كربلاء فقد مرّ بنا موقفه من عمر في الفصل [17] وسنقف على مواقفه من معاوية في الفصل [25].

وأمّا حديث كربلاء وبطولاتها ، وأشجانها فقد عقدنا له الباب الثالث التالي ، بفصوله المروّعة .

21-البركة والإعجاز من معجزات النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم المذكورة في سيرته ، أنّه تفلَ في بئرٍ قد جفّتْ ، فكثرَ ماؤها وعذبَ وأمهى ، وأمرى ، وهذا المعجزُ من بركة نبيّ الرحمة للعالمين قليلٌ من كثيرٍ ، وغيضٌ من فيضٍ .

والحسينُ عليه السلام ابنُ ذلك النبيّ ، وبضعةٌ منه ، وعصارةٌ من وجوده ، والسائر على دربه ، والساعي في إحياء رسالته ، فهو يمثّلُ في عصره جدّه الرسول جسدّياً ، ويمثّلُ رسالته هدياً ، فلا غروَ أنْ يكون له مثلُ ما كان لجدّه من الإعجاز ، وهو سائر في طريقه إلى الشهادة والتضحية من أجل الإسلام ، ليفعلَ ما لم يفعله أحَدٌ من قبله .

والإمامةُ - عندنا نحنُ الشيعةَ الإمامية - تشترك مع النبّوة في كلّ شيء إلاّ أنّ النبوّةَ تختصُّ بالوحي المباشر ، وبالشريعة المستقلّة ، أمّا الثبوت بالنصّ ، والأهداف ، والوسائل ، والغايات ، فهما لا يفترقان في شيء من ذلك .

بل الإمامةُ امتدادٌ أرضيٌّ للرسالة السماويّة ، فلا غروَ أنْ يَمُدّ اللهُ الإمامَ بما يمدُّ النبيّ من القُدرة على الخوارق التي لا يستطيعها البشرُ .

أليس الهدفُ من الإعجاز إقناعُ الناس بالحقّ الذي جاء به الأنبياء ? فإذا كان ما يدعو إليه الأئمّةُ هو عينُ ما يدعو إليه الأنبياء ، فأيّ بُعْدٍ في دعم هؤلاء بما دعمَ به أولئك ? من دون تقصيرٍ في حقّ اُولئك ، ولا مغالاةٍ في قدر هؤلاء ؟ومهما كانَ ، فإنّ الحسينَ عليه السلام لمّا خرج من المدينة يريدُ مكّة مرّ بابن مطيع ، وهو يحفر بئره ، وجرى بينهما حديثٌ عن مسير الإمام ، وجاء في نهايته [201] قال ابن مطيع إنّ بئري هذه قد رشحتُها ، وهذا اليوم أوان ما خرجَ إلينا في الدلو شيء من الماء ، فلو دعوتَ اللهَ لنا فيها بالبركة .

قال الحسينُ عليه السلام هاتِ من مائها . فأُتيَ من مائها في الدلو ، فشرِبَ منه ، ثمّ تمضمضَ ، ثمّ ردّه في البئر ، فأعذَبَ ، وأمْهى (72) وهذا من الحسين عليه السلام - أيضاً - غيضٌ من فيضٍ ، وهو معدن الكرم والفيْض . إلاّ أنّ حديثَ الماء ، والحسينَ في طريقه إلى كربلاء، فيه عِبْرة ، تستدرّ العَبْرة (72) في مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( 7 / 130) وأُمْريَ ، هكذا مضبوطاً ، بدل (وأمهى)

فهل هي إشارات غيبيّة إلى أنّ الحسينَ سيواجهُ المنعَ من الماء، وسيُقتلُ عَطشاً , وهو منبعُ البركة ، من فيض فمه يعذبُ الماءُ وينفجرُ ينبوعُه ؟ وهل كان ذلك يخطرُ على بالٍ ؟ لكنّ ذكر العطش والبحث عن الماء ، له شأنٌ آخر في حديث كربلاء

22-الحجّ , في سيرة الحسين عليه السلام:

للحجّ في تراث أهل البيت عليهم السلام شأنٌ عظيم ، وموقعٌ متميّزٌ بين عبادات الإسلام ، فهم يبالغون في التأكيد على أنّ الكعبة هي محورُ الدين ، ومدار الإسلام ، ونقطة المركز له ، وقطب رحاه ، على المسلمين غاية تعظيمه والوفادة إليه .

ومن الواضح أنّ من الفوائد المنظورة للحجّ ، والتي صرّحتْ بها الآَياتُ الكريمة ، وأصبحتْ لذلك أفئدةُ المؤمنين تهوي إليه هو دلالته الواضحة على خلوص النيّة ، والتركيز على وحدة الصفّ الإسلامي ، وتوحيد الأهداف الإسلامية ، التي تركّزت عند الكعبة ، وتمحورت حولها .

وأهلُ البيت عليهم السلام كانوا في هذا التكريم العظيم جادّين أقوالاً وأفعالاً ، فالنصوص الواردة لذلك مستفيضةٌ بل متواترةٌ ، وقد أقدموا على ذلك عملياً بأساليب شتّى منها الإكثار من أداء الحجّ ، وقد جاء في سيرة الحسين عليه السلام [2 - 193] إنّه حجّ ماشياً خمساً وعشرين , وإنّ نجائبه معه ،

تُقاد وراءه(73 ) إنّها الغاية في تعظيم الحجّ ، بالسعي إلى الكعبة على الأقدام ، لا عن قلّة راحلة ، بل إمعاناً في تجليل المقصد والتأكيد على احترامه .

وهذا على الرغم من ازدحام سنيّ حياته بالأعمال ، فلو عدّدنا سنيّ إمامته العشر ، وسنوات إمامة أخيه الحسن العشر كذلك ، وسنوات إمامة أبيه الخمس ، لاستغرقت خمساً وعشرين حجّة .

فهل حجّ الحسينُ عليه السلام في الفترة السابقة بعض السنوات ؟ وأُسلوبٌ آخر من تعظيم أهل البيت للكعبة والبيت والحرم أنّهم لم يُقْدموا على أيّ تحرّكٍ عسكريّ داخلَ الحرم المكّيّ ، وكذلك الحرم المدنيّ ، رعايةً لحرمتهما أنْ يُهدَر فيهما دمٌ ، وتهتكَ لهما حرمةٌ على يد الحكّام والأُمراء الظالمين ، وجيوشهم الفاسدة ، المعتدية على حرمات الدين .

ومن أجل ذلك خرج الإمام عليّ عليه السلام من الحجاز ، وكذلك الإمام الحسين عليه السلام ، وكلّ العلويّين الّذين نهضوا ضدّ جبابرة عصورهم ، وطواغيت بلادهم ، خرجوا إلى خارج حدود الحرمين حفظاً لكرامتهما ، ورعاية لحرمتهما (74)وبهذا الصدد جاء في حديث سيرة الحسين عليه السلام أنّه خرج من مكّة معجّلاً ، جاعلاً حجّه عمرةً مفردة ، حتّى لا تُنتهك حرمةُ البيت العتيق بقتله ، بعد أنْ دسَّ يزيدُ جلاوزته ليفتكوا بالإمام ، ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة (73) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (7 /129) (74) راجع جهاد الإمام السجّاد عليه السلام (ص68- 69)

وإذا كان الظالمون لا يلتزمون للكعبة والحرم بأيّة حرمة ، ويستعدّون لقتل النفوس البريئة فيه ، وهتك الأعراض في ساحته ، وحتّى لهدمه وإحراقه ، كما أحدثوه في تاريخهم الأسود مراراً ، وصولاً إلى أغراضهم السياسية المشؤومة .

فإنّ بإمكان الحسين عليه السلام أنْ يسلبهم القدرةعلى تلك الدنائة ، فلا يوفّر لهم فرصة ذلك الإجرام ، ولا يجعل من نفسه ودمه موضعاً لهذا الإقدام الذي يريده المجرمون ، فلا يحقّق بحضوره في الحرم ، للمجرمين أغراضهم الخبيثة ، بقتله وهتك حرمة الحرم ، وإن كان مظلوماً على كلّ حال .

وهذه هي الغاية القصوى في احترام الكعبة ، وحفظ حرمة الحرم .

وقد صرّح الإمام الحسين عليه السلام بهذه الغاية لابن عبّاس ، لمّا وقف أمام خروجه إلى العراق ، فقال [243] لئنْ أُقتل بمكان كذا وكذا ، أحَبُّ إليَّ من أنْ استحلَّ حرمتها .

[244] وفي نصّ آخر . . . أحبُّ إليَّ من أنْ يُستحلَّ بي ذلك( 75) والنص الوارد في نقل الطبراني . . . أحبُّ إليَّ من أنْ يُستحلَّ بي حرمُ الله ورسوله (76) وهذه مأثرةٌ اختصَّ بها أهلُ البيت عليهم السلام لابُدّ أنْ يمجّدها المسلمون .

(75)لاحظ مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( 7/ 142)(76)تاريخ دمشق ،ترجمة الإمام الحسين عليه السلام (ص190-193) هامش(3).

23-مع الشعر والشعراء

الشعرُ يجري في وجدان الشعوب مجرى الدم ، ومعه يجري ما يحتويه الشعر من معنىً ومضمون ، وللشعراء في المجتمعات - وخاصة المجتمع العربيّ - وجودٌ مؤثّرٌ لا يمكن إنكاره .

واختلف الشعراءُ في أغراضهم وأهدافهم ، باختلاف طبائعهم ، وأُصولهم ، وانتماءاتهم القبليّة والطائفيّة ، وأهدافهم وأطماعهم الدينيّة والدنيوية ، وما إلى ذلك من وجهات نظر ، وغايات ، وآمال .

والمالُ الذي يسيلُ له لعابُ كثيرٍ من الناس ، يُغري من الشعراء مَن امتهنوا الشعرَ ، وحمّلوه مؤونة حياتهم المادّية ، قبلَ أنْ يكونَ بنفسه غرضاً ، يحدوهم إلى نيل مكانة اجتماعية في الأدب واللغة ، أو خلود الذكر في الحضارة البشرية ، أو علوّ الكعب والشرف بين الأقران والأهل والعشيرة ، أو الخُلْد والثواب والأجر في الآَخرة .

أمّا المالُ عند أهل الشرف والكرامة والإنسانية والعزّة النفسيّة ، من أصحاب الأهداف السامية الكُبرى ، فهو وسيلةٌ وليس هدفاً .

وكما أنّ الله تعالى ذكره استخدمَ المالَ لأغْراض العُبور على الجسور ، والوصول بها إلى الأهداف الربّانيّة ، فجعلَ للمؤلَفة قلوبهم حقّاً في أموال الله , فكذلك الحسينُ عليه السلام ، اتّباعاً للقرآن ، وتطبيقاً له فإنّه كانَ يستخدمُ المالَ لهدف معنويّ إلهيّ سامٍ . فكان يُعطي شعراء عصره ، ولمّا عوتبَ ، قال [199] إنّ خيرَ المال ما وقَى العِرْضَ (77)مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (7 -129)

و العِرضُ هُنا ليس هو النامُوس , إذْ ليس بين المسلمين من يَخالُ أنْ يَنالَ من عِرض أهْل بَيْت الرسالة بل المراد به العِرْض السياسيّ الذي اسْتَهدفه من آل محمّد الأُمويّون ، فكانوا يكيلون سَيْلَ التهم والافتراء ضدّ عليّ وآل محمّد ، على حساب المدائح لمخالفيهم من آل عثمان و مروان وطواغيت آل أبي سفيان .

فكانت مبادرةُ الإمام الحسين عليه السلام قطعاً لأعذار المتسوّلين بشعرهم والمستغلّين لهذا المنبر الشعبيّ الفاعل ، في سبيل جمع الحُطام الزائل ، وعلى حساب تحكيم سلطة الظلمة الجائرين , فكان عطاءُ الحسين عليه السلام يحدّ من اتجّاه الشعراء إلى أبواب الحكّام ، ويقلّل من فرص استغلالهم من قبل الجائرين ، كما يُوصِدُ أمام السفلة أبواب التعرّض للشرفاء من معارضي السلطة وأنصارِها الطُغاة البغاة( 78) ويُمكن أنْ تُفسَر ظاهرة رواية الشعر المنسوب إلى الأئمّة عليهم السلام ، على أساس من هذا المنطلَق ، فبالرغم من أنّ قول الشعر لا يليقُ بأُولئك العلماء ، القادة ، السادة ، الّذين كانت لهم اهتمامات كبرى ، ومع أنّ الشعر المنسوب أكثرهُ ضعيف اللفظ والوزن ، ولا وقع له في مجال اللغة والأدب فضلاً عن أنْ يُقاسَ بكلماتهم النثريّة التي هي في قمّة البلاغة والفصاحة , إلاّ أنّ من الممكن أن تصدُرَ - لو صحّت النسبةُ - من أجْل ملىء الفراغ في دنيا الشعر ، والذي انهمك فيه الشعراء بأغراضٍ أُخرى ، وقلّت فيها النخوة الدينية عندهم ، فلا يبعدُ أنْ يكون للأئمّة عليهم السلام شعرُ يسدّ بعض هذا الفراغ ، (78) انظر موقف الحسين عليه السلام من الفرزدق الشاعر هامش (ص207) من تاريخ دمشق ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام .

ويجذب قلوب الناس إلى المعاني والأغراض الصالحة التي تحتويه , أو يكون بعضُ الموالين قد حاول ذلك ، فأخذ من الأئمّة المعاني ونظمها بشكل سهل ، ليتهيّأ لكلّ الناس حفظه وتداوله ، فنسب إلى الأئمة باعتبار معانيه .

ومن الشعر المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام ومهما يكن ، فإنّ ابن عساكر قد روى من الشعر المنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام ، الشيء الكثير ، نختار منه ما يلي [205] خرجَ سائل يتخطّى أزقّة المدينة ، حتّى أتى باب الحسين بن عليّ ، فقرع الباب ، وأنشأ يقول لم يَخَبِ اليَوم مَنْ رجاكَ ومَنْ * حرّكَ من خلف بابك الحَلَقَهْ فأنْتَ ذو الجودِ أنْتَ معدِنُه(79) * أبوكَ قد كان قاتلَ الفَسَقَهْ وكان الحسينُ بن علي واقفاً يُصلّي ، فَخَفَفَ من صلاته ، وخرجَ إلى الأعرابيّ ، فرأى عليه أثر ضُرّ وفاقة ، فرجع ونادى بقَنْبرٍ فأجابه لبّيك ، يابنَ رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم , قال ما تبقّى معكَ من نفقتنا ؟ قال مائتا درهم ، أمرتني بتفريقها في أهل بيتك , قال فهاتها ، فقد أتى مَنْ هو أحقُّ بها منهم. فأخذها ، وخرج ، فدفعها إلى الأعرابيّ ، وأنشأ يقول (79) في مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور وأنت جود وأنت معدنه .

خُذْها فإنّي إليك معتذِر

*

واعلم بأنّي عليك ذو شَفَقَهْ لو كان في سيرنا الغداة عصاً (80) * كانَتْ سمانا عليك مُنْدَفقهْ لكنّ ريبَ الزمان ذو نَكَدٍ

*

والكف منّا قليلة النَفَقهْ فأخذها الأعرابيُّ وولّى وهو يقول مُطَهرونَ نقيّات ثيابُهم * تجري الصلاةُ عليهم أينما ذُكروا فأنتمُ أنتمُ الأعلونَ عندكمُ

*

علمُ الكتاب وما جاءتْ به السورُ من لم يكنْ علويّاً حين تنسبُه

*

فماله في جميع الناس مُفتخرُ(81) [208] وأنشدوا ، له عليه السلام أغْنِ عن المخلوق بالخالقِ

*

تغن عن الكاذب والصادقِ واسترزق الرحمنَ من فضله

*

فليس غير الله من رازقِ مَنْ ظنَ أنّ الناس يُغنونَه

*

فليس بالرحمن بالواثقِ (80) في مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور لو كان في سيرنا عصاً تمدّ إذن! (81) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (7 / 1 - 132)

أو ظنَ أنَ المال من كسبهِ

*

زلّتْ به النعلان من حالقِ(82) [209] وروى الأعمش ، له عليه السلام كلّما زِيْدَ صاحبُ المال مالا * زِيْدَ في هَمّه وفي الاشتَغالِ قد عرفناكِ يا منغصّة العيشِ ويا دارَ كلّ فانٍ وبالِ ليس يصفو لزاهدٍ طلب الزهدِ إذا كانَ مثقلاً بالعيالِ(83) [210] وروي أنّ الحسين عليه السلام أتى المقابر بالبقيع فطاف بها ، وقال ناديتُ سُكّان القبور فأُسْكتوا * وأجابني عن صمتهم ندب الجثى قالت أتدري ما صنعتُ بساكني * مزّقتُ ألْحُمَهم وخرّقتُ الكِسا وحشوْتُ أعينهم تراباً بعدما

*

كانتْ تؤذى بالقليل من القذى أمّا العظام فإننّي فرّقتها

*

حتّى تباينتِ المفاصل والشوى (82)و ( 83 ) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( 7 /132) .

قطّعتُ ذا من ذا ومن هاذاك ذا * فتركتُها رمماً يطول بها البِلى(84) [211] وأنشدوا له عليه السلام لئن كانت الدُنيا تُعدُّ نفيسةً

*

فدارُ ثوابِ الله أعلى وأنْبلُ وإن كانت الأبدان للموت أُنشِئتْ

*

فقتلُ سبيل الله بالسيف أفضلُ وإن كانتِ الأرزاقُ شيئاً مقدَراً * فقلّة سعي المر في الكسب أجملُ وإن كانتِ الأموال للترك جُمِعَتْ

*

فما بالُ متروكٍ به المرُ يبخلُ(85) -

24-رعاية المجتمع الإسلاميّ

إنّ من أهمّ واجبات الإمام هو رعاية المجتمع الإسلامي عن كَثَبٍ ، وملاحظة كلّ صغيرة وكبيرة في الحياة الاجتماعيّة ، ورصدها ، ومحاولة إصلاحها وإرشادها ، ودفع المفاسد والأضرار ، بالأساليب الصالحة ، وبالإمكانات المتوافرة ، دَعْماً للأُمّة الإسلاميّة ، وحفظاً للمجتمع من الانهيار أو التصدّع .

وقد ورد عن الإمام الحسين عليه السلام حديث مهمّ يدلّ على عمق اهتمام الإمام بهذا الأمر الهامّ (84)مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (7 /132) باختلاف يسير(85)مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (7 /133) .

/ 20