زيارة القبور ص33 -66
البناء على القبر:
واما النهي عن البناء عليه، فأورد فيه مقبل في ( ص243 ) ثلاث روايات :
الرواية الاولى: عن جابر(رضي الله عنه)قال: نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ان يجصص القبر وان يقعد عليه، وان يبنى عليه وهذه الرواية من طريق ابي الزبير، وفيه مقال كثير ذكره في تهذيب التهذيب في ترجمته واسمه محمد بن مسلم ففي ترجمته قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: كان ايوب يقول: حدثنا ابو الزبير وابو الزبير ابو الزبير، قلت لابي: يضعفه؟ قال: نعم.
وقال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: حدثنا ابو الزبير وهو ابو الزبير ـ أي كأنه يضعفه ـ وقال هشام بن عمار عن سويد بن عبد العزيز: قال لي شعبة: تأخذ عن ابي الزبير وهو لا يحسن ان يصلي، وقال نعيم بن حماد: سمعت هشيماً يقول: سمعت من أبي الزبير، سمعت من أبي الزبير، فأخذ شعبة كتابي فمزّقه . وفي ترجمته: وقال محمد بن جعفر المدائني: عن ورقاء، قلت لشعبة: ما لك تركت حديث أبي الزبير؟ قال: رأيته يزن ويسترجح في الميزان. وقال يونس ابن عبد الاعلى: سمعت الشافعي يقول: ابو الزبير يحتاج الى دعامة. وفيها: وقال ابن ابي حاتم: سألت ابي عن ابي الزبير فقال: يكتب حديثه ولا يحتج به وهو احب الي من سفيان قال: وسألت ابا زرعة عن ابي الزبير فقال: روى عنه الناس ، قلت: يحتج به؟ قال: انما يحتج بحديث الثقات، وفيها: عن ابي داود الطيالسي قال: قال شعبة: لم يكن في الدنيا أحب الي من رجل يقدم فأساله عن ابي الزبير، فقدمت مكة فسمعت منه، فبينا انا جالس عنده اذ جاءه رجل فسأله عن مسألة فرد عليه فافترى عليه فقال له: يا ابا الزبير تفتري على رجل مسلم؟ قال: انه اغضبني. قلت: ومن يغضبك تفتري عليه، لا رويت عنك شيئاً. انتهى.
وقد ذكر عن بعضهم توثيق ابي الزبير من دون نفي لما روي عنه من سبب الجرح، بل ظهر انه بناء على ان العمدة تجربته في الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وانهم لم يجدوا له ما ينكرونه، وانهم اغتفروا له الخيانة في الوزن والافتراء بسبب الغضب. اما شعبة فظهر انه تركه لان من خان في الوزن ولم يتورع من الافتراء عند الغضب لا يوثق به في الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لانه لا يلتزم الصدق إلاّ من يحجزه الورع عن المجازفة والتحديث بالظن والتدليس بحذف الوسائط في السند وغير ذلك.
واما الرواية الثانية: فأوردها مقبل في ( ص243 ) ايضاً عن ابي سعيد الخدري(رضي الله عنه)ان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى ان يبنى على القبر. وقال: رواه ابن ماجة ( ج1 ص498 ) وقال المعلق في الزوائد: اسناده صحيح ورجاله ثقات.
قلت: هو في الطبعة الثانية طبعة دار الفكر ( ج1 ص473 ) ونصه: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن عبدالله الرقاشي، ثنا وهب، ثنا عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، عن القاسم بن مخيرة، عن ابي سعيد ان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى ان يبنى على القبر. انتهى.
قال مقبل: زاد ابو يعلى: أو يصلى عليها. قال الهيثمي في المجمع ( ج3 ص61 ): رجاله ثقات.
والجواب: لا نسلم صحته، ففي سنده وهب غير منسوب ولم نعرفه ولا نقلد في توثيقه، لانهم يوثقون من ليس عندنا ثقة، وفي السند من هو شامي ومن هو بصري، ولا يؤمن ان يكون احدهما ناصبياً لكثرة النصب بالبصرة والشام، ولا يؤمن ان يكون احدهما متعصباً ضد الشيعة في هذه المسألة بعينها لقصد التشنيع عليهم برفع قبور أهل البيت(عليهم السلام) ولا نقلد من وثقهم، لانهم يوثقون النواصب كثيراً.
واما الرواية الثالثة من الروايات الثلاث التي اوردها مقبل في النهي عن البناء على القبور فأوردها في ( ص243 ) ايضاً فقال: وعن ام سلمة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ان يبنى على القبر أو يجصص. رواه احمد ( ج6 ص299 ).
والجواب: انه معلّ، فانه اخرجه احمد بسندين احدهما عن أم سلمة والاخر ليست فيه، ولفظهما في المسند: حدثني عبدالله، حدثني ابي، ثنا علي بن اسحاق، ثنا عبدالله، اخبرنا ابن لهيعة، حدثني يزيد ابن أبي حبيب، عن ناعم مولى ام سلمة، عن ام سلمة قالت: نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبنى على القبر أو يجصّص.
حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا علي بن اسحاق، ثنا عبد الله، اخبرنا ابن لهيعة، حدثني يزيد بن ابي حبيب، عن ناعم مولى ام سلمة ان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى ان يجصص قبراً أو يبنى عليه أو يجلس عليه. قال ابي: ليس فيه ام سلمة. انتهى.
فيحتمل ان السند الاول الذي وقع فيه زيادة ـ عن أم سلمة ـ غلط، بسبب الرواية عن مولى ام سلمة فتوهم انه عن ام سلمة، ويحتمل ان النقص هو الغلط، وعلى هذا لا تتحقق الرواية عن ام سلمة للتردد المذكور.
قال مقبل: قال الهيثمي في المجمع ( ج3 ص61 ): وزاد في رواية مرسلة: أو يجلس، قلت: هي التي عن مولى ام سلمة، قال: وفي الاسنادين ابن لهيعة، وفيه كلام، وقد وثق. انتهى.
والجواب: انه يلزم مقبلاً ان لا يحتج به، لانه جرحه فيما مر في الطليعة في رواية بعض الفضائل، حيث حكى عن ابن الجوزي محتجاً بكلامه في ( ص199 ) فقال: وابن لهيعة وهو ذاهب الحديث، ولم يذكر هناك انه قد وثق وهنا لما احتاج الى روايته قال: وقد وثق.
فهذه روايات النهي، في الاولى ابو الزبير، وفي الثانية: وهب، وبصري، وشامي، وفي الثالثة الاعلال، والزامهم ان لا يحتجوا بابن لهيعة، فلم تثبت بذلك الحجة.
ومن تعصبهم في المسألة ان مقبلاً حكى في ( ص244 ) عن الشوكاني ان تحريم رفع القبور ظني، فاعترضه صاحب الحاشية ولعله مقبل قائلاً: كلا ليس بظني، بل قطعي لاستفاضة الاحاديث بذلك.
فأين الاستفاضة؟ وانما هي ثلاث روايات في كل واحدة مقال كما ترى!
وبذلك يتبين ان المسألة ظنية اجتهادية، فلماذا النكير العريض الطويل على من لا يرى هذه الروايات صحيحة؟ مع انها تزداد ضعفاً بمخالفتها عمل المسلمين بلا نكير في الزمان الاول قبل ابن تيمية وابن القيم والوهابية.
فاما جعل ذلك دليلاً على منع القباب فهو ابعد، لانه ينضاف الى ضعف السند ضعف الدلالة على ذلك، لان الظاهر في البناء على القبر هو البناء فوقه بوضع جدار فوق تراب القبر، أو يؤسس من قعر القبر ويبنى حتى يرتفع فوق القبر فيكون عليه حقيقة، وذلك لان كلمة ـ على ـ للفوقية الحقيقية في مثل ركبت على الفرس واستعمالها في غير ذلك خلاف الاصل، وذلك لا يدل على منع البناء حوله محيطاً به لحفظ ترابه لئلا تسيله الامطار او لتشريفه حيث كان فاضلاً، فيكون دليلاً على فضله وتعبيراً عنه.
وعلى هذا فان صح حديث النهي عن البناء على القبر فهو كالنهي عن القعود عليه، فليس المراد به النهي عن القعود حوله لانه خلاف الظاهر، فاما منع القباب من أجل هذا الحديث فكذلك لان بناءها حول القبر ولا مانع من البناء حول القبر، ولذلك وسّع عمر مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ولم ينكر ذلك بدعوى ان بناء زيادة المسجد كان على قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أي حول قبره(صلى الله عليه وآله وسلم)ولو انكروه لاشتهر.
وقد حكى توسيع المسجد مقبل في ( ص239 ) عن ابن تيمية بلفظ: واما عمر بن الخطاب فانه وسعه لكن بناه على ما كان بناؤه من اللبن، وعمده جذوع النخل وسقفه الجريد، ولم ينقل ان احداً كره ما فعل عمر. انتهى.
وكذلك نرى المسلمين يبنون حول القبور بيوتاً لهم، ولو كان البناء حول القبر ممنوعاً لمنع بناء البيوت وغيرها من الحوائط والبساتين ونحو ذلك، ولا نعلم احداً منع من ذلك. فظهر ان البناء المنهي عنه ـ ان صح النهي ـ انما هو البناء فوقه كما بيّناه، ولعل المقصود به احترامه كما لا يقعد عليه. والله اعلم.
وعلى هذا، فإكثارهم في القباب، ومبالغتهم فيها، وتشديد النكير فيها، حتى كانها اصنام، غلوّ في الدين، لانه لو فرض انه عندهم يتناولها اسم البناء على القبر حقيقة فهو رأيهم، كما ان رأيهم صحة حديث النهي عن البناء على القبر، ولا يجب على غيرهم تقليدهم في الرأيين ولا في غيرهما، وليس لهم حق في إلزام الناس برأيهم بدون حجة واضحة، بل بنظريات تختلف فيها الانظار، وإلزام الناس بها الزام بالتقليد وتحكم على الناس بغير حق.
اما النهي عن الكتابة على القبر فهو اضعف من النهي عن البناء عليه، فانه في رواية الترمذي، عن محمد بن ربيعة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أن تجصص القبور، وان يكتب عليها، وان يبنى عليها، وان توطأ. وفي هذا السند ابو الزبير وقد مر الكلام فيه، مع ان فيه علة وهي ان ابا داود رواه عن حفص ابن غياث، عن ابن جريج، عن ابي الزبير، عن جابر: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى ان يقعد على القبر وان يقصص ويبنى عليه. قال ابو داود: وزاد سليمان بن موسى: او ان يكتب عليه وهذا لان ابا داود روى الحديث عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، وعن ابي الزبير. وافاد ان سليمان بن موسى زاد: أو ان يكتب عليه دون ابي الزبير، فكانت زيادة الترمذي لها في سند ابي الزبير معلة، لان السند عن ابن جريج، عن ابي الزبير، عن جابر، والحديث واحد من دون الزيادة.
نعم قد غفلت عن هذا الطريق من طرق رواية النهي عن البناء، وهي عن سليمان بن موسى، عن جابر، ولكن سليمان بن موسى لم يسمع من جابر، كما افاده في تهذيب التهذيب في ترجمة سليمان بن موسى، فهي رواية مرسلة فلا تعد طريقاً رابعة. واما زيادته: أو ان يكتب عليه فانه قد ضعف كما في ترجمته ففيها: قال ابو حاتم: محله الصدق وفي حديثه بعض الاضطراب ـ الى ان قال في ترجمته ـ: وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: أحد الفقهاء وليس بالقوي في الحديث ; وفيها: انه اموي دمشقي.
قلت: فهم غير متّهمين في تضعيفه، بل في توثيقه. ولو صح النهي عن ان يكتب عليه، فليس ذلك نهياً عن وضع حجر قد كتب فيه وهو بعيد عن القبر، وانما وضع على القبر بعد ذلك، ولا يقال لمن وضعه على القبر قد كتب على القبر، الا ترى انك لو جعلت عليه مصحفاً لما كنت قد كتبت عليه؟ فالكتابة على القبر انما هي ان تكتب فيه نفسه مثلاً في ترابه او تكتب وانت قاعد عليه مثلاً. فاما طرح حجر عليه قد كتب قبل ان يطرح عليه فانه يستطيعه الامي الذي لا يكتب، ولا يسمى كاتباً بطرح اللوح على القبر. فظهر ان ما انكره ابن القيم ليس مما يستحق انكاره على فاعله كما فصلناه.
واما ما ذكره بعد هذا الكلام الذي قد اجبنا عنه من الامور التي شنّع بها على القبوريين ـ على حد تعبيره ـ فليست عند الشيعة، وقد اجاب عنه غيرنا. والذي هو ظاهر في بلادنا هو الزيارة وتلاوة القرآن وذكر الله، ومن الزائرين من يقعد للتلاوة ومنهم من يكون متجولاً حول القبر بأناة، فاما الدوران على القبر بصورة الطواف فلم نجد احداً يفعله في بلادنا، فمن نسب اليهم الطواف فغرضه التشنيع وهو منه تعصب معيب عليه، لانه كذب عليهم اتّباعاً لهواه وانقياداً لداعي التعصب للمذهب.
هذا، وبعد كلام ابن القيم حكى مقبل كلاماً لابن الامير وكلاماً للشوكاني وقد تضمن الجواب عنه الجواب على كلام ابن القيم.
الرد على دعوى مقبل محبة اولياء الله:
قال مقبل: ونحن نشهد الله انا ندين الله بمحبة اوليائه الاحياء منهم والاموات.
الجواب: قال الله تعالى: ( وَمن الناسِ مَن يُعجبُك قَوله في الحياةِ الدنيا ويُشهد الله عَلى ما فِي قلبه وَهو أَلدُّ الخصام )( 13 ) اين حبه لمن يذمهم ويحقرهم ويفتري عليهم الكذب؟ فقد تكلم في ( ص2 ) من كتابه الرياض في جملة من الاخيار فقال: وغالب هؤلاء المفتين اعرفهم انهم ليسوا من أهل العلم. ثم قال: وانما استغربت من توقيع علي العجري وقد كنت اسمع عنه خيراً، فلما وقفت على توقيعه قلت: الامر كما قيل: تسمع بالمعيدي خير من ان تراه وعرفت انه لا يميز الصحيح من السقيم من السنة، اللهم إلاّ ان تكون حملته الحمية الجاهلية على المذهب وعلى سمعة الاباء والاجداد، فهذه اشنع من الاولى، وهذا سب للعلماء من اجداده ـ ثم قال في الحاشية على قوله: كنت اسمع عنه خيراً ـ : وهذا السماع من العامة، ولا عبرة بهم، فانهم يظنون كل صاحب عمامة عالما. ثم قال: خطر الفتوى بغير علم... فجعل يعرض بان الذين قال فيهم هذا القول افتوا بغير علم. ثم قال: وقد قرن الله تعالى القول عليه بغير علم بالاشراك بالله، ثم يعرض بهم ان سبب ذلك قد يكون تكبراً وقد يكون سببه الحسد. ثم يمثل باليهود في ( ص3 ) ثم يقول: وقد يكون سبب الفتوى بغير علم خشية المزاحمة على الدنيا والمناصب، ثم يعرض بهم في ( ص4 ) فيقول: تخوف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)على امته من المفتين الجائرين ، ويذكر حديث: وانما اخاف على امتي الائمة المضلين ثم يعرض بهم في ( ص5 ) ويذكر الحديث: اخوف ما اخاف جدال منافق عليم اللسان وهؤلاء المفتون ـ الذين نثل لهم ما في كنانته ودل على بغضه لهم ـ فيهم أهل العلم والفضل والعبادة، فأين صحة ما يدعيه من حب اولياء الله الاحياء منهم والاموات؟ هيهات هيهات ( قد بَدت البَغضاء مِن أفواهِهم ومَا تُخفي صُدورهم أكبر )( 14 ).
ثم قال فيهم في ( ص10 ) وينفر عنهم: هذا وقد ظن أهل صعدة انهم ومن اتبعهم هم الفرقة الناجية ـ الى ان قال ـ: وانما قلت هذا لانهم لا يثقون بعلماء صنعاء وعلماء الحجاز ولا الهند وباكستان، ومنهم من لا يصلي مع المسلمين في ارض الحرمين، كما قد شاهدهم العوام وانكروا عليهم ذلك. نسأل الله لنا ولهم الهداية،ثم قال ـ يعرض بهم ـ : ومن اعظم ثمراته ـ أي سؤال الشيخ القرحزة ـ انه سيخرج الجواب ( يعني مقبل جوابه ) عن هذه الفتوى في كتاب ينتفع به، ويكون قمعاً للمتعصبين ونصراً لسنة سيد المرسلين، وذباً عن صحابته الكرام الميامين.
ثم قال في ( ص12 و ص13 ): يعني أهل الفتوى، ولا سيما وهي صادرة من قوم حاقدين على أهل السنة وعلى كتب السنة فأكبر همهم هو التشكيك في دعوة أهل السنة وفي كتب السنة، وهذا انما هو تشكيك في الدين. والصراع قديم بين اهل السنة وبين الشيعة المبتدعة، وبحمد الله لم يزل الشيعة مقهورين، لانهم كما يقول شيخ الاسلام: اجهل الناس بالمعقول والمنقول، وعند ان اطلعت على هذه الفتوى اردت ان انقل خلاصتها وأرسل بها الى مفتي اذاعة صنعاء واقبض الفتوى بيدي ، فان الشيعة تستعمل التقية فبعد ايام تقوى ـ ان شاء الله ـ شوكة أهل السنة، ويقول هؤلاء المفتون ما قلنا فانهم يتلوّنون.
وقال في ( ص14 ): تخالفون السنن جهاراً.
وقال في ( ص27 ): فمن متى اصبح الحاقدون على السنة يهاجمون حملتها ؟ ومن متى تدنست فطر أهل اليمن؟
الجواب: فهل يقول هذه الاقاويل محب لمن يعرض بهم ويقول فيهم هذه الاقاويل، وفيهم العلماء الابرار أهل المصنفات الزاخرة بالعلوم والارشاد، وأهل الجهاد في سبيل الله، والصبر على احياء الدين وحمايته؟ فمن الذين يحبهم احياءهم وامواتهم؟ وسياق الكلام في أهل القبب والقبور التي شبهها مقبل باللات والعزّى، فقال في كتابه الطليعة ( ص198 ): نحن نشهد الله انا ندين الله بمحبة اوليائه الاحياء منهم والاموات، اما القبور المشيدة والقباب المزخرفة على القبور التي قد اشبهت اللات والعزى ومناة وهبل... الخ.
وقال في ( ص38 ): وغير هؤلاء كثير ممن يعلم ان التأمين سنة، ولكنه لا يستطيع ان يعمل بها لانه من تظاهر بالعمل بسنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من ضم وتأمين ونحوهما سلطتم عليه السفهاء ثم اودعتموه السجون واستحللتم منه ما لا يجيزه الاسلام.. ويقول يعرض بهم في ( ص41 ): ويا حبذا لو سلكتم مسلك علي(رضي الله عنه)في حرصه على السنن والعمل بها. ثم يقول في ( ص48 ): واذا بهرتهم كثرة الروايات وغلبتهم صحة الحديث قالوا هو منسوخ، والتحيل على ابطال السنن شأن من لا يخاف الله، فهل يقول فيهم هذا محب لاولياء الله منهم؟
ثم قال في ( ص80 ): واما ما وقع من الامويين من التغيير في الصلاة، كحذف بعض تكبير النقل وتأخير خطبة العيد فاعتقد انه قد وقع منكم اضعافه ، والسبب في هذا ان الامويين اذا غيروا شيئاً انكر عليهم الصحابة والتابعون، واما انتم في اليمن فقد خلا الجو لكم، ومن اراد ان يظهر السنة قمعتموه حتى ان علماء السنة صاروا لا يستطيعون ان يعملوا بالسنة فضلاً عن ان يدعوا اليها فلسان حالهم من تعسفهم قائلاً ( كذا ):
حكوا باطلا وانتضوا صارما وقالوا صدقنا فقلنا نعم
واذا كان الامويون قد وقع منهم بعض التغيير في الصلاة فقد، غيرتم في الاصول. فهل تؤمنون باسماء الله وصفاته على ما وردت في القرآن؟ وهل تؤمنون ان الله يرى في الاخرة؟ وهل تؤمنون ان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)يشفع لاهل الكبائر من امته؟ وهل تؤمنون انه يخرج من النار اقوام من الموحدين بسبب شفاعة الشافعين؟ ولماذا تبغضون الى العامة صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهم نقلة الدين؟ أوليس القدح فيهم يؤدي الى القدح في الدين؟ ولماذا كنتم لا تنهون عن الذبح لغير الله؟ ولماذا كان منكم من ينجّم ويتكهّن ويزعم انه يعرف موضع السرقة؟ ولماذا تركتم الشعب اليمني جاهلاً؟ هذا واننا نحمد الله فقد شعر الشعب اليمني انكم اعظم اعدائه، وانكم تعملون على تأخره وانحطاطه، وعلم ان دعوتكم سياسية لا دينية. ولقد سألني رجل عن مسألة فأفتيته بالدليل وأبنت له الحق، فاذا هو يدعو على الذين كانوا ملبّسين على الناس، ونحن نعلم انكم تشغلون الناس بمساوئ بني امية، لكي تنفروهم عن السنة، وعن كتب السنة، فهلا اشتغلتم انتم بواقعكم وبما انتم عليه وبما شبابكم عليه؟
ثم قال في ( ص81 ): اقول: يا حبذا لو فعلتم ذلك ابتغاء مرضاة الله، ولكنكم تتجلدون في الدفاع عما عليه الاباء والاجداد وتحببون الى العامة البقاء على الجهل خشية ان يتفقّهوا في دين الله فينكشف لهم ما انتم عليه من الضلال والزيغ عن السنة، أو ليس من التلبيس ان يقوم خطيبكم يبث الاحاديث الضعيفة والموضوعة: مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى . والنجوم امان لاهل السماء... وأهل بيتي امان لاهل الارض فاذا ذهب أهل بيتي اتى أهل الارض ما يوعدون . عليّ خير البشر من ابى فقد كفر . انا مدينة العلم وعلي بابها فمن يرد المدينة فليأت الباب . يا علي لولا ان تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت فيك مقالاً لا تمرّ بأحد إلاّ اخذوا التراب من اثرك للبركة ؟ كنتم تظنون انكم تتسترون بالدعوة الى حب أهل البيت رحمهم الله، وما كنتم تعلمون انه سيأتي يوم تنكشف فيه اباطيلكم ومن اعظم خطاياكم الدعوة الى التقليد الاعمى، حتى لا يعلم الناس الى اين تدعونهم، ويكونون كما قيل.
وما انا إلاّ من غزية ان غوت غويت وان ترشد غزية ارشد
ثم قال: ولكن اين انتم وأين أهل بيت النبوة رحمهم الله؟ ولقد احسن من قال:
ما ينفع الاصل من هاشم اذا كانت النفس من باهلة
أقول: بالله عليك ايها المطلع المنصف، هل تصدر هذه الاقاويل من محب لاولياء الله وعلمائهم الافاضل الذين يعظمهم المسلمون من أهل اليمن ويزورون قبورهم والذين عليهم القباب؟ ام هو الخصم الالدّ المبغض المعادي؟ وبذلك تبين انا اصبنا بكتابة الاية الكريمة: ( وَمن الناسِ من يُعجبكَ قَوله في الحياةِ الدنيا وَيشهدُ الله عَلى مَا فِي قَلبه وهو ألدُّ الخصام )( 15 ): عندما وصلنا عند قوله : نحن نشهد الله انا ندين الله بمحبة اوليائه... . الخ.
ومن كلماته الدالة على البغض والعداوة قوله في ( ص84 ): وهل تعلم أنكم الان لستم متمسكين بما عليه أهل اليمن ولكن بما عليه الروافض من ايران وغيرها؟
وقوله في ( ص86 ): فمن الذي افسد فطر اليمنيين وجعلهم متأخرين في العلم؟ من الذي جعل أهل ذيبين ينادون اباطير، وأهل يفرس ينادون ابن علوان، وأهل ذمار ينادون يحيى بن حمزة، وأهل صعدة ينادون الهادي؟ ان كنت لا تعرف فالعامة الان تعرف بحمد الله، وما عرف احد العلم من اليمنيين إلاّ وهو يعلم انكم الذين افسدتم الشعب اليمني.
وقال في ( ص92 ): فلن يقبل هذا الحديث الباطل من محمد بن الهادي ولا من ألف مثل محمد بن الهادي. انتهى.
وفي قوله: ولا من ألف مثل محمد بن الهادي دلالة على مباينة بالغة وتعصب شديد، لان الالف اكثر من عدد التواتر بكثير لكن مقبلاً خرج عن صوابه غيظاً وحنقاً.
وقال في ( ص128 ): هل هذا الحديث صحيح يا صلاح؟ ومن اخرجه من المحدثين؟ فانا لا نعتمد عليك ولا على المؤيد بالله ولا على ابي العباس ولا على صاحب الشفاء في فن الحديث لانكم لستم من أهل الحديث.
ثم قال في ( ص128 ): نقل صلاح عن صاحب البحر ان الهادي والقاسم وابا طالب يقولون ان الضم يبطل الصلاة اذ هو فعل كثير... الخ فعلى قول هؤلاء الجاهلين سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)صلاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)باطلة لانه كان يضم. انتهى.
فهل هذا محب للاولياء والصالحين ؟! وهو يسميهم جاهلين ؟
ثم تكلم على كتاب حي على خير العمل تأليف ابي عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي، فقال في ( ص132 و ص133 ): ثم انا لسنا نعتمد على المؤلف، لانه شيعي، فيخشى ان يزيد في الحديث ما ليس منه. واليك مثالاً على ذلك، فقد ذكر ( ص26 ) حديثاً من طريق الطحاوي وفيه حي على خير العمل فراجعناه في شرح معاني الاثار فوجدنا الحديث ولم نجد هذه الزيادة فعلمنا انه لا يعتمد على هذا المؤلف، فحذار حذار أن تعتمد على اباطيل الشيعة. انتهى.
فمن اولياء الله الذين يدين الله بحبهم؟ فهو هنا يسب الشيعة جملة، ويقرر انه لا يوثق بهم.
وقال في ( ص198 ): فان قلت: انا نجد من علماء كبار يتمسحون بأتربة القبور افترونهم على ضلال؟ قلت: اولئك وان كبرت عمائمهم فهم اضل من حمر اهلهم وهم في الحقيقة اجهل الجاهلين .
والجواب: هذا تصيد لسب العلماء وتجهيلهم، وهكذا استمر مقبل في ذمّ المسلمين الشيعة تعميماً وتخصيصاً كما فصلناه. فظهر ان قوله: انا ندين الله بمحبة اوليائه الاحياء منهم والاموات، اما القبور المشيدة والقباب المزخرفة على القبور التي قد اشبهت اللات والعزى ومناة وهبل فانا نتضرع الى الله ان يعجل بهدمها... الخ .
فقد وضع اشهاد الله في غير موضعه تدليساً وتعمية وتلبيساً، والله اعلم بنيته، ومن هم عنده اولياء الله، لان الكلمة معناها مفهوم بالنسبة الى اللغة والشرع ولكن الناس يختلفون فيمن هم الموافقون لمعناها الذين يستحقون ان يسموا اولياء بحسب اختلافهم في تعيين المتقين وفي من هم المطيعون لله. وهذا ابن حطان يعتبر ابن ملجم لعنه الله من المتقين فيقول:
يا ضربة من تقي ما اراد بها الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
فمقبل نرى انه يضمر قريباً من ذلك في قوله: انا ندين الله بمحبة اوليائه . فقد اعلن العداوة والبغضاء لكثير من اولياء الله الذين هم اولياؤه عندنا، وزاد في سبهم والكذب عليهم في كتابه وحاشيته غير ما ذكرناه.
التوسل بالنبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام):
وقال في ( ص207 ) عند ذكره قول ابن عباس: سألت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه فقال: قال بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت علي فتاب عليه .
قال مقبل: وهذا الحديث وامثاله من الموضوعات، مما اتخذه المخرّفون اصلاً في جواز دعاء الاموات والاستغاثة بهم وطلب الحاجة منهم. اما قوله تعالى: ( وانَّ المساجِد للهِ فَلا تَدعوا مَع الله احداً )( 16 )وقوله: ( يا أيها الناس ضُربَ مثلٌ فاستَمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإنْ يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب )( 17 ) وقوله: ( وَالذين تدعونَ مِن دونه ما يملكون من قِطمير * إنْ تَدعوهم لا يَسمعوا دُعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )( 18 ) وقوله تعالى: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين )( 19 ) وقوله تعالى: ( إنْ يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له إلاّ هو وإنْ يردك بخير فلا رادّ لفضله يُصيب به من يشاء من عباده )( 20 ). اما هذه الايات فهي عليهم عمى.
والجواب: انه صدق فيكم الحديث الذي رواه البخاري عن علي(عليه السلام): واني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: سيخرج قوم في آخر الزمان حدّاث الاسنان سفهاء الاحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز ايمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فاينما لقيتموهم فاقتلوهم، فان في قتلهم اجراً لمن قتلهم يوم القيامة هذا الحديث ظاهر فيكم والعلامة المذكورة فيه اوضح فيكم من سلفكم من الخوارج لان في هذا الحديث: يقولون من خير قول البرية وهذا فيكم اظهر، لانكم تزعمون انكم الدعاة الى التوحيد والحذر من الشرك، وتقرؤون الايات في ذلك ونحو ذلك.
اما سلفكم من الخوارج فقالوا لا حكم إلاّ لله. فقولكم اوضح من قولهم في انه من خير قول البرية، فالحديث فيكم اظهر، وانتم داخلون فيه دخولاً اوّليّاً.
وكذلك قوله: حدّاث الاسنان لان اكثركم أهل المدارس والمعاهد الذين تربونهم على مذهبكم، فينشأون عليه يكفرون المسلمين ويقولون كلمة حق يراد بها باطل كما قال سلفكم الخوارج كلمة حق يراد بها باطل، وكما كفروا المسلمين واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم.
وكذلك قوله في الحديث: في آخر الزمان فانتم اشد منهم تأخرا في الزمان، فلذلك قلنا ان الحديث فيكم اظهر، وانكم داخلون فيه دخولاً اوليّاً.
وكذلك قوله: سفهاء الاحلام ظاهر في كلامكم، حيث تستعملون طريقة السفهاء في اكثار السباب للمسلمين، ورميهم بالشرك والبدع والخرافات والكذب بناء منكم على اوهام وظنون، وحبّاً للبذاءة والكلام السيّئ. من ذلك ما نقلناه عن مقبل مما ذكره في كتابه وتطور فيه في السب حتى زعم ان الشيعة افسدوا في الدين اكثر مما افسد بنو امية، مع انه يمكن الجدل بدون ذلك.
وكذلك تجدهم يسبّون المسلم الشيعي ويظهرون تكفيره لدون ضرورة. فقد تجلت فيهم سفاهة الاحلام واجتمعت فيهم العلامات. فظهر بذلك انه لا يجاوز ايمانهم حناجرهم وانهم مارقون من الدين لاستحلالهم دماء المسلمين التي حرّمها الله واموالهم واعراضهم. فضلاً عن ظهور تشبيه الله بخلقه في الذين لا يحققون وانما يسمعون العبارات الموهمة للتشبيه. ويقال لهم: ان المراد بالايات ـ التي يسمونها آيات الصفات ـ والاحاديث، ظاهرها يجب الايمان بها واعتقاد معناها بدون تأويل، فيظنون لجهلهم ان المقصود اثبات الاعضاء لله سبحانه وتشبيهه بخلقه، فيعتقدون ربهم شبيهاً بالمخلوقين ويتوهمون ربهم ذا صورة واعضاء وتحديد، كصور المخلوقين واعضائهم وتحديدهم، ويعبدون هذا المتصوّر الذي يتصورونه والموهوم الذي يتوهمونه ويسمونه الله، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
فهم يعبدون غير الله ويزعمون انه الله، وبذلك اشركوا من حيث لا يعلمون كما روي عن زيد بن علي(عليه السلام) في تفسيره لغريب القرآن في قول الله تعالى: ( وَمَا يُؤمِنُ اكثرهُم بالله إلاّ وَهم مُشركون )( 21 ) قال: هم قوم شبَّهوا الله بخلقه فأشركوا من حيث لا يعلمون. انتهى.
وما مثلهم إلاّ مثل شخص قال انه يشتهي التين وهو لا يعرف التين، فقيل له: كيف التين؟ فوصفه بصفة العنب، فبان بذلك انه انما يعني العنب فهو الذي يشتهيه وان سماه باسم التين. فهكذا هؤلاء، يعبدون الصورة التي مثل صورة آدم(عليه السلام)مثلاً، ويستحضرونها في اذهانهم في صلاتهم عند نية الدخول في الصلاة لله، وعند قولهم: (إياك نعبد وإياك نستعين ) مثلاً، فهم يخاطبون موهوماً متصوراً بصور المخلوقين عن عقيدة وتصميم، لا مجرد تخيّل عار عن الاعتقاد فهم بذلك مشركون. ثم هم يرمون بالشرك المؤمنين الابرياء من الشرك، فيستحلون بذلك دماءهم واموالهم واعراضهم، فيشبهون اليهود الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات اصحاب الاخدود. فهذا من الخصال التي اشبهوا فيها اليهود، واشبه مقبل اليهود الذين شاركوا الاولين بالرضا بأفعالهم، فقال الله تعالى فيهم: ( قُل فَلِم تَقتلون أنبياء اللهِ مِن قبل إن كنتم مؤمنين )( 22 ) لان مقبلاً قال: وبحمد الله لم يزل الشيعة مقهورين.
اما الايات الكريمة التي ذكرها مقبل ونقلناها من قول الله تعالى: ( فلا تدعو مع الله احداً )( 23 ) فان الجواب عن احتجاجهم قد شملته الكتب التي اجاب بها عنهم المسلمون، ومن احسنها كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب ( 24 ) و الايجاز في الرد على فتاوي الحجاز ( 25 ) وهما كتابان منشوران مطبوعان يمكن تحصيلهما بثمن يسير، فمن كان من أهل الانصاف فليطالعهما بتفهم وتحرير نظر. ومحل البحث بخصوص احتجاجهم بالايات المذكورة في المقصد الثاني من كتاب الاجادة في دفع الاسراف ( ص109 ).
ثم قال مقبل في ( ص208 ): ثم اني اذكر من بقي فيه خردلة من ايمان ونزعة من حياء من الله، يقول الله سبحانه وتعالى آمراً لنبيه محمد(صلى الله عليه وآله وسلم): ( قُل إنّما أدْعُو ربِّي وَلا اُشرك به أحداً * قُل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً )( 26 ) ثم حكى عن الشوكاني في ( ص209 ) كلاماً جيداً إلاّ قوله: فيا عجباً كيف يطمع... الخ، فلعله يعرض بالمسلمين، وإلا قوله: فهل سمعت اذناك ارشدك الله بضلال عقل اكبر من هذا الضلال الذي وقع فيه عباد أهل القبور؟ فانا لله وانا اليه راجعون . انتهى.
والجواب: إن كان يعني قوماً لا نعرفهم ولا نعلم ما يفعلون، وكلامه فيهم صحيح، فهو صحيح. وان كان يعني المسلمين الشيعة كما يعني مقبل، فقد أساء بالتعريض بهم وغلبه التعصب والعداوة لهم. وانهم براء مما نسب اليهم، والى الله المصير.
الرد على انكار مقبل لفضائل أهل البيت(عليهم السلام):
قال مقبل ( ص216 ): وعلى كل حال فالاحاديث الموضوعة في فضائل أهل البيت كثيرة جداً.
والجواب: من اين علمت هذا؟
قال مقبل: فاني قلّما افتح ميزان الاعتدال وغيره من كتب الجرح والتعديل إلاّ وجدت حديثاً موضوعاً في فضائلهم.
والجواب: يجعلونها في كتبهم في الجرح ليستدلوا بها على جرح الرواة. ثم جاء مقبل فاعتمدهم في جرح الرواة وقلدهم، ورد احاديث الفضائل بجرحهم للرواة، فاحاديث الفضائل عندهم تدل على جرح الرواة، وذلك انهم يعتقدونها مكذوبة، لا لان الرواة قد ثبت جرحهم بسبب غير الرواية، بل اعتمدوا في جرح الرواة على روايتهم لها، وجعلوها في كتب الجرح دليلاً على جرح الرواة.
وعلى هذا فصنيع مقبل في رده لاحاديث الفضائل ـ تقليداً لهم في الجرح ـ غير صحيح، لانه دور اذا كانوا بنوا الجرح على بطلان الرواية، وهو بنى بطلان الرواية على الجرح الذي بنوه على بطلان الرواية.
والتحقيق في كثير من الفضائل انه لا دليل على بطلانها ولا على جرح راويها، وان جرح الشيعة وتضعيفهم لدفع احاديثهم نوع من محاربة السنّة. ولكن مقبلاً لا يرى السنة إلاّ ما يصححه اسلافه. امّا نحن فالسنة عندنا هي سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وان انكرها ابن الجوزي والعقيلي والذهبي وابن حبان وابن عدي واضرابهم، لانه لا دليل على ان السنة هي ما قبلوه دون ما حكموا بوضعه او ضعف راويه.
من اين لمقبل انهم الحكام على سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ من أين له ان المعروف ما عرفوه والمنكر ما انكروه؟ أمن كتاب الله، ام من سنة رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ حتى ابطل بذلك اكثر حديث الشيعة، بل منع الاعتماد على كتب الشيعة جملة من غير فرق بين أهل الفضل والورع والزهد والامانة وغيرهم. وعلى هذه الطريقة رد احاديث الشيعة كلها، وهو يزعم انه يدعو الى السنة، وهذا هو يحاربها ويبالغ في ذلك، فيعتبر اهلها مبتدعين ولا يعتبر حديثهم شيئاً مذكوراً. فما له انكر على المفتي السيد علي الصيلمي والمفتي صلاح بن احمد حين اعتمدا حديث الشيعة وهما منهم ولم يعتبرا حديث المخالفين لهم، وهما انما سلكا نفس الطريقة التي سلكها مقبل في الفتوى لمن سألهم عن مذهبهم؟
فكيف كان لمقبل ان يعترض المفتين بمذهبه، ويبني على ان سنتهم التي هي عندهم سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يعتبرها مقبل غير سنة، ويزعم انه لا سنة إلاّ سنة اسلافه؟ وهو في ذلك معترض عليهم في فتواهم لمن سألهم وهي فتوى بنوها على مذهبهم وعلى اصولهم. وهكذا المفتي يفتي بما عنده وبما تقتضي اصوله، فكيف ساغ لمقبل ـ وهو المعترض ـ أن يعترض عليهم ويرميهم بمخالفة السنة زعماً ان السنة سنة اسلافه لا غير؟ وهم اعتمدوا السنة التي هي عندهم سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وان كان مقبل لا يرضاها ولا يؤمن بها، لان الفتوى موجهة الى غيره.
واصل الاعتراض اورد على السيد علي الصيلمي لتركه الضم والتأمين، أفلا يسوغ له في الانصاف ان يقول مثلما يقول مقبل؟ اذ يقول مقبل: لا نعتمد شيئاً من كتب الشيعة أفلا يسوغ للصيلمي ان يقول كذلك: لا نعتمد شيئاً من كتب اعدائهم وسنتهم التي لا يشهد لها الكتاب ولا السنة التي عندنا ولا دليل، فليست من السنة وان صححوها ؟ فما لمقبل يجعل مثل هذا محاربة للسنة، ولا يجعل ابطاله لحديث الشيعة ـ ولو كان كثيراً من السنة النبوية ـ محاربة للسنة، اين الانصاف؟
مع ان السيد علي بن هادي قد بين حجة، وهي عنده صحيحة وان لم تصح عند خصومه، والاصل في عمل الانسان لنفسه وفي فتواه من استفتاه عن مذهبه ان يعمل بما صح عنده لا بما صح عند خصمه وان كان باطلاً عنده.
فلماذا يعتبر محارباً للسنة بذلك؟ ولماذا يعتبر مبتدعاً في اعتماده على حديث الشيعة وهو شيعي معتمد على احاديث يعتقدها من سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ثم يأتي مقبل يعترض عليه فيقول انا لا نعتمد حديث الشيعة. ويقول في ( ص112 ) : وعار عليه ان يجيب مثلنا بهذه الاحاديث، وهو انما يدفع عن نفسه الاعتراض عليه في عمله لنفسه بمذهبه وفي فتواه لمن سأله عما عنده. ويقول مقبل : اذا اردت ان ترد علينا او تنافرنا فعليك ان تستعد بالدليل من كتاب او سنة وتعرف الصحيح من الضعيف، وإلاّ فتعلّم عند علماء السنة قبل ان تكتب وتناظر.
والجواب: انك لم تنصف، لانك تعني بالسنة سنة ائمتك وهو لا يراها سنة، وانت المعترض عليه والمتعاطي للخوض معه في مذهبه، ولو انصفت بعض الانصاف لقلت كما قال ابن حزم حيث قال في ( ج4 ص144 ) من كتابه الفصل عقيب احتجاجه على الشيعة لتفضيله ابا بكر: قال ابو محمد: ولم يحتج عليهم بالاحاديث، لانهم لا يصدقون احاديثنا ولا نصدق احاديثهم، وانما اقتصرنا ... الخ .
فاما مقبل فانه يريد ان يعترض المعترض على السيد علي بن هادي، ويصحح الاعتراض بما لا يصح على اصل السيد علي بن هادي، فاذا اجاب السيد علي بن هادي بما هو السنة عنده اجاب مقبل: انا لا نقبل احاديث الشيعة ولا نعتمد كتبهم، فهل وجب على السيد علي بن هادي ان لا يعتمد إلاّ على ما يعتمد عليه مقبل وان لا يعمل إلاّ بما يعمل به مقبل؟ وما المانع من ان يقال: بل الواجب على مقبل قبول رواية الشيعة لان الرواة علماء فضلاء امناء أهل زهد وورع وامانة. والتشيع لا يخرجهم عن اهلية رواية الحديث.
واذا كان لمقبل ان يرد حديث الشيعة لانهم خصومه، أفلا يكون للسيد علي بن هادي ان يرد حديث مقبل وائمته لانهم خصومه؟ ايظن مقبل انه لا سبيل الى الكلام في اسلافه؟ الا يستطيع السيد علي بن هادي ان يقول: ان حديثهم مبني على الجرح والتعديل؟ والجرح والتعديل مبني على التعصب للعثمانية والنواصب بتوثيقهم واغتفار عيوبهم وكتمانها، كما فعل ابن حجر في مقدمة فتح الباري، وعلى التعصب ضد الشيعة وتطلب جرحهم بادنى علة، واستقراء كتبهم شاهد لذلك . وقد اشار اليه مقبل في كلامه حيث قال: فاني قلّما افتح ميزان الاعتدال او غيره إلاّ وجدت حديثاً موضوعاً في فضائلهم . فهم يجرحون برواية الفضائل لانكارهم وان لم تكن مخالفة لدليل صحيح، وهذا هو التعصب. ولهم في جرح الشيعة وتضعيفهم طرق غير ذلك من التعصب والحيف مثل قبول رواية بعضهم عن الشيعي ما يجرحونه به، والراوي متهم او ضعيف وهم مقرّون بضعفه. ومثل كذب بعضهم على الشيعي ينسب اليه قولاً باطلاً، كما كذب بعضهم على جابر الجعفي، وكذب بعضهم على عباد بن يعقوب، والغرض التمثيل لمن اراد البحث، أفليس لعلي بن هادي ـ اذا كانوا يوثقون الناصبي ويضعفون الشيعي ـ ان يقول: انا اختار العكس عملاً بقول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي لا يُحبك إلاّ مؤمِن ولا يُبغضكَ إلاّ مُنافق ( 27 )، وما كذبه اعداء الشيعة عليهم في الملل والنحل و الفصل وغيرها لا اصدقه؟ أو ليس للسيد علي بن هادي ان يقول: قد جرب التدليس من أكثر المحدثين وهو الداء العضال لان المدلس وان كان لا يتعمد ما يعتقده باطلاً فقد يكون معتقداً لعدالة منافق فيدلسه ولو علمناه ما قبلنا؟ وعلى هذا يكون للسيد علي بن هادي ان يجادل في سنة مقبل التي لا يرى سنة غيرها لانه، لا يكاد يسلم من التدليس أحد من ائمته.
ولو فرضنا ان أهل مذهبهم يجادلون عنهم، كما فعل ابن حجر في مقدمة فتح الباري ، فلماذا يجعل مقبل مذهبه فيها امراً مفروغاً منه، كأنه من ضروريات الدين، ويجعل العدول عن سنته ابتداعاً، ويجعل سنة خصومه ليست شيئاً مذكوراً؟ ثم يكرر في كتابه اعتبار سنته انها هي السنة ويرمي من خالفها بالابتداع، حتى قال في ( ص216 ): فان قلت: هذه الاحاديث التي حكمتم عليها بالوضع قد صحت لنا من طريقنا قلت: اذا كان طريق غير طريقة أهل السنة والجماعة فحسبكم قول الله تعالى: ( ومَن يُشاقِق الرَّسُول مِن بَعدما تبينَ لَه الهدى ويتَّبع غَير سبيل المؤمِنين نولّه ما تولّى وَنُصلِه جهنَّم وساءَت مَصيرا )( 28 ). انتهى.
فهل بعد هذا تعصب؟ وهو لا يعني بأهل السنة والجماعة إلاّ اسلافه، اما علماء الشيعة فليس لهم في هذا الاسم نصيب في رأي مقبل.
والحاصل: ان مقبلاً سلك طريقة لا يعجز خصمه عن مقابلتها بمثلها.
فإذا قال مقبل: لا نثق بحديث الشيعة. قال علي: لا نثق بحديث اعدائهم ، وذلك مذهبه وهو فيه جاد ليس لمجرد الجدل، ويمكنه جرح كبارهم كما جرح مقبل كبار الشيعة.
فإذا قال مقبل: ان تشكيك علي في حديث العثمانية والنواصب تشكيك في السنة بأسرها. اجاب علي: بل انت تشكك في السنة لانك شككت في حديث أهل البيت وشيعتهم، وهو السنة.
وإذا قال مقبل: ان علياً مبتدع لانه ترك العمل بحديث العثمانية. قال السيد علي: بل انت المبتدع لانك تركت سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)التي هي السنة وما خالفها البدعة، واعتمدت في مخالفتها روايات مكذوبة، او منسوخة، أو لا تفيد مذهبك ، أو مخصصة، أو مقيدة، أو متشابهة، والصحيح المحكم هو حديث أهل البيت وشيعتهم، وما وافقه من حديث الامة أو وافق الكتاب.
جاء شقيق عارضاً رمحه ان بني عمك فيهم رماح
فاما ان يترك كلاً وشأنه ( قُل كُلٌ يَعمل عَلى شاكلته فربُّكم اَعلم بِمن هُو اهدى سَبيلاً )( 29 )، واما ان يبدأ بالجدل في أصول الجرح والتعديل وما هو الحجة فيها، فان اتفقا على الاصول انبنى على ذلك معرفة السنة ما هي، أهي التي يرويها أهل البيت وشيعتهم؟ ام التي يرويها اعداؤهم؟ ثم انتقلا الى الفروع، وان بقيا على اختلافهما في الاصول، فلا معنى للجدل على الفروع مع البقاء على الخلاف على الاصول، وانما يثير الشقاق بين المسلمين، وهم في اشد الحاجة الى الاجتماع لدفع الكفار عنهم.
قال مقبل: ومن اين لكم طرق اخرى وانتم عالة على المحدثين ؟ واذا كان لكم طرق اخرى فهي غير موثوق بها.
والجواب: ان بعض الفضائل له طرق غير ما ذكره، وبعضه يقوّي بعضاً ويوافقه في المعنى.
واما قوله: واذا كان لكم طرق اخرى فهي غير موثوق بها .
فالجواب: بل هي موثوق بها عند الشيعة وان لم تكن موثوقاً بها عند اعدائهم، فذلك لا يشترط في ثبوتها عند الشيعة ان تكون موثوقاً بها عند النواصب وشيعتهم، لانه لا دليل على ذلك من الكتاب ولا السنة ولا العقل، بل اعداء الشيعة متهمون في ردها وجرح رواتها بالتعصب للمذهب واتباع هوى النفس، وعداوة المذهب، فهم على هذا محاربون للسنة وان ابيتم.
ثم نقل مقبل كلام ابن الوزير، الذي ساقه للاحتجاج على انه لا يستقيم الاستغناء بكتب الشيعة في علم الحديث، ومقبل لم يفهمه، فهو يظنه يمنع من الاعتماد على شيء من حديث الشيعة المسند بأسره، وليس كذلك، او يظنه يعني لا يعتمد عليها في شيء، وليس كذلك كما لا يخفى على من يفهم. ولان محمد بن ابراهيم ينقل من كتبهم ويعتمد عليها وقد نقل منها دعوى الاجماع على قبول رواية كفار التأويل، واعتمدها في تنقيح الانظار ووثق الرواة لها منهم.
وقد امعن ابن الوزير في الجدل، واتى في الروض الباسم بما يدل على اغراقه في النزع ومبالغته في الجدل ولم يكن الموضوع يستدعي كل ذلك، ولكن لعل المعترضين عليه لجوا في الجدل فقابلهم بالمثل، وحمله ذلك على تجاوز الحد اللائق به، وقد اجاب عنه محمد بن عبدالله الوزير في كتابه فرائد اللالي رد فيه عليه وعلى المقبلي رداً واسعاً، وكذا اجاب عنه السيد العلامة احمد ابن الامام الهادي القاسمي المتوفى في شهر رمضان سنة 1367هـ بكتاب سماه العلم الواصم في الرد على الروض الباسم .
ثم قال مقبل في ( ص224 ): واختم رسالتي بآية تمثلها كلها وتبين الهدف من جميعها: ( قُل يَا أهلَ الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بَيننا وبينكُم أنْ لا نَعبد إلاّ الله وَلا نشركَ به شَيئاً ولا يتَّخِذ بعضُنا بعضاً أرباباً من دُون الله فإن تولوا فقولوا اشهدُوا بأنَّا مسلِمون )( 30 ) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين.
والجواب: هذا تعريض بالمخالفين له، وتنزيل لهم منزلة أهل الكتاب ولقد بالغ في العدوان عليهم ورماهم بالشرك وهو يعلم براءتهم منه، ورماهم بالتقية بمعنى يريده هم منه براء وهو يعلم انهم براء منه. ويحمد الله على ان الشيعة لم يزالوا مقهورين، فهو يشارك في دمائهم الزكية التي اريقت في كربلاء ، وفي الحرة، وفي الكناسة، ومع محمد بن عبدالله النفس الزكية، ومع اخيه ابراهيم وهلم جرا الى هذا الزمان، ويجرحهم ويضعفهم، ويزعم انه لا يوثق بكتبهم ولا يعتمد على شيء منها وهو يعلم ان فيهم ابراراً اخياراً امناء ثقات، لانه في بلدهم وقد جالس بعض علمائهم وعرفهم، ولكنه حذا حذو أهل الكتاب في كتمان الحق وهو يعلم. فنختم هذه الجملة بقول الله تعالى: ( يَا أهل الكتاب لِمَ تلبسُون الحَق بالباطِل وتكتُمون الحقَّ وأنتم تَعلمون )( 31 ) وقول الله تعالى: ( قُل يَا أهلَ الكتاب لا تَغلوا في دينكُم ولا تتَّبعوا أهواء قَوم قد ضلُّوا من قبلُ وأضلّوا كَثيراً وضلُّوا عن سواءِ السَّبيل )( 32 ).
(13) البقرة: 204.
(14) آل عمران: 118.
(15) البقرة: 204.
(16) الجن : 18 .
(17) الحج: 73.
(18) فاطر: 13 ـ 14.
(19) يونس: 106.
(20) الانعام: 17.
(21) يوسف: 106.
(22) البقرة: 91.
(23) الجن: 18.
(24) تاليف العلامة السيد محسن الحسيني العاملي.
(25) للمؤلف .
(26) الجن: 20 ـ 22.
(27) مجمع الزوائد 9: 133. ورواه الطبراني في الاوسط.
(28) النساء: 115.
(29) الاسراء: 84 .
(30) آل عمران: 64.
(31) آل عمران: 71.
(32) المائدة: 77.