قبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وزيارته: - زیارة القبور شبهات وردود نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زیارة القبور شبهات وردود - نسخه متنی

سید بدرالدین الطباطبایی الحوثی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



زيارة القبور ص 66 - 90




قبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وزيارته:



ثم ذكر مقبل بحثاً حول القبة المبنية على قبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول فيه في ( ص226 ): ثم اني رأيت ان تكون المقدمة مشتملة على فصلين: احدهما في كرامة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)على ربه، والثاني في ذم الغلو. فان كثيراً من الناس اذا فوجئوا بمثل هذا الامر يظنون ان هذا انتهاكاً ( كذا بالنصب ) لحرمة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وربما ألّبهم كثير من سدنة القبور... الخ.


الجواب: ان هدم قبة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)انتهاك لحرمته وتحقير لقدره، وهذا امر معروف عند الامة الاسلامية، ولذلك لم يجرؤ ائمة مقبل على هدمها. ثم ذكر الفصلين بما فيه كفاية له لو انصف، لان الفصل الاول يزجره عن تجاهل ما في هدم القبة من التحقير لعظيم قدر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)فكيف يتجاسر بعده على تقريره ان الصواب هدمها؟ بل الواجب عنده، ونعوذ بالله من الخذلان.


والفصل الثاني في التحذير من الغلو، كذلك يزجره عن الغلو في منع اتخاذ القبور مساجد، ومنع البناء على القبر الى منع بناء القباب، دون الاقتصار على منع البناء فوق القبر نفسه ثم الغلو من منع البناء الى ايجاب التخريب بلا دليل، والغلو في لباس التوحيد حيث جعل منه ترك التمسح بتراب القبر ونحو ذلك. ثم هو يرى هدم قبة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)لئلا يحتج بها احد.


ثم قال مقبل في آخر فصل التحذير من الغلو ( ص230 ): وانا لا اشك ان زخرفة قبره وبناء القبة عليه من اعظم الغلو، وانه عين ما نهى عنه(صلى الله عليه وآله وسلم). ولقد افتتن كثير من العوام بسبب تلك الزخرفة، ولا اله إلاّ الله ما اكثر الازدحام على قبره(صلى الله عليه وآله وسلم)مع رفع الاصوات، وكم من متمسح بالشبابيك والاسطوانات والمنبر والابواب، كل هذا من أجل تلك الزخرفة للمسجد النبوي المنهي عنها بقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) : ما امرت بتشييد المساجد الحديث اخرجه ابو داود وصححه ابن حبان.


والجواب: لا اله إلاّ الله، ما اجهلك يا مقبل؟ وما اشبهك بذي الخويصرة القائل: اعدل يا محمد؟ كأنه لا قدر ولا جلالة ولا محبة لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في نفوس المسلمين، ولا اعتقاد بركة لولا تلك الزخرفة. كأنهم لم يكونوا يطلبون آثاره في العود والحجر من قبل الزخرفة. أو كأنه لا شأن له يستدعي ذلك وأنهم انما اغتروا بالزخرفة في ظنك، فان كان عظيم شأنه يستدعي المحبة له حتى يفعل الزائرون ذلك، ويستدعي رجاء البركة حتى يكون الزائرون كذلك، فمن اين علمت انهم لم يفعلوا ذلك إلاّ لاجل الزخرفة؟ أليسوا يسافرون اليه شوقاً الى زيارته قبل ان يشاهدوا تلك الزخرفة، وبدون ان تخطر لهم ببال؟ ألا يحدوهم الى ذلك ما له في نفس كل مسلم من الحب والاجلال واعتقاد الكرامة عند ذي الجلال؟


امرّ على الديار ديار ليلى اقبل ذا الجدار وذا الجدارا


وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا


ثم قال في ( ص231 ): والان نشرع في بيان من أدخل القبر الشريف في مسجده.


الجواب: لم يبينه بوجه صحيح، وانما اخذه من كلام ابن كثير، وعزاه الى ابن جرير، وذكر في حاشيته محله في تاريخ ابن جرير فلم اجده صرح بما صرح به ابن كثير ولم يصرح فيه بما صرح به، حيث قال في ( ص238 ) من كتاب مقبل : فأدخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة ( رض ) فدخل القبر في المسجد... الخ.


فهذا لم يذكره ابن جرير ولم ينص عليه ـ حجرة عائشة ـ بخصوصها، وعبارة ابن جرير واخذ في هدم بيوت ازواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وبناء المسجد حتى قدم الفعلة، بعث بهم الوليد... . انتهى.


فهذا معناه انهم شرعوا في هدم بيوت ازواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو لا يدل على انهم هدموا بيت عائشة، اذ يمكن ان الشروع في الهدم كان بهدم غيره. ولم يذكر بعد ذلك انهم أتمّوا هدمها، ولكنه قد يفهم او يتوهم ـ والصواب يتوهم ـ من قوله بعد ذلك: قال محمد بن عمر: وحدثني يحيى بن النعمان الغفاري، عن صالح بن كيسان قال: لما جاء كتاب الوليد من دمشق سار خمس عشرة بهدم المسجد تجرد عمر بن عبد العزيز، قال صالح: فاستعملني على هدمه وبنائه فهدمناه بعمال المدينة فبدأنا بهدم بيوت ازواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)حتى قدم علينا الفعلة الذين بعث بهم الوليد. انتهى.


فهذه العبارة توهم انه تم الهدم، ولكن ينظر في صحة نقط قوله: ـ بهدم ـ بالباء، ولعله من غلط النساخ لان كثيراً من الكتاب يتساهلون بالنقط فيتركونه فيأتي من يريد النقط فينقطه على ما يعتقد، وهذا مظنة ان يكون اصله ـ نهدم ـ بالنون فتكون هذه الرواية كالرواية الاولى وأخذ في هدم بيوت ازواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم انه لو وقع الهدم لحجرة عائشة فيمكن انه ترك من اسفل جدارها قليل فاصل بينها وبين المسجد، وليس في رواية ابن جرير انها جعلت من المسجد، بل الاقرب انه بقي لها فاصل يفصلها عن المسجد.


قال مقبل في ( ص240 ): نقلاً عن عمدة الاخبار في مدينة المختار ما لفظه : ولم يكن قبل هذا التاريخ عليها قبة ولها بناء مرتفع، وانما كان حظير حول الحجرة الشريفة فوق سطح المسجد، وكان مبنياً بالاجر مقدار نصف قامة بحيث يميز سطح الحجرة الشريفة على ( كذا ) سطح المسجد. انتهى. ونقل مثله عن كتاب تحقيق النصرة.


ثم قال مقبل: انكار أهل العلم لهذه القبة ـ اي قبة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ـ لا شك ان اهل العلم رحمهم الله ينكرون ما ورد الشرع بتحريمه، فبعضهم قد يصرح بالانكار وبعضهم قد يسكت لما يعلم من عدم جدوى الكلام وربما استانسوا لجواز السكوت بقوله(صلى الله عليه وآله وسلم)لعائشة ( رض ): لولا ان قومك حديثو عهد بكفر لاسست البيت على قواعد ابراهيم متفق عليه ـ ثم قال ـ: فاليك بعض من انكر، ونقل كلام ابن تيمية، وذكر قصة حتى قال: ثم بعد ذلك بسنين متعددة بنيت القبة وانكرها من انكرها. انتهى.


والجواب: انه لم يذكر احداً باسمه والظاهر ان المنكر هو ابن تيمية، ولو كان يعلم احداً غيره من الاولين انكرها لكان مظنة ان يذكره لئلا يدعى اجماع الامة عليها.


ثم قال مقبل: وقال الصنعاني(رحمه الله) في تطهير الاعتقاد : فان قلت: هذا قبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)قد عمرت عليه قبة عظيمة انفقت فيها الاموال، قلت: هذا جهل عظيم بحقيقة الحال، فان هذه القبة ليس بناؤها منه(صلى الله عليه وآله وسلم)ولا من اصحابه، ولا من تابعيهم ولا من تابع التابعين ولا علماء الامة وأئمة ملته، بل هذه القبة المعمولة على قبره(صلى الله عليه وآله وسلم)من عهد ابنية بعض ملوك مصر المتأخرين، وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملك المنصور في سنة ثمان وسبعين وستمائة ذكره في تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة فهذه امور دولية لا دليلية. انتهى.


والجواب: ان غرض ابن الامير بهذا انه لا يحتج ببناء قبة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)على بناء القبب. ولم يذكر ابن الامير انكار ذلك عن نفسه ولا عن غيره في هذا الكلام، ثم ذكر كلاماً عن حسين بن مهدي النعمي يتضمن انكارها.


ثم قال مقبل: هذا وقد همّ الاخوان ـ يعني الوهابية ـ في زمن عبد العزيز عند دخولهم المدينة ان يزيلوا هذه القبة، وليتهم فعلوا، ولكنهم خشوا من قيام فتنة من القبوريين اعظم من ازالة القبة فيؤدي ازالة المنكر الى ما هو انكر منه. فظهر بهذه الجملة ان أول من انكرها هو ابن تيمية وتبعه ابن الامير والوهابيّة والنعمي.


والجواب: انا حققنا فيما مضى ان حقيقة البناء على القبر هو وضع البناء على تربة القبر نفسه لا على ما قرب منه، واكدنا ذلك بانه لم يخطر ببال الصحابة انكار الزيادة في المسجد وهو بالقرب من القبر، وذلك يستلزم البناء للزيادة حول القبر بالقرب منه، لقول الله تعالى: ( وَممَّن حَولكُم مِنَ الاعراب مُنافِقُون )( 23 ) ، فظهر بذلك ان المدينة كلها حول القبر وذكرنا ان عمل المسلمين مستمر في بناء البيوت وحيطان البساتين وغيرها حول القبور من غير نكير ولا يخطر ببالهم ان ذلك بناء على القبر فدل على ان المتبادر والحقيقة في البناء على القبر هو البناء فوقه لا حوله ، كما ان معنى القعود عليه هو القعود فوقه لا حوله . فظهر انه لا وجه لانكار بناء القبة على قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ولا على غيره من حيث النهي عن البناء على القبر، وكذلك قررنا فيما سبق انه ليس من اتخاذ القبور مساجد، بل قبة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فصلت الحجرة الشريفة عن المسجد فصلاً واضحاً. وجعلها مسجداً لا دليل عليه، فظهر انه لا وجه لانكار القبة من حيث النهي عن اتخاذ القبور مساجد، واذا كان منع بناء القباب غلوّاً في الدين فالهدم غلوّ على غلوّ، فهو باطل مضاف الى باطل. لان البناء شيء وترك الهدم شيء آخر ولا تلازم بينهما هنا، لانه لا دليل على التلازم.


فلو فرضنا فرضاً وقدرنا تقديراً أن بناء القبة الذي هو فعل الباني معصية للنهي عن البناء على القبر، فذلك لا يدل على ان البنيان نفسه معصية.


الا ترى ان الحائض والجنب لو كتبا المصحف لما وجب محوه او تمزيقه ؟ لان الكتابة ـ وان كانت معصية ـ لا تستلزم ان يكون المصحف معصية، وهذا انما هو مثال لتوضيح المقصود وليس قياساً، فانا في مقام المنكر لا في مقام المدعي، والذين يدعون وجوب خرابها هم المدعون، والبينة عليهم لا علينا، انما بيّنا انه لا يلزم من تحريم البناء تحريم بقاء البنيان. وكذلك لو فرضنا وقدرنا انّ بناءها حرام لانها تتخذ مسجداً، فانه يكفي منع الصلاة فيها أو على القبر حتى تصير لمجرد الزيارة ويذهب اتخاذها او القبر مسجداً. بل هدمها اقرب لتمكين الجاهل من الصلاة على القبر، فانها الان تغلق لمنع الناس عن الشرك بزعمكم، فكيف لو هدمت فاتخذوا القبر مسجداً وازدحموا عليه للتبرك به وانتهبوا تربته الشريفة للتبرك بها فكانت المفسدة على زعمكم اعظم؟ ثم ان ترك البناء لا يساويه الهدم فترك البناء لا يعتبر في الاصل تحقيراً ولا اهانة، اما الهدم فانه يعتبر تحقيراً قبيحاً، ولذلك خاف الوهابية ان يجر الى فتنة، لان المسلمين بفطرتهم يعتبرونه فعل تحقير ومحاولة اهانة.


فان قالوا: انه يجب هدمها، لانها بنيان على القبر، وانما نهي عن البناء على القبر لئلا يكون عليه بنيان.


قلنا: ان سلم انها بنيان على القبر، فلا نسلم ان النهي عن البناء على القبر لئلا يكون عليه بنيان، لانه لا دليل على ذلك ولانه كان يلزم هدم مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الذي بناه لانه قرب القبر ايضاً. ولو كان المقصود ان لا يكون عليه بنيان لما جاز دفنه في بيته.


وفي مجموع زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي(عليهم السلام)قال: لما قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)اختلف اصحابه اين يدفن، فقال علي(عليه السلام): ان شئتم حدثتكم فقالوا: حدثنا قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لعن الله اليهود والنصارى كما اتخذوا قبور انبيائهم مساجد، انه لم يقبض نبي إلاّ دفن مكانه الذي قبض فيه . قال: فلما خرجت روحه(صلى الله عليه وآله وسلم)من فيه نحّوا فراشه ثم حفروا موضع الفراش.


وقد روى مقبل في كتابه مثل هذا لابي بكر، ويمكن ان كلاً من علي(عليه السلام)وابي بكر روى الحديث، فسمع الحسين من ابيه ما روى، وسمعت عائشة من ابيها ما روى، ويمكن انهم سرقوا هذه الفضيلة لابي بكر كما هي عادتهم، حتى لقد سرق بعضهم حديث المنزلة لابي بكر وعمر، فروي: ابو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى رواه الذهبي في الميزان.


هذا، فظهر ان ليس المقصود ان لا يكون عليه بنيان لان بيته بنيان وقد دفن فيه.


واما حديث علي(عليه السلام)لحديث لعن الله اليهود والنصارى فلعل سببها ان بعضهم كان قد اشار بان يدفن(صلى الله عليه وآله وسلم)في المسجد كما ذكره مقبل في ( ص233 ).


هذا وقد ذكر مقبل في ( ص232 ) وصفحات بعدها روايات عديدة تفيد ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)دفن حيث قبض، واخرج البيهقي في السنن الكبرى ( ج4 ص3 ) بسنده عن ابي البداء قال: دخلت مع مصعب بن الزبير البيت الذي فيه قبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فرأيت قبورهم مستطيرة. وروى البيهقي ايضاً قبيل هذا عن القاسم ابن محمد قال: دخلت على عائشة ( رض ) فقلت: يا اماه اكشفي لي عن قبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة... الخ.


فدل ذلك على ان ليس المقصود بالنهي عن البناء على الميت ان لا يكون في بيت أو لا يكون حوله بناء، فدل ذلك على انه لا معنى لهدم القبة ولو فرض ان بناءها كان معصية لان البناء انتهى في وقت تمام البنيان، فهدم البنيان ليس نهياً عن الفعل الذي قد مضى في زمان قديم وهو تاريخ بناء القبة، ودل دفنه(صلى الله عليه وآله وسلم)في بيته على ان ليس المقصود ان لا يكون في بنيان. وهذا يدل على انه لا يجب خراب شيء من القباب من هذه الجهة.


ثم ذكر مقبل احاديث في ( ص243 ) منها عن جابر قال: نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ان يجصص القبر وان يقعد عليه وان يبنى عليه . وعن ابي سعيد ان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) نهى ان يبنى على القبر، قال: زاد ابو يعلى ـ أو يصلى عليها ـ وعن ام سلمة قالت: نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ان يبنى على القبر أو يجصص، قال: وزاد في رواية مرسلة ـ أو يجلس ـ . ثم ذكر حديث فضالة بن عبيد، وقد مر الكلام فيه وحديث علي(عليه السلام)وقد مر انه لا دلالة في الجميع على مراده.


ثم قال في ( ص245 ) : نهيه(صلى الله عليه وآله وسلم)عن اتخاذ القبور مساجد، فذكر في هذا المعنى روايات عن جندب بن عبدالله وابن مسعود وابي هريرة والحارث النجراني، وهذا لا يدل على ما يروم كما بيناه.


ثم قال في ( ص246 ): اتخاذ القبور مساجد، عن عائشة ان ام سلمة ذكرت لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية، فذكرت له ما رأت فيها من الصور، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): اولئك قوم اذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، اولئك شر الخلق عند الله.


ثم ذكر روايات عديدة في اتخاذ قبور انبيائهم مساجد، وقد اجبنا في الجميع ، ويخص حديث الكنيسة ان الذم على مجموع الامرين اتخاذ المسجد والتصوير فيه وليس فيه دلالة على الذم على المسجد وحده بدون تصوير، ولا يقال إن التصوير وحده مذموم، فيلزم ان يكون ذكر المسجد لا فائدة له. لانه يقال: بل له فائدة فانه اذا لم يدل دليل آخر على منع المسجد بدون تصوير يحتمل ان ذكره لقبح التصوير في المسجد، فهو فيه انكر من التصوير في غير المسجد فكان لذكر المسجد فائدة، فلا دلالة في حديث الكنيسة على منع بناء المسجد على القبر بدون تصوير صور، مع ان بناء القبة التي لم تبن للصلاة ليس بناء مسجد كما مر، لان الاعمال بالنيات.


ثم قال مقبل في ( ص248 ): النهي عن الصلاة الى القبور . فذكر عن عبد الله بن عمر، عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً .


والجواب: لا دلالة في هذا على المطلوب، لانه انما يدل على ان القبر لا يصلى إليه، فالبيت الذي لا يصلى فيه يشبهه، ونحن لا نرى الصلاة فوق القبر.


ثم ذكر عن ابي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا اليها .


والجواب: هذا واضح الدلالة انه لا يصلى إلى القبر، فلا نزاع فيه بمعناه الصحيح.


ثم ذكر في ( ص249 ) عن ابي سعيد الخدري(رضي الله عنه)قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : الارض كلها الا المقبرة والحمام رواه ابو داود والترمذي وابن ماجة واحمد، وعن عبد الله بن عمر ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى عن الصلاة في المقبرة.


والجواب: إذا صحت الروايتان فالصلاة في المقبرة هي الصلاة بين القبور ، فاما الصلاة خارج جميع القبور فلا تدخل في هذا، ثم ذكر عن انس، عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى عن الصلاة الى القبور، وهذا يوافق ما مر.


قال: وفي رواية نهى عن الصلاة بين القبور، وهو يوافق ما مر.


ثم قال في ( ص250 ): ويستثنى من الصلاة في المقبرة صلاة الجنازة، ثم ذكر احاديث في ذلك ولا نزاع فيه.


ثم ذكر في ( ص251 ) قول الله تعالى: ( قَال الذين غلبوا على أمرهم لنتخّذنَّ عليهم مسجداً )( 24 ) وزعم ان القبوريين احتجوا بها.


والجواب: اما نحن فلا نحتج بها، وعندنا جواب عن الاحتجاج بها احسن، لما رزقنا من فهم القرآن بحمد الله، وذلك ان الذين حكاه عنهم لم يذكر انهم حجة ولا قرّرهم عليه، بل جعله امرهم غلبوا عليه، فافهم عندنا قوله: ( غلبوا على امرهم ) انه من عند انفسهم ليس من امر الله سبحانه، فلم تدل على شرعية ذلك، والوجوه التي ذكرها للجواب عن الاحتجاج بالاية ثلاثة:


الاول: ان هذا فعل قوم اصحاب الكهف وهم مشركون، ولا دليل على انه فعلهم.


الثاني: انه فعلهم، وان فرضنا انهم قد اسلموا ويجوز انهم اجتهدوا واخطأوا.


الثالث: لو سلمنا انه شرع من قبلنا فهو منسوخ بشرعنا، فقد تواترت الاخبار بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد... الخ.


ثم قال مقبل في ( ص252 ): الخاتمة في واجب المسلمين نحو هذه القبة وغيرها، قد عرفت ارشدك الله مما تقدم ما ورد من الاحاديث في النهي عن البناء على القبور، ولعن المتخذين لها مساجد وان اتخاذ القبور مساجد من شعار الكفار، وعرفت ايضاً النهي عن الصلاة الى القبور وعليها إلاّ صلاة الجنازة وعرفت انه ما ادخل القبر النبوي على ساكنه افضل الصلاة والتسليم إلاّ الوليد بن عبد الملك.


والجواب: قد عرفنا ان ما ذكره كله لا يفيد مرامه، وعرفنا ان قوله: ما ادخل القبر النبوي إلاّ الوليد غير صحيح لانه نسبه الى ابن جرير واطلعنا على كلام ابن جرير وليس فيه.


ثم قال مقبل: ولم يبن القبة الا الملك المنصور الملقب بقلاوون.


والجواب: افلا تشكرون ان اخرج الحجرة الشريفة من المسجد بعد ان زعمتم ان القبر الشريف كان قد ادخل في المسجد؟ فهو محسن بالفصل بينهما بحائط القبة العظيم.


قال: وبعد هذا لا اخالك تردد في انه يجب على المسلمين اعادة المسجد النبوي كما كان في عصر النبوة من الجهة الشرقية.


والجواب: ان القبر لم يكن موجوداً في عصر النبوة، فلم يكن حاله الاول كذلك. وقد سبق منه مثل هذه العبارة في ( ص 239 ) فقال: وان الواجب على المسلمين هو اعادته كما كان من الناحية الشرقية على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فان خير الهدي هدي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم).


دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر


والجواب: ما قامت الدنيا وقعدت من عندكم إلاّ لاجل القبر، ولم يكن إلاّ بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فما هذه الانظار؟ ولو وجب ان يبقى المسجد كما كان في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من الجهة الشرقية لوجب من سائر الجهات، فان خير الهدي هدي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم).


قال مقبل في ( ص252 ): لا اخالك تردد في انه يجب على المسلمين اعادة المسجد النبوي كما كان في عصر النبوة من الجهة الشرقية حتى لا يكون القبر داخلاً في المسجد.


والجواب: هذا غلوّ مضاعف، فان المسجد انما هو محيط بالقبة وهي محيطة بالقبر وليس القبر من المسجد، بل ولا القبة فأين هذا من اتخاذ القبور مساجد؟ فكيف يلزم هدم المسجد لئلا يصدق على القبر انه في المسجد بهذا المعنى؟ فعلى هذا لو احاط بالقبة من وراء كيلو متر لوجب هدمه لانه قد صدق عليه ان القبر فيه أي في المسجد لاحاطته بمسافة كيلو متر من الجهة الشرقية وهو في ضمن المحاط به. ( قُل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكُم غير الحق وَلا تتَّبعوا أهواء قوم قَد ضلُّوا مِن قَبل وأضلُّوا كَثيراً وضلُّوا عن سَواءِ السبيل )( 25 ).




الرد على مقبل في دعوته لازالة قبة القبر النبوي الشريف:



قال: وانه يجب ـ أي على المسلمين ـ ازالة تلك القبة التي اصبح كثير من القبوريين يحتجون بها.


والجواب: بل قد عرفنا انه ليس فيما ذكره شيء يوجب ازالتها.


قال: وقلنا: انه يجب عليهم ازالتها لقوله(صلى الله عليه وآله وسلم): من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ( 26 ) متفق عليه من حديث عائشة، ولمسلم عنها عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) : من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ( 27 ). ولقوله تعالى: ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )( 28 ) ولقوله(صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ( 29 ). متفق عليه من حديث ابي هريرة.


والجواب: ان بناء القبة ليس حدثاً في الدين لوجوه:


الوجه الاول: ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)دفن في بيته بالادلة السابق ذكرها في كتابنا، فالحدث هدم بيته، اما اعادة بنائه فليس حدثاً وان كان هذا البناء أقوى من الاول، ولو لزم هدمه لكونه اقوى للزم هدم مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)واعادة بنائه كما كان في عهده(صلى الله عليه وآله وسلم)وقد قدمنا الاستدلال بذلك على ان ليس المقصود بالنهي عن البناء على القبر ان لا يكون القبر في بنيان، فيدل ذلك على جواز سائر القبب بناء على أصل الاباحة، واذا لم ترضوا بهذا لزمكم ان يكون دفن ابي بكر وعمر في بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)حدثاً لان الاحاديث في دفن النبي حيث قبض لم تعمهما، لانهما ليسا من الانبياء، فأين الدليل على جواز دفنهما في بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟


الوجه الثاني: انا لا نسلم انها حدث في الدين، لان فيها مصالح دينية ودنيوية، وما كان كذلك لا يعتبر حدثاً في الدين وإلاّ لزم في كل محدث من البنايات وغيرها، وخصوصاً ابنية هذا الزمان. وذلك لانها ظل للزائر من الشمس وكنان من المطر وعلم لموضع القبر للوافد الغريب، وذلك كله ليس حدثاً في الدين لان جنسه من الدين، وذلك كاف لجعله من الدين، وهذا واضح وإلاّ كانت زيادة عمر وعثمان حدثاً مردوداً، وما فيه مصلحه دنيوية وليس معصية لمعنى آخر غير معنى الابتداع فليس منكراً، ولا يعتبر حدثاً في الدين، كالطائرات وغيرها، وذلك لان الاصل اباحة الانتفاع بما خلق الله للناس، والدين لم يمنعه، وهو غير داخل في حديث: من أحدث في أمرنا ، ولذلك لا يلزم ازالة الظلل المحدثة في عرفات.


الوجه الثالث: ان تعظيم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وتشريفه من الدين لانه من تعظيم شعائر الله، لانه تعظيم لامر الله ودينه، لانه الذي جاء بأمر الله ودينه وذلك شعائر الله، بل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)من شعائر الله وأعلامه. قال الله تعالى: ( وَدَاعياً الى الله بإذنه وَسراجاً مُنيراً )( 30 )، فجعله كالشمس التي قال فيها: ( وَجَعل الشَمس سراجاً )( 31 )، وقد قال الله تعالى: ( ذَلك وَمن يُعظِّم شَعائِرَ الله فإنَّها مِنْ تَقْوى القلوبِ )( 32 )، والشعائر كلما اشعر بدين الله وجعله علماً من اعلام الدين، ليس خاصاً بالصفا والمروة ولا بالبدن.


هذا مع ان تعظيم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بالقبة لا يعبر عن فضل اكثر مما يستحق، والتعبير عن فضله حق لا يعتبر بدعة، لانه شهادة بالحق وقيام بالقسط وثناء على منعم يستحق الشكر، ولا يشكر الله من لا يشكر الناس، فهي ثناء فعليّ في معنى القول، كالاعلام التي تنصب للدلالة على الطريق، وذلك كله يدل على انها ليست حدثاً في الدين، لان تعظيم الرسول ليس حدثاً وشكره ليس حدثاً، والشكر يكون بالافعال كما يكون بالاقوال. فكما يكون من شكر الوالدين خفض جناح الذل من الرحمة فكذلك يشكر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)بالافعال.


الوجه الرابع: ان الحديث: من أحدث في أمرنا ما ليس منه خاص بالبدع التي تعتبر حدثاً في الدين، وقد قررنا فيما سبق ان البناء ـ لو فرض انه معصية ـ فهو لا يوجب خراباً للبنيان، فكذلك اذا كان البناء ردّاً على فاعله أي غير مقبول منه فليس معنى ذلك وجوب خراب البنيان انما معنى ذلك انه لا يثاب على البناء، بل هو مردود عليه غير مقبول منه. والدليل على هذا ان الذي يعتبر من الدين او بدعة هو الافعال والتروك لا المنتجات الحادثة بالافعال. وإلاّ لزم في منتجات هذا الزمان من السيارات وغيرها.


فالمراد بقوله: من أحدث في أمرنا من احدث في ديننا عملاً ليس منه، كما في حديث مسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا .


وحاصل هذا الجواب منع تسمية القبة حدثاً في الدين، وسند المنع انها لا تعتبر في نفسها عملاً يسمّى سنة او بدعة انما الموصوف بذلك الافعال.


واذا ظهر ان البنيان نفسه ليس بدعة فلا يجوز هدمه، لان هدم القبة يعتبر تحقيراً للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وعاراً وخزياً على المسلمين لو فعلوه ، ألا ترى لو ان رجلاً ألبس اباه رداء أو فرش له فراشاً أو اسكنه بيتاً وأبوه غني عن ذلك كله ثم ان الولد اخذ الثوب او الفراش او اخرج اباه من البيت لكان ذلك عاراً عليه اشد مما لو ترك إلباسه الثوب أو الفرش له أو الاسكان وهو غني؟ وكذلك لو ان اناساً اطلعوك على منبر لتخطب من عليه فلما وصلت عليه انزلوك لكان الانزال اشد من ترك الاطلاع لو تركوه في أول الامر.


فالخفض بعد الرفع يعتبر اهانة، بخلاف ترك الرفع من أول الامر، فقد لا يعتبر اهانة، وكذلك لو اخرج ابو بكر وعمر من القبة ودفنا في البقيع لاعتبرتم ذلك اهانة لهما، بخلاف ما لو دفنا من أول الامر في البقيع ولم يدفنا في بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)اصلاً، فليس ذلك اهانة، فكذلك هدم القبة يعتبر اهانة. فما هذا التعصب الذي يحمل غلاة التوحيد على الحرص على هدمها لئلا تكون حجة عليهم؟ فهي عليهم اثقل من رضوى، وكذلك لتعصبهم لمذهبهم يحرصون على هدم الجهة الشرقية من مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)( وَمَن أظلم ممَّنْ مَنع مَساجِد اللهِ أن يُذكَر فيها اسمهُ وسَعى فِي خَرابها اُولئك مَا كانَ لَهم أن يدخُلوها إلاّ خَائِفين لَهُم فِي الدّنيا خزْي وَلهُم فِي الاخرةِ عذابٌ عَظيم )( 33 )، فمن اشنع الابتداع التدين بخراب المساجد او بالدعوة الى خرابها، وجعله واجباً على المسلمين بدون وجه صحيح، وانما هو للغلوّ والتعصب، نعوذ بالله من الخذلان.


ثم قال مقبل ( ص253 ): فجدير بنا يا معشر المسلمين ان نعمد الى تلك القباب المشيدة على القبور فنجتثها من على الارض، كما امر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)علي بن ابي طالب.


والجواب: هذا تدليس شنيع بسبب التعصب، وهذا يدل على انه لا يوثق بمقبل ولا بأسلافه فيما رووه في مسائل يتعصبون لها.


وذلك لان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يأمر علياً بهدم القباب، وانما روي انه بعثه لتسوية قبور مشرفة كما مرّ، فاياك ان تغتر بالقوم، فانّ التَّدليس فيهم شائع ومن استقرأ كتبهم مع تحرير فكره عرف هذا. وقد تقرر مما سبق انه لا دليل على هدمها وان استدلالهم بتلك الاحاديث التي ذكروها ـ وهي لا تدل على هذا ـ يكشف عن غلوهم وتعصبهم.


ونحن نقول: جدير بالمسلمين ان يحموا قبة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وقباب الائمة والفضلاء لتبقى لمصلحة الزائرين وتعظيماً لشعائر الدين ، والله تعالى يقول: ( ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها )( 34 ) ويقول تعالى: ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هَواهُ وَكان أمره فُرطاً )( 35 ).


قال مقبل: ومن لم يفعل مع القدرة كان مخالفاً لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).


والجواب: قد قدمنا انه لم يأمر بهدمها ولا دل على ذلك دليل، وانه لو كان بناؤها معصية لما لزم من ذلك ان يكون هدمها واجباً، لما بيّنا فيما مرّ.




الرد على مقبل في تشبيهه المسلمين باليهود والنصارى:



ثم قال مقبل ( ص253 ): حقاً ان بناء المساجد على القبور منشأ التقليد الاعمى، قلد المسلمون فيه اعداءهم من اليهود والنصارى، كما اخبر بذلك الصادق المصدوق في الحديث الصحيح: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قيل: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ثم قلد المسلمون المتأخرون آباءهم واجدادهم في ذلك كما قال تعالى حاكياً عن الكفار: ( إنا وجدنا آباءنا ) الخ.


والجواب: انه لم يكفه ان يرمي المسلمين بالشرك والغلو والابتداع حتى جعلهم مقلدين لليهود والنصارى في منكر واضح البطلان ادعاه عليهم، فجمع بين كذبتين في كلمة، حيث قال: انهم قلدوا اليهود والنصارى في بناء المساجد على القبور وهم لم يبنوا المساجد على القبور ولا قلدوا في ذلك اليهود والنصارى.


والتحقيق، ان النواصب هم الذين اتبعوا اهواءهم، فزعموا ان بناء القباب على أئمة أهل البيت من بناء المساجد على القبور، ليشنعوا على اعدائهم من ذرية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وشيعتهم، وليسلموا ما يغيظهم من تعظيم الائمة الابرار والتشيع فيهم، فبالغوا في المسألة حتى جعلوا ذلك شركاً أو سبباً للشرك اتباعاً للهوى وتعصباً للمذهب. ثم لما جاء هذا الزمان انضاف الى ذلك الغرض السياسي لاحلال الدماء والاموال والتسلط على المسلمين والسيطرة عليهم، وبعضهم احب التصنع وبعض النواصب غرضه مع مضادة الشيعة احراز المال والثروة المستمرة له ولمن يعينه، فاجتمع له الغرض في التعصب لنصرة مذهبه ولاستدرار الاموال كما هي عادة علماء السوء وعبيد الدنيا، نسأل الله العصمة والتوفيق.


واشبهوا أهل الكتاب في خصال:


منها: انهم سماعون للكذب اكالون للسحت، لانهم يصدقون الدعايات المكذوبة على ذرية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وشيعتهم من اعدائهم، ويأكلون المبالغ التي تبذل لهم لنصرة الباطل، وهي في التحقيق رشوة، لانها في مقابلة نصرة الباطل على الحق.


ومنها: انهم يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، اما لبس الحق بالباطل فمثل تحريم اتخاذ القبور مساجد ولبس ذلك بجعل القباب منه. واما كتمان الحق وهم يعلمون فمثل كتمان براءة من يعلمون براءته من الشرك من خصومهم، وقد مر تفصيل ذلك.


ومنها: غلوّهم في الدين، فهم يدعون الى التوحيد ويحذرون من الشرك، ويتعدون ذلك الى ادخال غير الشرك في الشرك، وجعل تركه من التوحيد، وقد بينا ذلك فيما مضى وبينا انه غلو في الدين.


ومنها: شيوع التشبيه لله بخلقه فيهم، كما بيّنا فيما مر، كما كان من مذاهب اليهود لعنهم الله.


ومنها: الحسد لاهل بيت النبوة على ما آتاهم الله من فضله، فاشبهوا أهل الكتاب الذين قال الله فيهم: ( أم يحَسُدون الناسَ عَلى ما آتاهُم اللهُ من فضلِه )( 36 ) ولذلك يجهدون في محاربة فضائلهم بكل ممكن لهم، وقد اشبهوا برمي المسلمين بالشرك اليهودي الذي قال: انكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت ... الخ.


واشبهوا برمينا بمخالفة السنة والمحاربة لها اليهودي الذي قال لامير المؤمنين(عليه السلام): ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه، فقال علي(عليه السلام): ما اختلفنا فيه وانما اختلفنا عليه، ولكنكم ما جفت اقدامكم من البحر حتى قلتم: ( يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون )( 37 ) وهؤلاء يسمون الناس مخالفين للسنة ومبتدعين ومحتالين لدفعها ، وينكرون عليهم ترك السنة ويعظونهم ليتبعوا السنة ، والخلاف ليس في وجوب اتباع السنة، وانما الخلاف في ثبوت حديث عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)او انه يدل على مطلوبهم. فالخلاف في تعيين المشروع لا في وجوب اتباع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم).


ومنها: الكذب على الله بواسطة الكذب على رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)، كقول مقبل في القباب: ان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بعث عليها علياً ليهدمها، فأشبه الذين قال الله تعالى: ( وَإن مِنهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بِالكتاب لتحسبوه مِن الكتاب وَما هو من الكتابِ ويقولون هو من عندِ اللهِ وما هو من عند اللهِ ويقولون على اللهِ الكذبَ وهم يعلمون)( 38 ).


وبقي خصال غير ما ذكرت هنا تعرف بتلاوة الايات القرآنية والمقابلة بين الفريقين. وبهذا نكتفي، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله الطاهرين، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.


وكتب بدر الدين بن أمير الدين الحوثي وفقه الله وغفر له ولوالديه وللمؤمنين آمين: كان الفراغ من نقل هذا الجواب عن النسخة التي بخط المؤلف، وتحت اشرافه ومع مراجعته وتصحيحه، وافاد ان الاعتماد على هذه المطبوعة اولى من غيرها لزيادة عنايته بتصحيحها.


والحمد لله رب العالمين


وصلى الله على محمد وعلى آله الطاهرين




(23) التوبة: 101.


(24) الكهف : 21 .


(25) المائدة: 77.


(26) صحيح مسلم 5: 132. كتاب الاقضية ط. دار الفكر.


(27) المصدر السابق .


(28) الحشر: 7.


(29) صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة رقم الحديث 6744 ( تقديم النهي على الامر ) وسنن ابن ماجة كتاب المقدمة الحديث رقم 2 باختلاف يسير.


(30) الاحزاب: 46.


(31) نوح: 16.


(32) الحج: 32.


(33) البقرة: 114.


(34) الاعراف : 56 .


(35) الكهف: 28.


(36) النساء: 54.


(37) الاعراف: 138.


(38) آل عمران: 78.


/ 4