المسألة السادسة - رد علی الفتاوی المتطرفة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رد علی الفتاوی المتطرفة - نسخه متنی

علی الکورانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





(سعيد العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل.. أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي(ص) وتقبيل منبره، فقال: لا بأس بذلك. قال: فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية، فصار يتعجب من ذلك ويقول: (عجبت! أحمد عندي جليل، يقول هذا الكلام)! وأي عجب وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به!!



وفي تاريخ الإسلام للذهبي: 14 / 335 :



(قال ابن خزيمة: هل كان ابن حنبل إلا غلاماً من غلمان الشافعي؟)



وفي الغدير للأميني: 5 / 194: (قال ابن حجر في (الخيرات الحسان) في مناقب الإمام أبي حنيفة في الفصل الخامس والعشرين: إن الإمام الشافعي أيام كان هو ببغداد كان يتوسل بالإمام أبي حنيفة ويجيء الى ضريحه يزوره فيسلم عليه ثم يتوسل الى الله تعالى به في قضاء حاجاته، وقال: قد ثبت أن الإمام أحمد توسل بالإمام الشافعي حتى تعجب ابنه عبد الله بن الإمام أحمد، فقال له أبوه: إن الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولما بلغ الإمام الشافعي أن أهل المغرب يتوسلون بالإمام مالك لم ينكر عليهم.



وفي الغدير: 5/ 198: قال (ابن الجوزي) في المنتظم: 10/ 283: وفي أوائل جمادى الآخرة سنة 574 تقدم أمير المؤمنين بعمل لوح ينصب على قبر الإمام أحمد بن حنبل، فعمل ونقضت السترة جميعها وبنيت بآجر مقطوع جديدة، وبني له جانبان، ووقع اللوح الجديد وفي رأسه مكتوب: هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين. وفي وسطه: هذا قبر تاج السنة وحيد الأمة العالي الهمة العالم العابد الفقيه الزاهد الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد ابن حنبل الشيباني(رحمه الله). وقد كتب تاريخ وفاته وآية الكرسي حول ذلك. ووعدت بالجلوس في جامع المنصور، فتكلمت يوم الاثنين سادس عشر جمادى الأولى، فبات في الجامع خلق كثير وخُتمت ختمات، واجتمع للمجلس بكرة ما حزر بمائة ألف، وتاب خلق كثير وقطعت شعور، ثم نزلت فمضيت الى زيارة قبر أحمد، فتبعني من حزر بخمسة آلاف .



وقال الكوثري في هامش السيف الصقيل ص 185:



(رأيت بخط الحافظ الضياء المقدسي الحنبلي في كتابه الحكايات المنثورة المحفوظ تحت رقم 98 من المجاميع بظاهرية دمشق، أنه سمع الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي يقول: إنه خرج في عضده شيء يشبه الدمل فأعيته مداواته ثم مسح به قبر أحمد بن حنبل فبرئ ولم يعد إليه! إنتهى ملخصاً).



وفي رحلة ابن بطوطة: 1/220: (قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين به.... وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة، وعليه قبة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ماعدا هذه الزاوية. وبالقرب منها قبر الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل، ولا قبة عليه. ويذكر أنها بنيت على قبره مراراً فتهدمت بقدرة الله تعالى. وقبره عند أهل بغداد معظم، وأكثرهم على مذهبه، وبالقرب منه قبر أبي بكر الشبلي من أئمة المتصوفة).



عاشر: كيف تعمد ابن تيمية خلط المفاهيم لتكفير المتوسلين!



تعمد ابن تيمية الخلط بين النداء، والتوسل، والاستشفاع، والاستغاثة، والدعاء، والعبادة! فجعلها كلها عبادة للمنادى والمتوسل به والمستشفع به والمستغاث به! فعندما تقول: يا رسول الله أتوسل بك، أو: أستشفع بك، أو: أغثني، فقد عبدته بزعمه!



لقد افترض مسبقاً أن المتوسل أو المستغيث بالنبي(صلى الله عليه وآله)



(يدعوه) وجعل معنى يدعوه يطلب منه وليس من الله تعالى! فقال



له: إنك اعترفت أنك دعوت الرسول أو الولي بدل الله! فأنت إذن



كافر!



وهذا من أسوأ أنواع المصادرة على المطلوب، حيث قام بلف الحكم المتنازع فيه في لفافة، وجعله جزءاً من مقدمة مسلَّمة عند مخالفه! مع أن المتوسل لم يدع النبي(صلى الله عليه وآله) بدل الله تعالى! بل توسل به واستغاث به واستشفع به الى الله تعالى; لكرامته عند الله!



ومثال ذلك: أن يتوسل شخص الى رئيس مكتب الملك; ليتوسط له عند الملك! فيقول له ابن تيمية: إنك تعديت على شرعية الملك وجعلت رئيس مكتبه هو الملك! فعملك هذا انقلاب على الملك تستحق به الإعدام!!



وقد حاول ابن تيمية أن يستدل على هذه المصادرة المفضوحة بأن المستغيث يطلب من الرسول(صلى الله عليه وآله) أو الولي ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وهذا يستلزم أنه يؤلهه! لكن هذا كذب وافتراء على



المسلمين; لأن المتوسلين منهم يعرفون أن الأمر كلهلله تعالى، وأنه



ليس للنبي(صلى الله عليه وآله)ولا لمخلوق مع الله ذرة شراكة، وإنما يستشفع بنبيه; لكرامته على ربه! فهو يطلب من الله بواسطة نبيه، أو يطلب من نبيه أن يشفع له الى ربه!



ومن الطريف أن ابن تيمية يدعي أن (لازم المذهب ليس مذهباً) فعندما يقال له: يلزم على قولك هذا أن يكون الله تعالى جسم.. يجيب أن لازم المذهب ليس بمذهب! أي يصح له أن يلتزم بشيء ولا يلتزم بلوازمه! فلماذا لايجوز ذلك لغيره؟!



ومثال ذلك أيض: أن تتعطل سيارتك في الطريق،فترى شخصاً وتناديه: يا محمد ساعدني، أغثني، أتوسل بك.. فهل يقول عاقل بأنك عبدته؟!



ونفس الكلام فيمن يتوسل أو يستغيث بنبيه(ص)، فهو لا يعبده، وإنما يطلب مساعدته بما له من مقام وكرامة عند ربه تعالى.



حاديعشر: شيطنة ابن تيمية في نقل التوسل منالفقه الى أصول العقائد!



كانت مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة لمدة ثمانية قرون مسألة فقهية، وكان فقهاء المذاهب جميع، يبحثونها في باب الحج والزيارة، فيذكرون صوره، ويفتي مفتيهم بجواز بعض فروعها وحرمة بعضها!



حتى جاء شخص حراني نصبه الحاكم المملوكي الشركسي



لمدة قليلة بمنصب (شيخ الاسلام في الشام) أي قاضي القضاة،



فابتدع في هذه المسألة ونقلها من فروع الفقه الى أصول الدين! من أجل أن يكفّر مسلمي عصره والعصور المتقدمة; لأنهم يتوسلون بنبيهم الميت(ص)!!



ومثل هذا كما إذا نقلنا مادة جزائية من القانون التجاري أو القانون الجنائي، وجعلناها في مواد مخالفة الدستور، ومن اختصاص أمن الدولة ففي هذه الحالة سيكون الفرق على مرتكبها كبير; لأن التهمة الجنائية أصعب من التهمة الجزائية، وأصعب منهما تهمة الإخلال بالأمن!!



وما فعله ابن تيمية هو أنه نقل مخالفة المتوسلين من مجرد مخالفة للشرع، وجعلها إخلالاً بأصول الدين وارتكاباً للشرك! فبذلك فقط يستطيع أن يحكم عليهم بالكفر ويستحل قتلهم، ويستبيح أموالهم وأعراضهم!!!



ثاني عشر: هل كذَّب ابن تيمية نفسه وجوَّز التوسل بالنبي(ص)؟!



نقل أتباع ابن تيمية عنه أنه تراجع عن رأيه عندما سجنوه في مصر وحاكموه على آرائه الشاذة، ومنها تحريم التوسل بالنبي(ص).



قال السقاف في رسالته: البشارة والإتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الاختلاف: (فصل: أما مسألة التوسل فقد اختلفت آراء دعاة السلفية فيها بشكل ملحوظ، مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد، وليست كذلك قطع.



أما ابن تيمية فقد أنكر في كتابه (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) التوسل ومرادنا التوسل بالذوات، ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير في البداية والنهاية: 14/45، حيث قال: قال البرزالي: وفي شوال منها شكى الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين، وكلموه في ابن عربي وغيره الى الدولة، فردوا الأمر في ذلك الى القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شيء، لكنه قال: لا يستغاث إلا بالله لا يستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبادة، ولكن يتوسل به ويتشفع به الى الله. فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شيء، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب). انتهى.



ويؤيد ما ذكره السقاف ظاهر كلام ابن تيمية في رسالته التي كتبها من سجنه، وهى في مجموعة رسائله حيث قال ص 16:



وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي(ص) علم شخصاً أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله، إني أتوسل بك الى ربي في حاجتي ليقضيه. اللهم فشفعه فيَّ. فهذا التوسل به حسن، وأما دعاؤه والاستغاثة به فحرام! والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره،لا على سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه). انتهى.



لكن المتأمل يجد أن ابن تيمية لف كلامه بلفافة، حيث جوَّز التوسل، لأنه دعاءلله وليس للنبي(ص)، وبهذا كذب نفسه عندما قال: إن التوسل بالميت دائماً دعاء له وهو شرك ! لكنه جعل التوسل قسماً في مقابل الاستغاثة مع أنهما شيء واحد! ثم جعل الاستغاثة دعاءً للنبيّ(ص) من دون الله تعالى، وعبادةً وتوكلاً عليه من دون الله تعالى! وهذا لا يقصده أحدٌ من المسلمين بتوسله بنبيه(ص)!!



ثالث عشر: رأي الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحفيده والبدير



جاء في (عقائد الاسلام لمحمد بن عبد الوهاب ص26): (فمن قصد شيئاً من قبر أو شجر أو نجم أو نبي مرسل لجلب نفع أو كشف ضر، فقد اتخذ إلهاً من دونالله، فكذب بلا إله إلا الله، يستتاب وإلا قُتل، وإن قال هذا المشرك: لم أقصد إلا التبرك، وإني لأعلم أن الله هو الذي ينفع ويضر، فقل له: إن بني إسرائيل ما أرادوا إلا ما أردت، كما أخبر الله تعالى عنهم أنهم لما جاوزوا البحر، أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فأجابهم بقوله: إنكم قوم تجهلون). انتهى.



وبذلك أفتى بكفر كل من توسل بنبينا(صلى الله عليه وآله) أو بغيره من الأنبياء(عليهم السلام)وهدَرَ دمَه وأحلَّ ماله وأحل عرضه، حتى لو كان ذلك في اعتقاده لا ينافي التوحيد ! وهذا هو الإفراط الذي عانى منه المسلمون الكثير، وما زالو.



وقال الشيخ سليمان حفيد ابن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ص 209:



فحديث الأعمى شيء، ودعاء غير الله تعالى والاستغاثة به شيء آخر. فليس في حديث الأعمى شيء غير أنه طلب من النبي(ص) أن يدعو له ويشفع له، فهو توسل بدعائه وشفاعته، ولهذا قال في آخره: اللهم فشفعه فيَّ، فعلم أنه شفع له. وفي رواية أنه طلب من النبي (ص) أن يدعو له! فدل الحديث على أنه (ص) شفع له بدعائه، وأن النبي(ص) أمره هو أن يدعو الله، ويسأله قبول شفاعته. فهذا من أعظم الأدلة أن دعاء غير الله شرك; لأن النبي (ص) أمره أن يسأل قبول شفاعته، فدل على أن النبي (ص) لا يدعى،



ولأنه (ص) لم يقدر على شفائه إلا بدعاء الله له. فأين هذا من تلك الطوام؟! والكلام إنما هو في سؤال الغائب (يقصد النبي بعد موته ) أو سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله! أما أن تأتي شخصاً يخاطبك (يعني شخصاً حياً) فتسأله أن يدعو لك، فلا إنكار في ذلك على ما في حديث الأعمى. فالحديث سواء كان صحيحاً أو ل، وسواء ثبت قوله فيه يا محمد أو ل، لا يدل على سؤال الغائب (الميت) ولا على سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلالله، بوجه من وجوه الدلالات. ومن ادعى ذلك فهو مفتر على الله وعلى رسوله (ص) !! انتهى.



فانظر كيف شكك في حديث الأعمى الذي صححه علماء المذاهب، وصححه ابن تيمية؟!ثم انظر كيف افترض أن المستشفع (يدعو) النبي(صلى الله عليه وآله) من دون الله تعالى، ويطلب منه نفسه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؟! كل ذلك ليثبت أن المسلم المستغيث الى الله برسوله قد كفر، واستبدل عبادةالله بعبادة الرسول! ويستحل بذلك قتله وأخذ ماله وعرضه!!



وإن سألته عن دليله على أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول (صلى الله عليه وآله) من دون الله.. يجبك كما قال جده: إنه مشرك يعبد غيرالله، حتى لو اعتقد أن الضار النافع هو الله فقط!!



أما البدير فيقول: (والاستغاثة بالأموات، والاستعانة بهم، أو طلب المدد منهم، أو نداؤهم وسؤالهم لسد الفاقة وجلب الفوائد ودفع الشدائد، شرك أكبر! يخرج صاحبه عن ملة الاسلام، ويجعله من عُبَّاد الأوثان). انتهى.



وبذلك يحكم على كل المسلمين بالكفر; لأنهم يقولون: يانبي الله إنا نتوسل بك الى الله، ونستشفع بك اليه، ونستغيث بجاهك عنده اليه أن يرحمنا!! ويحكم كذلك بوجوب قتلهم وجعل أموالهم غنائم ونساءهم وبناتهم إماءً،! ولا حول ولا قوة إلا بالله.



المسألة السادسة



زعمه أن الدعاء عند قبر النبي(صلى الله عليه وآله) وسيلة للشرك!
قال البدير: (المخالفة الرابعة: دعاء الله عند القبر، أو اعتقاد أن الدعاء عنده مستجاب، وذلك فعل محرم; لأنه من أسباب الشرك. ولو كان الدعاء عند القبور أو عند قبر النبي(ص) أفضل وأثوب وأحب إلى الله وأجوب; لرغَّبنا فيه رسول الهدى(ص)، لأنه لم يترك شيئاً يقرب إلى الجنة إلا وحث أمته عليه، فلما لم يفعل ذلك علم أنه فعل غير مشروع وعمل محرم وممنوع.



وقد روى أبو يعلى والحافظ الضياء في المختارة (أن علي بن الحسين (رضي الله عنهما) رأى رجلاً يجيء إلى الفرجة كانت عند قبر النبي(ص) فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته عن أبي عن جدي رسولالله(ص): لا تتخذوا قبري عيد، ولا بيوتكم قبورً، وصلوا عليَّ فإن تسلميكم يبلغني أين كنتم). انتهى.




أول: ما هو الأصل الأولي في الأشياء عندهم؟



نلاحظ أن البدير استدل على تحريم الدعاء عند قبر النبي(صلى الله عليه وآله)بأن النبي لم يأمرنا به ولم يحثنا عليه! كأنه يقول: وحيث لم يرد فيه نص فهو حرام! فهل يلتزمون في أصول فقههم بأن الأصل في الأشياء الحرمة حتى يرد فيها نص؟!



كلا! فهم يستعملون في حياتهم عشرات الوسائل والمئات مما لم يرد فيها نص، وحجتهم أنها مباحة; لأنه لم يرد فيها تحريم!



ثم يناقضون أنفسهم، فيستدلون على ما يريدون تحريمه بأنه لا نص فيه، مثل إهداء الزهور للمريض، ووضع الرياحين على القبر، وقراءة الفاتحة عنده، والاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وعشرات الأمور التي يحرمونها تحكماً بغير دليل إلا قولهم لم يأمر بها النبي(صلى الله عليه وآله)أو لم يفعلها!



وعندما تقول لهم: حددوا موقفكم، فإن كان الأصل فيما لا نص فيه الحرمة، فالتزموا به في كل أموركم وحرموا كل شيء لم يرد فيه نص. وإن كان الأصل الحلية والإباحة، فلماذا تحرمون ما أحل الله بحجة عدم النص؟! وكم سألناهم فتهربوا من الجواب، لأنهم يريدون الاستدلال بالشيء ونقيضه! فمرة يجعلون الأصل في الأشياء الإباحة والحلية ويحللون، ومرات ومرات يجعلون الأصل فيها الحرمة ويحرمون!



كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}(6)، فالحجة لله على خلقه أن يبين لهم ما يجب اتقاؤه وتجنبه، وحيث لم يبينه في الكتاب والسنة فلا تحريم ولا عقاب!



هذا هو حكم الله تعالى فيما لا نص فيه، فمن حرَّم شيئاً بدون دليل من كتاب أو سنة، فقد اجتر، ونسب الى دينه ما ليس منه!



قال سيد سابق في فقه السنة ج 3 ص 288: (أما ما سكت الشارع عنه ولم يرد نص بتحريمه فهو حلال، تبعاً للقاعدة المتفق عليها وهي أن الأصل في الأشياء الإباحة، وهذه القاعدة أصل من أصول الاسلام. وقد جاءت النصوص الكثيرة تقرره، فمن ذلك قول الله سبحانه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}(7)، وروى الدارقطني عن أبي ثعلبة أن رسول الله(ص) قال: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوه، وحدَّ حدوداً فلا تعتدوه، وسكت عن أشياء رحمةً لكم غيرَ نسيان، فلا تبحثوا عنها)...الخ.



وفي كشاف القناع للبهوتي:1 ـ 190: (إذ الأصل في الأشياء الإباحة إلا لدليل). وفي مجموع النووي :1 ـ 210: (ومذهبنا ومذهب سائر أهل السنة أن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع، وأن العقل لا يثبت شيئاً). انتهى.



وهذا هو مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فقد روى الصدوق في الفقيه: 4ـ 75: (وخطب أمير المؤمنين(عليه السلام) الناس فقال: إن الله تبارك وتعالى حد حدوداً فلا تعتدوه، وفرض فرائض فلا تنقصوه، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً له، فلا تكلفوه، رحمةً من الله لكم فاقبلوها).



وفي الكافي :5 ـ 313، عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: {كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه}(8).



ثاني: خالف البدير إمامه وأئمة المذاهب بتحريمه الدعاء عند القبر!



لقد أفرط هذا الشيخ القليل العلم الكثير التعصب، فخالف حتى إمامه ابن تيمية عندما قال: (المخالفة الرابعة: دعاء الله عند القبر، أو اعتقاد أن الدعاء عنده مستجاب، وذلك فعل محرم).!!



فإن ابن تيمية لم يقل ولا قال أحد من أئمة المذاهب، ولا أحد من علماء المسلمين، ولا من جهالهم: إن الدعاء عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)حرام!



والبحث الذي ابتدعه ابن تيمية ليس في أصل الدعاء عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله) بل في اتجاه الزائر في حال زيارته للنبي(صلى الله عليه وآله) وهل يتجه الى قبر النبي أو الى القبلة؟ ثم في اتجاه الداعي في حال دعائه الله تعالى بعد زيارة النبي(صلى الله عليه وآله) ، وهل يبقى متجهاً الى القبر، أو يجب أن يتجه الى القبلة؟!



وقد حرم ابن تيمية الاتجاه في حال الدعاء الى القبر، وليس أصل الدعاء عند القبر الشريف، كما فعل هذا الشيخ المفرط!



قال الألباني في كتابه في أحكام الجنائز ص 195: (قلت: فإذا كان الدعاء من أعظم العبادة، فكيف يتوجه به إلى غير الجهة التي أمر باستقبالها في الصلاة؟ ولذلك كان من المقرر عند العلماء المحققين أنه لا يستقبل بالدعاء إلا ما يستقبل بالصلاة. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم 175: (وهذا أصل مستمر أنه لا يستحب للداعي أن يستقبل إلا ما يستحب أن يصلي إليه، ألا ترى أن الرجل لما نهي عن الصلاة إلى جهة المشرق وغيره، فإنه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت الدعاء؟ ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح، سواء كانت في المشرق أو غيره، وهذا ضلال بين وشر واضح....



وتابع الألباني عن إمامه ابن تيمية يقول :



وذكر قبل ذلك بسطور عن الإمام أحمد وأصحاب مالك أن المشروع استقبال القبلة بالدعاء حتى عند قبر النبي (ص) بعد السلام عليه. وهو مذهب الشافعية أيض....فقال شيخ الاسلام في القاعدة الجليلة، في التوسل والوسيلة ص 125: (ومذهب الأئمة الأربعة مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الاسلام أن الرجل إذا سلم على النبي (ص) ، وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة، واختلفوا في وقت السلام عليه، فقال الثلاثة مالك والشافعي وأحمد: يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء وجهه، وقال أبو حنيفة: لا يستقبل الحجرة وقت السلام، كما لا يستقبلها وقت الدعاء باتفاقهم، ثم في مذهبه قولان: قيل يستدبر الحجرة، وقيل يجعلها عن يساره. فهذا نزاعهم في وقت السلام. وأما في وقت الدعاء، فلم يتنازعوا في أنه إنما يستقبل القبلة لا الحجرة). انتهى كلام الألباني وابن تيمية.



فأنت تلاحظ أن ابن تيمية نقل عن المذاهب الأربعة أنهم لا خلاف بينهم في الدعاء عند قبر النبي(صلى الله عليه وآله) ، وإنما البحث هل يستقبل الداعي القبلة أم يستقبل قبر النبي(صلى الله عليه وآله)؟! وهذا دليل دامغ على بطلان ما ذكره البدير وغيره من تحريم الدعاء عند القبر الشريف!



وحيث أجمعت المذاهب وفق مذهب أهل البيت الطاهرين(عليهم السلام)على مشروعية الدعاء عند قبر النبي(صلى الله عليه وآله) فقد تحقق إجماع المسلمين، ولم يبق أي قيمة لقول البدير ومن يحرمه، ويعتبره من أسباب الشرك!



أما استقبال القبر الشريف عند الزيارة فهو طبيعي عند كل البشر، وأما في حالة الدعاء بعد الزيارة، فيستحب في مذهب أهل البيت(عليهم السلام)أن يستقبل القبلة ولو جعل القبر خلف كتفيه، ففي الكافي ج 4 ص551، في حديث صحيح عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: (وإن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبي(صلى الله عليه وآله) خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك، واسأل حاجتك، فإنها أحرى أن تقضى إن شاء الله). انتهى.



لكن ذلك لا يعني أن نضلل أو نكفر المسلم إذا دعا الله وهو متجه الى أي جهة، فإنه يدعو الله تعالى، ولا يدعو الشخص أو القبر الذي أمامه!



بينما قال الحصني الدمشقي في دفع الشبه عن الرسول(ص) ص201: (وأما الدعاء عند القبر فقد ذكره خلق، ومنهم الإمام مالك، وقد نص على أنه يقف عند القبر، ويقف كما يقف الحاج عند البيت للوداع ويدعو، وفيه المبالغة في طول الوقوف والدعاء، وقد ذكره ابن المواز في الموازية فأفاد ذلك. إن إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم والوقوف عنده والدعاء عنده من الأمور المعلومة عند مالك، وأن عمل الناس على ذلك قبله وفي زمنه، ولو كان الأمر على خلاف ذلك لأنكره، فضلاً عن أن يفتي به أو يقره عليه. وقال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر، لا إلى القبلة، ويدعو ويسلم، ولا يمس القبر بيده). انتهى. وقد ذكر ذلك عن فقهاء حنابلة، وآخرين أيض، فراجع.



ثالث: رد ما نسبه البدير الى الإمام زين العابدين(عليه السلام)



نلاحظ أن البدير وأئمته إنما يذكرون أهل البيت النبوي(عليهم السلام)عندما يجدون حديثاً موضوعاً منسوباً الى أهل البيت(عليهم السلام) يوافق أهواءهم!



والحديث الذي ذكره عن الإمام زين العابدين(عليه السلام)، من هذا النوع، وهو لا يتم حتى على موازينهم لا سند، ولا دلالة!



أما سند، فقد رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده: ج1 ص361، قال: (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين قال: حدثنا علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن حسين، أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي(ص) فيدخل فيها فيدعو، فنهاه فقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله (ص) قال: لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا عليَّ، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم).انتهى.



ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه ج2ص268، لكن فيه: «فإن صلاتكم تبلغني» ورواه البخاري في الأدب المفرد ج2 ص 186، وحذف آخره، في ترجمة جعفر بن ابراهيم الجعفري، وهو علة الحديث عندهم; لأنه لم يوثقه أحد! ولذا اعتبره الألباني في أحكام الجنائز ص220 مؤيداً فقط، قال: (وله شاهد آخر بنحو هذا من طريق علي ابن الحسين عن أبيه عن جده مرفوعاً أخرجه اسماعيل القاضي رقم20 وغيره). انتهى.



/ 13