شبهات وردود حول البكاء - بکاء علی المیت علی ضوء السنة والسیرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بکاء علی المیت علی ضوء السنة والسیرة - نسخه متنی

محمد جواد طبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


رخّص النبيُّ (صلى الله عليه وآله) البكاءَ على الميت، كما رواه لنا ابن مسعود وثابت ابن زيد وقرظة بن كعب قالوا: رخص لنا في البكاء. قال دخلت على أبي مسعود وقرظة فقالا: إنه رخص لنا في البكاء عند المصيبة(7).


وقال (ص) لنساء كن يبكين على الميت وقد زبرهن أحد أصحابه: «دعهن يبكين، وإياكنّ ونعيق الشيطان، إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله ومن الرحمة، ومهما كان من اليد واللسان فمن الشيطان»(8).


وروى ابن شبه بسنده عن ابن عباس قال: لما ماتت رقية بنت رسول الله (ص) قال رسول الله (ص): «الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون»، قال: وبكى النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ النبي (ص) بيده وقال: «دعهن يا عمر»، وقال: «وإياكن ونعيق الشيطان، فإنه مهما يكن من العين فمن الله ومن الرحمة، ومهما يكن من اللسان ومن اليد فمن الشيطان»(9).


وروى الحاكم بسنده عن أبي هريرة قال: خرج النبي على جنازة ومعه عمر بن الخطاب، فسمع نساء يبكين، فزبرهن عمر، فقال رسول الله: «ياعمر دعهن، فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب». هذا حديث صحيح على شرط الشيخين(10).


4 - عدم نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن البكاء على الميت:


ومما يدلّ أيضاً على شرعية البكاء على الأموات هو أن النبي(صلى الله عليه وآله)لم ينه عن البكاء حينما سمع جابراً وبنت عمر يبكيان على أبي جابر، فسماع النبيّ وعدم نهيه جابراً يدل دلالة واضحة على أنه لو كان البكاء أمراً منهياً عنه في الشريعة الإسلامية لنهى عنه(صلى الله عليه وآله)، حيث لم ينه عرفنا أنه أمر جائز ومشروع.


روى النسائي بسنده عن جابر قال: جيء بأبي يوم أحد وقد مثّل به، فوضع بين يدي رسول الله وقد سجي بثوب، فجعلتُ أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر به النبي فرفع، فلما رفع سمع صوت باكية، فقال: «مَن هذه؟» فقال: هذه بنت عمر أو أخت عمر، قال: «فلا تبكي أو فِلمَ تبكي ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفع»(11).


وعنه أيضاً عن جابر أن أباه قتل يوم أحد، قال: فجعلت أكشف عن وجهه وأبكي والناس ينهوني، ورسول الله لا ينهاني، وجعلت عمتي تبكيه، فقال رسول الله (ص): «لا تبكيه ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفعتموه»(12).


ويمكن أن يقال: أَو لم يكفِ هذا النهي في عدم مشروعية البكاء على الميت؟ قلنا: أولا لا يكفي; لأن في هذين الحديثين كان الناس أو قوم جابر ينهونه عن البكاء لا النبي، ومعلوم أنّ نهي غير النبيِّ لا أثر له في الشريعة المقدسة.


وثانياً: أنّ في الرواية الثانية تصريح بأن رسول الله ما كان ينهاه عن البكاء.


وثالثاً: أن هذا النهي ـ فلا تبكي ـ بهذا الشكل لم يعد نهياً تحريمياً في الشريعة; لأن هدف الرسول من قوله «فلا تبكي ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها ...» هو تقليل شدة المصيبة على أهل العزاء، وبيان قدسيّة الشهيد، لا أنه أراد أن ينهي عن البكاء.


5 - بكاء العترة الطاهرة:


ومما يدل على جواز البكاء على الميت بكاء العترة الطاهرة، وسيوافيك في فصل موارد البكاء على النبي وآله والشهداء والصالحين، بأنهم كانوا يبكون على الحسين أشدّ البكاء طيلة حياتهم، بل كانوا يحرّضون الآخرين على ذلك، وكانوا يبكون أيضاً على مَن فقد من ذويهم وأصحابهم، خصوصاً الشهداء منهم، كبكاء الحسين بن علي على ولديه الشهيدين وسائر أهل بيته وأصحابه، وبكائهم على آبائهم بعد موتهم وعند زيارة قبورهم، وبكاء السيدة فاطمة الزهراء على أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بعد وفاته، وبكاء الإمام علي (عليه السلام) على محمد بن أبي بكر وعمار وهاشم المرقال وغيرهم، كما وردت بذلك النصوص.


6 - بكاء الصحابة:


ومما يدل أيضاً على مشروعية البكاء على الميت، وأنه لم يكن بدعة، عمل الصحابة في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) وبعده من بكاء بعضهم بعضاً عند فقد أحدهم.


فعليه إمّا أن نكذّب كلّ ما جاء في مصادر الحديث والتاريخ حول بكاء الصحابة بعضهم بعضاً، وإمّا أن نوبخّهم على عملهم هذا لكونه أمراً غير مشروع، وإمّا أن نلتزم بمشروعية البكاء على الميت.


فلقد بكى الإمام علي (عليه السلام) على عمار بن ياسر، وبكى الصحابة على الإمام علي، وبكت عائشة بنت أبي بكر حينما سمعت بقتل علي(عليه السلام)، وبكى الصحابة على الحسن بن علي كأبي هريرة وسعيد بن العاص وابن عباس، كما أن زيد بن أرقم وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم بكوا على الحسين (عليه السلام)، وإليك نماذج من ذلك.


أ - بكاء ابن مسعود على عمر بن الخطاب:


قال الأندلسي: ولمّا دفن عمر بن الخطاب (رض) أقبل عبد الله بن مسعود ـ وقد فاتته الصلاة عليه ـ فوقف على قبره يبكي ويطرح رداءه، ثم قال: ....(13).


ب - بكاء عمر على النعمان بن مقرن:


روى ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، قال: حدثنا شعبة، عن علي ابن زيد، عن أبي عثمان، قال: أتيت عمر بنعي النعمان بن مقرن، قال: فجعل يده على رأسه وجعل يبكي(14).


ج - بكاء عبد الله بن رواحة على حمزة ورثاؤه له:


قال ابن هشام: وقال عبد الله بن رواحة يبكي حمزة بن عبد المطلب:


بكت عيني وحقّ لها بُكاها وما يُغني البكاءُ ولا العويلُ


على أسدِ الإلهِ غداةَ قالوا: أَحمزةُ ذاكمُ الرجلُ القتيلُ


أُصيب المسلمون به جميعاً هناك وقد أُصيب به الرسولُ


إلى آخر الأبيات(15).


د - رثاء حسان بن ثابت خُبيب بن عدي وبكاؤه عليه:


وفي السيرة النبوية: وقال حسان بن ثابت يبكي خُبيباً:


ما بالُ عينك لا تَرقا مدامعُها سحّاً على الصَّدر مثل اللؤلؤ القلقِ


على خُبَيب فتى الفتيان قد علموا لا فشل حين تلقاه ولا نَزق


إلى آخر الأبيات(16).


وقال حسان أيضاً يبكي خبيباً ويرثيه:


يا عينُ جودي بدمع منكِ منسكب وأبكي خبيباً مع الفتيان لم يَؤب


صقراً توسط في الأنصار مَنصِبهُ سمحَ السجية محضاً غير مؤتَشِبِ


قد هاج عيني على علاّتِ عبرتها اذ قيل نُصَّ إلى جذع من الخشب


إلى آخر الأبيات(17).


هـ - رثاء حسان بنثابت لقتلى بئرمعونةوبكاؤه عليهم:


وقال ابن هشام: وقال حسان بن ثابت يبكي قتلى بئر معونة ويخصّ المنذر بن عمرو:


على قتلى معونةَ فاستهلي بدمع العين سَماًّ غير نزرِ


على خيل الرسول غداةَ لاقوا مناياهم ولاقتهم بقدر


إلى آخر الأبيات(18).


و - بكاء صفية على أخيها حمزة:


وبكت صفية عمة النبي (صلى الله عليه وآله) على أخيها حمزة بنِ عبد المطلب بكاءً شديداً، حتّى كان رسول الله يبكي إذا بكت، وينشج إذا نشجت(19).


قال ابن اسحاق: وقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب:


أسائلة أصحاب أُحدمخافةً بناتُ أبي من أعجم وخبير


فقالالخبيرإنّ حمزة قد ثَوَى وزيرُ رسول الله خيرُ وزير


دعاهإلهِالحق ذوالعرشدعوةً إلى جنّة يحيا بها وسرور


فذلك ماكنا نرجّى ونرتجي لحمزةَ يوم الحشرخيرمصير


فوالله لا أنساك ما هبت الصّبا بكاءًوحزناًمحضريومسيري


إلى آخر الأبيات(20).


7 - شرعية البكاء على الميت بقياس الأولوية:


ومن جملة الأدلة على شرعية البكاء على الأموات قياس الأولولية، حيث إنه لمّا شرّع البكاء على الأحياء بأيّ علة كان، كالبكاء للفراق والغيبة القصيرة، فبالأحرى والأولى أن يكون البكاء على الأموات لأجل الفراق مباحاً.


فإذا كان بكاءُ سيدنا يعقوب على ولده يوسف لأجل الفراق، مع علمه بحياة يوسف، فمع ذلك بكى عليه حتى ابيضّت عيناه من الحزن وقال: «إنما أشكو بثّي وحزني إلى الله»، ولم يردعه الله عز وجل عن هذا الفعل، بل حكاه لنبيّه ولأمّة نبيّه في القرآن الكريم حيث يقول: (وتولى عنهم وقال: يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)(21).


فلماذا نمنع عن البكاء إذا فقدنا بعض الأحبة من الأهل والأولاد وغيرهم، في حين أن المناط ـ وهو الفراق ـ موجود هنا أيضاً؟!


ويؤيد ما نقوله ما قاله عمر بن الخطاب حين وقف على جسد النبي باكياً قائلا: بأبي أنت وأَمي يا رسولَ الله: لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا واتخذت منبراً لتسمعهم حنّ الجذع لفراقك ... فامتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم ...(22).


ويؤيده أيضاً ما رواه ابن عساكر بسنده عن محمد بن يعقوب بن سوار، عن جعفر بن محمد قال: سئل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن كثرة بكائه فقال: لا تلوموني، فإن يعقوب فقد سبطاً من ولده فبكى حتّى أبيضّت عيناه ولم يعلم أنه مات، ونظرت أنا إلى أربعة عشر رجلا من أهل بيتي ذبحوا في غداة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبي أبداً(23).


الفصل الثاني:


شبهات وردود حول البكاء


وردت شبهات حول البكاء على الميت، منها:


1 - إن الميت يعذب ببكاء أهله:


روي عن رسول الله (ص) أنه قال: «إن الميت يعذب ببكاء الحي».


وهذه الرواية ترشدنا إلى أن البكاء منهيّ عنه، وأمر محرم في الشريعة الإسلامية.


فنقول أولا: إن هذا الحديث وما شابهه، وإن كان منقولا في الصحاح الستة وغيرها، لكن الخبر معارض بمثله.


فعلى فرض صحة صدور هذا الحديث من النبيِّ فهو إنما كان في موت يهودي، ولما سمع النبي بكاءهم عليه قال: «انتم تبكون عليه وإنه ليعذب».


/ 9