الخاتمية في الأحاديث النبوية - خاتمیـة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خاتمیـة - نسخه متنی

جعفر السبحانی التبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الخاتمية في الأحاديث النبوية


لقد حصحص الحقّ بما أوردناه من النصوص القرآنية وانكشف الريب عن مُحيّا الواقع فلم تبق لمجادل شبهة في أنّ الرسول في الذكر الحكيم خاتم النبيين وشريعته خاتمة الشرائع وكتابَه خاتم الكتب.


وقد وردت الخاتمية على لسان النبيّ الأكرم، نذكر منها ما يأتي:


1 ـ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدينة إلى غزوة تبوك وخرج الناس معه فقال علي (عليه السلام): أخرج معك؟ فقال: لا، فبكى عليّ فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي أو ليس بعدي نبيّ ولا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي».


والحديث على لسان المحدّثين حديث المنزلة لأنّ النبيّ نزل فيه نفسه منزلة موسى ونزل عليّاً مكان هارون، أخرجه البخاري في صحيحه في غزوة تبوك، ومسلم في صحيحه في باب فضائل علي(عليه السلام)، وابن ماجة في سننه في باب فضائل أصحاب النبيّ، والحاكم في مستدركه في مناقب علي (عليه السلام) وإمام الحنابلة في مسنده بطرق كثيرة(5).


ووضوح دلالة الحديث على الخاتمية بمكان أغنانا عن البحث حولها.


2 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَثَلي ومَثل الأنبياء كمَثل رجل بنى داراً فأتمّها وأكملها إلاّ موضع لبنة» فجعل الناس يدخلونها ويتعجّبون منها ويقولون لو لا موضع هذه اللّبنة، قال رسول الله:


«فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي(6).


3 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، أنا الماحي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر، يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي»(7).


4 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا أوّل شافع ومشفع ولا فخر»(8).


5 ـ قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي أخصمك بالنبوّة فلا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع ولا يجاحدك فيها أحد من قريش، أنت أوّلهم إيماناً بالله»(9).


6 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الرسالة والنبوّة قد انقطعت ولا رسولَ بعدي ولا نبيّ» قال: فشق ذلك على الناس فقال: «ولكن المبشرات» فقالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ فقال: «رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة»(10).


7 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اُرسلتُ إلى الناس كافّة وبي خُتم النبيون»(11).


8 ـ قال النبي (صلى الله عليه وآله): «كنت أوّل الناس في الخلق وآخرهم في البعث»(12).


9 ـ استأذن العباس بن عبد المطلب النبيّ في الهجرة فقال له: «يا عم أقم مكانك الذي أنت فيه فإنّ الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة» ثم هاجر إلى النبي وشهد معه فتح مكة وانقطعت الهجرة(13).


10 ـ قال (صلى الله عليه وآله): «يكون في اُمتي ثلاثون كذّاباً، كلّهم يزعم أنّه نبيّ وأنا خاتم النبيين، لا نبيّ بعدي»(14).


11 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «فُضِّلتُ بستٍّ: اُعطيتُ جوامعَ الكلم، ونُصِرتُ بالرعب، وأُحلّت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، واُرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون»(15).


12 ـ روى الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): «يا أيّها الناس إنّه لا نبيّ بعدي ولا سنّة بعد سنتي، فمن ادّعى ذلك فدعواه وبدعته في النار فاقتلوه ومن تبعه فانّه في النار»(16).


الخاتمية في أحاديث العترة الطاهرة


قد روي عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) أحاديث اُخر في مجال كونه خاتماً غير أنّ ذكر الجميع غير ميسور لنا، واُردف البحث بما روي عن عترته الطاهرة (عليهم السلام)في هذا المجال، ونقتصر على القليل من الكثير، فإنّ المروي عنه في ذلك المجال متوفر جداً.


1 ـ قال الإمام عليّ (عليه السلام): إلى أن بَعثَ الله محمداً (صلى الله عليه وآله) لإنجاز عدته وإتمام نبوته، مأخوذاً على النبيين ميثاقه، مشهورة سماتُه، كريماً ميلادُه(17).


2 ـ قال الإمام عليّ (عليه السلام): إجعل شريف صلواتك ونامي بركاتك على محمد (صلى الله عليه وآله) عبدك ورسولك الخاتم لما سبق(18).


3 ـ وقال (عليه السلام): أرسله على حين فترة من الرسل، وتنازع من الألسن، فقفا به الرسلَ وختَم به الوحي(19).


4 ـ قال (عليه السلام) وهو يلي غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتجهيزه: بأبي أنت وأُمي لقد انقطع بموتك مالم ينقطع بموت غيرك من النبوّة والأنباء وأخبار السماء، خصّصت حتى صِرتَ مسلّياً عمّن سواك وعمّمتَ حتى صار الناس فيك سواء(20). هذا وقد روي عن غير الإمام علي(عليه السلام) من العترة الطاهرة ونذكر منهم ما يأتي:


5 ـ عن فاطمة الزهراء (عليها السلام) قالت: لمّا حملتُ بالحسن وولدته جاء النبي ثم هبط جبرئيل فقال: يا محمد! العليّ الأعلى يقرؤك السلام ويقول عليٌّ مِنك بمنزلة هارون من موسى ولا نبيّ بعدك سَمّ ابنك هذا باسم ابن هارون(21).


6 ـ وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: جاء نفر إلى رسول الله فقالوا: يا محمد إنّك الذي تزعم أنّك رسول الله وأنّك الذي يوحى إليك كما أوحى الله إلى موسى بن عمران؟ فسكت النبيّ ساعة ثم قال: «أنا سيّد ولد آدم ولا فخر، وأنا خاتم النبيين، وإمام المتّقين ورسول ربّ العالمين»(22).


7 ـ روي عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنّه قال لرسول الله: فأخبرني يا رسول الله هل يكون بعدك نبي؟ فقال: «لا، أنا خاتم النبيّين لكن يكون بعدي أئمة قوّامون بالقسط، بعدد نقباء بني إسرائيل»(23).


8 ـ وقال الإمام السجّاد (عليه السلام) في بعض أدعيته: صلّ على محمد خاتم النبيين، وسيد المرسلين وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأعذْنا وأهالينا وإخواننا وجميع المؤمنين والمؤمنات مما استعذنا منه(24).


9 ـ وقال الإمام الباقر في حديث: وقد ختم الله بكتابكم الكُتبَ وختم بنبيّكم الأنبياءَ(25).


10 ـ وقال الإمام الصادق (عليه السلام): فكلّ نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه حتى جاء محمد (صلى الله عليه وآله) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة(26).


11 ـ وقال (عليه السلام): بعث الله سبحانه أنبياءَه ورسلَه ونبيَّه محمداً، فأفضل الدين معرفة الرسل وولايتِهم، وأخبرك أنّ الله أحلّ حلالاً وحرّم حراماً إلى يوم القيامة(27).


12 ـ روى زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحرام والحلال فقال: حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة لايكون غيره ولا يجيء غيره(28).


13 ـ وقال الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): إذا وقفت على قبر رسول الله فقل أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّك خاتم النبيين(29).


14 ـ وقال الإمام الرضا (عليه السلام) في سؤال من سأله: ما بال القرآن، لا يزداد عند النشر والدراسة إلاّ غضاضة؟ قال: لأنّ الله لم ينزّله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غضّ إلى يوم القيامة(30).


هذه أربعة عشر حديثاً عن العترة الطاهرة، ولو أردنا أن نذكر ما وقفنا عليه لطال بنا المقام، غير أنّ المهم طرح أسئلة حول الخاتمية وتحليلها بإيجاز.


الفصل الثالث


أسئلة حول الخاتمية


هناك أسئلة حول الخاتمية تثار بين آونة وأُخرى، وهي بين سؤال قرآني فلسفي وفقهي، ونكتفي من الأول بواحد من الأسئلة.


* * *


السؤال الأول: تنصيص القرآن على أنّ جميع أهل الشرائع ينالون ثواب الله.


إنّ القرآن الكريم ينصّ على أنّ المؤمنين بالله وباليوم الآخر من جميع الشرائع سينالون ثواب الله وأنّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ومعنى ذلك أنّ جميع الشرائع السماوية تُحفَظ إلى جانب الإسلام، وأنّ أتباعها ناجون شأنُهم شأن من اعترف بالإسلام وصار تحت لوائه تماماً، وعلى ضوء هذا، فكيف تكون الشريعة الإسلامية واقعة في آخر مسلسل الشرائع السماوية وكيف تكون رسالته خاتمة الشرائع؟ وإليك ما يدل على ذلك حسب نظر السائل:


1 ـ قال سبحانه: (إنَّ الَّذينَ آمَنوا والَّذينَ هادُوا والنّصارى والصّابئينَ مَنْ آمنَ باللهِ واليومِ الآخرِ وعَمِلَ صالحاً فَلهُمْ أجرُهُمْ عندَ رَبِّهِمْ ولا خَوفٌ عَليهِمْ ولا هُمْ يَحزَنُونَ) (البقرة/62).


2 ـ (إنَّ الَّذينَ آمَنوا والَّذينَ هادُوا والصّابئونَ والنّصارى مَنْ آمنَ باللهِ واليومِ الآخِرِ وعَمِلَ صالحاً فَلا خَوفٌ عَلَيهِمْ ولا هُمْ يَحزَنُونَ)(المائدة/69).


3 ـ (إنَّ الَّذينَ آمَنوا والَّذينَ هادُوا والصّابئينَ والنّصارى والمجوسَ والَّذينَ أشرَكوا إنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَينهُمْ يومَ القيامةِ إنّ الله على كلِّ شَيء شَهيد)(الحج/17).


إنّ استنتاج بقاء شرعية الشرائع السماوية من هذه الآيات مبنيّ على غضّ النظر عمّا تهدف إليه الآيات وذلك أنّ الآيات بصدد ردّ مزاعم ثلاثة كانت اليهود تتبناها، لا بصدد بيان بقاء شرائعهم بعد بعثة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهي:


1 ـ فكرة «الشعب المختار»:


كانت اليهود والنصارى يستولون على المسلمين بل العالم بادّعائهم فكرة «الشعب المختار» بل إنّ كل واحدة من هاتين الطائفتين: اليهود والنصارى، كانت تدّعي أنّها أرقى أنواع البشر، وكانت اليهود أكثرهم تمسّكاً بهذا الزعم وقد نقل عنهم سبحانه قولهم:


(وقالَتِ اليَهودُ والنّصارى نحنُ أبناءُ اللهِ وأحِبّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعذِّبُكُمْ بِذُنُوبكُمْ بَلْ أنتُمْ بَشَرٌ مِمَّن خَلَق...) (المائدة/18) والله سبحانه يردّ هذا الزعم بكلّ قوة عندما يقول: (فَلِمَ يُعذِّبُكُمْ بِذُنُوبكُمْ)، وقد بلغت أنانية اليهود واستعلاؤهم الزائف حدّاً بالغاً وكأنّهم قد أخذوا على الله عهداً بأن يستخلصهم ويختارهم، حيث قالوا: (وقالُوا لَنْ تَمسَّنا النّارُ إلاّ أياماً مَعدُودَةً) (البقرة/80).


2 ـ الانتماء إلى اليهودية والنصرانية مفتاح الجنة:


قد كانت اليهود والنصارى تبثّان وراء فكرة: الشعب المختار، فكرة أُخرى، وهي: أنّ الجنة نصيب كل من ينتسب إلى بني إسرائيل أو يُسمّى مسيحياً ليس إلاّ، وكأنَّ الأسماء والانتساب مفاتيح للجنة، قال سبحانه ناقلاً عنهم: (وقالُوا لَنْ يَدخُلَ الجنَّةَ إلاّ مَنْ كانَ هُوداً أو نَصارى)(البقرة/111).


ولكنّ القرآن يرد عليهم ويقول: (تِلكَ أمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرهانَكُمْ إنْ كُنتُمْ صادِقين * بَلى مَنْ أسلَمَ وَجهَهُ للهِ وهوَ مُحسنٌ فَلهُ أجرُهُ عندَ ربِّهِ ولا خوفٌ عَلَيهم ولا هُمْ يحزَنُون) (البقرة/111-112) فانّ قوله سبحانه (بَلى مَنْ أسلَمَ)يعني الإيمان الخالص وقوله: (وهوَ مُحسنٌ) يعني العمل وفق ذلك الإيمان وكلتا الجملتين تدلاّن على أنّ السبيل الوحيد إلى النجاة يوم القيامة هو الإيمان والعمل لا الانتساب إلى اليهودية، والنصرانية، فليست هي مسألة الأسماء وإنّما هي مسألة إيمان صادق وعمل صالح.


3 ـ الهداية في اعتناق اليهودية والنصرانية:


وهذا الزعم غير الزعم الثاني، ففي الثاني كانوا يقتصرون في النجاة بالانتماء إلى الأسماء وفي الأخير يتصوّرون أنّ الهداية الحقيقية تنحصر في الاعتناق باليهودية والنصرانية (وقالُوا كونُوا هُوداً أو نَصارى تَهتَدوا)(البقرة/135) والقرآن الكريم يردّ هذه الفكرة كما سبق، ويقول انّ الهداية الحقيقية تنحصر في الاقتداء بملّة إبراهيم واعتناق مذهبه في التّوحيد الخالص الذي أمر الأنبياء بإشاعته بين أُممهم، قال سبحانه (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إبراهيمَ حَنيفاً وما كانَ مِنَ المُشركين)(البقرة/135) وفي آية أُخرى (ما كانَ إبراهيمُ يَهودياً ولا نَصرانياً ولكنْ كانَ حَنيفاً مُسلماً وما كانَ مِنَ المُشركين)(آل عمران/67).


نستخلص من كل هذه الآيات أنّ اليهودَ والمسيحيّين وبخاصة القدامى منهم كانوا يحاولون ـ بهذه الأفكار الواهية ـ التفوق على البشر، والتمرّد على تعاليم الله، والتخلّص بصورة خاصة من الانضواء تحت لواء الإسلام، مرة بافتعال اكذوبة (الشعب المختار) الذي لا ينبغي أن يخضع لأيّ تكليف، ومرة أُخرى بافتعال خرافة (الأسماء والانتساب) وادّعاء النجاة بسبب ذلك والحصول على مغفرة الله وجنّته وثوابه.


ومرّة ثالثة بتخصيص (الهداية) وحصرها في الانتساب إلى إحدى الطائفتين بينما نجد أنّه كلّما مرّ القرآن على ذكر هذه المزاعم الخرافية أعلن بكلّ صراحة وتأكيد: أنّه لافرق بين إنسان إلاّ بتقوى الله فإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم.


وأمّا النجاة والجنة فمن نصيب من يؤمن بالله، ويعمل بأوامره دونما نقصان لاغير، وهو بهذا يقصد تفنيد مزاعم اليهود والنصارى الجوفاء.


بهذا البحث حول الآيات الثلاث (المذكورة في مطلع البحث) نكشف بطلان الرأي القائل بأن الإسلام أقرّ ـ في هذه الآيات ـ مبدأ (الوفاق الإسلامي المسيحي واليهودي) تمهيداً لإنكار عالمية الرسالة الإسلامية وخاتميتها، بينما نجد أنّ غاية ما يتوخّاه القرآن ـفي هذه الآيات ـ إنما هو فقط نسف وإبطال عقيدة اليهود والنصارى وليعلن مكانه بأنّ النجاة إنما هي بالإيمان الصادق والعمل الصالح.


فلا استعلاء ولا تفوّق لطائفة على غيرها من البشر مطلقاً، كما أنّ هذا التشبّث الفارغ بالأسماء والدعاوى ليس إلاّ من نتائج العناد والاستكبار عن الحق.


فليست الأسماء ولا الانتساب هي التي تنجي أحداً في العالم الآخر، وإنّما هو الإيمان والعمل الصالح، وهذا الباب مفتوح في وجه كل إنسان يهودياً كان أو نصرانياً، مجوسياً أو غيرهم.


ويوضّح المراد من هذه الآية قوله سبحانه: (وَلو أنّ أهلَ الكِتابِ آمَنوا واتَّقَوا لَكفَّرنا عَنهمْ سَيِّئاتِهِمْ ولأدخلناهُمْ جَنّاتِ النَّعيم)(المائدة/65).


فتصرح الآية بانفتاح هذا الباب بمصراعيه في وجه البشر كافة من غير فرق بين جماعة دون جماعة حتى أنّ أهل الكتاب لو آمنوا بما آمن به المسلمون لقبلنا إيمانهم وكفّرنا عنهم سيئاتهم.


هذا هو كل ما كان يريد القرآن بيانه من خلال هذه الآيات، وليس أيّ شيء آخر.


إذن فلا دلالة لهذه الآيات الثلاث على إقرار الإسلام لشرعية الشرائع بعد ظهوره... وإنّما تدلّ على أنّ القرآن يحاول بها إبطال بعض المزاعم.


هذا كله حول السؤال القرآني، وهناك أسئلة أُخرى جديرة بالذكر والتحليل، وإليك بيانها:


* * *


السؤال الثاني: لماذا ختمت النبوّة التبليغية؟


إنّ الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة الأركان فلا شريعة بعدها، ومع الاعتراف بذلك يطرح هذا السؤال:


إنّ الأنبياء كانوا على قسمين: منهم من كان صاحب شريعة، ومنهم من كان مبلّغاً لشريعة مَن قبله من الأنبياء، كأكثر أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يبلِّغون شريعة موسى بين أقوامهم.


هب أنّه ختم باب النبوّة التشريعية لكون الشريعة الإسلامية متكاملة، فلماذا ختم باب النبوة التبليغية؟


والجواب عنه، غنى الأُمة الإسلامية عن هذا النوع من النبوّة، وذلك بوجهين:


الوجه الأول: انّ النبي الأكرم ترك بين الأُمة الكتابَ والعترة وعرّفهما إليها، وقال: لن تضل الاُمة مادامت متمسّكة بهما.


/ 9