بیشترلیست موضوعات البحث الثالث
روايات جمع القرآن وتناقضها التاسع عشر ـ خلاصة بحوث النسخ في القرآن أخبار القرآن والسنّة على عهد الخليفة عثمان توضیحاتافزودن یادداشت جدید خلاصة أخبار المجتمع والقرآن على عهد الامام علي.بيعة الامام علي:.قتل عثمان ورجع إلى المسلمين أمرهم وانحلّوا من كل بيعة سابقة توثقهم فأتاه أصحاب رسول اللّه (ص)، فقالوا: إنّ هذا الرجل قد قتل ولا بدّ للناس من إمام ولا نجد اليوم أحقّ بهذا الامر منك، لا أقدم سابقة، ولا أقرب من رسول اللّه (ص) فقال: لا تفعلوا فإنِّي أكون وزيرا خير من أن أكون أميرا، فقالوا: لا، واللّه ما نحن بفاعلين حتّى نبايعك. قال: ففي المسجد فإنّ بيعتي لا تكون خفيّا ولا تكون إلاّ عن رضا المسلمين...فأُسقط في يد طلحة والزُّبير وجاءا مع المهاجرين والانصار وسبقهم طلحة في البيعة، وبعدما تمّت البيعة أمر أن يوزّع ما في بيت المال عليهم وأن يعطي كلاّ ً منهم ثلاثة دنانير ولم يفضّل المهاجرين والانصار على الموالي فلم يقبل ذلك جماعة في مقدمتهم طلحة والزُّبير ودخلا المسجد وجلسا ناحية عن الامام علي وانضمّ إليهم بنو أُميّة؛ وبلغ أُمّ المؤمنين عائشة خبر قتل عثمان في طريق عودتها من الحجّ إلى المدينة وكانت واثقة أن يلي الامر ابن عمّها طلحة وحثّت على السير وإذا بها تخبر بأنّ الامام عليّا بويع فنادت ردّوني إنّ عثمان قتل مظلوما، قتله علي.وفي المدينة طلب طلحة والزُّبير أن يوليهما الامام البصرة والكوفة فأبى أن يفعل فخرجا مع ثّلة من بني أُميّة والتحقوا بعائشة وذهبوا جميعا إلى البصرة يطالبون عليا بدم عثمان، ولما قامت الحرب رمى مروان طلحة بسهم فقتله طلبا بثأر عثمان، ولما انتهت أرجع الامام أُمّ المؤمنين بكل احترام إلى بيتها في المدينة وذهب إلى الكوفة واتخذها كرسي دولته.وطلب معاوية من الامام أن يوليه الشام كي يأخذ البيعة له فأبى الامام من ذلك فنشر بينهم أنّ الامام قتل عثمان وباسم الطلب بدم الخليفة عثمان أقام حرب صفين، ولما بان النصر لجيش الامام كرّر طلبه بامارة الشام فأبى من ذلك فأمر برفع المصاحف على الرماح يدعو الامام وجيشه بالرجوع إلى حكم القرآن فانخدع بذلك قرّاء أهل الكوفة وأجبروا الامام على قبول ذلك فأخبرهم الامام أنها خدعة من معاوية فأصروا على ذلك وانّهم سيقتلون الامام إن لم يقبل بحكم القرآن فاضطر إلى قبوله، وكتب بين الجانبين بذلك كتاب أن يعين كل فريق حكم يجتمعان ويقرران ما يحكم به القرآن فعين معاوية من جانبه عمرو بن العاص وأراد الامام أن يعين من جانبه ابن عباس فأبى القرّاء وأراد ـ أيضا ـ أن يعين الاشتر فأبوا ورشحوا أبا موسى الاشعري فأخبرهم الامام أنّه لا يثق به فأبوا إلاّ أن يعينه حكما ففعل ولما اجتمع الحكمان خدع عمرو ، أبا موسى واتفقا على أن يخلعا عليّا ومعاوية ويتركا الامر للمسلمين ليعينوا الخليفة بالشورى فقدّم عمرو أبا موسى للكلام فقال خلعت عليا ومعاوية وتركت الامر شورى بين المسلمين، فتقدم عمرو وقال: إن أبا موسى خلع عليا وأنا أخلعه وأُعين معاوية خليفة فأدرك أبو موسى الخدعة وتفرقا يتسابان ولما بان للقرّاء خطأهم قالوا: أخطأنا بتحكيم الرجال وكفرنا ولا حكم إلاّللّه ونتوب إلى اللّه من الكفر ثمّ رموا الجانبين بالكفر وطلبوا من الا مام علي أن يعترف بأنّه كفر ثمّ يتوب إلى اللّه ولما أبى كفّروه وكفّروا عامة المسلمين وخرجوا إلى النهروان ـ بين بغداد وواسط ـ بقصد قتال المسلمين فخرج إليهم الامام وحاججهم فرجع منهم فريق وقاتل من بقي وقتلهم ثمّ رجعإلى الكوفة.* * *.كيفيّة حكم الامام عليّ في الكوفة وشأنه مع القرّاء والقرآن وحديث الرسول (ص) ساوى الامام عليّ في حكمه بين المسلمين ولم يفضّل أحدا على أحد وخالفه معاوية ففضّل أشراف القبائل على من دونهم ووزع فيهم الصِّلات والجوائز؛ فانتشر التذمر من حكمه بين وجهاء القبائل وأشرافها فتفرقوا عنه والتحق بعضهم بمعاوية، وكان يوزّع بيت المال عليهم بالسويّة في كل أُسبوع.نشر الامام تفسير القرآن:.تكرر خطاب الامام للناس وهو على المنبر بأمثال قوله:سلوني قبل أن تفقدوني فواللّه ما بين لوحي المصحف آية تخفى عليّ في ما أُنزلت ولا أين نزلت ولا ما عني بها.وأقاموا على الامام حربي الجمل وصفّين. وأيضا بسبب عدله اجتمع عليه أصحاب الورع والتقى من صحابة الرسول (ص)؛ فقد روى ابن أعثم عن سعيد ابن جبير وغيره أنّه كان مع علي في حرب صفين ثمانمائة رجل من الانصار وتسعمائة ممّن بايع تحت الشجرة فيهم ثمانون بدريا(1) ولم يكن مع معاوية من الانصار غير نعمان بن بشير ومسلمة بن مخلّد(2)، وبعد صفين جاور هؤلاء مع الامام علي في الكوفة وأتاح لهم الامام فرصة نشر حديث الرسول (ص) بعد أن منعوا عن روايتها خمس وعشرون سنة وحرّضهم على ذلك، فسمع حديث الرسول (ص) من أفواه الصحابة آلاف التابعين ومن التابعين أتباع التابعين وهكذا دواليك حتى عصر التأليف بمدرسة الخلفاء حيث دُوِّنت تلك الاحاديث في كتب الحديث وأصبحت الكوفة منذ عصر الامام عاصمة العلم، ولولا حكم الامام وفتحه أبواب الحديث الّتي كانت موصدة خمسا وعشرين سنة لما بلغتنا تلك الاحاديث أبد الدهر، وأصبحت الكوفة بانتشار خطب الامام فيها ونشر أحاديث الصحابة علوية ومنها انتشر التشيع لعلي في امتداد البلاد الاسلامية وخاصّة البلاد الايرانية الّتي كانت الكوفة حاضرتها. نتيجة البحوث:.كان الاقراء على عصر الرسول (ص) تعليم عشر آيات لا يتعدون العشرة حتى يتعلّموا ما فيها من العلم والعمل أي يتعلموا ما أُوحي إلى الرسول (ص) في بيان الايات وكذلك جاء في وصف من كان يبعثهم الرسول (ص) للاقراء ليقرئهم القرآن ويفقههم في الدين. أي: يعلمهم ما جاء في تفسير الايات عن الرسول (ص) من فقه الدين أي: فهم الدين، وعلى ذلك فإنّ القرّاء الّذين تعلّموا القراءة في عصر الرسول (ص) كانوا فقهاء في الدين، ولمّا جرّدوا القرآن بعد الرسول (ص) عن حديث الرسول (ص) أصبح القرّاء بعد الرسول (ص) يتعلّمون تلاوة لفظ القرآن ويتلونها ولهم دويّ في تلاوة القرآن كدويّ النحل، وفي القرآن آيات متشابهات بحاجة إلى أخذ تفسيرها من حديث الرسول (ص)، ولمّا منعوا عن بيان حديث الرسول (ص) في الاقراء تخرّج جيل من القرّاء لم يتفقّهوا في الدين ورموا عامّة المسلمين بالشرك.ولمّا جرح الامام في محرابه واستشهد تغلب على الحكم بطن أُميّة من قريش، وأسست في الاسلام ملكا عضوضا كحكم القياصرة والاكاسرة يرثه الخلف عن السلف، كما أوصاهم بذلك شيخهم أبو سفيان عندما دخل على الخليفة عثمان أوّل ما استخلف، وكان ذلك من خصائص حكمهم إلى خصائص أُخرى سندرسها بإذنه ـ تعالى ـ في ما يأتي.خصائص المجتمع الاسلامي على عهد بني أُميّة.أوّلا ـ على عهد الخليفة معاوية:.سياسة معاوية مع الانصار.أ ـ دخول الانصار على معاوية:.قال أبو الفرج الاصفهاني ما موجزه:حضرت وفود الانصار باب معاوية بن أبي سفيان، فخرج إليهم حاجبه سعد أبو درّة، فقالوا له: استأذن للانصار. فدخل إليه وعنده عمرو بن العاص، وقال: الانصار بالباب. فقال عمرو: ما هذا اللّقب الّذي قد جعلوه نسبا يا أمير المؤمنين؟ أُردد القوم إلى أنسابهم، فقال [له معاوية: إنّي أخاف من ذلك الشّنعة، فقال]: هي كلمة تقولها إن مضت عرَّتهم ونقصتهم وإلاّ فهذا الاسم راجع إليهم. فقال له: اخرج فقل: من كان هاهنا من ولد عمرو بن عامر فليدخل، فقالها الحاجب، فدخل ولد عمرو بن عامر كلّهم إلاّ الانصار، فنظر معاوية إلى عمرو نَظَرَ منكر، فقال له: باعدتَ جدّا، فقال: اخرج فقل: من كان هاهنا من الاوس والخزرج فليدخل.فخرج فقالها [فلم يدخل أحدٌ، فقال معاوية: أُخرج فقل: من كان هاهنا من الانصار فليدخل، فخرج فقالها] فدخلوا يقدمهم النعمان وهو يقول:يا سعد لا تُعِد الدُّعاء فما لنانسبٌ نجيب به سوى الانصارنسبٌ تخيره الالهُ لِقومناأَثْقِلْ به نسبا على الكُفَّارِإنّ الّذين ثَوَوْا بِبَدْرٍ منكمُيَومَ القلِيبِ هُمُ وقُودُ النارِوقام مغضبا فانصرف. فبعث معاوية فردّه وترضّاه، وقضى حوائجه وحوائج من كان معه من الانصار.فقال معاوية لعمرو: كنّا أغنياء عن هذا(3).ب ـ سفر معاوية إلى المدينة:.ولمّا صار إلى المدينة أتاه جماعة من بني هاشم، وكلّموه في أُمورهم، فقال: أما ترضون يا بني هاشم أن نقرّكم على دمائكم وقد قتلتم عثمان حتى تقولوا ما تقولون؟ فواللّه لانتم أحلّ دما من كذا وكذا، وأعظم في القول. فقال له ابن عباس: كلّ ما قلت لنا يا معاوية من شرّ بين دفتيك، أنت واللّه أولى بذلك منّا، أنت قتلت عثمان، ثمّ قمت تَغمص على الناس أنّك تطلب بدمه. فانكسر معاوية... الحديث. ثمَّ كلّمه الانصار، فاغلظ لهم في القول، وقال لهم: ما فعلت نواضحكم؟ قالوا: أفنيناها يوم بدر لمّا قتلنا أخاك وجدّك وخالك؛ ولكنّا نفعل ما أوصانا به رسول اللّه (ص). قال: ما أوصاكم به؟ قالوا: أوصانا بالصبر. قال: فاصبروا.ثمّ أدلج معاوية إلى الشام ولم يقض لهم حاجة(4).سياسة معاوية مع عليّ بن أبي طالب (ع).قال كتب معاوية إلى علي بن أبي طالب:يا أبا الحسن ان لي فضائل كثيرة. وكان أبي سيدا في الجاهلية، وصرت ملكا في الاسلام واخا صهر رسول اللّه (ص) وخال المؤمنين وكاتب الوحي، فقال علي:أبالفضائل يفخر عليَّ ابن آكلة الاكباد ثمّ قال اكتب يا غلام:محمّد النبي أخي وصهريوحمزةُ سيد الشهداء عمِّيوجعفر الّذي يمسي ويضحييطير مع الملائكة ابنُ أُمّيوبنت محمّد سكني وعرسيمنوط لحمُها بدمي ولحميوسبطا أحمد ولداي منهافأيكم له سهم كسهميسبقتكم إلى الاسلام طراصغيرا ما بلغت أوان حلميفقال معاوية اخفوا هذا الكتاب لا يقرأه أهل الشام فيميلون إلى ابن أبي طالب(5).حتى إذا استشهد الامام علي وصفا له الجوّ عاش عيشة كسرى وقيصر كما رواه المؤرخون، مثل اليعقوبي الّذي قال:بترجمة معاوية من تاريخه (2 / 232 ـ 234) ما موجزه:وكان معاوية أوّل من أقام الحرس والشرط والبوابين في الاسلام وأرخى الستور، واستكتب النصارى، ومُشي بين يديه بالحراب، وأخذ الزكاة من الاعطية، وجلس على السرير والناس تحته، وشيّد البناء، وسخر الناس في بنائه، ولم يسخّر أحد قبله، واستصفى أموال الناس، فأخذها لنفسه، وكان يقول: أنا أوّل الملوك.وأخرج من كل بلد ما كانت ملوك فارس تستصفيه لانفسها من الضياع العامرة، وجعله صافية لنفسه، فأقطعه جماعة من أهل بيته، وكان صاحب العراق يحمل إليه من مال صوافيه مائة ألف ألف درهم.وفعل بالشام والجزيرة واليمن مثل ما فعل بالعراق من استصفاء ما كان للملوك من الضياع وتصييرها لنفسه خالصة، وكان أوّل من كانت له الصوافي في جميع الدنيا، حتى بمكّة والمدينة.وقال في (ج 2 / 218) ما موجزه:(وولّى معاوية عبداللّه بن درّاج مولاه خراج العراق فكتب إليه: أنّ الدهاقين اعلموه أنّه كان لكسرى وآل كسرى صوافي يجتبون مالها لانفسهم ولا تجري مجرى الخراج، فكتب إليه: أن أحصِ تلك الصوافي، واستصفها، واضرب عليها المسنّيات.فأمر فَأُتي بالديوان من حلوان، واستخرج منه كلّ ما كان لكسرى وآل كسرى، وضرب عليه المسنيّات، واستصفاه لمعاوية، فبلغت جبايته خمسين الف الف درهم من ارض الكوفة وسوادها، وكتب إلى واليه بالبصرة بمثل ذلك وأمرهم ان يحملوا إليه هدايا النيروز، والمهرجان، فكان يحمل إليه في النيروز وغيره وفي المهرجان عشرة آلاف ألف).وإنما استطاع معاوية ان يفعل في سلطانه ما يشاء ونتيجة ابعاده من الشام صحابة الرسول (ص) ولم يكن في جيشه عندما قاتل الامام عليّا في صفين من أنصار الرسول اللّه (ص) غير اثنين، فقد روى اليعقوبي في تاريخه (2 / 188) وقال:وكان مع علي يوم صفين من أهل بدر سبعون رجلاً، وممّن بايع تحت الشجرة سبعمائة رجل، ومن سائر المهاجرين والانصار أربعمائة رجل، ولم يكن مع معاوية من الانصار إلاّ النعمان بن بشير، وسلمة بن مخلد.* * *.اتخذ معاوية بديلاً من أصحاب رسول اللّه (ص) بطانة مثل ابن أُثال الطبيب النصراني.قال اليعقوبي في تاريخه:واستعمل معاوية ابن أُثال النصراني على خراج حمص، ولم يستعمل النصارى أحد من الخلفاء قبله وقد وصفه ابن عبد البر الطبيب اليهودي.وقال في ترجمة عبد الرحمن بن خالد من الاستيعاب(6) ما موجزه:إن معاوية لمّا أراد البيعة ليزيد، ورأى رغبة أهل الشام في عبدالرّحمن بن خالد أمر طبيبا عنده يهوديا، وكان عنده مكينا أن يأتيه، فيسقيه سقية يقتله بها ففعل.وكان الاخطل الشاعر النصراني شاعر الامويين منذ عهد معاوية، وأمره يزيد أن يهجو الانصار فهجاهم في أبيات قال فيها(7): ذهبت قريش بالمكارم كلهاواللؤم تحت عمائم الانصار(8)* * *.كان ما ذكرناه جزءا من خصائص المجتمع على عهد معاوية.ويتصل ببحث خصائص المجتمع على عهد معاوية سياسة حكمه في رواية حديث الرسول (ص)، ولعلّ ممّا بدأ عهده ما رواه الخطيب البغدادي أن معاوية قال على المنبر بدمشق: أيُّها الناس! إيّاكم واحاديث رسول اللّه (ص) إلاّ حديثا كان يذكر على عهد عمر(9).ولم يكتف بهذا بل كان من أمر الحديث على عهده ما رواه الطبري(10) وقال: استعمل معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين، فلمّا أمّره عليها دعاه، وقال له: قد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادا على بصرك، ولست تاركا إيصاءك بخصلة، لا تترك شتم عليّ وذمّه، والترحّم على عثمان والاستغفار له، والعيب لاصحاب عليّ، والاقصاء لهم، والاطراء لشيعة عثمان، والادناء لهم. فقال له المغيرة: قد جُرِّبتُ وجرَّبتُ وعملتُ قبلك لغيرك، فلم يذممني، وستبلو فَتَحمدُ أو تَذُمُّ، فقال: بل نَحْمَدُ إن شاء اللّه.وروى ابن أبي الحديد عن المدائني في كتاب الاحداث، وقال:كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمّة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب، وأهل بيته،.... وكان أشدّ البلاء حينئذ أهل الكوفة(11).وقال: كتب معاوية(12) إلى عمّاله في جميع الافاق: ألاّ يجيزوا لاحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه، وأهل ولايته، والّذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم، وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا إليَّ بكل ما يروي كلُّ رجل منهم، واسمه، واسم أبيه، وعشيرته.ففعلوا ذلك، حتى كثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويُفضيه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كلّ مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملا من عمّال معاوية، فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ كتب اسمه وقرّبه وشفّعه، فلبثوا بذلك حينا، ثمّ كتب إلى عماله أنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر، وفي كلّ وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الاوّلين، ولا تتركوا خبرا يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب إلاّ وأتوني بمناقض له في الصحابة فإنَّ هذا أحبّ إليّ وأقرّ إلى عيني، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان، وفضله، فَقُرِئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجرى الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، وأُلقي إلى معلمي الكتاتيب فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه، وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن، وعلّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك إلى ما شاء اللّه...، فظهرت أحاديث كثيرة موضوعة، وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة...) الحديث(13).وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم، في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: ((إنَّ أكثر الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة، افتعلت في أيّام بني أُميّة تقرّبا إليهم بما يظنّون أنّهم يرغمون به أُنوف بني هاشم))(14).وروى ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الاسكافي(15) وقال: ((إنّ معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في عليّ (ع) تقتضي الطعن فيه، والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جُعلا يرغب في مثله)).وروى في هذا الصدد عن الصحابة عن عمرو بن العاص، الحديثأخرجه البخاري(16) ومسلم في صحيحيهما مسندا متصلا بعمرو بن العاص، قال: سمعت رسول اللّه يقول جهارا غير سرّ(17): ((إنَّ آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء، إنّما وليّي اللّه وصالح المؤمنين)).وفي البخاري بعده بطريق آخر عنه: (ولكن لهم رحما أبلّها ببلالها) ـ يعني أصلها بصلتها ـ انتهى.كانت تلكم رواية ابن أبي الحديد عن صحيح البخاري، وفي طبعات البخاري في عصرنا بدل لفظ (آل أبي طالب) بـ: (آل أبي فلان).وروى الطبري انّ المغيرة بن شعبة أقام سبع سنين وأشهرا في الكوفة لا يدع ذمّ عليّ والوقوع فيه، والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لاصحابه(18)، غير أنَّ المغيرة كان يداري، فيشتدّ مرّة، ويلين أُخرى.وروى الطبري: أنَّ المغيرة بن شعبة قال لصعصعة بن صوحان العبدي وكان المغيرة أميرا على الكوفة من قبل معاوية: ((إيّاك أن يبلغني عنك أنك تعيب عثمان عند أحد من الناس، وإيّاك أن يبلغني عنك أنّك تظهر شيئا من فضل عليّ علانية، فإنّك لست بذاكر من فضل عليّ شيئا أجهله، بل أنا أعلم بذلك، ولكنّ هذا السلطان قد ظهر، وقد أخذنا باظهار عيبه للناس، فنحن ندع كثيرا ممّا أُمرنا به، ونذكر الشيء الّذي لا نجد منه بدّا ندفع به هؤلاء القوم عن أنفسنا تقيّة، فإن كنت ذاكرا فضله، فاذكره بينك وبين أصحابك، وفي منازلكم سرّا، وأمّا علانية في المسجد، فإنَّ هذا لا يحتمله الخليفة لنا ولا يعذرنا به...))(19) الحديث. وقال اليعقوبي(20) ما موجزه:وكان حجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهما من شيعة علي بن ابي طالب، إذا سمعوا المغيرة وغيره من أصحاب معاوية وهم يلعنون عليا على المنبر، يقومون فيردون عليهم، ويتكلمون في ذلك.فلمّا قدم زياد الكوفة وجّه صاحب الشرطة إليهم، فأخذ جماعة منهم فقتلوا، وهرب عمرو بن الحمق الخزاعيّ إلى الموصل وعدّة معه، وأخذ زياد حجر بن عديّ الكنديّ وثلاثة عشر رجلا من أصحابه، فأشخصهم إلى معاوية، فكتب فيهم أنّهم خالفوا الجماعة في لعن أبي تراب، وزَرَوْا على الولاة، فخرجوا بذلك من الطاعة، وأنفذ شهادات قوم، فلمّا صاروا بمرج عذراء من دمشق على أميال، أمر معاوية بإيقافهم هناك، ثمّ وجه إليهم من يضرب أعناقهم، فكلّمه قوم في ستّة منهم، فأخلى سبيلهم، وأمر أن يعرض على الباقي البراءة من علي واللعن له فقالوا: إن فعلتم تركناكم، وإن أبيتم قتلناكم، فابرأوا منه نخلِّ سبيلكم!قالوا: اللّهمّ لسنا فاعلي ذلك!فحفروا لهم قبورهم وأُدنيت أكفانهم، فقاموا الليل كلّه يصلون، فلما أصبحوا عرضوا عليهم البراءة من علي، فقالوا: نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه. فأخذ كل رجل منهم رجلا يقتله فقال حجر: دعوني أتوضأ وأُصلي.فلمّا أتمّ صلاته قتلوه وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة مع حجر. فلما بلغوا عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن العفيف الخثعمي قالا: ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مقالته. فبعثوا بهما إلى معاوية فلما دخلا عليه، قال معاوية للخثعمي: ما تقول في علي؟، قال أقول فيه قولك! قال أتبرأ من دين علي؟ فسكت، فقام ابن عم له فاستوهبه من معاوية، فحبسه شهرا ثمّ خلَّى سبيله على أن يذهب إلى الكوفة.أمّا العنزي فقد قال له: يا أخا ربيعة! ما قولك في علي؟ قال: أشهد أنّه كان من الذاكرين اللّه كثيرا ومن الامرين بالحقّ والقائمين بالقسط والعافين عن الناس.قال: فما قولك في عثمان؟ قال: هو أول من فتح باب الظلم وأرتج أبواب الحقّ. قال قتلت نفسك. قال: بل إياك قتلت، فبعث معاوية إلى زياد وكتب إليه: أمّا بعد، فإن هذا العنزي شرُّ من بعثت، فعاقبه عقوبته الّتي هو أهلها واقتله شرّ قتلة. فلمّا قدم به على زياد فبعث زياد به إلى قسّ الناطف فدفن به حيّا(21).ومن قصص زياد بن أبيه في هذه المعركة أيضا ما وقع بينه وبين صيفي بن فسيل، فإنّه أمر فجيء به إليه، فقال له: يا عدوّ اللّه! ما تقول في أبي تراب؟قال: ما أعرف أبا تراب.قال: ما أعرفَك به!قال: ما أعرفه.قال: أما تعرف عليّ بن أبي طالب؟!قال: بلى.قال: فذاك، ـ وبعد محاورة بينهما ـ قال: عليّ بالعصا، فقال: ما قولك في عليّ؟قال: أحسن قول أنا قائله في عبد من عبيد اللّه أقوله في أمير المؤمنين، قال: اضربوا عاتقه بالعصا حتى يلصق بالارض؛ فضرب حتى أُلصق بالارض، ثمّ قال: أقلعوا عنه، فتركوه، فقال له: إيه ما قولك في عليّ؟قال: واللّه لو شرطتني بالمواسي والمُدى ما قلت إلاّ ما سمعت منّي، قال لتلعننّه أو لاضربنَّ عنقك، قال: إذا واللّه تضربها قبل ذلك، فأُسعد وتشقى، قال: ادفعوا في رقبته، ثمَّ قال: أوقروه حديدا واطرحوه في السجن، ثمَّ قتل مع حجر(22).وكتب إلى معاوية في رجلين حضرميّين(23) أنّهما على دين عليّ ورأيه، فأجابه: من كان على دين علي ورأيه فاقتله، ومثِّل به.فصلبهما على باب دارهما بالكوفة(24).كما أمره بدفن الخثعميّ الّذي مدح عليّا وعاب عثمان حيّا، فدفنه حيّا(25).وختم حياته بما ذكره المسعودي، وابن عساكر، قال ابن عساكر:جمع أهل الكوفة، فملا منهم المسجد والرُّحبة والقصر، ليعرضهم على البراءة من عليّ(26).وقال المسعودي: وكان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرّضهم على لعن عليّ، فمن أبى ذلك عرضه على السيف، ثمّ ذكر أنّه اُصيب بالطاعون في تلك الساعة فأُفرج عنهم.وكان عمرو بن الحمق الخزاعيّ ممن أصابه التشريد والقتل في هذه المعركة، فإنّه فرَّ إلى البراري، فبحثوا عنه حتى عثروا عليه، فحزّوا رأسه، وحملوه إلى معاوية، فأمر بنصبه في السوق، ثمّ بعث برأسه إلى زوجته في السجن ـ وكان قد سجنها في هذا السبيل ـ فالقي في حجرها(27).عمّت هذه السياسة البلاد الاسلامية، واتّبعها ونفّذها غير من ذكرنا من الاُمراء أيضا، كبسر بن أبي أرطأة في ولايته البصرة، وابن شهاب في الري(28). فقد كانت لهم قصص في ذلك ذكرها المؤرخون، ثمَّ أصبحت هذه سياسة بني أُمية التقليدية، ولُعن علي بن أبي طالب على منابر الشرق والغرب ماعدا سجستان، فإنّه لم يُلعَن على منبرها إلاّ مرة، وامتنعوا على بني أُمية، حتى زادوا في عهدهم أن لا يُلعن على منبرهم أحدٌ في حين كان يلعن على منابر الحرمين مكّة والمدينة(29).وقد كانوا يلعنون عليّا على المنابر بمحضر من أهل بيته، وقصصهم في ذلك كثيرة نكتفي منها بذكر واحدة أوردها ابن حجر(30) في تطهير اللّسان، وقال:إنّ عمرا صعد المنبر، فوقع في علىٍّّ، ثمَّ فعل مثله المغيرة بن شعبة، فقيل للحسن: إصعد المنبر لتردّ عليهما، فامتنع إلاّ أن يعطوهعهدا أن يصدقوه إن قال حقّا، ويكذبوه(31) إن قال باطلا.فأعطوه ذلك، فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمَّ قال: أُنشدك اللّه يا عمرو! يا مغيرة! أتعلمان أنَّ رسول اللّه (ص) لعن السائق والقائد أحدهما فلان؟ قالا: بلى، ثمَّ قال: يا معاوية! ويا مغيرة! ألم تعلما أنَّ النبي (ص) لعن عمرا بكل قافية قالها لعنة؟ قالا: اللّهمّ بلى... الحديث.ولما كان الناس لايجلسون لاستماع خطبهم لما فيها من أحاديث لا يرتضونها، خالفوا السنّة، وقدّموا الخطبة على الصلاة.قال ابن حزم في المحلّى(32):أحدث بنو أُميّة تقديم الخطبة على الصلاة، واعتلّوا بأنّ الناس كانوا إذا صلّوا تركوهم، ولم يشهدوا الخطبة، وذلك لانّهم كانوا يلعنُون علي بن أبي طالب (ع) فكان المسلمون يفرُّون، وحقَّ لهم ذلك.وروى المسعودي وقال ما موجزه:لما حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة، فأجلسه معه على سريره، ووقع في علي وشرع في سبّه، فزحف سعد، ثمَّ قال: أجلستني معك على سريرك، ثمَّ شرعت في سبِّ علي؟!واللّه لان يكون فيَّ خصلة واحدة من خصال عليّ أحبّ إليَّ، ثمَّ ساق الحديث باختلاف يسير، وذكر في آخره أنّه قال: وأيم اللّه لا دخلت لك دارا ما بقيت، ثمَّ نهض(33).أمّا ابن عبد ربّه، فقد أورده باختصار في أخبار معاوية من العقد الفريد وقال(34):((ولمّا مات الحسن بن عليّ حجّ معاوية، فدخل المدينة، وأراد أن يلعن عليا على منبر رسول اللّه (ص) فقيل له: إنَّ هاهنا سعد بن أبي وقّاص، ولا نراه يرضى بهذا، فابعث إليه وخذ رأيه، فأرسل إليه وذكر له ذلك، فقال: إن فعلت لاخرجنَّ من المسجد ثمَّ لا أعود إليه، فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد.فلمّا مات لعنه على المنبر، وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه على المنابر، ففعلوا، فكتبت أُمّ سَلمة زوجة النبيّ (ص) إلى معاوية: انّكم تلعنون اللّه ورسوله على منابركم، وذلك أنّكم تلعنون عليّ بن أبي طالب، ومن أحبّه، وأنا أُشهد اللّه أنَّ اللّه أحبّه، ورسوله، فلم يلتفت إلى كلامها)) انتهى(35).وقال ابن أبي الحديد:روى أبو عثمان ـ الجاحظ ـ أيضا أنّ قوما من بني أُميّة قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين! إنك قد بلغت ما أملت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل!فقال: لا واللّه، حتى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلاً(36).روى الزُّبير بن بكار وقال:قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية ، فكان أبي يأتيه، فيتحدث معه، ثمّ ينصرف إليَّ فيذكر معاوية وعقله، ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتمّا، فانتظرته ساعةً، وظننتُ أنّه لامر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتمّا منذ الليلة؟فقال: يا بنيّ! جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم. قلت: وما ذاك؟قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك بلغت سنّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا، فإنّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم، فواللّه ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإنّ ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه.فقال: هيهات هيهات! أي ذكر أرجو بقاءه! ملك أخو تيم، فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر، ثمّ ملك أخو عدي فاجتهد وشمَّر عشر سنين، فما عدا أن هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: عمر.وإنّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلَّ يوم خمس مرات (أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه) فأي عمل يبقى؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟لا واللّه إلاّ دفنا دفنا(37).أثر تربية معاوية لاهل الشام خاصّة:.استطاع معاوية أن يفعل في سلطانه ما يشاء نتيجة ابعاد اهل الشام عن فهم الاسلام، ومن الشواهد على ذلك ما رواه المسعودي في مروج الذهب (3 / 32):(قد بلغ من طاعتهم له ـ لمعاوية ـ أنّه صلى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة يوم الاربعاء، وأعاروه رؤوسهم عند القتال، وحملوه بها، وركنوا إلى قول عمرو بن العاص: إن عليّا هو الّذي قتل عمّار بن ياسر حين أخرجه لنصرتهم، ثمّ ارتقى بهم الامر في طاعته إلى أن جعلوا لعن علي سنّة ينشأ عليها الصغير، ويهلك عليها الكبير).وصيّة معاوية لابنه يزيد:.قال ابن عبد ربّه في خبر وفاة معاوية من العقد الفريد:لما حَضرت معاوية الوفاةُ، ويزيد غائب، دعا الضحاك بن قيس الفهري ومسلم بن عقبة المري، فقال: أبلغا عني يزيد وقولا له: انظر إلى أهل الحجاز فهم أصلك وعترتك، فمن أتاك منهم فأكرمه، ومن قعد عنك فتعاهده، وانظر أهل العراق، فإن سألوك عزل عامل في كل يوم فاعزله، فإن عزل عامل واحد أهون من سل مائة ألف سيف، ولا تدري على من تكون الدائرة، ثمّ انظر إلى أهل الشام فاجعلهم الشعار دون الدثار، فإن رابك من عدوك ريب فارمه بهم، ثمّ اردد أهل الشام إلى بلدهم، ولا يقيموا في غيره، فيتأدبوا بغير أدبهم(38).نتيجة البحث:.يظهر من سيرة معاوية أنّه كان أشد تعلّقا بنشر فضائل أُرومته وعصبته وإلصاق المثالب بخصومه ومن ناوأه ممّن سبقه من أسلافه في الجاهلية. فهو يفاخر ابن عم الرسول بأبيه وتملكه بلاد المسلمين. ويقتدي بكسرى وقيصر في حكمه ويهجو الانصار شاعره النصراني ويأمر ولاته بشتم علي وذمّه ولعنه على منابر المسلمين في خطب صلاة الجمعة، وأن يدعوا الناس إلى رواية الحديث في فضائل عثمان والخلفاء من قبله، وأن يأتوا بمناقض لروايات فضائل عليّ، وأن ينشروا ذلك على العرب والموالي، فانتشر في حكمه روايات كثيرة مفتعلة لا حقيقة لها في فضائل الصحابة وما ينتقص به على الامام.وكشف عن دخيلته للمغيرة بن شعبة حين قال له المغيرة: انّك قد بلغت سنّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم، فواللّه ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإن ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه، فقال هيهات هيهات! أي كيف ارجو بقاء ذكر الاعمال وقد ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر، ثمّ ملك أخو عديّ فاجتهد وشمّر عشر سنين فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره؛ إلاّ ان يقول قائل: عمر إلى قوله: وانّ ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرّات (أشهد ان محمّدا رسول اللّه).فاي عمل يبقى؟ وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا ابا لك، ولا واللّه الا دفنا دفنا! من كلّ ذلك نعرف ان خصائص المجتمع على عهد معاوية كانت من جانب الحاكم تملكه باسم الاسلام وتخلّقه باغلظ العصبيّات الجاهليّة ثمّ توظيفه من يضع الاحاديث في فضائل ذوي أُرومته وعصبته وذمّ من يخاصمهم من بني هاشم ولا سيما الامام علي، وبقيت تلكم الاحاديث منتشرة بين المسلمين حتى عصر تدوين الحديث، حيث انتشرت في أنواع كتب الحديث، وسوف ندرس بعضها ممّا رويت في شأن القرآن الكريم في البحوث الاتية إن شاء اللّه تعالى.ثانيا ـ على عهد خلفاء آل العاص:.سار على نهج معاوية من جاء بعده من خلفاء بني أُميّة، فقد روى اليعقوبي في أيّام مروان من تاريخه (2 / 261) ما موجزه:إنّ عبدالملك منع أهل الشام من الحجّ أيام ابن الزبير بمكة وقال لهم: مسجد بيت المقدس يقوم لكم مقام المسجد الحرام، وهذه الصخرة الّتي يروى أن رسول اللّه (ص) وضع قدمه عليها لمّا صعد إلى السماء، تقوم لكم مقام الكعبة، فبنى على الصخرة قبّة، وعلق عليها ستور الديباج، وأقام لها سدنة، وأخذ الناس بأن يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة، وأقام بذلك أيّام بني أُميّة.وبلغ أمر إبعادهم أهل الشام عن فهم الحقيقة إلى حدّ أنهم لم يرضوا أن تنشر بين أهل الشام سيرة الرسول (ص)، وقد روى في ذلك الزُّبير بن بكار: في الموفقيات (ص 332 ـ 333)، وقال ما موجزه:(إن سليمان بن عبدالملك مرّ بالمدينة حاجّا في عصر أبيه وأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سِير النّبيّ (ص) ومغازيه.فقال أبان: هي عندي أخذتها مصححة ممّن أثق به.فأمر عشرة من الكتاب بنسخها، فكتبوها في رِقّ، فلما صارت إليه نظر، فإذا فيها ذكر الانصار في بدر، فقال سليمان: ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل فأما أن يكون أهل بيتي ـ أي الخلفاء الامويين ـ غمصوا عليهم، وأما أن يكونوا ليس هكذا، فقال أبان بن عثمان: أيها الامير! لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم ـ يقصد الخليفة عثمان ـ من خذلانه أن نقول الحق، هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا. قال سليمان: ما حاجتي إلى أن أنسخ ذلك حتى أذكره لامير المؤمنين ـ يقصد والده عبد الملك ـ لعله يخالفه، فأمر بذلك الكتاب فحرِّق، ولما رجع أخبر أباه بما كان.فقال عبدالملك: وما حاجتك أن تقَدم بكتاب ليس لنا فيه فضل تعرِّف أهل الشام أُمورا لانريد أن يعرفوها؟قال سليمان: فلذلك أمرت بتحريق ما نسخته، حتى أستطلع رأي أمير المؤمنين، فصوب رأيه).وانتجت سياسة الخلافة الاموية ما رواه المسعودي في ذكره أيام مروان الحمار بمروج الذهب (3 / 33) وقال:بعد مقتل مروان آخر الخلفاء الامويين نزل عبداللّه بن علي ـ أوّل الخلفاء العباسيين ـ الشام ووجه إلى أبي العباس السفاح أشياخا من أهل الشام من أرباب النعم والرئاسة من سائر أجناد الشام ـ أي حواضر البلاد الشامية ـ فحلفوا لابي العباس السفاح أنّهم ما علموا لرسول اللّه (ص) قرابة ولا أهل بيت يرثونه غير بني أُميّة حتى وليتم الخلافة.روى ابن الاثير في ذكر ترك سبّ أمير المؤمنين علي (ع) عن عمر بن عبدالعزيز أنّه قال:(كان أبي إذا خطب فنال من علي (رض) تلجلج، فقلت: يا أبت إنك تمضي في خطبتك فإذا أتيت على ذكر علي عرفت منك تقصيرا! قال: أَوَفطنت لذلك؟ قلت: نعم، فقال: يا بنيّ! إنّ الّذين حولنا لو يعلمون مِن عليّ ما نعلم تفرقوا عنّا إلى أولاده، فلمّا ولي الخلافة لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا ما يرتكب هذا الامر العظيم لاجله فترك ذلك وكتب بتركه وقرأ عوضه (اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِحْسَانِ وإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى) (النَّحل / 90)(39).وممّا ينبغي ان ندرسه من سياسة الخلافة الاموية بعض أخبار الحجاج أمير القسم الشرقي للبلاد الاسلامية يومذاك.أ ـ الحجّاج في عصره:.لمّا استشهد الحسين (ع) ظهر ابن الزُّبير بمكّة ودعا لنفسه، وبعد موت يزيد ابن معاوية سنة 64ه بايعه بالخلافة اهل الحجاز واليمن والعراق ومصر وتوابعها مع بعض بلاد الشام(40).وفي عام 72 هجرية ولّى الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان الحجّاج لحرب ابن الزُّبير وجهّزه بجيش من الشام، وفي عام 73 حاصر الحجّاج ابن الزُّبير ومن معه بمكّة فالتجأوا بالحرم فنصب الحجّاج المجانيق ـ واحده المنجنيق آلة حرب شبيهة بالمدفع في عصرنا ـ على جبال مكّة، وأخذ يرمي أهل المسجد بالحجارة والنيران، وراجزهم يقول:خطّارة مثل الفنيق الملبدنرمي بها عوّاذ أهل المسجديعني نرمي بها العائذين بالمسجد.وجعلت الحجارة تقع في الكعبة، حتّى انصدع الحائط الّذي على بئر زمزم عن آخره، وانقضت الكعبة من جوانبها.فرعدت السماء، وبرقت وعلا صوت الرعد والبرق على الحجارة، وقتلت الصاعقة اثني عشر رجلاً فانكسر أهل الشام وأمسكوا بايديهم فرفع الحجّاج بركة قبائه، فغرزها في منطقته ورفع حجر المنجنيق، فوضعه فيه ثمّ قال: ارموا ورمى معهم.وجعل الحجاج يصيح باصحابه: يا اهل الشام: اللّه اللّه في الطاعة، فجعل أهل الشام يرتجزون ويقولون:مثل الفنيق المزبد نرميبها أعواد هذا المسجدفنزلت صاعقة على المنجنيق فاحرقته فتوقف أهل الشام عن الرمي فخطبهم الحجّاج، فقال: ألم تعلموا انّ النار كانت تنزل على من قبلنا، فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم فلولا ان عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته، ثمّ أمرهم الحجّاج فرموا بكيزان النفط والنار، حتى احترقت الستّارات كلها، فصارت رمادا فجعل الحجاج يرتجز ويقول:أما تراها ساطعا غبارهاواللّه في ما يزعمون جارهافقد وهت وصدعت أحجارهاوحان من كعبتها دمارهاولمّا غلب الحجاج على ابن الزُّبير وقتله، قطع رأسه وصلبه مُنكسا، حتّى تفسخ جسده(41). وبعث برأسه ورؤوس آخرين إلى الشام وأمرهم إذا مرّوا بالمدينة ان ينصبوا الرؤوس بها.وأراد الحجّاج ان يبرّر قتاله لابن الزُّبير وما صنعت يداه في تلك الحرب القذرة ولم يكن له ان يرمي ابن الزبير بخذلانه للخليفة عثمان كما احتج به لما فعل مع من بقي من صحابة الرسول (ص) في المدينة المنورة لان ابن الزبير كان من رؤساء جيش الجمل الّذي قاتل الامام عليّا باسم الطلب بدم عثمان، فكيف برّر صنيعه؟ انّه صعد المنبر بمكّة وخطب الناس وقال: ان ابن الزُّبير غيّر كتاب اللّه!فقال ابن عمر: ما سلّطه اللّه على ذلك ولا انت معه، ولو شئت أن اقول: كذبتَ فعلتُ(42).هكذا جابه الصحابي عبداللّه ابن الخليفة عمر الحاكم الغشوم سفّاك الدماء مهدّم بيت اللّه الحرام الحجّاج على الملا بمكة وقال له: (ما سلّطه اللّه على ذلك ولا أنت معه) أي: لو اجتمع سلطانك وسلطانه على تغيير كتاب اللّه ما استطعتم، لانّ اللّه ما سلّطكم على ذلك وأنّه قد حفظ كتابه العزيز من ذلك، وكان نتيجة تجرّؤ ابن عمر على الحجّاج انّه أمر رجلاً معه حربة مسمومة فلصق بابن عمر عند دفع الناس ـ من منى إلى المشعر ـ فوضع الحربة على ظهر قدمه فمرض منها أيّاما، فأتاه الحجاج يعوده، فقال له من فعل بك؟ قال: وما تصنع؟ قال: قتلني اللّه ان لم أقتله.قال: ما أراك فاعلا. أنت أمرت الّذي نخسني بالحربة. فقال لا تفعل يا أبا عبدالرّحمن(43).الحجّاج في المدينة:.سار الحجاج بعد ان جدّد بناء البيت إلى مدينة الرسول (ص) وأقام بها ثلاثة أشهر يتعنت أهلها، واستخفّ ببقايا الصحابة، وختم في أيديهم وأعناقهم يذلهم بذلك كما صنع بالصحابي سهل بن سعد الساعدي عندما أرسل إليه، وقال له: ما منعك ان تنصر أمير المؤمنين عثمان؟ قال: قد فعلت! قال: كذبت! ثمّ أمر به فختم في عنقه برصاص(44).وفي سنة 75 توفي حاكم العراق، فولاه الخليفة الاموي عبدالملك على العراق، وبقي واليا على العراق عشرون عاما يقتل أبناءهم، ويستحي نساءهم فخرج عليه عبداللّه بن جارود فقاتله، وقتله مع طائفة ممّن كانوا معه وخرج عليه جماعة أُخرى بنواحي البصرة وآخرون بالمدينة، فقاتلهم، وقتلهم وجمّر البعوث لقتال الخوارج عاما بعد عام، وساءت سيرة الحجاج مع الجميع ومن ضمنهم محمّد بن عبدالرّحمن بن الاشعث بن قيس وجيشه الّذين كانوا يغارون في الثغور الشرقية بما وراء سجستان، فقد كان الحجاج يكره محمّد بن الاشعث، فخلعوا الحجاج جميعا، ثمّ اقبلوا إلى الحجاج كالسيل المنحدر، وانضم إلى ابن الاشعث جيش عظيم(45).والتحق به علماء وفقهاء صالحون خرجوا معه طوعا على الحجاج حتى بلغ عدد جيشه 120 ألف راجل و 33 ألف فارس، فعجز عنهم الحجّاج واستصرخ عبدالملك، فارسل إليه العساكر الشاميّة، فوقعت بين الحجّاج وابن الاشعث أربع وثمانون وقعة في مائة يوم فكانت منها 83 على الحجاج وواحدة له وتغلّب ابن الاشعث على الكوفة وخلعوا عبدالملك، وكان فيهم قرّاء العراق وقتل منهم خلق في القتال وكانت الوقعات بينهما ما بين الكوفة والبصرة فانكشف ابن الاشعث وقتل من أصحابه ناس كثير واسر الحجاج ناسا كثيرا ذبحهم جميعا كما يذبح الغنم، ذبح منهم بمسكن وحده خمسة آلاف أو أربعة آلاف أسير مسلم وفر ابن الاشعث مع خواصه إلى البلاد الايرانية، فظفروا به، وذبحوه، وقطعوا رأسه، وطافوا به في الاقاليم(46).بقية ترجمة الحجاج:.سنورد من هنا إلى آخر ترجمة الحجاج روايات ابن عساكر وابن كثير في ترجمته بتاريخهما ونصرح باسم من طابقهما في الرواية كالاتي:قالا مع الذهبي:كان مالك بن أنس يؤلّب على الحجاج ايام عبد الرحمن بن الاشعث فبيتوه، وأتوا به الحجاج، فوسم في يده عتيق الحجاج(47).وفي رواية دخل أنس عليه وهو يعرض الناس ليالي ابن الاشعث، فقال له: يا خبيث جوال في الفتن مرّة مع علي، ومرة مع ابن الزُّبير، ومرّة مع ابن الاشعث.أمّا والّذي نفسي بيده لاستأصلنّك كما تستأصل الصمغة، ولاجردنّك كما يجرد الضب، أي: لاسلخنّك سلخ الضب إذا شوي.فقال أنس: من يعني الامير؟ قال: إيّاك أعني، أصمّ اللّه سمعك.فاسترجع أنس وشغل الحجاج، وخرج أنس فتبعوه إلى الرحبة فقال: لولا أني ذكرت ولدي وخشيته عليهم بعدي لكلمته بكلام لا يستحيين بعده أبدا.وروى ابن كثير وقال:فكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بما قال له الحجاج، فلما قرأ عبدالملك كتاب أنس استشاط غضبا، وشفق عجبا، وتعاظم ذلك من الحجاج، وكان كتاب أنس إلى عبدالملك:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، إلى عبدالملك بن مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك، أمّا بعد: فان الحجاج قال لي هُجرا، وأسمعني نكرا، ولم أكن لذلك أهلاً، فخذ لي على يديه، فإني أمتُّ بخدمتي رسول اللّه (ص) وصحبتي إيّاه، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته.فبعث عبد الملك إسماعيل بن عبيد اللّه بن أبي المهاجر(48) ـ وكان مصادقا للحجاج ـ فقال له: دونك كتابي هذين، فخذهما واركب البريد إلى العراق، وابدأ بأنس بن مالك صاحب رسول اللّه (ص)، فارفع كتابي إليه وأبلغه مني السلام، وقل له: يا أبا حمزة قد كتبت إلى الحجاج الملعون كتابا، إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك، وكان كتاب عبد الملك إلى أنس بن مالك:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، من عبدالملك بن مروان إلى أنس بن مالك خادم رسول اللّه (ص)، أمّا بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت من شكايتك الحجاج، وما سلطته عليك ولا أمرته بالاساءة إليك، فإن عاد لمثلها اكتب إليَّ بذلك أُنزل به عقوبتي، وتحسن لك معونتي، والسلام.فلمّا قرأ أنس كتاب أمير المؤمنين وأُخبر برسالته، قال: جزى اللّه أمير المؤمنين عني خيرا وعافاه وكفاه وكافأه بالجنة، فهذا كان ظني به والرجاء منه.فقال إسماعيل بن عبيداللّه لانس: يا أبا حمزة! إنّ الحجّاج عامل أمير المؤمنين، وليس بك عنه غنى، ولا بأهل بيتك، ولو جعل لك في جامعة ثمّ دفع إليك فقاربه وداره تعش معه بخير وسلام.فقال أنس: أفعل إن شاء اللّه.ثمّ خرج إسماعيل من عند أنس فدخل على الحجاج، فقال الحجاج: مرحبا برجل أُحبه وكنت أُحب لقاه، فقال إسماعيل: أنا واللّه كنت أُحب لقاءك في غير ما أتيتك به، فتغير لون الحجاج وخاف وقال: ما أتيتني به؟ قال: فارقت أمير المؤمنين وهو أشد الناس غضبا عليك، ومنك بعدا، قال: فاستوى الحجاج جالسا مرعوبا، فرمى إليه إسماعيل بالطومار فجعل الحجاج ينظر فيه مرّة ويعرق، وينظر إلى إسماعيل أُخرى، فلمّا فضّه قال: قم بنا إلى أبي حمزة نعتذر إليه ونترضاه، فقال له إسماعيل: لا تعجل! فقال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة؟ وكان في الطومار:بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، من أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان إلى الحجاج ابن يوسف، أمّا بعد، فانّك عبد طمت بك الاُمور، فسموت فيها، وعدوت طورك، وجاوزت قدرك، وركبت داهية إدّا، وأردت أن تبدو لي، فان سوغتكها مضيت قدما، وإن لم أُسوغها رجعت القهقرى، فلعنك اللّه من عبد أخفش العينين، منقوص الجاعرتين.أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الابار، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل، يا ابن المستفرية بعجم الزبيب، واللّه لاغمرنك غمر الليث الثعلب، والصقر الارنب.وثبت على رجل من أصحاب رسول اللّه (ص) بين أظهرنا، فلم تقبل له إحسانه، ولم تتجاوز له عن إساءته، جرأة منك على الرب ـ عزّ وجلّ ـ واستخفافا منك بالعهد(49).وقالا: وأخبر عن تأخيره الصلاة عن وقتها ومعارضته ابن عمر وغيره أعرضنا عن ذكرها روما للايجاز في ترجمته.وقالا:ذكروا الحسين (رض) عند الحجاج فقال: لم يكن من ذريّة النبيّ (ص) فقال يحيى بن يعمر: كذبت أيُّها الامير!فقال: لتأتيني على ما قلت ببينة من كتاب اللّه او لاقتلنّك.فقال: قوله تعالى: (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) ـ إلى قوله ـ (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى) فاخبر اللّه ان عيسى من ذريّة آدم بامّه.قال: صدقت فما حملك على تكذيبي في مجلسي.قال: ما اخذ اللّه على الانبياء لتبيننه للناس ولا تكتمونه.قال: فنفاه إلى خراسان(50).وقالا:ان الحجّاج قرأ (فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) فقال: هذه ـ أي اسمعوا وأطيعوا ـ لعبداللّه لامين اللّه وخليفته ليس فيها مثنوية ـ أي لا ثاني له أو لا استثناء له ـ واللّه لو أمرت رجلاً يخرج من باب هذا المسجد، فاخذ من غيره لحلّ لي دمه، واللّه لو أخذت ربيعة بدم مضر لكان لي حلالاً.وقال في شأن الصحابي عبداللّه بن مسعود:كان ابن مسعود رأس المنافقين لو ادركته لاسقيت الارض من دمه.وفي رواية قال فيه: يا عجبا من عبد هذيل لو ادركته لضربت عنقه.وقال عن مصحفه لاحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير.قال الاعمش: لمّا سمعت ذلك منه قلت في نفسي: واللّه لاقرأنها على رغم أنفك.وقالا: ختم الحجاج في عنق انس بن مالك أراد أن يذله وانّه فعل ذلك بغير واحد من الصحابة يريد ان يذلهم بذلك(51).أخبار سجون الحجّاج:.مرّ الحجاج في يوم جمعة فسمع استغاثة، فقال: ما هذا؟ قيل: أهل السجون يقولون قتلنا الحرّ فقال: قولوا لهم: (اخْسَأُوا فِيهَا وَلاَتُكَلِّمُونِ).فما عاش بعد إلاّ أقل من جمعة.وقالا: وعرضت السجون بعد موت الحجاج، فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفا لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب.وقالا: احصوا ما قتل الحجاج صبرا، فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا.وقالا: اطلق سليمان بن عبدالملك في غداة واحدة واحدا وثمانين ألف أسير كانوا في سجن الحجاج(52).وقالا: مات الحجاج وفي سجنه ثمانون ألفا منهم ثلاثون ألف امرأة.وكان فيمن حبس أعرابي وُجِد يبول في أصل ربض مدينة واسط، وكان فيمن أُطلق فأنشأ يقول:إذا نحن جاوزنا مدينة واسطخرينا وصلينا بغير حسابموت الحجّاج ودفنه:.وقالا: اخبر أهل السجن بموت الحجاج في مرضه هذا في ليلة كذا وكذا، فلمّا كان تلك الليلة لم ينم أهل السجن فرحا، جلسوا ينظرون، حتّى يسمعوا الناعية. مات سنة 95 بواسط وعفي قبره، وأُجري عليه الماء، لكيلا ينبش ويحرق.أقوال الحجّاج واحداثه:.قال ابن عساكر:وقال عوف سمعت الحجاج يخطب وهو يقول: ان مثل عثمان عند اللّه كمثل عيسى بن مريم، ثمّ قرأ هذه الاية يقرأها ويفسِّرها (قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ويشير بيده إلى أهل الشام(53).وروى ابن كثير وقال:كان الحجاج مع فصاحته وبلاغته يلحن في حروف من القرآن انكرها يحيى ابن يعمر منها: انّه كان يبدل (إن) المكسورة بـ (أن) المفتوحة وعكسه، وكان يقرأ (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤكُمْ) إلى قوله (أَحَبَّ إِلَيْكُم) فيقرأها برفع (أحب)(54).وخطب الحجاج وقال في خطبته: رسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله؟ فقلت في نفسي للّه عليَّ أن لا أُصلي خلفك صلاة أبدا وان وجدت قوما يجاهدونك لاُجاهدنّك معهم فقاتل يوم الجماجم حتّى قتل(55).اخبار الحجّاج بعد موته:.تمهيد:أ ـ على عهد سليمان بن عبدالملك:ولي يزيد بن المهلب الازدي خراسان بعد وفاة أبيه (سنة 83ه ) فمكث نحوا من ست سنين، ثمّ عزله عبد الملك في سنة تسعين برأي الحجاج، وكان الحجاج يخشى بأسه فسجنه مع اخويه، وجعل الحرس عليهم من اهل الشام وطلب منه ستة آلاف ألف، وأخذ يعذّبهم، فكان يزيد يصبر صبرا حسنا، وكان ذلك يغيظ الحجاج منه، فقيل للحجاج: انّه رمي في ساقه بنشابة، فثبت نصلها فيه، فهو لا يمسها إلا صاح.فأمر أن يعذب في ساقه، فلما فعلوا به ذلك صاح واخته هند بنت المهلّب عند الحجاج، فلما سمعت صوته، صاحت وناحت، فطلقها الحجاج.ثمّ هرب يزيد من سجن الحجاج وذهب إلى الشام واستجار بسليمان بن عبد الملك، فاجاره، وكتب الوليد بن عبد الملك الخليفة إلى الحجاج يأمره بالكف عن أهل يزيد بن المهلب، فكف عنهم، وأراد الوليد ان يخلع اخاه سليمان من ولاية العهد، ويبايع لولده عبد العزيز فأبى سليمان، فكتب إلى عماله ودعا الناس إلى ذلك، فلم يجبه إلاّ الحجاج وقتيبة وخواص من الناس، ومات الوليد في سنة (96ه ) ولم يتم له خلع سليمان.وولي بعده سليمان بن عبدالملك وولى يزيد بن المهلب العراق، ثمّ خراسان، وأمره بمعاقبة آل الحجاج بن يوسف ودفع إليه أصحاب الحجاج وأمره ان يعذبهم حتى يستخرج الاموال منهم وتتبع سليمان أصحاب الحجاج يسومهم سوء العذاب، وقام يزيد بن المهلب في العراق يعذب عمال الحجاج وأشخص إلى الخليفة سليمان يزيد بن أبي مسلم وكان الحجاج قد استخلفه من بعده على امرة العراق، ولمّا ادخل يزيد على الخليفة سليمان وكان يزيد قصيرا، خفيف البدن، فلمّا رآه قال له: أنت يزيد؟ قال: نعم.قال: صاحب الحجاج والافعال الّتي بلغتني مع ما أرى من دمامة خلقتك؟قال: ذاك واللّه أنّك رأيتني والدنيا عليك مقبلة، وهي عني مدبرة، ولو رأيتها وهي إلي مقبلة، وعنك مدبرة، لاستعظمت ما استصغرت، واستجللت ما استحقرت.قال: أين ترى الحجاج يهوي في النار؟قال: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين لرجل يحشر عن يمين أبيك وشمال أخيك، وأنزله حيث شئت تنزلهما معه.فقال ليزيد بن المهلب: خذه إليك، فعذبه بألوان العذاب، حتى تستخرج منه الاموال(56).ب ـ على عهد عمر بن عبدالعزيز:قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الامم فجاءت كل امة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم، وما كان الحجاج يصلح لدنيا ولا لاخرة لقد وُلِّيَ العراق وهو أوفر ما يكون في العمارة، فاخسّ به إلى أن صيّره إلى أربعين ألف ألف، ولقد أدّى إليَّ عمالي في عامي هذا ثمانين ألف ألف، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدي إلى ما أدى إلى عمر بن الخطاب مائة ألف ألف وعشرة آلاف ألف.وقال: أبو بكر بن المقري: حدثنا أبو عروبة حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي: سمعت جدّي قال: كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن أرطاة: بلغني أنك تستن بسنن الحجاج، فلا تستن بسننه، فانّه كان يصلي الصلاة لغير وقتها، ويأخذ الزكاة من غير حقها، وكان لما سوى ذلك أضيع.وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا سعيد بن أسد حدثنا ضمرة عن الريان بن مسلم، قال: بعث عمر بن عبدالعزيز بآل بيت أبي عقيل ـ أهل بيت الحجاج ـ إلى صاحب اليمن وكتب إليه: أما بعد فاني قد بعثت بآل أبي عقيل وهم شرّ بيت في العمل، ففرقهم في العمل على قدر هوانهم على اللّه وعلينا، وعليك السلام.ج ـ أقوال في الحجّاج:قال ابن عساكر وابن كثير:إنّ عليّا (ع) كان على المنبر، فقال: إنِّي ائتمنتهم، فخانوني، ونصحتهم فغشوني. اللّهمّ فسلّط عليهم غلام ثقيف يحكم في دمائهم وأموالهم بحكم الجاهلية. وفي رواية قال يملك عشرين سنة أو بضعا وعشرين سنة لا يدع للّه معصية إلاّارتكبها(57).وقالا: وقيل لسعيد بن جبير خرجت على الحجاج.فقال: واللّه ما خرجت عليه حتّى كفر(58).وقالا: لمّا بلغ خبر موته إبراهيم النخعي، بكى من الفرح(59).وقالا: سئل إبراهيم عن الحجاج أو بعض الجبابرة، فقال: أليس اللّه يقول: (ألا لعنة اللّه على الظالمين) وكفى بالرجل عمى أن يعمى عن أمر الحجاج(60).وقالا: أُخبر الحسن البصري بموت الحجاج، فسجد.وفي رواية قال: اللّهمّ أَمته، فأذهب عنا سنّته(61).وقالا: قال القاسم بن المخيمرة(62): وكان الحجاج ينقض عرى الاسلام وذكر حكاية.قال المؤلف: إنّهما سكتا عن ذكر الحكاية.وقالا: قال عاصم:(63) لم يبق للّه حرمة إلاّ ارتكبها الحجاج.وقالا: اختلفوا في الحجاج فسألوا مجاهدا(64) فقال تسألون عن الشيخ الكافر.قال المؤلف: قد نقلا كثيرا من أخبار الامام علي عن الحجاج ولكنّا اقتصرنا بما أوردنا إيجازا في الترجمة.وفي تاريخ ابن كثير:عن أبي البختري قال: قالوا لعلي: حدثنا عن أصحاب محمّد (ص).قال: عن أيهم؟قالوا: حدثنا عن ابن مسعود. قال: عَلِمَ القرآن والسنّة.وقال ابن كثير: فهداتنا الصحابة العالمون به، العارفون بما كان عليه، فهم أولى بالاتباع، وأصدق أقوالا من أصحاب الاهواء الحائدين عن الحق، مثل اقوال الحجاج وغيره من اهل الاهواء: هذيانات وكذب وافتراء، وبعضها كفر وزندقة، فان الحجاج كان عثمانيا امويا، يميل اليهم ميلا عظيما. ويرى ان خلافهم كفر. ويستحل بذلك الدماء. ولا تأخذه في ذلك لومة لائم(65).وقال ـ أيضا ـ:قد ذكرنا كيفية دخول الحجاج الكوفة في سنة خمس وسبعين وخطبته إيّاهم بغتة، وتهديده ووعيده اياهم، وانهم خافوه مخافة شديدة، وأنّه قتل عمير بن ضابئ وكذلك قتل كميل بن زياد صبرا، ثمّ كان من أمره في قتال ابن الاشعث ما قدمنا، ثمّ تسلط على من كان معه من الرؤساء والاُمراء والعباد والقرّاء، حتى كان آخر من قتل منهم سعيد بن جبير(66).وقد كان ناصبيا يبغض عليّا وشيعته في هوى آل مروان بني أُميّة، وكان جبارا عنيدا مقداما على سفك الدماء بادنى شبهة.وقد روي عنه الفاظ شنيعة ظاهرها الكفر(67).* * *.نتيجة البحث:.ضرب الكعبة بالمنجنيق وحرقها بنو العاص من الامويين كما فعله قبلهم يزيد السفياني الاموي، وأضافوا إلى ذلك أمرهم بالطواف حول صخرة بيت المقدس بدلاً من الطواف حول الكعبة، وقتلوا المسلمين، وسجنوهم وعذبوهم في الحجاز والعراق وإيران واليمن، ويهمنا في دراستنا الاتية ما صنعوا من حرقهم ما كتب من سنّة الرسول لما حوت مواقف مشرّفة للانصار في غزوة بدر واستمرارهم على لعن الامام علي على منابر المسلمين في ما عدا عصر عمر ابن عبدالعزيز، وبلغ بحكّامهم الامر أن ينكر أحدهم بنوة السبط الشهيد لجدّه الرسول (ص).وبناء على ما ذكرنا كان لهم أثر بليغ في منع نشر حديث الرسول (ص) في فضل مخالفيهم، وكان أعظم من يخشون منهم على حكمهم الامام علي فلذلك لم يكتفوا بمنع نشر فضائل الامام بل سنّوا لعنه (ع).وكذلك لم يتغير تهالكهم على ذكر الفضائل لعصبتهم وبلغ الامر بهم في ذلك إلى أن يقول واليهم الحجاج على المنبر في مدح خليفتهم: (أرسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله)؟يقصد في قوله أنّ الخليفة الاموي هو خليفة اللّه، وخليفة اللّه أكرم عنده من رسول اللّه (ص) والعياذ باللّه.ولهذا السبب منعوا من كتابة حديث الرسول (ص) طوال حكمهم كما مرّ بنا في خبر حرق سليمان سيرة الرسول (ص) الّتي كتبها أبان بن عثمان لما فيها من فضائل الانصار.* * *.كانت تلكم خصائص المجتمع على عهد معاوية وسار على نهجه من جاء بعده من الخلفاء، أمّا أخبار القرآن على عهدهم فإنّ الخلفاء من بني أُميّة لم يكن لهم أي اهتمام بأمر إقراء القرآن وقرّائه بعد حرق المصاحف الّتي كان فيها من تفسير القرآن ما يخالف سياسة حكمهم كما سنتحدث عنه إن شاء اللّه تعالى في دراسة أخبار اختلاف المصاحف، وبعد إهمال الحكام أمر القرآن قيّض اللّه في المسلمين صنفين من العلماء ممّن اهتموا بأمر القرآن:أ ـ من أخذ قراءة لفظ القرآن من أصحاب رسول اللّه (ص) وقام في المجتمع بتعليمه كذلك في سبيل اللّه.ب ـ من تخرّج من مدرسة أبي الاسود الدؤلي تلميذ الامام علي في تأسيس علم النحو وسار في تكميل وضع علامات الاعراب، وسندرس كلا الامرين في ما يأتي بإذنه تعالى.أخبار القرآن على عهد معاوية فما بعده من الامويين.أ ـ أخبار القراءة والقرّاء:.بقيت القراءة والاقراء بنفس معناها عند التابعين الّذين قرأوا القرآن على الصحابة غير انّهم كانوا يجردون القرآن عن حديث الرسول (ص) بعد عصر عثمان كما يعرف ذلك من خبر مقرئ الكوفة الاتي:قال الذهبي في معرفة القرّاء الكبار ص 45 ـ 49:مقرئ الكوفة أبو عبدالرّحمن عبداللّه بن حبيب السلمي: ولد في حياة النبيّ (ص)، وقرأ القرآن، وجوّده، وبرع في حفظه وعرض ـ القرآن ـ على عثمان وعليّ وابن مسعود وزيد بن ثابت وأُبيّ بن كعب، وكان يقرئ الناس في مسجد الكوفة الاعظم أربعين سنة منذ خلافة عثمان إلى أن توفي في إمرة الحجَّاج سنة ثلاث أو أربع وسبعين. وكان يعلِّمهم القرآن خمس آيات خمس آيات.وكان رجل يقرأ عليه فاهدى له قوسا فردّها وقال: ألا كان هذا قبل القراءة.وأقرأ ابن رجل منهم فأهدى له جلالا وجزرا، فردها، وقال: إنّا لانأخذ على كتاب اللّه أجرا.لم يكن بعد عصر عثمان وتجريده القرآن من حديث الرسول في المصاحف ومنع الصحابة من رواية الحديث وكتابته، يُعلَّم القرآن مع التفسير بل كان يدرس مجردا وفي هذا العصر سمِّي تعليم القرآن مجردا عن بيان الرسول بالقراءة، وفي أُخريات هذا العصرعصر الترف العقلي وانصراف المسلمين عن تدارس سُنَّة الرسول للسبب الّذي ذكرناه اخترع علماء العربية علم قراءة القرآن المحرِّفة للقرآن الكريم كما درسناه في بحث القراءات وللّه الحمد.* * *.درسنا كيفية تنقيط المصاحف من قبل أبي الاسود الدؤلي وقد جاء كيفية التنقيط في اختلاف المصاحف لابن أبي داود كالاتي نصه:ب ـ كيف تنقط المصاحف:.قال أبو حاتم السجستاني: ونقطه بيده هذا كتاب يستدل بـه على علم النقط ومواضعه. إذا كان الحرف مرفوعا غير منون نقطته قدامه واحـدة مثل قولـه (())، وإذا كان منصوبا غيـر منون نقطته واحدة فوقه كقوله (())، وإذا كان مجرورا غير منون نقطته واحدة تحته كقوله (())، وأمّا ما كان منونا فنقطتان مثل قوله في الرفع (()) وفي النصب (( )) وفي الجر (()) وربّما تركوا في النصب، لانّ الالف تدل على النصب، فخففوا على الايجاز ، إلاّ أنهم ينونون عند الحروف الستة، وإنما النقط على الايجاز لانهم لو تتبعوا كما ينبغي أن ينقط عليه فنقطوه لفسد المصحف، لو نقطوا قوله (()) ((فَمَثَلُهُ)) على الفاء والميم والثاء واللام والهاء ونحو ذلك فسد، ولكنهم ينقطون على الميم واحدة فوقها وواحدة من بين يدي اللام، لان اللام حرف الاعراب وقد تنصب اللام وترفع وتجر، وفتحوا الميم لئلا يظن القارئ أنها ((فمثل))، وإذا جاء شيء يستدل بغيره عليه ترك مثل قوله ((قُتِلُوا(68) في سَبِيلِ اللّهِ)) ينقط بين يدي القاف واحدة ولا ينقط على التاء شيئا، لان ضمتها تدل على أنهم فعلوا.وأمّا قوله ((قُتّلوا(69) تقتيلاً))، فإنّك تنقط تحت التاء واحدة، لان هذه مشددة، فتفرق بين المخفف والمشدد فقس كل شيء بهذا إن شاء اللّه.وأمّا الهمزة فإذا كانت مفتوحة غير ممدوة نقطتها في قفا الالف، وإذا كانت ممدودة نقطتها بين يدي الالف، فأما غير الممدود فمثل قوله (( بَلْ أَتَيْنَاهُمْ(70) بِذِكْرِهِمْ)) لانها بمعنى جئناهم، وأما ((وَلَقَدْ آتَيْنَاهُمْ(71))) فبين يدي الالف وترفعها قليلا إلى رأس الالف، لان آتيناهم معناه أعطيناهم، وكذلك إن كانت الممدودة والمقصورة في آخر الكلمة، فأما المقصور غير المنون، فمثل قوله ((أَنْ لاَ مَلْجَأ(72) من اللّهِ))، وإن كان منونا فنقطتان مثل قوله ((لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأ))، ومثل قوله ((مِنْ سَبَأ بِنَبَأ(73) يَقينٍ)).وأمّا الممدود الّذي ليس بمنون فمثل قوله ((كُلّمَا أَضَاء(74) لَهُمْ)) و((جَاء)) و((لَوْ شاء رَبُّكَ))، والمنون مثل قوله ((وَالسَّمَـاء بِنَاء))(75) وقوله ((جَزَاء مِنْ رَبِّكَ عَطاء)).وإذا أشكل عليك الهمزة، فقس الهمزة بالعين، فإن كانت العين تقع قبل الواو أو الالف، جعلتها في قفاها نقطة بعد الواو والالف جعلتها بين يديها نقطة، وإن كانت هي الواو والالف جعلت النقطة في جبهتها، وكان حدها أن تكون في نفس الواو، ولكنها جعلت في الجبهة، لتنحى عن السواد.فالممدود مثل قوله ((السُّوء))(76) تقديره السوع، فهي بعد الواو، و((السَّماء)) تقديره(77) السماع وهي بعد الالف، وإذا كانت متحركة بالنصب فالنقطة فوق الواو مثل قوله (( ويُؤَخِّرَكُمْ))(78) و((لاَ تُؤَاخِذْنَا))، وأما الهمزة الّتي تقع في قفا الواو إذا كانت قبلها فمثل ((يستهزئون))(79) وكذلك ((لِيُوَاطِئُوا)) لان قياسها يستهزئون فالعين قبل الواو، وكذلك ليواطعوا لان العين قبل الواو، ومثله ((أُوتوا(80) الْعِلْمَ)) لان قياسها عوتوا ولانّه من الواو ووزنها افعلوا.وأما ((وَأُتُوا(81) بهِ مُتَشَابِها)) فالنقطة قدام الالف، وكذلك ((أُولئك)) الهمزة في الالف، فالواو ليس لها موضع، لان قياسها عُلائك، فالواو كتبت، لان الهمزة مرفوعة، وقال قوم كتبوها ليفصلوا بينها وبين ((إلَيْكَ)) في الخط، وأما ((الاُولى))(82) فإن الهمزة في قفا الواو، لان قياسها العولى فكذلك ((أُوفِ(83) بِعَهْدِكُمْ)).وإذا كانت الهمزة منتصبة نحو ((القرآن)) و((نَبَّأَنَا(84) اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ))، وقوله ((فَرَآهُ حَسَنا))(85)، فانّها تنقط عليها ثنتان: واحدة قبل الالف، والاُخرى بعدها، إلاّأن الّتي بعدها أرفع من الاُولى سنّا، وهي تسمى المقيدة.وإنّما نقطت بثنتين، لان واحدة للهمزة والاُخرى للنصب وهي الثانية، وإن كانت جزما فلا تنقط إلاّ واحدة مثل قوله ((وَأْتُوا(86) البُيُوتَ)) و((إن امْرؤٌ هَلَكَ)) واحدة قبل الالف.وأما قولهم ((أَنْذَرْتُهمْ)) ((أنت قلت للناس))، فمن جعلها مدة أنذرتهم، وهي لغة العرب الفصحاء، فانك تنقطها واحدة بين يديها كما تنقط ((آتَيْنَا إبْراهِيمَ رُشْدَهُ))، ومن همزها همزتين نقطها مقيدة على ما وصفنا في ((نبأنا اللّه)) ونحوها، لانّها لابدّ من تقييدها للهمزتين بغيرها مثل ((نبأنا اللّه)).وأما ((آمنوا)) و((آدم)) و((آخر)) فواحدة بعد الالف في أعلاها.وأمّا إذا كانت الهمزتان مختلفتين فان همزتهما نقطت على الالف الاُولى نقطة بين يديها وعلى الاُخرى نقطة فوقها مثل ((السفهاء))(87).وإن شئت تركت همزة الاُولى، وهو قول أبي عمرو بن العلا، إذا اختلفتا تركت الاخرة ولم تنقط عليها، وإن احببت فانقط عليها بخضرة ليعرف أنها تقرأ على وجهين.وكلّ ما كان فيه وجهان، فانقط بالخضرة والحمرة، فإذا كانت الهمزتان متفقتين وهما في كلمتين مثل ((جاء أمرنا))و((شَاء أَنشرَهُ))، فان أبا عمرو يدع الهمزة الاُولى، ولا يشبه هذا عنده إذا اختلفتا بزعم أنهما إذا اتّفقتا خلفت احداهما الاُخرى، وإذا اختلفتا لم تخلف احداهما الاُخرى، فمن ثمّ همز أبو عمرو الاخرة في اختلافهما.وإذا جاءتا متفقتين على ما ذكرت، فمن همز همزتين نقطها جميعا على ألف ((جاء)) من بعدها في أعلاها لانها ممدودة، وعلى ألف ((أَمرنا)) في قفاها لانها مقصورة.ومن قال بقول أبي عمرو لم ينقط على ألف ((جاء)) شيئا إلاّ بالخضرة.وقد جاءت في القرآن حروف كتبت على غير الهجاء:.فمثل ((اَلْعُلَمؤُا ومثل ((بُءراؤُا))، فاذا نقطت ((مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمؤُا))(88) جعلتها في جبهة الواو، لان الواو مكان الالف الّتي ينبغي لها أن تكتب، وإنما صيرتها في جبهتها، لان الهمزة في الواو ونظيرتها العلماء، وكذلك برواع إلاّ أنك تنقط بين الراء والواو واحدة ((بءروا))(89) وترفعها شيئا للنصبة لانها هي الهمزة وهي منتصبة، فمن ثمّ دفعتها بينهما وتنقط أُخرى في جبهة الواو لان قياسها برعاع، فتجمعها الهمزة بين الراء والالف الّتي كان ينبغي لها أن تكتب والواو بمنزلة الالف. وكان بشار الناقط ينقط ((بروا)) بواحدة قبل الالف والاُخرى قبل الالف مرفوعة من قدامها وهو خطأ.وممّا يكتب في المصحف على غير القياس في الهجاء ((نَشَؤُا)) كتبوا بعضها بالالف وبعضها بالواو، وهي في هود ((أوْ أنْ نَفْعَل فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَؤُا))، فالنقطة تقع في جبهة الواو لان الواو بدل الالف.ومن ذلك ((الضُّعَفَؤُا)) في بعض القرآن، و((الْملَؤُا(90) من قَوْمِهِ)) في مواضع تنقطها في الجبهة، و((الْمَوْءدَةُ سُئِلَتْ)) بواو واحدة وكان ينبغي لهم أن يكتبوها بواوين لان قياسها الموعودة، فلو كتبوها بواوين نقطت الهمزة في قفا الواو الثانية، فلمّا تركت نقطت بين الواو والدال، لان موضعها بينهما، ولو نقطت في قفا الواو لاختلطت وظن المنقوط له أنها المودة على قياس المعودة. ومما يكتب أيضا في المصحف ((لِيَسُؤُا وُجُوهَكُمْ))، من قرأها على الجماع(91) كتب بواو واحدة فاذا نقطها نقطها في قفا الواو لان قياسها ليسوعوا، فقد ذهبت عين الفعل والواو الساقطة من المودة الّتي بعد الواو الّتي فيها، والواو واو الجمع، ولابدّ من إثباتها فهذا فرق ما بينهما. ومن قرأ ((ليسؤا)) ويرفعها شيئا للنصبة لان قياسها ليسوع، فالهمزة بعد الواو، فليس على الالف منها شيء، لان الالف ليست من الحرف، وكذلك (( إنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوأَ بإثْمِي))، وكذلك ((شيئا)). وأمّا أبو محمّد فقال في هذه النقطة ((تَبُوأَ بِإثْمِي)) و((لِيُسُؤُا وُجُوهَكُمْ)) تقع على الالف واحدة ويحتج في ذلك بقوله لو قلت أمرتهما أن تبوا الايتين لم يكن بد من تقييدها وإن كانت النقطة تقع على الالف مقيدة، فالالف أولى بها في غير التقييد، وإنما نقطت ((وَجِيء))(92) فتحتها بعد الياء ورفعتها، لانها غير مكتوبة بالالف، فالهمزة مكان الالف، وكذلك ((سيء بِهِمْ)).فأمّا إذا كانت الهمزة مجزومة وما قبلها مكسور مثل ((يَئِسَ)) نقطت الهمزة من أسفل لا تجعلها قبل الياء لان قياسها يعس والهمزة هي الياء. وأما ((باءو بِغَضَبٍ)) و((جَاءو)) فكتبت في المصحف بغير ألف وقياسها جاعوا وباعوا، فإذا نقطتها في قفا الواو كان ينبغي أن يكتب الالف بعد الواو ودخول الالف وخروجها في النقط من هذا سواء، لان الهمزة قبل الواو.وقوله ((وَرَأَوْ))(93) كتبت أيضا بغير ألف ونقطتها تقع قبل الالف، لانها مثل ((اتو)) مقصورة، وإذا جاءت الهمزة في مثل ((ائْتُوني بِهِ)) و((أئْذَنْ لي))، فان الهمزة في الياء وينظر إلى ما قبلها، فان كان مرفوعا نقَطت الهمزة مرفوعة، وإن كان منصوبا نقطت الهمزة فوقها، وإن كانت مجرورة نقطتها من تحتها مثل ((وقال الملك أئْتُونِي بِهِ)) قدام الياء، والنصب ((قَالَ أئْتُونِي بأخٍ لَكُمْ)) النصب في اللام، قال والخفض في قوله ((في السَّموات أئْتُوني)) وليس على الالف الّتي في ((ائتوني)) شيء من ذاك، إنَّ هذه الالف الّتي قبلها تسقط في الوسط وهي مختلفة كتبت للابتداء. فاذا كانت في معنى جيئوني، كتبوا بالواو وإذا كانت في معنى أعطوني كتبوا بغير ياء، وقرأ الاعمش ((أتُوني(94) أُفْرِغْ)) على معنى جيئوني.تبديل النقاط بالحروف:.استمر الامر على التنقيط كما مر بنا ثمّ بدل الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 170ه) النقط بالحركات كما رواه السيوطي في الاتقان (2 / 171) وقال: ((والّذي اشتهر الان في القرن التاسع الهجري الضبط بالحركات المأخوذة من الحروف وهو الّذي أخرجهالخليل وهو أكثر وأوضح وعليه العمل، فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحروف والكسر كذلك تحته والضم واو صغرى فوقه والتنوين زيادة مثلها... الحديث.الامر بكتابة تفسير الايات في المصاحف:.ذكرنا خبر تنقيط المصاحف من أمر التدوين، أمّا أمر كتابة بيان الرسول مع القرآن في المصاحف مع التفسير اللغوي، فكان خبره كالاتي:بعد منع الخلفاء من نشر حديث الرسول (ص) وكتابته كما مرّ بنا شجع خلفاء الامويين الشعراء وعلماء الانساب فأصبح كل متخصص بهما مقربا إلى ديوان الخلفاء ومبجلاً في المجتمع، ويكفي لمعرفة ذلك مراجعة كتاب الاغاني لابي الفرج الاصفهاني في هذا الصدد.ولما ولي منهم عمر بن عبدالعزيز أمر بكتابة حديث الرسول (ص)، والّذي كان من ضمنه تفسير الايات، غير ان ذلك لم يتم، لانّه حكم قرابة سنتين وتوفي مسموما، وبقي الحكم بعده، حتّى قامت الخلافة العباسية وانتهى أبو جعفر المنصور من ابادة المعارضين للحكم.ولما استتب له الامر أمر في سنة 143 هجرية بتدوين العلوم كما سيأتي خبره في خصائص المجتمع الاسلامي على عهد العباسيين.* * *.بهذا نُنهي ذكر أخبار القرآن على عهد بني أُميّة لندرس في ما يأتي بإذنه تعالى خصائص المجتمع الاسلامي على عهد بني العباس.الهوامش.*1 فتوح أعثم 2 / 88 في ذكره حرب صفين.*2 تاريخ اليعقوبي 2 / 188.*3 الاغاني، ط. ساسي 14 / 120 و122، وط. بيروت 16 / 13 و17.*4 تاريخ اليعقوبي ط. بيروت 2 / 223، والنواضح، مفردها الناضح: البعير يستقى عليه.*5 تاريخ دمشق لابن عساكر مخطوطة مصورة المجمع العلمي الاسلامي 12 / 2 / ص 199ب -200أ.*6 الاستيعاب (2 / 396).*7 الاغاني (14 / 118).*8 الاغاني (16 / 8).*9 الخطيب البغدادي في كتابه شرف أصحاب الحديث ص 91.-10 في حوادث سنة إحدى وخمسين من الطبري 6 / 108، وط. أوربا 2 / 112 ـ 113 وابن الاثير 3 / 202.*11 شرح الخطبة (57) من نهج البلاغة لابن أبي الحديد ط. مصر الاُولى، 3 / 15 ـ 16. ومنه ننقل كلّ ما ننقل من شرح ابن أبي الحديد.*12 قد نقل كتاب معاوية هذا أيضا أحمد أمين في فجر الاسلام 275.*13 في شرح (من كلام له، وقد سأله سائل عن أحاديث البدعة) من شرح النهج 3 / 15 ـ 16، ذكر ابن أبي الحديد الروايتين المرويتين عن (المدائني). وهو أبوالحسن علي بن محمّد بن عبداللّه (ت 315ه ) ذكر له النديم في الاحداث 25 كتابا (الفهرست ص 115).*14 المصدر السابق؛ وص 213 من فجر الاسلام.ونفطويه هو إبراهيم بن محمّد بن عرفة الازدي قال في ترجمته بتاريخ بغداد: كان صدوقا له مصنّفات كثيرة.وقال المسعودي في ذكر المؤرخين وأصحاب الاخبار في أول كتابه مروج الذهب، 1 / 23: وكذلك تاريخ أبي عبداللّه الملقب بنفطويه فمحشو من ملاحة كتب الخاصّة مملوء من فوائد السادة وكان أحسن أهل عصره تأليفا وأملحهم تصنيفا وذكر أسماء مؤلفاته في هديّة العارفين ص 5 وقال (ت 323ه).*15 شرح النهج ط. مصر الاُولى، 1 / 358. والاسكافي نسبة إلى الاسكاف من نواحي النهروان بين بغداد وواسط. وأبو جعفر الاسكافي في مادّة الاسكاف من معجم البلدان عداده في أهل بغداد أحد المتكلمين من المعتزلة (ت 204ه) وقال ابن حجر في ترجمته:محمّد بن عبداللّه الاسكافي، من متكلمي المعتزلة وأحد أئمتهم، وإليه تنسب الطائفة الاسكافية منهم، وهو بغدادي أصله من سمرقند، قال ابن النديم: كان عجيب الشأن في العلم والذكاء والصيانة ونيل الهمة والنزاهة، بلغ في مقدار عمره ما لم يبلغه أحد، وكان المعتصم يعظمه. وله مناظرات مع الكرابيسي وغيره. توفي سنة 240، لسان الميزان، 5 / 221.*16 قد ذكر البخاري هذا الحديث في صحيحه 4 / 34 كتاب الادب، باب يبل الرحم ببلالها بطريقين عن ابن العاص. وفي ط البخاري كنّى عن آل أبي طالب قال آل أبي فلان.*17 هذه الزيادة في رواية البخاري الثانية عن ابن العاص وكنى ـ أيضا ـ وقال آل أبي فلان. ومسلم 1 / 136 كتاب الايمان موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم.*18 الطبري ط. أروبا 2 / 112.* -19 الطبري ط. أروبا 2 / 38؛ وابن الاثير 3 / 171 ط. مصر.*20 اليعقوبي 2 / 230.*21 أوردناها موجزة من عبداللّه بن سبأ 2 / 284 ـ 303، وفي ترجمة حجر من تاريخ دمشق لابن عساكر وتهذيبه تفصيل الخبر.*22 الطبري، 6 / 108 و149، وابن الاثير 3 / 208، والاغاني 16 / 7، وابن عساكر 6 / 459.*23 نسبة إلى حضرموت من بلاد اليمن.*24 المحبر، ص 479.*25 راجع قصّة حجر بن عدي في عبداللّه بن سبأ.*26 المسعودي في أيام معاوية 3 / 30، وابن عساكر 5 / 421.*27 المعارف لابن قتيبة 7 / 12، والاستيعاب 2 / 517، والاصابة 2 / 526، وتاريخ ابن كثير 8 / 48، والمحبر، ص 490.*28 في حوادث سنة 41ه من الطبري 6 / 96، وابن الاثير 3 / 165، وابن شهاب في ابن الاثير 3 / 179 في ذكر استعمال المغيرة على الكوفة من (حوادث سنة إحدى وأربعين).*29 أوردتها ملخصة من معجم البلدان 5 / 38 ط. المصرية الاُولى في لغة سجستان، وهي من بلاد إيران.*30 تطهير اللسان ص 55، قال: وجاء بسند رجاله رجال الصحيح إلاّ واحدا فمختلف فيه لكن قواه الذهبي بقوله: إنّه أحد الاثبات، وما فيه جرح أصلا، ثمّ ذكر الحديث.*31 وفي الاصل تصحيف في اللفظ.*32 المحلى لابن حزم تحقيق أحمد محمّد شاكر 5 / 86، وراجع كتاب الاُمّ للشافعي 1 / 208.*33 مروج الذهب للمسعودي 3 / 24 في ذكر أيّام معاوية.*34 العقد 3 / 127.*35 نقلته باختصار من كتاب (أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة)، بحث دواعي وضع الحديث من فصل (مع معاوية).*36 شرح الخطبة (57) من شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد.*37 الموفقيات ص 576 ـ 577 ومروج الذهب 2 / 454 وابن أبي الحديد 1 / 462 وط. مصر تحقيق محمّد أبو الفضل ابراهيم 5 / 120. وكانت قريش تكني رسول اللّه (ص) أبا كبشة استهزاء به.*38 العقد الفريد 4 / 372 ، 373.*39 تاريخ الكامل لابن الاثير 5 / 16 في ذكر خلافة عمر بن عبدالعزيز.*40 راجع ترجمة ابن الزُّبير بتاريخ الاسلام للذهبي 3 / 170 ـ 174؛ وتاريخ الطبري ط. أوربا 2 / 844 ـ 845؛ والاخبار الطوال، ص 314؛ والبداية والنهاية لابن كثير 8 / 341.*41 راجع ترجمة ابن الزُّبير بتاريخ الاسلام للذهبي (3 / 114، 170 ـ 174).*42 البداية والنهاية لابن كثير 9 / 121.*43 أُسد الغابة 3 / 344.*44 تاريخ الاسلام للذهبي 3 / 116 في ذكره حوادث سنة (74ه).*45 تاريخ الاسلام للذهبي ذكر حوادث سنة 75ه (3 / 117) وسنة 80ه (3 / 127ـ129) وسنة 81ه (3 / 226).*46 تاريخ الاسلام 3 / 226 ـ 234 ذكر حوادث سنوات 81 ـ 84ه.ومَسْكِن: موضع على نهر دجيل، والدجيل بلد قريب من بغداد. معجم البلدان.*47 تهذيب تاريخ ابن عساكر 3 / 151؛ والبداية والنهاية لابن كثير 9 / 133 واللفظ للذهبي، تاريخ الذهبي 3 / 342.وروى الذهبي وابن عساكر وقالا: كان أنس بن مالك أبرص وبه وضح شديد وتوفي سنة 90 أو 91 واختلفوا في عمره يوم توفي. *48 اسماعيل بن عبيداللّه بن المهاجر الدمشقي المخزومي ولاء (ت: 131ه ) تقريب التهذيب 1/ 72.*49 ابن كثير البداية والنهاية 9 / 133 ـ 134، تهذيب ابن عساكر (4 / 76 ـ 78).وإدّا: أمر داهية منكر، والخفش: ضعف في الابصار يظهر في النور الشديد. والجاعرة: حرف الورك المشرف على الفخذ وهما جاعرتان.*50 ابن عساكر تاريخه مصورة المجمع 4 / 1 / 116ب وتهذيب ابن عساكر 4 / 68 وابن كثير 9 / 126 ووفيات الاعيان 5 / 222.يحيى بن يعمر البصري مات قبل المائة أو بعدها، أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح. تقريب التهذيب (2 / 361).*51 ابن عساكر مصورة المجمع 4 / 1 / 122ب، تهذيب تاريخ ابن عساكر (4 / 72) ابن كثير (9 / 128 ـ 130).*52 تهذيب ابن عساكر (3 / 353 ـ 354) وفي ط. اخرى 4 / 83. وابن كثير 9 / 136.*53 تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 72.*54 تاريخ ابن كثير 9 / 126، تهذيب ابن عساكر 4 / 68.*55 تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 73، تاريخ ابن كثير 9 / 131.*56 ترجمة يزيد بن المهلب في وفيات الاعيان 5 / 222، رقم الترجمة 787. وفي تاريخ ابن الاثير (4 / 208) ذكر حوادث سنة 90ه وابن كثير 9 / 78 واليعقوبي (2 / 290 ـ 295).*57 تهذيب ابن عساكر 4 / 75، تاريخ ابن كثير 9 / 132.*58 تهذيب ابن عساكر 4 / 82، تاريخ ابن كثير 9 / 97 و136.*59 البداية والنهاية لابن كثير 9 / 138.وإبراهيم بن سويد النخعي من الطبقة السادسة من الرواة. تقريب التهذيب الترجمة رقم 209، 1 / 36.*60 البداية والنهاية 9 / 137.*61 المصدر السابق 9 / 138.*62 القاسم بن مخيمرة، أبو عروة الهمداني، الكوفي، نزيل الشام، من الطبقة الثالثة. (ت: 100ه). تقريب التهذيب الترجمة رقم 55، 2 / 120.*63 عاصم بن عبداللّه بن عاصم العدوي المدني من آل الخليفة عمر بن الخطاب من الطبقة الرابعة تقريب التهذيب الترجمة 15، 1 / 384.*64 مجاهد بن جبر، أبو الححجاج المخزومي المكّي ثقة، إمام في التفسير، من الطبقة الثالثة. (ت: 101ه ). الترجمة رقم 922، 2 / 129.*65 تاريخ ابن كثير 9 / 131.*66 نفس المصدر 9 / 132.*67 المصدر السابق 9 / 132.*68 قتلوا: يعني في الخط الكوفي (()).*69 قتلوا: هي في الخط الكوفي * 70 أتيناهم: وهي في الخط الكوفي: *71 آتيناهم: في الخط الكوفي *72 ملجأ: في الخط الكوفي ، وفي (س 9 آ57) *73 سبأ بنبأ: وهي في الخط الكوفي *74 أضاء: في الخط الكوفيوو*75 والسّمأ بنأ: في الخط الكوفيوكذلك*76 ((السوء)): فشكلها في الخط الكوفي وكذلك في السماء *77 تقديره: في الاصل تقدير.*78 ويؤخركم: هي في الخط الكوفي وكذلك *79 يستهزئون: هي في الخط الكوفي وكذلك *80 أُوتوا: وهي في الخط الكوفي *81 وأوتوا: هي في الخط الكوفي وكذا اولئك * 82 . الاُولى : هي في الخط الكوفي *83 (2 آ 40): في الخط الكوفي *84 نبأنا: وشكلها في الخط الكوفي وكذا القرآن *85 (س 35 آ8): هي في الخط الكوفي ؟*86 وأتوا: فشكلها في الخط الكوفي وكذلك امرؤ.*87 السفهاء: وشكلها في الخط الكوفي *88 العلمؤا: فهي في الخط الكوفي *89 بروا: وشكلها في الخط الكوفي *90 الملؤا: في مصحفنا ((الملؤا الّذين كفروا من قومه)). انظر أيضا (س 27 آ29 ر32 ر38).*91 الجماع: كذا هي في الاصل والمراد الجمع.*92 وجيء: وهي في المصاحف الحديثة ((وجاىء)).*93 ورأوا: وهي في مصحفنا بالالف.* 94 آتوني : وهي في القرأة المشهورة ((اتوني)) .